- بسم الله الرحمن الرحيم (منقول)
- ولكن، ما هذة الفكرة؟
- الثالثة.. هي أموالنا.. التي ستغادرنا لأشخاص آخرين فور موتنا، صح؟
بسم الله الرحمن الرحيم (منقول)
يحكى يا أحبابي أعضاء أروع منتدى أنه في قديم الزمان كان هناك ملك وله من الزوجات أربع.
الرابعة كانت بالغة في الجمال وقمة في الرقة ومفعمة بالأنوثة.. نعم كان يحبها حباً جماً، حباً يطغى على حبه لزوجاته الأخريات، ويكنّ لها من الإخلاص إخلاصاً يتجاوز إخلاصه لمملكته.. حوارات الحب والغرام تغلب على حديثهم.. كان جل وقته لها ولها يرخص الغالي..
أما الثالثة فكان هاجس الخوف من أن تتركه لشخص آخر يغزو فكره، بل كلما يراها يأتيه هذا الهاجس اللعين الذي يعكر صفو باله..
وأما عن الثانية فكانت مصدر الطمأنينة، نعم كانت الركن الآمن واليد التي ترتب على كتفه إذا أحس بالإحباط.. كان يشتكي لها ويبث لها همومه وكانت بدورها تستمع إليه بأذن صاغية وقلب خاشع لنجواه.. كان يخرج منها وهو مستريح البال وصافي الذهن.. كان يشعر أنه ولد من جديد..
أما عن زوجته الأولى، فكان يهجرها ولا يرعاها أي إهتمام.. كانت المسكينة هزيلة ونحيله من فرط حبها له.. كانت تحبه من كل قلبها، وكل ما تتمناه منه هو أن ينظر إليها ولكن كما قالوا من قبل (لا حياة لمن تنادي)
مرت الأيام فمرت السنين على هذا الحال، وتجاوز الملك السبعين على كل حال..
وهو على فراشه أحس بدنو أجله.. تذكر وحدة القبر ووحشته، فخاف.. فخف خوفه عندما أتت على باله فكرة.. فقرر أن ينفذ الفكرة..
ولكن، ما هذة الفكرة؟
قرر أن يأخذ زوجته الرابعة معه إلى القبر لكي تسليه وتؤنسه.. أمر بها أن تأتي.. أتت الجميلة وسبقتها إليه رائحتها الفوّاحة العطرة قائلة:
- لبيك مولاي وحبيبي، ماذا تحب أن أفعله لجلالك؟
- فقط أردت أن تصحبيني إلى قبري لكي أستأنس بك هناك.. فأنا أخاف وحدة القبر ووحشته..
- ماذا؟ أعذرني يا مولاي.. مستحيلٌ أن ألبي لك هذا الطلب..
أشاح بوجهه عنها، وشعور الخذلان ونكران الجميل يتأجج في صدره.. نظر إلى خادمه وطلب منه أن يستدعي زوجته الثالثة.. طلب من الثالثة نفس الطلب، وقبل أن ينهي جملته ردت عليه:
- أجننت! أنت أحمق كما عهدتك... كنت أنتظر هذا اليوم لأتزوج من غيرك!
لم يستغرب من ردها القاسي، بل تأكد من صحة هواجسه القديمة.. وقتئذٍ تذكر الملك زوجته الثانية.. حدّث نفسه: أكيد أنها ستوافق، فطالما وقفت بجواري في المواقف الحرجة التي واجهتني في حياتي، هي لن تخذلني بالتأكيد.. طلب من الخادم أن يستدعي زوجته الثانية، وطلب منها نفس الطلب الذي طلبه من صويحباتها، فقالت:
- آسفه.. هذا طلب صعب عليّ، لا أستطيع تنفيذه لك مولاي، كل ما أستطيع فعله هو أن اخذك إلى المقبرة..
عم السكون أرجاء الغرفة، ومازال صدى الكلمات الأخيرة تتردد في أذن الملك إلى أن قطع ذلك الصمت القاتل ذلك الصوت المتحشرج:
رفع الملك رأسه ليرى من هو صاحب هذا الوفاء؟ من هو محقق الأمنية؟ من هو القائل؟
قالتها زوجته الأولى، وأضافت: سأحرسك وأحميك وأكون بجوارك يا حبي الأول..
دمعت عينا الملك من هذة المفاجأة الغير متوقعة.. وندم أشد الندم على تفريطه في حقها وحرمانها من العاطفة التي طالما أرادتها واعتازت إليها.. تمنى لو يرجع به الزمن لكي يعطيها حقها وزيادة.. نظر إليها وهي بكل شفافية تبتسم إليه..هي الطاهرة الصادقة النقية الوفية.. بكى على ما أذاقها من أسى.. اقتربت منه وبطرف إبهامها مسحت دموع الندم الهطالة من سحابة عينيه، وبصوتها الحنون همست في أذنه اليمنى: فديتك بروحي أنا روحك أنا أحبك...
ندم الملك، وكيف لا يندم، صح؟
ماذا لو كنت مكانه، هل ستندم؟
ماذا لو قلت لك أن لكل واحدٍ منا أربعة زوجات كما الملك!
الرابعة.. هي الجسد.. أجسادنا الحائزة على جل إهتمامنا، وشهواتنا المشغلة أغلب أوقاتنا.. فمهما أشبعنا رغبات أجسادنا، ستفارقنا عند موتنا، صح؟
الثالثة.. هي أموالنا.. التي ستغادرنا لأشخاص آخرين فور موتنا، صح؟
الثانية.. هي الصحبة.. أصحابنا وأهلنا هم الذين نضحي من أجلهم، ونبذل في سبيلهم الغالي والنفيس.. ولكن مهما حملوا عنا من أتعاب وحققوا لنا من مطالب، في نهاية المطاف، لن يفعلوا سوا إيصالنا لقبورنا.. أقصد أنهم لن يناموا بجوارنا في لحدنا، صح؟
الأولى.. وهي الروح.. هي التي قلّما اعرناها اهتمامنا.. هي التي لم تغنم منا إلا الشيء اليسير.. هي التي انشغلنا عنها بشهواتنا وأموالنا وأصحابنا، مع أنها هي الوحيدة التي سترافقنا إلى قبورنا..
ممكن سؤال: لو أن روحك تجسدت لك على هيئة إنسان، فيا ترى هل ستكون هزيلة نحيلة؟ أم جذابة جميلة؟
ولكن اعتقد ان الموضوع مكرر
**دمتي بود**