الدموع

الدموع ..
من منَّا لا يعرف الدموع ..
تلك القطرات التي تسكننا بكل خشوع ..
وتلك العبرات التي نحتبسها لحظة الضعف
والخضوع ..
والتي نذرفها لألئ تقشعر من براءتها النفوس ..
الدموع مفهومٌ يحمل مفاهيم يعجز عن تفسيرها أي مخلوق ..
مفهومٌ يشبع النفس بأحاسيس لا يمكن نسيانها حتى لو افتقدها القلب بين هذا العالم المجنون ..
مفهومٌ يختزن داخل معاجم الروح ..
ليخبرنا عن أسرارنا التي نحتبسها بين أحضاننا أشواكاً أو ورود ..
فكلنا اليوم نذرف الدموع ..
وكلنا لا نزال نحتاج الدموع ..
لأنها حياة كل القلوب ..
و هي رحمةٌ تريحنا من قسوة الشعور ..
رحمةٌ تطرد عن صدورنا كل ما يساورها من هموم ..
رحمةٌ تنقلنا من عالم الكآبة إلى عالم السرور ..
أو ربما يكون سريانها نابعٌ من فرحة حطمت ببشائرها جسور الجراح لتبني لنا أبراجاً لا تعرف معنى العبوس ..
الدموع قطرات تنزل من أعيننا بكل برود ..
قطرات تذيقنا معنى الراحة أو ربما تكون رمزاً للجحود ..
جحود القلب لأحاسيسه التي لا يمكن تجاهلها مهما طالت الدروب ..
فهي الرفيقة والحقيقة التي عنها لا نتوب ..
وهي الضعف والقوة ورمز كل التضاد المربوط بهذا الوجود ..
وهي أيضا رمزنا رمز كتاب الحب الذين بأحلامهم أحلام الحب يناشدون ..
ليغرق المحبون في بحورهم وبحورنا التي لا تصنعها سوى قطرات الدموع ..
فالدموع ميزانٌ لنا نقيس به مشاعرنا وما يعنيه لنا كل مفقود ..
وهو ستارنا الذي نسدله على نهاية كل قصة موجوع ..
لتبقى القلوب ممزوجةٌ بتعبير الدموع ..
ذلك التعبير الذي يروي حقيقة مشاعرنا بكل صدقٍ وإخلاصٍ وبدون زيفٍ أو شموع ..
فسرُّ الحياة قلوب ..
وسرُّ القلوب دموع ..
ولكن !!
سرُّ الدموع أكبر من أي تجربةٍ أو نظرةٍ تلخص معانيها بكل وضوح ..
لأنها حقيقةٌ غائبةٌ لا تخضع لمنطقٍ ولا يشكلها سوى المجهول ..
فهي تعابيرنا منذ الولادة إلى قضاء الأجول ..
وهي التي تنقلنا بسهولةٍ ومعها دوماً نستطيع العبور ..
من حالنا حال الضعف إلى حالٍ يملأه الحبور ..
يملأه الرضا بقضائنا الذي ينقصنا في معظم
الأمور ..
لنعيش معه حياتنا بكل هدوء ..
نرافق أحلامنا وآمالنا ولا ترافقنا معها سوى الدموع ..
فنفرح بالدموع ..
ونحزن بالدموع ..
ونذكر بالدموع ..
ولا نفارق إلاّ بالدموع ..
و كل مصيرٍ في حياتنا لا نواكبه إلاَّ بالدموع ..
فهل بعد هذا كله نفرط في الدموع ؟؟؟؟؟.