الشاهد الوحيد قبل المووت

1. ومازال الصندوق يتحدث عن نفسه وبطولاته .....

في الثلاثين من يناير عام 2000 غادرت الرحلة رقم 261 التابعة لطيران ألاسكا المكسيكية، متجهة نحو سياتل الأمريكية، وكان من المنتظر أن تتوقف لمدة قصيرة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا.
وبعد مرور حوالي ساعة وخمس وأربعين دقيقة تقريباً من بداية الرحلة، تم الإبلاغ عن وجود مشكلة بالجهاز المسؤول عن إبقاء الطائرة في وضع مستقر في الجو، وبعد مناوشات فنية قصيرة استمرت قرابة العشر دقائق في محاولة لإبقاء الطائرة في الهواء في وضع متزن سقطت الطائرة في المحيط الهادي وقتل من كان على متنها وكانوا 88 راكباً.
ولكن كيف عرفنا كل هذه الأخبار والأمور التي حدثت في النصف الساعة الأخيرة، مع أن ركاب الطائرة قد ماتوا جميعاً بعد أن سقطت الطائرة بماء البحر، وتحطمت على أمواجه وصخوره إرباً إرباً!!
هل هو ضرب من السحر ومعرفة للغيب أم ماذا؟
حسناً إنه علم وليس سحر!
لنرجع قليلاً إلى ذلك التاريخ ونشاهد عملية البحث والإنقاذ، وكأننا نشاهد شريط فيديو..
استقل فريق الإنقاذ سفينة وتوجهوا إلى مكان سقوط الطائرة، كانت الطائرة تحت الماء مرمية دون حراك محطمة الأجزاء، مبعثرة بين رمال وحجارة البحر.
يبدو أن فريق البحث المختص كان يحاول البحث بسرعة عن شيء مهم جداً بين حطام الطائرة.. ترى ماهو ذلك الشيء!! لاشيء في الطائرة يدعو للتفاؤل: فقد تحطمت أجزاؤها كلها..!!
ولكن مع ذلك قام الفريق باستخدام جهاز استشعار للاستدلال على شيء ما، لم ندر ماهو بعد.
كان جهاز الاستشعار يعطي إشارات تتحسس شيئاً ما من بين حطام الطائرة، وعند العثور على مكانه تم التنقيب عنه واستخراجه، كان الأمر مذهلاً حقاً.. صندوق برتقالي اللون عليه شرائط عاكسة ترسل إشارات ونبضات في كل ثانية لتسهيل إيجاد مكان الصندوق.
هل عرفتم ياأصدقائي من هذه الشخصية المهمة؟؟
إنه الصندوق الأسود، الشاهد الوحيد، الذي يسجل المعلومات في آخر نصف ساعة تقريباً قبل سقوط الطائرة.
أُخذ الصندوق الأسود، ونُظف وجُفف وأخذ قسطاً من الراحة ليدلي بشهادته وتسجيلاته حول أسباب سقوط الطائرة.. فإليك الحوار الذي دار بينه وبين فريق التحقيق:
سيد صندوق هلاّ أخبرتنا عن سبب اهتمام فريق الإنقاذ بك، والبحث عنك في وسط ذلك الحطام؟
الصندوق: نعم.. كيف لا أخبركم وهذه مهمتي! فأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا، أنا الصندوق الأسود، سميت بذلك لأنني شاهد على الكوارث والحوادث السوداء، صنعت خصيصاً لتسجيل كل مايدور على متن الطائرة من كبيرة وصغيرة، فأنا مؤلف من صندوقين متشابهين في المظهر ولكن لكل صندوق مهمة مختلفة ...
فلكل صندوق أداة تسجيل أحدهما نظرية والأخرى رقمية، ويبلغ طول الصندوقين 20 بوصة والعرض 5 بوصة، والارتفاع 7 بوصة.

• حسناً سيد صندوق هلاّ أخبرتنا من فضلك عن آخر تسجيلات الصندوق النظري والرقمي؟

الصندوق: أنا، وأعوذ بالله من كلمة أنا..أسجل كل مايجري على الطائرة من...
سرعة الرياح، والتسارع الأمامي والعمودي للطائرة والضغط الجوي، ودرجة ميل الطائرة وأيضاً استمع إلى محادثات الركاب ومايجري في المقصورة والأتصالات اللاسلكية.
وبالرغم من أن مكاني هو ذيل الطائرة إلا أنني أسمع وأسجل كل شيء فأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا لي ميكرفونات و آذان في جميع أنحاء الطائرة. أحم أحم..

• حسنا سيدي هلاّ أخبرتنا أخيراً ماذا سمعت آذانك في الساعة الأخيرة قبل سقوط الطائرة أرجوك يجب أن نعرف!

الصندوق: نعم سأخبركم.. فأنا لدي شريط مغناطيسي أو لوحات ذاكرة صلبة أو ربما أجهزة كومبيوتر أكثر تطوراً، تعمل كشريط تسجيل حيث يتم حفظ المعلومات، للإدلاء بها في حال حدوث حادث لاسمح الله.

• حسناً وبعد وقوع الحادث هلاّ أخبرتنا عن تفاصيله ؟

الصندوق: أكيد أكيد فأنا صندوق صلب قوي لايتأثر بأي شيء وأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا مصنوع من مواد صلبة للغاية كمادة التيتانيوم .. التي تقاوم الحرارة المرتفعة التي قد تصل إلى 1100 درجة مئوية
وكذلك أقاوم اختراق قضيب من الفولاز وزنه ربع طن يسقط من ارتفاع 3 أمتار.
وكذلك أقاوم المياه المالحة والوقود والثلوج، ألا تراني قوياً لم يؤثر بي الماء أو الإرتطام أو أي شيء آخر! فأنا بسبع أرواح كما كان يصفني مخترعي الأسترالي ديفيد وارن .

• أرجوك ياسيد صندوق أخبرنا عن سبب سقوط الطائرة، لابد أن نعرف الأسباب حتى نتلافى حوادث أخرى.

الصندوق: نعم نعم .. سأخبركم بكل ماسجلت وسمعت فأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا............

ومازال الصندوق يتحدث عن نفسه وبطولاته .....

أصدقائي بعد العثور على الصندوق الأسود يأخذ المحققون التسجيلات إلى المعامل لتفريغ المعلومات في محاولة لتصوير الحادث، وقد تستغرق هذه المهمة أسابيع وربما شهوراً، بحسب الأعطاب التي تكون قد أصابت الصندوق، وخاصة إن كانت الحالة صعبة مثل حالتنا هذه.
لذا نفضل نحن ونعوذ بالله من كلمة نحن الاكتفاء بتسجيل المقابلة إلى هنا، ونعود بالله من كلمة هنا، ريثما ينتهي الصندوق من حديثه عن نفسه.
يبدو أن العدوى قد نقلت إلينا أيضاً، نعوذ بالله من كلمة إلينا أيضاً.
أجو أن الموضوع أعجبكم
منقول
تحياتي
جرح الحبيب&&&