- هناك حقائق علمية لفرط غرابتها كأنها الأساطير
- «اللغة السرية في الطبيعة»
مرحبا اخواتي الفراشات
لمحبات الطبيعة ولا سيما عالم النبات والحيوان
هناك حقائق علمية لفرط غرابتها كأنها الأساطير
«اللغة السرية في الطبيعة»
في كتاب جان ماري بيلت «اللغة السرية في الطبيعة، الاتصال لدى الحيوان والنبات» عبارات لم تألف الأذن سماعها إلا إذا كانت تتناول الكلام عن البشر، ولكن ان تكون كلمات وعبارات تتناول حياة الحيوانات والنباتات فهذا أمر مدهش حقا.
في الكتاب مجموعة من الحقائق العلمية ولكن القارئ يظن، لفرط غرابتها، انه يفلفش في أوراق الأساطير.
يقفز أمام ناظريك كلام عن أشجار تتعذب نفسيا، أو عن نباتات تقيم الخطط الدفاعية وكأنها أمام معركة عسكرية فعلية صاخبة، وعن أشجار دبّ في جذوعها وأغصانها الرعب، أو ان يتناول نوعا من النبات يمر بفترات كآبة، أو شجرات ماكرة وذكية كالشجرات المعرّشة، الذي يقول الكاتب ان نسبة الذكاء عندها أعلى من نسبة الذكاء لدى النباتات التي لا تمارس هواية التعريش على الجدران العالية.
ويفصل القول عن حشرات تحب المقايضة أو تمارس الغش والخداع كي لا تقع فريسة نبتة شرسة وغيرها من التعابير التي تحيل قراءتك لهذا الكتاب إلى نزهة فاتنة في تضاعيف الطبيعة الناطقة والصامتة.
الصامتة مجازا، بكل تأكيد، لأنه في ما يبدو وبفضل التقدم العلمي يتبين للقارئ، بدعائم علمية وتجارب حقيقية من قبل متخصصين ومتابعين بشغف نبيل، فلا ينقص الحيوانات والنباتات شيء لأن تتواصل وتحكي، وتبعث برسائل عطرية أو كيميائية، متعددة الدلالات، منها رسائل واضحة، وأخرى لا تخلو من بعض الغموض المتعمد، لأنها نباتات أو حيوانات تخاف ان ينكشف أمرها للغرباء.
ولا تستغربي، وأنت تغوصي في كلمات الكتاب، مفهوم الثأر عند النباتات أو عند الحيوانات على السواء. لعل المرء اعتاد على تصرف بعض الحيوانات لا سيما الداجنة، إلا ان عالم النبات لا يخلو من طرافة يرويها الكاتب بحذق وافتتان، فثمة الشجرة التي تثأر من قاتليها بطرق عجيبة غريبة لا تخطر على بال مخلوق بشري.
تجارب كثيرة يقوم بها العلماء في أفريقيا والولايات المتحدة حول ردود أفعال الأشجار حين يداهمها خطر نهوم يأتيها من أفواه الأبقار أو الظباء أو غيرها من الحيوانات وهي تلتهم أوراق الأغصان، والطريف انه ما ان تتعرض نبتة ما للخطر حتى تقوم بإرسال رسائل مشفرة إلى زميلاتها في الحقل لأخذ الحيطة والحذر، أ ي ان التعاضد الاجتماعي يبدو بين النباتات أحيانا امتن مما هو موجود بين البشر،
ومن أساليب الدفاع عن النفس أو عن الأوراق الخضراء رفع نسبة السم في الأوراق بحيث ان التهامها يعرض الآكل للتسمم. والنباتات تتواصل فيما بينها كما يقول الكاتب بأساليب متعددة منها على سبيل المثال ارسال غاز «الاثيلين».
ومن التجارب الطريفة تلك التي تتناول أشجار حور فتية لا يتجاوز عمرها الأربعة اشهر، حيث قام كل من «بلدوين» و«شولتز»، وهما من علماء النبات، بتمزيق ورقتين من الورقات العشرين التي تملكها كل واحدة منهما كمعدل وسطي، فما كان من الأوراق الأخرى التي لم تصب بأذى إلا ان ضاعفت من نسبة الدباغ، في حين أن أوراق الأشجار التي لم تتعرض إلى أي نوع من الأذى ارتفعت إلى حوالي 60%.
ولم تستطع الأوراق السليمة من تغيير نسبة الدباغ إلا بفضل الرسالة التي بعثتها الورقة المجروحة. ويقول الكاتب ان بعض الألاعيب النباتية تقوم على بناء تحالفات بينها وبين الحشرات، وهي تحالفات شبيهة بتلك التي يبنيها البشر تطبيقا للمثل القائل «عدو عدوي صديقي».
وهذا ما تقوم به شتلات الذرة. إذ ما ان تتعرض لهجوم من بعض الحشرات حتى تقوم بإفراز مزيج معين وظيفته جذب الزنابير، وهي عدو لدود للحشرات الطفيلية، وهكذا تكون شتلة الذرة قد طلبت النجدة من عدو عدوها، وهذا ما تفعله أيضا الحيوانات البرية أو البحرية ومنها سمك يعرف باسم الفيرون فما ان تجرح سمكة من سمكات الفيرون اثر هجوم مباغت من عدو حتى يتحول الجرح إلى رسالة، لانه يفرز رائحة محددة، وما ان تصل الرسالة إلى أنوف سمك الفيرون حتى يبدأ بالهروب والغوص أعمق وأعمق في الماء.
ولا يخلو الكتاب في بعض الأماكن من مقارنات بين الإنسان وبقية المخلوقات من ناحية استخدام الحواس من حيث هي أبواب أو جسور للتواصل، وكيف ان الإنسان، بدأ يدمر الطبيعي فيه، ولعل أكثر الحواس التي تعاني الظلم هي حاسة الشم، فهذه الحاسة تتناقص فعاليتها بحدة لدى الإنسان، والروائح بدأت تتحول من الطبيعي إلى الثقافي،
ويستشهد الكاتب ب «هيمرمان» مؤلف «علم النفس الاجتماعي للعطور» ويتكلم فيه عن الروائح ونسبية دلالاتها، وكيف انها تتغير دلاليا من شخص إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى . فالأوروبي على سبيل المثال يعتبر ان الأسود يبعث برائحة لاذعة ولكن الطريف في الأمر ان الأسود، بدوره، يعتبر ان الأوروبي يبعث رائحة فاقدة اللذة بل رائحة اقرب إلى رائحة الجيف.
ويتناول التواصل عبر الروائح عند الأطفال وكيف ان التواصل الشمي الطبيعي آخذ في الانحسار عند الإنسان بسبب طبيعة الحياة التي تفصله عن الطبيعي، وتورطه أكثر وأكثر في الاصطناعي أو الإسمنتي والزجاجي وغيرها من مواد امتصاص الروائح،
ويحكي الكاتب عن تجربة قامت بها بعض
مستشفيات التوليد في الولايات المتحدة لمعرفة صلة الطفل برائحة أمه. فالأطفال يعرفون أمهاتهم من روائحهن الطبيعية ولكن ما ان اغتسلن واستخدمن العطور والصابون حتى فشل الأطفال في التعرف إليهن.
والكاتب يشير إشارة لا تخلو من دلالات، عن تماهي الإنسان مع النبات من خلال استخراج اغلب العطور من النباتات محملا إياها اغلب الأحيان الوظائف التي تحملها عادة في الطبيعة لوظيفة اغرائية، أو اغوائية، كما تفعل النباتات تماما حيث يلعب العطر دورا جنسيا في عالم النبات وفي عالم الحيوان على السواء.
ويكفي قراءة أسماء اغلب العطور المصنوعة لتفهم دلالاتها المشابهة لدورها الطبيعي، فمن العطور ما يحمل أسماء «ليل الحب» أو «حب» أو «شغف» وغيرها من الكلمات والتسميات الموحية. ولكن الكاتب يشير إلى ان للرائحة دورا آخر لا سيما في ما يتعلق بالذاكرة فهي دعامة للذاكرة، تمنعها من التصدع مع العمر، ويلمح إلى الكتاب الذين تناولوا علاقة الإنسان بالروائح والذاكرة أمثال شاتوبريان ومو باسان وبودلير، ويشير الكاتب إلى أن إعادة زرع الأشجار في المدن مسألة على قدر كبير من الذكاء لأنها بمثابة تمتين لحاسة الشم ومن ثم للذاكرة فضلا عن دورها التنظيفي. ويعتبر ان هذه النباتات عبارة عن حبل سري يعيد ربطنا بالطبيعة، بل ان الكاتب مهموم أيضا بالبيئة والإنسان على السواء فينهي فصلا من فصول كتابه بالقول: «إذا كان علينا ان نختار بين شجرة الكستناء والكومبيوتر فيتوجب علينا ان نحافظ على شجرة الكستناء».
وحين يتكلم الكاتب عن نفسية الأزهار تستغرب أمورا كثيرة ليست لأنها باطلة أو لا اساس لها من الصحة وإنما لأنه، بكل بساطة، لم يدخل في روعك ان النبات يمكن ان يخاف بل يرتجف من الخوف كأي كائن حي متحرك في هذا العالم المدهش. ويقول إن الأشجار الأقزام المعروفة في اليابان لم تكن قزمة ولكن الرعب، على امتداد القرون أدى بها إلى ان تتوقف عن النمو الطبيعي، فتحولت إلى أقزام، ويقول ان هذه المسالة أوضحها علماء أمثال «تورجون» و«ويب» و«سيلفيرا» وهم من علماء النبات. واللمس الكثير يزعج النبات، لأنها حساسة جدا تجاه اللمس ومن هنا تتقوقع بعض النباتات وتنطوي على نفسها بمجرد لمسها، أي في الطبيعة كما في الحياة البشرية أناس انطوائيون كذلك في الطبيعة نباتات انطوائية.
وفي الفصل الأخير، يتوقف الكاتب عند تواصل البشر مع الشجر، ويتناول العلاقة الرائعة والمرهفة التي يقيمها الصينيون واليابانيون وسكان الشرق الأقصى عموما مع الأشجار، وهي مفاهيم يعاد اليوم إدراجها في الثقافة الغربية من طريق الفلسفة الصينية المعروفة ب«الزن»، لترميم ما اعتور الذات البشرية من تصدع حياتي، ويستشهد بكلام برنارد يقول فيه انه «تعلم من الشجر أكثر مما تعلم من الكتب» ، ويقتطف من سيرة الأديب الفرنسي فرنسوا مورياك مشهدا حياتيا معبرا حيث كان يضم سنديانات حديقته لاصقا جسمه إلى قشرتها، وكأنه بهذا يؤكد على المفهوم اليوناني الروماني القديم الذي كان يعتبر شجرة السنديان وسيطا روحيا.
ليس غريبا علينا نحن المسلمون هذه الامور فجميعنا يعرف عن قصة النخلة التي بكت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم
عندما صنع النبي -صلى الله عليه وسلم المنبر من خشب وكان سقف المسجد من اوراق النخيل وعندما قرب من النخلة
فقامت النخل تبكي وسمع صوتها كل الحاضرين فقال : <<اكرموا عمتكم النخله>>فما هذا الخلق العظيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شاكرة لكن حسن متابعتكن
وفقكن الله
ماشاء الله تبارك يعطيك العافية على اختيارك
انا أعشق التواصل مع الأشجار والنباتات ودائما كان لدي احساس غريب تجاهها
كان لدي نوع من التفاهم واللغة المشتركة إذا جاز لي التعبير
أحب جدا ملمس الأشجار والأوراق وتفتنني رائحتها وأشكال عروقها
قرأت عنها الكثير ولازال لدي الشغف بالتعرف إليها أكثر
أشكرك جزيل الشكر وجزاك الله كل خير