- ثم أنهت مكالمتها بسرعة .......
نتهت للتو من أعمال المنزل .......
مُتعبة مكدودة طيلة النهار وهي تعمل في كنيس وترتيب وتنظيم وإعداد الطعام وغسيل الأطباق ومتابعة للصغار والكبار ونشر للغسيل و......و.......و........و......إلخ
ألغت كل اتصالاتها وأغلقت عليها كل المنافذ ......
واهتمت بعملها المنزلي فقط....
ورغم ذلك فهي على موعد مع الضيوف القادمين ولا بد من إعداد الحلوى والقهوة.....والشاي....
أخذت تجر قدميها بتثاقل شديد وترفع يديها ببطء حين دقت سماعة الهاتف لتجد زميلة لها تسألها عن حالها؟؟
فردت وهي تنظر إلى جسدها المكدود المشتعل نارًا وفورانًا من الدَم المغلي في العروق وقالت: بخير .. بخير..
أدركت زميلتها حجم تعبها فقالت لها:
!!!!!!!!!!!!! هنيئًا لك الأجر يا فلانة !!!!!!!!!!!!
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفورًا له) رواه الطبراني.
استجمعت قواها وانتفضت وكأنما نشطت من عقال,
وقالت : أحقاً ما قلتِه؟! كالاً من عمل يده !!
فيا لسعادتي إن كتب الله لي المغفرة بعد أن أنهدّ جسمي جرّاء هذه الأعمال ...
ثم أنهت مكالمتها بسرعة .......
وتذكرت حال فاطمة رضي الله عنها وأرضاها حين كانت تعجن وتخبز وتربي أطفالها....
وحال أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وأرضاهما وهي تعلف الفرس وتطعمه (يا إلهي إنها تشبه من تقوم في زماننا بتنظيف السيارة وإعدادها لأبيها أو زوجها) إنها أعمال إضافية ........ وفوق هذا شمس وحر وأدوات بدائية لا تساعدهم على السرعة في انجاز العمل, والراحة عندهم أي راحة إذا وجدوا ظلاً أو ماء باردا أو بضع تمرات من بسر أو تمر أو رطب........
ثم يحمدوا الله على هذه الراحة ويقولون بحزن شديد هذا هو النعيم الذي سنسأل عنه يوم القيامة!!!!!
بعد أن دارت في ذهنها هذه الخواطر استلقت على سريرها حامدة شاكرة لله على نعمه, وخجلت من تذمرها وقت العمل وحال انتهائها منه....
وشكرت الله أن أرسل لها تلك الصديقة التي ذكرتها بنعمة الله عليها كما يقول أحد السلف:
.
ثم شرعت في تنفيذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها بأن تُسبّح الله وتحمده وتكبّره ثلاثا وثلاثين قبل النوم, فذلك خير لها ولزوجها من خادم يُعينها ...
وما أن انتهت من ترديد الأذكار هذه حتى غطّت في نومٍ عميق لتقوم في يومها التالي ممتلئة نشاطاً وحيوية وحباً لوظيفتها التي أعدها الله لها.
أتمنى من أعماق أعماق قلبي أن كل من قرأ صفحتي هذه أن يبدأ صفحة جديدة ومشرقة في حياته, مُحتسبًا الأجر من الله العلي العظيم .
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد عدد ما ذكره الذاكرون, وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون.
ولا تنسوني ووالدي من صالح الدعاء.
منقول
من
مجلة
الأسرة
لكاتبته
فاطمة
الجراد