الوداع يا عامي الحزين

السماء عارية من النجوم .. والقمر يطوي فراشه استعداداً للرحيل .. والشمس تنسج خيوطها في الكون بخجل .. وبقايا وردة على حافة الذبول .. تبدأ مراسم الفراق .. حين تنفصل الأيام .. وتحشو في فراغاتها جمرة المسافات وسط ألحان الحزن والآهات .. تنفصل الأيام وتتجزأ .. أيام لعام وأيام لآخر .. هكذا الحياة .. زهرة مفجوعة بالرحيل .. هي تلك اللوحة التي توحي الى الغروب .. غروب سنة جميلة مضت بكل حلوها ومرها .. رحلت فلم تبقي لي سوى الآلام والأوجاع الروحية.. لكنها .. علمتني كيف أصنع من الشوك عقدًا من الورد .. امتدت أناملي محاولة الإمساك بالليل المظلم .. والقمر المضئ الزاحف .. طالبة منه أن يبقى فذكريات الماضي جميلة رغم قسوتها .. رحيل عام وقدوم عام أحسسني بشئ من التفاؤل .. قلت ربما تولد البسمة من رحم الأحزان .. الأحزان التي كست غلائل من صدأ الزمان .. وربما يبدع العام المقبل في مسح شي من الذكريات .. رفعت رأسي رغم إحساسي بثقل جسيم من الأحزان.. خاطبت فيه زمن العام القادم .. بصوت متحشرج ودموع منهمرة قائلة : انك أيها العام المطل شجرة كباقي الأعوام يستظل بها في أيام العمر المتبقية .. فلا تكن كالأشجار السابقة .. قف شجرة شامخة .. ولا تسمح ليد الخريف أن تصفع شموخك .. فجأة .. أشعت المدينة بنور العام الجديد .. وظهرت الشمس ساطعة... اختفى ذلك العام .. رحل مع وداع مرشوش بدموع محرقة للأوجان .. أبحرت سفينة الماضي .. ومعها الأحباب .. ذهبت بهم بعيداً بعيداً في بحر ليس له حدود .. فهل يا ترى يعود ؟؟ أيتها الشمس المشرقة كقرص من الذهب تطلقين خيوطاً رائعة .. ألا تودي أن أصافح الأمل .. ولو مرة في حياتي .. اجعلي لي هموم الأمس تذكارً للمستقبل .. فأنا أرغب بأن أطوي هواجس الألم من أفراحي .. فلتكن كل الهموم التي قصمت الظهر .. خلف جدران النسيان .. كم أرغب ..أيها العام الجديد ..أن أراك تنير لي مشوار حياتي بعد أن أظلمت علي الدنيا .. وكشرت عن أنيابها في وجهي .. فلقد وقفت مع الحزن عاماً كاملاً .. ولولا توغل الصبر لحياتي لكنت صحراء قاحلة.. فقد كان لي الصبر غيث يروي ظمأ أنين جفافي .. أيها العام المطل .. أفراحي في الماضي كزجاج تحطم حاولت اصلاحه فبقي فيه شروخ الألم .. أفراحي في الماضي كانت كجبل فانهار بذلك السيل الحزين الغادر .. الذي لم يبقي سوى معالم بسيطة مؤلمة كانت تلك هي نهاية أفراحي في زمن مكسو بسلاسل ملهبة .. فمن الصعب ألا يبقى لي من الذكرى غير الندم .. عندما تقف بي محطات الزمن . .لتطلعني على قرارات اتخذتها وكلمات نطقتها عشتها .. دون أحسب لها حساباً لعدم جدواها .. وما أقسى أن أجد هذه الذكريات مع ميلاد كل شهقة هواء أتنفسها .. ومن المؤسف أن أثق ثم أدفن تلك الثقة وأجعل منها ماضيا ً أطويه كطي السجل .. ومن الظلم .. أن أعيش الأسى .. كل لحظة .. وأنزف الدمع حتى آخر قطرة .. وألأم جرحاً لا يندم إلا بمشقة .. ومن الحكمة أن تبقى تجاربي في طي الكتمان .. وأن أستودعها صندوق الأمان .. وأعتقد أن صندوقا هو الصمت على ما كان .. أيتها السنة المقبلة .. إنك مقبلة ولا نعلم ما تخفيه أيامك من المصائب والمفارج .. لكن عديني ... أن تمحي من قاموسنا كلمات أسى تزرع آهات موجعة في جعيبتي .. فأنين الماضي لا يزال نازفاً في فؤادي .. يوحي الى حزن أليم .. ووجع جسيم .. في عام عابق برائحة الورد.. وصاف كصفوة الندى .. انتصب كزهرة فارغة .. رغم ما يعلوها من آثار الذبول .. أيها العام الجديد أخاطبك .. فكن لي خير منصتاً.. انك يا عام كمولود صغير ستكبر وتكبر إلى أن تهرم وتموت .. نعم ..تموت فيولد عام جديد .. فستصبح مجرد ذكريات تدق أجراس النسيان .. ذكريات لا أعلم ما نوعها .. قد تكون ذكريات تفوح برائحة العطر .. وقد تكون .. ذكريات موجعة .. أملي أن تكون ذكريات مسك .. فأنت أيها العام الجديد .. أملي في تحقيق ما كنت أصبو إليه من الآمال والأماني .. التي طالما رسمت .. وخططت لها في الأعوام الماضية .. بإس م الله .. بدأت أخط الخطى في مشوار عمر جديد .. في عام جديد .. لا أدري ما الله قاسم لي به .. ولا أدري .. ما ينتظرني من ايقاعات الحياة .. وبحمد الله .. أنهينا مطاف بل مطافات أعوام وأعوام .. وبعونه إن شاء الله ننهي مشوار هذا العام على خير لتعد من صفحات الماضي الجميل ... ونبدأ بسلسلة أعوام جديدة .. الى أن يأتينا الأجل المحتوم .. تقبلوا تحياتي ..أم أسامة