- وها هي القوة تختفي وكلما كتب القلم ونظر خلفه وجده خافتا يحتضر
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأت الحروف بالتلاشي وتتنسى العفو لتتلقى ضربة خنجر تغزو الكيان
وها هي القوة تختفي وكلما كتب القلم ونظر خلفه وجده خافتا يحتضر
هذا هو حال الشوق إليك قلمي عندما استبدلتك بسكين التشريح ومجهر مشاعري صار مجهرا للشرائح والعينات..
عندما رسم الشفق ابتسامته الملونة في وجهي أغلقت الستائر، قابعة في ظلام وحدتي أرتشف الشاي بالليمون والنعناع، بينما انزلقت رواية بين أناملي، ألتهم الحروف بتلذذ و الحيرة باتت من ملامح وجهي، سمعت صوت خطوات صغيرة قادمة من السقف فوقي، إنه شبح ذكرياتي الذي يلاحقني، لن أغمض جفني لأحلق في سماء الماضي، فعجلة الحياة تمضي دونما استئذان و تشدنا معها لنحاول النسيان، حبذا لو أستطيع أن أدركه .. ذلك النسيان الذي يداعب مخيلتي العنيدة، وشخصيتي التي تقف كجبل جليدي لا يظهر عليه الذوبان ولكنه يختفي دون أن تدركه، هكذا أنا و عالم المثالية التي أسكنه، عالم لا أظنك تعرفه فهو من نسج خيالي الخاص، عالم لم يستطع اقتحامه أحد لأنني لا أسمح بذلك أبدا، الأولوية للدراسة و الأعمال و المشاريع، وجدتني هائمة على وجهي غارقة في أعمال ابتكرت معظمها حتى المرض ليس يوقفني، لا قوة إلا قوة الله عز وجل هي التي ستمنعني وتلك القوة هي الموت، هكذا أهملت نفسي و جسدي دون وعي مني، ليس لأنني لا أهتم بل لأنني لم أرَ ما يلفت انتباهي، حتى الحب رفضته بقوة أو لنقل رفضني، لهذا قررت الانسحاب من العالم شيئا فشيئا لأدرك عالمي الخاص، عالم ليس به سواي، أحدق إلى أسطورة ذاتي، وبكل أنانية أستمر، أدوس على احتمالات الغير، وأرفع صوتي ،أدمر جدران غرفتي، وأنتقل إلى المرحلة التالية، إلى أن توقف هاتفي عن الرنين بنغمة الأصدقاء، تعانقني نظرة لقاء أتخيلها مع نفسي لفتيات مررن بحياتي و تعاهدن على صداقة لا تنتهي مدى العمر بل وما بعد الموت، لكن الحياة شغلتهن ونسين عهدهن، كنت حريصة على تذكيرهن بهذا العهد كلما سنحت لي الفرصة، فأجدهن بالمقابل لسن كما تصورت، ليست أشكالهن التي تبدلت بل نظرات أعينهن التي غابت عن براءتها، حقا إنني لا أرى صديقاتي شقيقاتي اللاتي أصبحن كالثلج في تعاملاهن مع بعضهن، كل واحدة تخفي بداخلها سرا خاصا بها، لم نعد صغارا لعبتنا الاحتفاظ بأسرار بعضنا و نتشاور عن حقيقتنا و أحلامنا و رغباتنا الدفينة، خطايانا وإنجازاتنا، وها نحن نختفي بإرادتنا و رغما عنا، شعرت بيد توضع على كتفي وبقبلة على رأسي، نظرت إليها بابتسامة صغيرة و وضعت الرواية جانبا، لتصطحبني إلى الحديقة، إنها الشفقة التي تقبلتها بصعوبة هنا في دار العجزة!!
إن كان هنالك ما يزعجني فهو التقدم في السن بمفردي دون أشخاص أحببتهم وفقدتهم، الخوف من الذوبان والاختفاء في دوامة الحياة ولا أجد سوى غريب أجهله بعد أن كنت محاطة بالبشر..
اللهم لا تردني إلى أرذل العمر فأشقى .
بقلم(القاصة الصغيرة)
تسلمي ويعطيك العافيه يارب
.