حق المرأة المظلومة في الطلاق موضوع للنقاش

إن الدفاع عن حقوق الزوجة المظلومة ليس دفاعاً عن المرأة فقط بل هو دفاع عن مستقبل جيل يعيش بين جدران الذل والهوان! فماذا تتوقعون أن تصل درجة العطاء الشخصي والاجتماعي على المدى البعيد بين أطفال يرون النموذج الأول في حياتهم (الأم) وهي خانعة ذليلة لا تستطيع أن تقول (لا) أمام كل صور التعذيب الجسدي والنفسي من زوجها (الأب)... فهذه السلوكيات غير السوية التي تعاني كثير من أسرنا منها لا تقدم للمجتمع إلا شخصيات مريضة نفسياً وعقلياً. وقد يتساءل بعضكم: بأن كثيراً عاش هذا الجو المتسلط والمشحون أيام طفولته، لكنه حقق نجاحاته، ووصل إلى مستوى وظيفي لا بأس به، ولم ينحرف أو يتناول المهدئات النفسية... إلخ، لا شك أن هذه النماذج موجودة في كل عصر، لكن عندما نضع الفارق الكبير ما بين أجواء الماضي والحاضر في اعتبارنا، ندرك أن مسؤوليتنا جميعاً حماية هذا الجيل من الضياع النفسي الذي يؤدي به إلى مهالك عديدة. وشريعتنا السمحة أقرت لكل مشكلة علاجها، فالطلاق مثلاً (أبغض الحلال إلى الله سبحانه) لكنه علاج في أيدي العقلاء، وداء في أيدي السفهاء (والذين جعلوا من الزواج لعبتهم المفضلة) فتجده عندما يُعدد يضع زوجاته تحت رحمة لعبة (شختك بختك) ومن يقع عليها الخيار يقوم بتطليقها حتى يتزوج من أخرى، بل هناك من يُطلق ويطرد، وتمنع عنها حتى ممتلكاتها الشخصية!.
ولكن عندما نطرح حق الزوجة المظلومة في (الخلع) الذي أقرته الشريعة في حالات مختلفة أهمها (سوء معاملة الزوج)... تأتيك الردود السفيهة بأنك علماني!. وتبحث عن الشهرة كمثقف!... بل وتتهم في حقيقة دينك!... إلخ من الردود التي لا تمت للعقل بصلة، وتشير إلى أن كثيراً من قرائنا للأسف لا يحتكمون للحق، ومن السهل عليهم رمي الاتهامات الجارحة كأنهم يحملون شعلة الحق بأيديهم!... لذلك لا تستحق ردودهم النشر، لأن مجال الحوار هنا بهدف المعالجة لن يتحقق.
وفي رأيي أن الزوجة المظلومة من المعذبين في الأرض ولجوءها للخلع لا يتم إلى بعد ما باءت جميع سبل الإصلاح بالفشل، وبالرغم من ذلك فإنها تستدين لكي تتخلص من حياة لا يتحملها أعتى الرجال!... والمصيبة أنها عندما تلجأ لمن يدافع عنها فإنه ينضم إلى قائمة المتآمرين على ضعفها وجهلها بأبسط حقوقها وتدفع الآلاف مقابل أن تفوز بطلبها!.
وفي قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) دليل على أن الزوجة التي تطلب الخلع بدون وجه حق مكلفة بإرجاع المهر، ولكن في قوله تعالى (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً) دلالة واضحة على حرمة أخذ مال المرأة دون حق، خاصة الواقعة تحت الإهانة والاستغلال اليومي في منزلها!.
ولا أعتقد أن ديننا الحنيف منح الرجل حق الطلاق كشربة ماء عذبة على قلبه، ولا يوجد هناك تعويض بسيط للمرأة التي خدمته طوال سنوات شبابها!... وفي المقابل تقدم الزوجة المتضررة كل ما لديها عندما تلجأ (للخلع) من زوجها الظالم لأنه تضرر معنوياً بطلبها الخلع من حياته!... وأجزم أن العادلين وأصحاب الذمة والضمير لا يحيدون عن آيات الكتاب الكريم وأحاديث السنة النبوية في تطبيق الشرع، لكن هناك من يتلاعب لصالح نصرة الظالم على المظلوم الذي يجهل حقوقه وما له وما عليه خاصة في (الحياة الزوجية) خاصة عندما تتساوى الأحكام مع اللاتي يلجأن للمخالعة لعدم محبة الزوج فقط