- أصداء الدعوة الهدامة:
- التعدد هل تفرد به الإسلام؟
- التعدد في ظل هيمنة الرسالة:
- أولًا: تحديد العدد
- ثانيًا: العدل بين الزوجات:
- ثالثًا: النفقة
- حكمة تعدد الزوجات:
- 1 – مواجهة زيادة أعداد النساء على الرجال:
- 2 – مراعاة الظروف الصحية التي تمر بها الزوجة:
- 3 – تلبية حاجات الرجل الفطرية:
- 4 – الحصول على الذرية:
- 5 – قد يبغض الرجل زوجته لسبب أو لآخر:
يعتبر تعدد الزوجات من المحاور الأساسية في قضية تحرير المرأة المزعوم، والذي تولى كبرها علمانيو الغرب وأذنابهم من المنتسبين إلى أمة الإسلام، لكي تحذو المرأة المسلمة حذو نظيرتها الأوربية، فتنسلخ من هويتها كخطوة واسعة على طريق تقويض البنيان الإسلامي الشامخ.
ولقد كانت هذه المسألة وما زالت مادة خصبة للجدل الواسع، وصارت تناقش بمعزل عن محضن الشريعة، فتعددت فيها الآراء، وأدلى كلٌ فيها بدلوه، واعتبر التعدد إهانة للمرأة وظلمًا لها وإهدارًا لكرامتها، فقام المغرضون للترويج لهذه القضية على ذلك النسق الفاسد، وطالبوا بتحرير المرأة من قيود الظلم الواقع عليها ومن أعظمها التعدد مشيرين من قريب أو بعيد إلى شرائع الإسلام كمسئول أوحد عن هذا الظلم الواقع على المرأة.
والكلام في تلك القضية قديم، ظهر إلى العلن في حقبة قاسم أمين الذي كان يرى أن التعدد يعد احتقاراً شديداً للمرأة(1) .
(وكان من أول من نادى بهذه الفكرة من الشرعيين هو الشيخ محمد عبده فقد حمل على التعدد حملة شعواء وقدم إلى الحكومة اقتراحا تضع بموجبه نظاما تشرف به على تعدد الزوجات حتى لايقدم عليه من ليس أهلا له لكن الحكومة لم تأخذ به، وقام تلاميذه من بعده بالدعوة إلى ماكان يدعو إليه أستاذهم، ولما ألفت فى عام 1928 لجنة تعديل بعض أحكام الأحوال الشخصية وكان أكثر أعضاءها من تلاميذ الشيخ محمد عبده وضعوا مقترحات تتضمن تقييدا لتعدد الزوجات قضائيا ولكن قامت معارضة شديدة لهذا المشروع وتناوله رجال الفقه بالنقد مما أدى إلى العدول عنه)(2).
ولا ننكر أن الممارسات الخاطئة لبعض أو كثير ممن عددوا قد هيأت المناخ المناسب لتلك النعرات، ولكن الإسلام كشرائع محكمة نزلت من لدن حكيم خبير، ليس مسئولًا عن أخطاء المنتسبين إليه المسيئين تطبيق أحكامه، علمًا بأن هذا الخلل في الممارسات والتطبيق، إنما هو جزء من منظومة شاملة من الانحراف السلوكي عن شرع الله لا يمكن فصل بعض أجزائها عن بعض.
أصداء الدعوة الهدامة:
لقد كان للتنديد بالتعدد في ظل الإسلام صداه في واقع المجتمعات الإسلامية، فلقد استحسنت كثير من النساء تلك الهجمة الشرسة على تعدد الزوجات، وصرن لا يقبلن على الإطلاق بهذه الفكرة، ويعتبرنها من قبيل الخيانة الزوجية التي تستدعي الطلاق، بل وصل الأمر إلى أن بعض النساء يفضلن قيام أزواجهن بالخيانة على الزواج من غيرهن.
وحتى الملتزمات منهن تتردد أبصارهن بين تقديس أحكام الشريعة وبين سطوة النظرة المعاصرة للتعدد، تكون الغلبة في كثير من الأحيان للثانية، ولا عجب فقد صار ينظر إلى المرأة التي تزوج عليها زوجها على أنها ضحية مكلومة مسلوبة الكرامة والحقوق.
وعلى صعيد الأنظمة والقوانين نرى بوضوح مدى التأثر بهذه الهجمة القديمة، فترنحت القوانين ما بين مقيدة ولاغية في بلاد المسلمين، ففي القانون الليبي مثلًا (اتجه القانون إلى التشديد فى القانون رقم ( 22 ) لسنة 1991 بتعديل م 13 من القانون 10 / 1984 حيث نص على (( أ الحصول على الموافقة كتابية رسمية من زوجته التى فى عصمته أو صدور إذن من المحكمة بذلك . ب التأكد من ظروف طالب التعدد الاجتماعية وقدرته الصحية والمادية وفى حالة تخلف أحد الشرطين يعتبر الزواج باطلا)(3).
وأما في تونس (فقد اتجه المشرع فيها اتجاها متشددا حيث ألغى تعدد الزوجات ونص على ضرورة الاحتفاظ بزوجة واحدة فقط واعتبر الزواج بثانية باطلا لاينتج أثرا كما جاء فى نص المادة العاشرة من مجلة الأحوال الشخصية التونسية (( تعدد الزوجات ممنوع وإن تزوج بأكثر من واحدة يستوجب عقابا بالحبس مدة العام)(4).
وفي مصر (حاولت جيهان زوج الرئيس الراحل أنور السادات استصدار قانون مشابه يمنع التعدد ، لكن رجال الأزهر الشريف والتيار الإسلامي الجارف نجحوا في إحباط المحاولة ، وإن كانت جيهان قد نجحت في تمرير قانون يجعل اقتران الرجل بأخرى إضرارا بالزوجة الأولى يعطيها الحق في طلب الطلاق !! وبعد مقتل السادات وانهيار سطوة جيهان تم إلغاء هذه المادة المخالفة للشريعة الغراء.
ولكن وسائل الإعلام المختلفة لم تتوقف عن مهاجمة التعدد الشرعي والسخرية منه ، والتندر على معددي الزوجات في الأفلام والمسلسلات الساقطة التي تقوم في ذات الوقت بتزيين الفواحش ، وتعرض اتخاذ العشيقات على أنه أمر كوميدي للتسلية والفكاهة والتبسيط !!! وخرجت امرأة علمانية على شاشة محطة دولية تهاجم التعدد في الإسلام)(5).
التعدد هل تفرد به الإسلام؟
ما إن يذكر التعدد في الشرق أو الغرب حتى يشار إلى الإسلام وكأنه أول من احتضن هذه الفكرة، ويتم عمدًا إغفال الحقائق التاريخية والواقعية الثابتة في أن التعدد نظام اجتماعي قديم، فلقد كان هذا النظام منتشرًا بين الفراعنة، ومن أشهرهم رمسيس الثاني، الذي كان له ثماني زوجات أشهرهن "نفرتيتي" ثم "إيزيس نفر"، وعشرات من الجواري، وكان التعدد كذلك معروفًا زمن إبراهيم عليه السلام، وجمع يعقوب عليه السلام بين أختين وكان جائزًا في شريعته هما "ليا" و "راحيل" أم يوسف وبنيامين، وكان لنبي الله داود عدة زوجات، وكذلك ابنه سليمان عليهما السلام.
وكان التعدد كذلك معروفًا عند العرب قبل الإسلام، فعن ابن عمر قال: أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوة فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (خذ منهن أربعًا)(6).
وكان التعدد معروفًا في الدول ذات الأصل السلافي وهي الآن الصرب والروس والتشيك والسلوفاك ومعظم سكان رومانيا ومقدونيا وبلغاريا....
وكان ولا يزال معروفًا في البلاد الوثنية كالهند والصين واليابان وبعض دول إفريقية، وفي النصرانية ظلت الكنيسة تعترف بتعدد الزوجات حتى القرن السابع عشر، ولا يوجد نص صريح في الأناجيل الأربعة يحرمه، وإنما منعه النصارى تأثرًا بالوثنية التي كانوا يعيشون في كنفها قبل ذلك وتركت بعضًا من آثارها عليهم، من ذلك منع التعدد الذي كانت تفرضه بعض الدول الوثنية وليست كلها(7).
فالتعدد إذن ظاهرة أو نظام اجتماعي لم تكن نشأته الأولى مع ظهور الإسلام، فلم كل هذا الهجوم على الإسلام وتشريعاته؟!
التعدد في ظل هيمنة الرسالة:
جاء الإسلام كرسالة مهيمنة يقر أوضاعًا وينسف أوضاعًا، ويهذب أخرى ويضبطها، في إطار متطلبات عالمية الرسالة وبقائها إلى يوم الدين.
وقبل مجيئه كانت المرأة مسلوبة الحقوق مهدرة الكرامة، تكابد أبشع ألوان الظلم، وكان من ضمنها التعدد الذي لم يكن له ما يضبطه كمًا وكيفًا، فلما جاء الإسلام أقر المبدأ إلا أنه أحاطه بسياج من الضوابط التي تكفل مصلحة المرأة من ناحية ومن ناحية أخرى (ليحقق أهدافه الإنسانية السامية ويعالج ظاهرة اجتماعية واقعية، ويسد به آخر ثغرة يمكن أن ينفذ منها نحو اقتراف الفواحش، كما يتلافى به ضرر إنهاء الحياة الزوجية عند عجر الزوجة صحيًا عن أداء وظيفتها مراعيًا بهذا التشريع المحكم كرامة المرأة وصيانتها ودفع الظلم والتعسف عنها)(8).
يقول صاحب الظلال: (الإسلام لم ينشئ التعدد إنما حدده، ولم يأمر بالتعدد وإنما رخص فيه، وقيده، وإنه رخص فيه لمواجهة واقعيات الحياة البشرية وضرورات الفطرة الإنسانية).
ضوابط التعدد في الإسلام:
لم يترك الإسلام أمر التعدد للأهواء والأمزجة، وإنما وضع له ضوابط وشروطًا صريحة محكمة كما ذكرنا آنفًا، يضمن بها صلاح واقع البشرية وتجنب الظلم والإضرار، وتتمثل هذه الضوابط والشروط فيما يلي:
أولًا: تحديد العدد
قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}
، قال ابن كثير: (انكحوا ما شئتم من النساء سواهن إن شاء أحدكم ثنتين، وإن شاء ثلاثا وإن شاء أربعا، كما قال تعالى: { جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ }
أي: منهم من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ولا ينفي ما عدا ذلك في الملائكة لدلالة الدليل عليه، بخلاف قصر الرجال على أربع ... لأن المقام مقام امتنان وإباحة، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لذكره)(9).
فلا دليل في الآية لمن يقول بجواز الزيادة على أربع، بالإضافة إلى تأكيد السنة ذلك، كما في حديث إسلام غيلان بن سلمة السالف، وهو محل إجماع بين المسلمين، قال ابن كثير: (قال الشافعي: وقد دَلَّت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة،وهذا الذي قاله الشافعي، رحمه الله، مجمع عليه بين العلماء)(10).
ثانيًا: العدل بين الزوجات:
قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}، قال الشنقيطي رحمه الله في دلالات هذه الآية: (وأنه مع خشية عدم العدل لا يجوز نكاح غير واحدة)(11).
وقال السعدي رحمه الله: (ومع هذا فإنما يباح له ذلك إذا أمن على نفسه الجور والظلم، ووثق بالقيام بحقوقهن، فإن خاف شيئا من هذا فليقتصر على واحدة، أو على ملك يمينه)(12).
وحذرت السنة المطهرة من الجور في ذلك الشأن، فقال صلى الله عليه وسلم: (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل)(13).
وأما قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}
، فمعناها الميل القلبي كما قال ابن كثير في أنها نزلت في عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها)(14).
وقد اتخذ المغرضون من هذه الآية ذريعة لمنع التعدد، فقالوا: التعدد مشروط بالعدل، والعدل غير مستطاع فهذا دليل تحريمه، وتجاهلوا بقية الآية: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}، فكيف يأمر الله بما لا يكون في وسع البشر؟ وإنما غاية ما يقال في نفي العدل، إنما هو الميل كما قال ابن كثير: (لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن حصل القسْم الصوري: ليلة وليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع)(15).
وحول هذا الشرط يقول العلامة أحمد شاكر رحمه الله: (وشرط العدل في هذه الآية {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً } شرط شخصي لا تشريعي؛ أعني: أنه شرطٌ مرجعُهُ للشخص، لا يدخل تحت سلطان التشريع والقضاء؛ فإنّ الله قد أذن للرجل -بصيغة الأمر- أن يتزوج ما طاب له من النساء، دون قيد بإذن القاضي، أو بإذن القانون، أو بإذن ولي الأمر، أو غيره، وأمره أنه إذا خاف -في نفسه- ألا يعدل بين الزوجات أن يقتصر على واحدة.
وبالبداهة أنْ ليس لأحد سلطانٌ على قلب المريدِ الزواجَ، حتى يستطيع أن يعرف ما في دخيلة نفسه من خوف الجور أو عدم خوفه، بل ترك الله ذلك لتقديره في ضميره وحده، ثمَّ علَّمه الله -سبحانه- أنه على الحقيقة لا يستطيع إقامة ميزان العدل بين الزوجات إقامة تامّة لا يدخلها ميل، فأمره ألا يميل كلَّ الميل، فيذر بعض زوجاته كالمعلقة، فاكتفى ربه منه -في طاعة أمره في العدل- أن يعمل منه بما استطاع، ورفع عنه ما لم يستطع)(16).
ثالثًا: النفقة
وتشمل النفقة الطعام والشراب والكسوة والمسكن والأثاث اللازم له ويجب أن تكون لدى الرجل الذي يقدم على الزواج بادئ ذي بدء القدرة المالية على الإنفاق على المرأة التي سيتزوج بها. والحديث في ذلك واضح: (لا ضرر ولا ضرار)(17)، والنفقة واجبة بالإجماع، فيشترط إذن لتعدد الزوجات أن يكون الرجل مستطيعًا سبيل النفقة، وكما يقال في القدرة المالية يقال كذلك في القدرة الجنسية.
حكمة تعدد الزوجات:
الأصل في التعامل مع الأحكام الشرعية هو التسليم المطلق حتى ولو لم تتبد الحكمة منه، {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
، ولكن ذلك لا يمنع من استباط الحكمة والسعي للوصول إليها، ويمكننا باستصحاب خصائص الشريعة، واستقراء الواقع نتلمس جيدًا مبررات التعدد في الإسلام:
1 – مواجهة زيادة أعداد النساء على الرجال:
( تدل الإحصائيات التي جرت وتجري في بلاد العالم المختلفة دلالة واضحة على أن عدد الإناث أكثر من عدد الذكور ، وذلك نتيجة لكثرة ولادة البنات.
ولأن موت الرجال بمشيئة الله تعالى وقدرته أكثر من موت النساء، فالرجال هم وقود المعارك العسكرية، وتلتهم الحروب عدداً كبيراً منهم، هذا بالإضافة إلى تعرض الرجال للحوادث بشكل أكثر من النساء، فهم يخرجون للكسب وطلب الرزق وينتقلون من أجل ذلك من مكان لآخر، ويذلون كل ما في وسعهم من جهد للحصول على لقمة العيش، الأمر الذي يجعلهم أكثر قابلية للمرض والموت هذا في الوقت الذي يكون فيه النساء في بيوتهن، ويترتب على ما سبق أن ذكرناه آنفاً وجود فارق بين نسبة الإناث ونسبة الذكور)(18).
ومن ثم تكون الحاجة للتعدد لمواجهة هذا النقص العددي في الرجال عنه في النساء، وإلا صرنا أمام احتمالات أخرى بالغة السوء، فإما أن تبقى أعداد كثيرة من النساء بدون زواج، أو أن يخادن الرجل ويسافح من شاء من النساء.
2 – مراعاة الظروف الصحية التي تمر بها الزوجة:
فقد تضعف عن القيام بوظيفتها المنزلية أو الجنسية كإصابتها بأمراض مزمنة أو عجز مرهق أو عقم دائم، فتتعرض هذه المسكينة البائسة إلى خطر هجر الزوج لها أو طلاقها، ومصلحتها تقتضي أن تظل في بيتها وتحت رعاية زوجها)(19)، فنتساءل في هذه الحالة: أيهما خير للزوجة الأولى؟ أن يفارقها زوجها أم يمسكها ويرعاها ويتزوج عليها؟
3 – تلبية حاجات الرجل الفطرية:
فمن الرجال من تزداد رغبته الجنسية، ولا يكتفي بامرأة واحدة، ولا يصبر على ترك الجماع في فترة الحيض لزوجته، أو قد يكون كثير الأسفار، فهل نسمح له بمزاولة الفاحشة لإشباع حاجاته، أم نتركه ينعم بما رخص له الإسلام دين اليسر؟
يقول المستشرق الفرنسي "أميل درمنغم": (أيهما أثقل: تعدد الزوجات الشرعي أم تعدد الزوجات السري؟ إن تعدد الزوجات من شأنه إلغاء البغاء والقضاء على عزوبة النساء ذات المخاطر)(20).
4 – الحصول على الذرية:
(فترة الإخصاب في الرجل تمتد إلى سن السبعين أو ما فوقها، بينما هي تقف في المرأة عند سن الخمسين أو حواليها، فهناك في المتوسط عشرون سنة من سني الإخصاب في حياة الرجل لا مقابل لها في حياة المرأة، وما من شك أن أهداف اختلاف الجنسين ثم التقائها امتداد الحياة بالإخصاب والإنسال، وعمران الأرض بالتكاثر والانتشار، فليس مما يتفق مع هذه السنة الفطرية العامة أن نكف الحياة عن الانتفاع بفترة الإخصاب الزائدة في الرجل)(21).
ومن ناحية أخرى هناك من الرجال من تقصر زوجته عن الإنجاب لعقم أو مرض، فهل نحرمه من متطلبات فطرته في أن يكون أبًا، أم نأمره بأن ينجب من سفاح؟ اللهم لا يقول هذا إلا من عميت بصيرته.
فلا يبقى إلا اختيار مفارقة زوجته العقيم، وإن قلنا بذلك فلا شك أن فيه ظلم للمرأة والتي تعاني مثل الرجل وأكثر من عدم الإنجاب، فنجمع عليها بذلك همين، فهل يقول بذلك عاقل؟!
5 – قد يبغض الرجل زوجته لسبب أو لآخر:
وقد تكون الزوجة تضطرها ظروفها لأن تبقى في كنف زوجها، ففي هذه الحالة نأمره بطلاقها أم أن له فسحة في دين الله، يتزوج بأخرى ويمسك الأولى، وقد يكون زواجه الثاني سببًا في تأليف قلبه على زوجته الأولى عندما يجد راحته، ففي هذا صيانة للأسرة من التفكك والتبعثر من جراء الطلاق.
6 – علاج بعض المشاكل الإنسانية:
كإتاحة الفرصة أمام العانسات والأرامل والمطلقات بأن يحظين بأزواج يجدن معهم العفة، وذلك خير للمجتمع من الوقوع في مستنقعات الرذيلة.
والأم الأرملة المتوفي عنها زوجها تاركًا لها أطفالًا، فالتعدد يفيد في تلك الحالة في إعفافها أولًا، ثم رعاية وكفالة أطفالها الأيتام.
قد يتوفى أحد إخوان الرجل أو أقاربه، فيتزوج أرملة أخيه أو قريبه صيانة لأهله، حيث تدفعه صلة الرحم لأن يتزوجها.
وأمثال وأشباه هذه المشكلات الكثير والكثير، علاجها الناجح كثيرًا ما يتمثل في التعدد، فهو إذن ليس خيرًا ومنفعة للرجل وحده، وإنما هو للمجتمع بأسره رجالًا ونساءً، فقط لا يدرك ذلك إلا من تجرد لله، ولم تغش عينيه تلك الزوبعات السوداء والنعرات الغريبة على تراثنا ومجتمعنا الإسلامي.
دراسة منقولة عن موقع وفاء لحقوق المرأة