- اهلا فراشتي الغاليات
- «حكاية شرقية قديمة»
- سر الرسالة في النقطة وعلامة التعجب وإشارة الاستفهام
- كل شيء يميل اليوم إلى التكثيف
- الرسائل فضاء من التواصل يعزز شعورنا بالحياة
- انتهى عصر الورق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا فراشتي الغاليات
قبل اختراع الكتابة بقرون، أرسلت امرأة شابة إلى حبيبها رسالة تتكون من: «حزمة من الشاي، وعشب جاف، وتفاحة حمراء، وثمرة ذابلة، وقطعةمن الفحم، ووردة، وقطعة من السكر، وحصاة، وريشة صقر وثمرة جوز»
كانت الرسالة تشير إلى مايلي: «لم أعد أستطيع شرب الشاي وحيدة، لقد أصبحت دونك شاحبة كالعشب الجاف، وإن وجهي يحمر كالتفاحة عندما أفكر بك، وقلبي يحترق كالفحم، إنك جميل كالوردة، وحلو كالسكر، لكن هل قد قلبك من الحجر؟ سأطير إليك لو كان عندي جناحان، أنا ملكك مثل جوزة في يدك».
«حكاية شرقية قديمة»
في عصر ثورة الاتصالات غابت إلى حد كبير تلك الحميمية التي تحملها الرسالة الورقية الملونة المعطرة التي يكتبها الشبان، إذ حل «الموبايل» و« الإيميل » كطرق جديدة للمراسلة، وكذلك بدت الرسائل القصيرة تعبر عن روح هذا التطور الذي أصاب مناحي الحياة كلها مثل تلك الرسالة القصيرة التي يرسلها العشاق عبر الموبايل: «لاتحسب اللي مايراسلك ناسيك، روحه ودمه في عروقه تناديك» أو «إن غبت عنك ردني الشوق ولهان وإن غبت عني أقول يحفظك ربي الرحمن».
كيف يرى من يعمل بالشأن الثقافي الرسائل الورقية. تلك الكلمات والحروف التي تعبر عن حالة كاتب الرسالة النفسية والعاطفية، أو إيحاء خربشات العاشق ومايلاقيه الطرف الآخر من حرارة ودفء ورائحة المرسل، والسؤال ماذا تعني الرسالة الورقية؟ وهل حقاً بإمكان الرسائل القصيرة التي ترسل عبر جهاز الموبايل أو الأنترنيت أن تحل محل الرسالة الورقية وأن تحمل دفئها وخصوصيتها؟ أسئلة وجهت إلى كتاب وأيضاً إلى شبان في مقتبل العمر.
سر الرسالة في النقطة وعلامة التعجب وإشارة الاستفهام
يرى الروائي خليل صويلح أن الرسائل والبريد قد تطورا مع تطور المجتمعات، وشرح لنا أن كل ماسيقوله في هذا الموضوع قد تناوله في روايته الجديدة «بريد عاجل» إذ يشرح كيف أن بطل روايته الشاب قد اكتسب حرفة كتابة الرسائل التي كان يخطها لأهالي قرية نائية وكيف استخدم هذا البطل عبارات متشابهة ثم استعان بكتاب «فن كتابة الرسائل». وكذلك قدم عرضاً لتاريخ الرسائل باستخدام الحمام الزاجل وكيف أن وكالة رويتر للأنباء استخدمت الحمام الزاجل في بداية عهدها في نقل الرسائل الصحفية، وكذلك قدم معلومات عن الكثير من الخلفاء المسلمين ممن استخدموا هذا البريد الجوي.
ويقول صويلح: «الرسائل الشخصية لاتقرأ من عنوانها كما يقرأ الكتاب ولامن آخر سطورها كما تقرأ الصحيفة، تلك الرسائل سرها في النقطة وعلامة التعجب وإشارة الاستفهام والمحو والحك والشطب والإيحاء واختلاجة الحروف عند التوقيع، بلاغة الرسائل الشخصية متأتية مما هو مكتوب بين السطور».
ويرصد كذلك التحول الذي أصاب بعض شخصيات روايته لناحية كتابة الرسائل والخواطر من خلال شخصية الشابة الصغيرة «ريما» التي مزقت الخواطر البائسة التي كانت تكتبها سراً عن طيف حبيب مجهول، يقف تحت الشرفة وبيده وردة حمراء، واستبدلتها برسائل قصيرة تصل خلال ثوان عبر هاتفها النقال الذي اقتنته أخيراً».
كل شيء يميل اليوم إلى التكثيف
فيما يرى القاص محمود الوهب أنه كان للإنسان سابقاً متسع من الوقت ليلون الورق بعواطفه المشتعلة بفيض العلاقات الإنسانية وأفقها الرحب. أما الآن وتمشياً مع إيقاع الزمن السريع وانفضاح أجزاء هامة من أسرار الكون. فالمسألة تختلف إذ لم يعد للشبان ذلك الوقت الذي يمنحهم الجلوس الطويل والتأمل العميق لكتابة الرسائل وتزويقها وتعطيرها لتأتي انعكاساً لتلك الانفعالات التي تأخذ مساحة واسعة من حياة الإنسان.
ويضيف: «كل شيء يميل اليوم للتكثيف وحتى في المجال الأدبي، فالرواية اليوم مثلاً لم تعد كما كانت بالأمس، وكذلك القصة والعبارة الشعرية... كل تلك الأجناس مالت إلى التكثيف وثمة أمر آخر يمكن التحدث عنه، أن الإنسان يعمل على تصعيد حياته العاطفية المؤجلة بسبب الدراسة مثلاً، فالعواطف تتفتح في سن مبكرة نسبياً في سن الإعداد لمجابهة متطلبات الحياة المتطورة، ولأن العواطف لايمكن إخفاؤها أو تجاوزها ففي ذلك تجاوز للإنسان ذاته... يأتي هنا مايعوض، يأتي الخليوي ورسائله السريعة المكثفة ملبية أو متجاوبة مع نبضات القلوب المسروقة من زمن موظف لمسائل أخرى كما أشرت. لذلك نرى أن الرسائل تمنح مرسليها نوعاً من المتعة، فالشباب يفرغون عواطفهم على نحو سريع ومكثف والكبار يحلون بعض مشكلاتهم الحياتية أو يخففون من ثقل الحياة وغلوائها بما تحمل رسائلهم من ظرافة».
الرسائل فضاء من التواصل يعزز شعورنا بالحياة
أخبرتنا عبير أسبر الحائزة على الجائزة الأولى في الرواية والتي كانت باسم حنا مينة عن روايتها «لولو»: أن الرسائل وجدت منذ التقاط الوعي هيمنة الحواس.
وأوضحت أسبر: «الوحي رسالة والنظرة رسالة وحمام الزاجل كان قد زنر الأماكن البعيدة بالحنين والحب والعتب، فالرسالة مثلها مثلنا تحمل هاجس الإمساك باللحظة الهاربة وبعظمة نحلم جميعنا بصناعة تاريخنا الشخصي عبرها، فنحفظها ونعطرها، نخبئها، فتعلو قيمتها لتضاهي جلال الأسرار . عبر الرسالة الورقية أم القصيرة عبر الموبايل، ورق أم أثير، قلم وحبر وأوراق مدعوكة أم زر الكتروني وضغطة SEND لا أدري...؟ ما أدركه أني لحظوية الهوى «أحبك» فأحبك الآن، في هذا الجزء من الثانية، فمن يدري ماالذي سيحصل بعد؟ أي بعد ضغطة الزر، هل ستتسع اللحظة لتحوي دفقا فياضا من مشاعر مختلطة تصل شريكي طازجة ولو إلى أقصى أطراف الأرض، أما في ساعات التأمل الطويلة عندما يهدأ الحضور المتواتر لفكرة ما «الغياب» مثلاً قد نعيد تشكيل ملامح الحب بروية كلمة كلمة وعلى الورق»..
وأضافت: « تخلق الرسائل الورقية أم الإلكترونية، الشفاهية أو التخاطرية فضاء من التواصل يعزز شعورنا بالحياة ويمنحنا إحساساً خالصاً بالفرح ومادام الفرح غايتنا فلن نضيعه على الطريق، سنرشده إلينا وعبر كل الوسائل قديمة كانت أم حديثة، سريعة أم بطيئة، فالمهم على ماأعتقد هو النبض الحار لأرواح طهرت بالحب وتبحث عن شريك غائب ولو عبر قمر صناعي في الفضاء »
انتهى عصر الورق
اعتبر «سعد ياسين علي» خريج كلية الآداب قسم الآثار أن رسائل الموبايل القصيرة وسيلة من وسائل الاتصال الحديثة التي جعلت التواصل بين شخصين سهلا وسريعا، وشرح لنا: أعتقد ان تلك الرسائل تحافظ على خصوصية العلاقة بين شخصين عاشقين أو مابين شاب وعائلته، وهذه الطريقة في المراسلة تجعل الرسائل أكثر سرية أي لايطلع عليها أي كان وهو مايعطيها ميزة عن الرسائل التي ترسل بالطرق التقليدية أي عبر ساعي البريد، وكذلك تكون فيها الأفكار مختصرة وواضحة غير مبهمة كونها لاتكتب بالرموز والإيحاءات تحسباً من رقيب ما، ومع العلم أنه يوجد الكثير من الأمور التي قامت هذه الوسيلة بتوفيرها منها توفير الوقت والجهد والتكلفة مقارنة مع الوسائل القديمة التي كانت تتبع في المراسلة، إذا يمكن أن تحل رسائل الموبايل مكان الطريقة القديمة بحكم التطور شئنا أم أبينا».
وأشارت «فاديا عكاش» إلى انتهاء عصر الورق وبأنه مهما حاولنا الرجوع إلى الماضي وأن نتذكر تلك الرسائل الورقية فلن يفيدنا ذلك ما دام إيقاع العصر قد تغير نحو السرعة في كل شيء.
وأضافت: « لايمكنني اليوم أن أكتب رسالة ورقية وأرسلها في البريد العادي لتستغرق أياماً وبإمكاني أن أرسلها بلحظات عبر البريد الإلكتروني، وإذا تصرفنا عكس ذلك نكون قد خالفنا لغة العقل، وإذا كان للرسالة الورقية حميمية ودفء أعتقد أيضاً أن الرسالة التي ترسل عبر الموبايل تحمل ذات الحميمية .
دمتن بخير,,
بارك الله فيكي اختي الغاليه سوان
يعطيكي الف الف عافيه
مشكورة عالموضوع الرائع
تحياتي