- هل تسمعني سيدي..؟ هل أثقلت عليك أم كالآخرين تعتبرها تفاهات مراهقة؟
رسالة إلى رجل مجهول
أنا المذكورة أعلاه..أبدأ باسم الله و أغوص في أعماق الحياة...إلى رفيع الخلق و أسماه...
أنا فتاة من ضحايا الحياة..هل راسلتك يوما فتاه؟..ليست فتاه و إنما بقايا فتاه...
حملت على كاهلي حروب البشرية و تحملت مالا يحمد عقباه...
يا سيدي...! علمت أنك تنتشل جثت الغرقى من وحل الحياة..هل هو أنت من أرجوه؟!
لا أريد أن يقرأها غيرك..ستُمزق كورقة بخطأ عنوان أو صاحبها أحمق أبله...
يا سيدي..! لو لم أكن واثقة من مُستلمها لما أرسلتها..فعصرنا يرفض المقر بالحقائق المُلغاة...
هل حقيقة الظلم حقيقة مُلغاه؟!!!
أنا كما قُلت أعلاه..فتاةٌ حُطمت أشرعتها و ألقيت فُتاتاً على شاطئ السفاه..
ماذا أقول لك و الكلام كله ابتلعته الشفاه..سُرقت ابتسامتها حتى هيَ تلك الشفاه..ماذا أفعل بفم من دون شفاه؟!
لا...لا تمزق الرسالة أرجوك..فأنا لم أبدأ بعد في مضمون الموضوع..لقد كانت أصعب انهزاماتي تلك التي أُقتل فيها من دون نزاع...تلك التي أُرفض فيها من دون كلام..تلك التي يسكتونني فيها و لا أُكمل الكلام..
أُتركني أعبر عمل يخالجني..عما يخنق صدري..فمعظم الصدمات القلبية كانت من الكتمان..
يا سيدي..! ماذا أقول لك..فأنا امرأة صامتة..هل كلمتك يوما امرأة صامتة؟ أنا امرأة إن تكلمت تحسرت وإن تحسرت اختنقت..فهل يجوز لي أن أتكلم دائما؟..هل يجب علي أن أختنق دائما؟
أما امرأة بسيطة..ببسمة بريئة..هم يحسدونني على بسمتي..هل أحبسها أم أحييها؟ أنا امرأة حالمة..شاعرة..طموحة..والآمال على جوانبي مربوطة..كل حلم أبصمه بأمل طويل..و أكتب له قصيدة..وأسطر له طريق طموح..وأركب سفينة العزيمة و البحث عن السبل الكفيلة بتحقيق كل حلم مهما كان مستحيلا..هل ترفضون من يرغب بتحقيق المستحيل؟ هل تحطمون من حقق المستحيل؟
يا سيدي..أنتم تزرعون الوردة و تسقونها فتقطفونها إن حسُنت وأزهرت..وإن كانت بشعة تتركونها..ف‘ن جمُلت تقطفونها..لماذا لا تتركون الجمال يطفوا؟! لما تحطمون الجمال وترمونه إن زال؟!
سيدي القائمة طويلة والمعاني كبيرة والكلمات على شفتي مشلولة..ولا تخرج إلا على الورق...
أحبك..أحبك لا تُلفظ ولو مجاملة..وكأنها مرض خطير..لستُ أدري كيف يفسرون الحب هذا؟ الرجل و المرأة ثنائيان لا يلتقيان محرضٌ لقائهما وبعد الزواج يفترقان كالأعداء...
هل تسمعني سيدي..؟ هل أثقلت عليك أم كالآخرين تعتبرها تفاهات مراهقة؟
فقط اسمعني..أريد فقط أن أوضح بعض الأمور ولو على الورق..لا أريد أن تلتم علي أفكاري وتعذبني..
سيدي..هل عذبتك يوما امرأة؟ خل أحببت يوما امرأة؟ هل ضحيت يوما من أجل امرأة؟ هل تمنيت يوما عالما لك ولمرأة؟ أجبني ولا تستتر..فالحب بيعت نفوذه بالمزاد العلني..وراح ضحيته العديدون..ولا زالوا يظنون أن ما يعيشونه هو الحب نفسه..لست أنكر وجوده..و لكني أبحث عنه..أبحث في نفسي..بين الأقلام..بين طيات الكتب..بين أحرف الكلمات..أنا أبحث عنه فيك..هل لي أن أجده؟
أنا أقول سيدي..لأن السيادة للمحبين فقط..ولستُ أضع لك إكليلاً من ورق..لا..وإنما أنا أمجد الغرام وألحظه محفوراً على ملامحك..هل أنت مرادي؟ ونهاية طريقي؟ حسبتُ أنني وجدتُ غلاف الكتاب..فأوراقه مشتتة والأغلفة مفقودة..الخاتمة مفقودة..هل تكملها؟
سيدي..دعني أشاركك بهذه..أفراد جيلي يحبون..لا ليسعدون..وإنما للتجربة..كي يتزوجون أخيرا..بمن يا ترى؟! بامرأة يختارونها..أتعرف كيف؟ أتعرف مواصفاتها؟ ينتقونها حطاما..سفينة تائهة..أو عصفورا مكسور الجناح..كي لا تطير..كي تتحمل كسر الجناح الباقي من غير كلام..كي تُقتل بلا مفاجأة..
امرأة تبحث عن الموت البطيء..وتموت بين أحضانه صامتة..هؤلاء رجالنا..هؤلاء المحبون في مجتمعنا..لماذا؟ لأن من أحبها رخيصة..لماذا؟ لأنها أحبته..هل أصبح الحب رخيصا يباع بالثمن الزهيد؟ هل أصبحنا نستغني عن الحب و نستعمله وسيلة لا غاية؟ آه سيدي..ماذا أقول فقلبي من الأسف سينفطر..وروايات العشق والأمل تنزف دما..ما الذي ورثناه؟ غير تماثيل وتاريخ بعيد مقتول؟
سيدي أنا أحب منذ الأزل..أحب..وأبحث في عيون البشرية عن وجه قيس..وروميو وآخرون..لم أجده! ضاع أملي..ضاع حلمي...
سيدي شنقوا بسمتي وابتلعوا فرحتي..وأطعموني الألم والآه..سيدي..منذ زمن لم ألق وجهاً يبتسم في عيوني أو يبتسم من أجل عيوني..لم أكن أفرق بين بسمة حقيقية و مصطنعة..وكانت كل بسماتي عفوية..خدعوني..لماذا؟ كرهوني وأكرهوني في نفسي..لماذا؟ فقط لأنني خجولة..
هل الصمت عندكم سيدي جريمة؟ خل الحياء في مملكتكم جُنحة يُحاسب عليها؟
والزمن يرحل بعيدا تاركا وراءه آثاراً مصدئة..لا تفسر غير خيبتي وقلة حيلتي..
سيدي..سُجنت خلف أسوار التهميش عصورا ولم أخرج يوما من قوقعة الانكسار..كنت في موقع المتهم البريء وحبل المشنقة فوق رأسي..ألتقط أنفاسي الأخيرة...
سيدي..آه سيدي..أنا عائدة اليوم من حطام السنين حافية القدمين..مهرأة اللباس ممزقة الفؤاد ولا أملك غير ذكريات حزينة مرمية هنا وهناك..وأتمنى أن تعيد لمَ مشاعري كي أعود من جدبد..فأنا الآن جمع من القديم.
سيدي..عندما قررت الرحيل بعيدا كبلوني بقيود نارية وأبعدوا عني كل شيء جميل وحرموني من حنان الأهل والأحباب..
سيدي..لقد وصلت لحبكة الموضوع..الأهل والأحباب..هل لديك عائلة وأقرباء؟ إذن أنت مرتاح لعيشك وحيدا
حين يكون الحب كبيرا يكفي أن تعيش من أجل من وهبوك الحياة يوما..وتضحي بنفسك كثيرا..ويكفي أن تحس طعم الجمال في عيون من يدينون لك بالجميل..حياتي في عيون من أحب..تُكتب وتطرز وتختم..لاشيء يغنيني عن فرحة حبيب قريب يكنُ لي حباً واحتراماً وجميلاً يُعليني ويبعث في روحي الأمل والأمان...
سيدي..كل ما أطلبه من الحياة هو تلك البسمة التي تُكتب في أعينهم تُحسسني بفائدة وجودي.ذلك الإحساس بأن أحداً ما سيخسر إن أنا خسرت..أحدا ما سيبكي إن أنا تعذبت..أحدا ما سيتألم إن أنا غبت..وماذا غير الحب في الحياة يُحيي ويُميت؟!
كل الحروف تتعثر بنقطة تعجب واستفهام إن كان الحب معناها، كل القلوب تتحطم..والأرواح تتعذب..والأجساد تنحل ولاشيء غير الحب يكون سببا جميلا أكثر منه أليما...
سيدي...هل مازلت تقرأ..أم غلبك النعاس؟ أم احتارت أفكارك بين الاستيعاب والعدم..أم ارتخت شفاهك من الحيرة والذهول؟ أم ماذا..أجبني؟
سيدي..كنتُ أرتب وأختار أحلامي فصارت أيامي تختار أحلامي...ما أصعب الأمل الطويل..والطموح الكبير أتعبني..وخسارة ما أتمناه يُتعبني..ما عُدتُ أقدر على توقع المستحيل فالساعات تدور للوراء وأنا أقف مكاني..ما رأيك في حلم حققته و تخليت عنه عندما وصلته؟!
ما أصعب أن تجد أخيرا ما سعيت من أجله دائما كومة من السراب..
ما أصعب أن تتمنى العودة للوراء لتغير حلمك وتبدأ من جديد...
ما أصعب أن تتمنى الصعود مسرعا كي لا تتعثر بالانتظار...
ما أصعب أن تسعى للوصول للأعلى..دون القيام بأية خطوة...
ما أصعب أن تحيا بأمل أكبر من لفظه وتتوقع تحقيقه من السماء...
إيه يا سيدي..ماذا أقول وماذا أُلغي؟...فلازلت أنا مع القلم أشتكيه ويشتكيني...
ومادامت الكلمات موجودة فحنيني للكتابة سيدوم..وسأقول لك مسك الختام السلام...
ماهذا الجمال؟؟
وماهذا النور الذي يحيط
بصفحتك..؟
وما هذا التألق الذي
ينساب منها..
حقا..
أنتِ مبدعه..
كم أسعدني موضوعك..
وكم سأسعد إن تواصلتي معنا
بكل جديد..
مع أطيب المنى..
أسيرة البحر..