- ظلم الأزواج للزوجات حقيقة أم خيال ؟
- ( التوبة : 71 ) .
ظلم الأزواج للزوجات حقيقة أم خيال ؟
قلّ أن تخلو المجتمعات من بعض الظواهر الاجتماعية السيئة حتى في الأزمنة الطاهرة أزمنة النبوات ، ومن هذه الظواهر السيئة على سبيل المثال المشاكل الأسرية والخلافات الزوجية ؛ حيث وقوع الظلم من الزوج للزوجة أو العكس ، أو وقوع الظلم على الأولاد من الزوجين أو العكس ، أو وقوع الظلم بين الأولاد أنفسهم وهكذا .
ولكن من خلال متابعتي للصحافة منذ مدّة رأيت تركيزاً على قضية ظلم الأزواج للزوجات سواء من قبل الكتاب أو الكاتبات أو رسّامي الكاريكاتير ، حتى خيّل لبعض القراء أنه لا يمكن أن يوجد بيت في بلدان المسلمين يعيش الحياة الزوجية المستقرة المطمئنة ، فأحببت أن أبدي وجهة نظري حيال هذا الموضوع فأقول :
1 - إن من الثوابت التي ينبغي أن يفهمها ويحرص عليها المسلم المحب لمجتمعه وأمته المسلمة هو مفهوم ( الأمن الاجتماعي ) ومن متطلباته الاجتماع والوئام ووحدة الكلمة ، ومن متطلبات ذلك الكف عن إثارة الصراعات والنزاعات لتقوم الحياة على المودة والرحمة
( الروم : 21 ) ، وعلى التكامل والتداخل والتشاور والتناصح ، وعلى الموالاة الإيمانية والتعاون على مكارم الأعمال
( التوبة : 71 ) .
2 - إن ظلم بعض الأزواج للزوجات ووجود الصراع فيما بينهم أمر وارد بل هو موجود ؛ لكن بنظرة العقلاء المنصفين المتجردين من الهوى : هل هو يشكل ظاهرة في مجتمعاتنا الإسلامية تستحق هذا الزخم من الطروحات ؟ أظن أن جواب المنصف المتجرد : ( لا ) بملء فيه .
3 - إن عرض صور المجتمعات الغربية فيما يحدث بين الأزواج والزوجات هناك من الصراعات كأنموذج لمجتمعنا المسلم المحافظ أمر مرفوض من قبل العقلاء الصالحين ؛ لأن المجتمع هناك غالبه مبني على الخيانة والضياع والشقاق ، وما حادثة رئيس أكبر دولة في العالم منا ببعيدة .
وإليك بعض الإحصائيات مما تعانيه المرأة هناك ؛ فمثلاً في بريطانيا تستقبل شرطة لندن وحدها مائة ألف مكالمة سنوياً من نساء يضربهن أزواجهن ، على مدار السنين الخمس عشرة الماضية ، وأن 79 % من الأمريكيين يضربون زوجاتهم ، و 83% دخلن المستشفى سابقاً مرة واحدة على الأقل للعلاج من أثر الضرب ، وإن مائة ألف ألمانية يضربهن الرجال سنوياً ، ومليوني فرنسية يضربهن الرجال سنوياً
.
كل هذا في أرقى المجتمعات كما يُزعَم ؛ فما بالك في المجتمعات الغربية الضعيفة والجاهلة ؟ بعد هذا؛ هل يعقل أن تقاس مجتمعاتنا المسلمة الواعية بتلك المجتمعات التائهة الضائعة ؟
4 - إن تكرار مثل هذه المعاني عبر الصور الكاريكاتيرية والكتابات والتحقيقات يحكي التعميم على كل طبقات المجتمع ، والتعميم في الأحكام دون علم وتدقيق أمرٌ نهى عنه شرعنا الحكيم ؛ فما بالك في التعميم في أمر يخل بأمن البيوت ومن ثم أمن المجتمعات الإسلامية كلها ؟
5 - إن الخلافات الزوجية سنّة إلهية قديمة قدم البشرية يمتحن فيها الزوجان ، وقد نزلت آيات عديدة من أجلها ، بل سميت سور بها كسورة الطلاق مثلاً .
فهل تضيق المجتمعات الإسلامية ذرعاً بكل مؤسساتها وأفرادها ببعض هذه الخلافات الطبيعية التي لها حل في شرعنا الكامل الشامل الموافق للفطرة حتى تعلن هزيمتها أمام الملأ ؟
6 - إن الذين ينظرون هذه القضية « ظلم الأزواج للزوجات ووجود المشكلات والنزاعات » ، سواء من الكتّاب أو الكاتبات أو رسّامي الكاريكاتير لا يخرجون عن أحد صنفين :
أ - إما عن حسن نية وقصد للإصلاح وتنبيه بعض الأزواج لفداحة ما يقعون به ؛ فهم مأجورون إن شاء الله .
ب - أما الصنف الثاني فهم الذين يتخذون افتعال الخصومة والنزاع فيما بين النساء والرجال مطية ووسيلة إلى هدف آخر ممقوت وهو مناداة المرأة لإعلان التمرد على الأزواج ، ونفي القوامة الشرعية ! فهذه دعاية تصادم الشرع من أدعياء تحرير المرأة .
7 - أقول لكل مسلم رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً : قد كفيت همّ حقوق المرأة ؛ فشرعك قد تكفَّل للمرأة بكامل حقوقها ؛ فما عليك سوى الاطلاع على شرعك والنهل من معينه الصافي العذب ، فستجد فيه الدواء الشافي والجواب الكافي وإليك مثالاً واحداً يبين قدر تحميل الإسلام الرجل مسؤولية المرأة : قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه : « اللهم إني أحرّج حق الضعيفين : اليتيم والمرأة »
.
ولو أن المجال يتسع لذكرت من الآيات والأحاديث الشيء الكثير .
وحسبي أن الجميع يعرف مثل هذه الأمور في مجتمعاتنا الإسلامية والحمد لله .
منقول من التنمية البشرية