- 7 آلاف امرأة للملك "متيسا"
على الرغم من أن تعدد الزوجات نظام مألوف لنا نحن العرب..حيث أصبح مثار نقاش في الآونة الأخيرة وانقسم الناس بشأنه بين اتجاهات ثلاثة : الاول يرى فيه نظاما فاسدا يهدر كرامة المرأة، ويفكك روابط الأسرة، ويلحق الأذى بالمجتمع، ومن ثم يجب إلغاؤه تماماً، وفريق يراه نظاما له من الأسباب ما يبرر الإبقاء عليه، وثالث يرى أن تعدد الزوجات حتى في صورته الراهنة ليس فيه ما يعيبه.
والشعوب الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى بدورها تمارس تعدد الزوجات لكن من خلال قواعدها الخاصة.
7 آلاف امرأة للملك "متيسا"
هل ترحب المرأة الإفريقية بأن يتخذ زوجها امرأة أخرى، وهل تحبذ أن تكون زوجة ثانية لرجل له زوجة أو أكثر، أم هل تقف من ذلك موقف نفور ومعارضة ؟
في الحقيقة ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال إجابة بسيطة، ذلك أن المعلومات عن موقف النساء بالنسبة لتعدد الزوجات تتعارض فيما بينها، فبعض الشعوب الإفريقية تدل على أن بعض النساء لا تمانع في اتخاذ زوجها امرأة أخرى، أو في أن تتزوج رجلاً له زوجة أو زوجات، بل يسرها أن يفعل زوجها ذلك.
فلدى “الكرو” في خليج غينيا تفضل المرأة كثيرا أن تكون إحدى الزوجات الاثنتي عشرة لرجل محترم على أن تكون الزوجة الوحيدة لرجل ليس لديه من قوة الشخصية أو المكانة، وتفضل كثيراً القدر الكبير من الحرية الذي تتمتع به بوصفها إحدى الزوجات الاثنتي عشرة على الرقابة المباشرة التي سوف تخضع لها بوصفها الزوجة الوحيدة في البيت.
وفي قبائل “الوريجا” ليس أفضل عند النساء من أن يكون عددهن بالغ الكثرة، فذلك دليل الثراء، ومن شأنه أن يقلل من أعمالهن.
أما عند “الموسى” فإن الزوجة الأولى ترغب رغبة عميقة في أن يتخذ زوجها أكبر عدد ممكن من الزوجات، لأن ذلك يزيد من سلطتها.
على الع**** من ذلك تدل المعلومات المتوافرة عن عدد من الشعوب الإفريقية الأخرى أن النساء ينفرن من تعدد الزوجات، وتنظر إليه نظرة تنطوي على كراهية، فلدى “البامبوتي” وهم إحدى قبائل الأقزام في الكونجو لا تنظر النساء إلى تعدد الزوجات بعين الارتياح، بالنسبة لامبا (في روديسيا الشمالية) لا ترغب الزوجة مطلقاً في اتخاذ زوجها زوجة ثانية، كما تثير الزوجة الأولى كثيرا من المتاعب قبل أن يتمكن الرجل من إحضار أخرى.
أما عند قبائل “التونجا” فإن كثيرا من النساء يبدين كراهية عميقة لتعدد الزوجات قائلات: إن الزوجات اللاتي يتقاسمن رجلاً واحداً تكون بينهن دائماً غيرة ومشاجرات، وتتردد عبارة “أنه تعدد الزوجات” على أفواههن دائما بمناسبة الحوادث غير السارة. ويروى أن امرأة عجوزا أتت في إحدى المناسبات وهي ترتدي جلد ماعز طالبة من احدى السيدات الانجليزيات أعطاءها بعض الثياب ولما سألتها لماذا لا يقوم زوجها ب****وتها، أجابت نيابة عنها النساء الأخريات قائلات: “إنه تعدد الزوجات” وتزوج زوجها امرأة ثانية ولم يعد يعنى بها.
وروت هذه السيدة أيضا أنه في إحدى الليالي عند ما جيء بعروس شابة لرجل له زوجة من قبل أصغت جماعة من النساء إلى صوت قدومها وأخذتهن الرأفة بالزوجة الأولى قائلات: “إن هذه الليلة الأليمة لها، سوف تذرف الدموع، بينما يرقد زوجها مع زوجته الجديدة، إنه تعدد الزوجات”.
ويروىعن أحد رجال “الومبا” الكيفية التي يتم بها عرض الزواج على فتاة، فيقول ان الراغب في الزواج يذهب لزيارة الفتاة التي يريد الزواج منها ويعرض عليها اقتراحه قائلا : “أريدك أن تكوني زوجة لي”.. وتجيب الفتاة: “نعم، سيدي، أوافق طالما أنك تحبني حقيقة”.. ويجيب الرجل “نعم، سيدتي، في صدق دون كذب، أحبك”.. وعندئذ توافق الفتاة قائلة “أوافق إذن ما دمت تحبني، لكن تذكر أنني لا أريد أن أكون زوجة في بيت متعدد الزوجات، لأن تعدد الزوجات لا خير فيه للمرأة”.. ويجيب الرجل “لا، لن أتزوج بأخرى مطلقا، أريد الزواج منك أنت فحسب”.. وتوافق الفتاة قائلة “حسنا.. لنتزوج”.
وعلى ذلك يبدو لنا أن موقف النساء من تعدد الزوجات ليس واحدا لدى جميع الشعوب الإفريقية.. فلدى بعض هذه الشعوب لا تمانع المرأة فيه، بل قد ترحب به وتسعى اليه، بينما لدى البعض الآخر تخافه المرأة وتخشاه، ومع ذلك يجب ان نلاحظ أنه تجب التفرقة بين موقف المرأة من رغبة زوجها اتخاذ زوجة ثانية، وبين موقف المرأة إزاء الزواج من رجل له زوجة أو زوجات..
فبالنسبة للمرأة التي يرغب زوجها في اتخاذ زوجة ثانية، هناك من الظروف ما قد يخفف من اعتراضها على رغبة زوجها، مثلا أن تكون عاقرا، أو أن تكون الزوجة الأولى، وبالتالي سوف تتمتع بمركز ممتاز بالنسبة لبقية الزوجات، ولن يضيرها كثيرا أن يتخذ زوجها زوجة أخرى أو أكثر.. بل يؤدي إلى تمييزها عن بقية الزوجات، هو الظرف الذي يبرز مكانتها السامية بالنسبة لهن. وإذا لم تكن هي الزوجة الأولى فلن يضيرها كثيرا أن يزيد عددهن واحدة أو اثنتين، بل ان لتعدد الزوجات أحيانا مزايا من وجهة نظر الزوجة بحيث لا تجد مانعا من أن يتخذ زوجها زوجة أخرى أو زوجات، وقد ترحب بتصرفه هذا بل قد تدفعه هي إليه..
ومن المزايا التي تجدها المرأة في تعدد الزوجات أنه يؤدي إلى توزيع العمل على عدد أكبر ويؤدي ذلك إلى الإقلال من نصيب كل منهن فيه.. ومن ثم تجد كل امرأة من الوقت ما تنفقه على شؤونها الخاصة.. ويسود بين الزوجات عادة نوع من التعاون، فتساعد كل منهن الأخرى في القيام بأعمالها المنزلية والأعمال الخاصة بالزراعة.. ومن شأن ذلك أن يسهل العمل أولا، وأن يجد نوعا من التأمين، ثانيا، بحيث إذا مرضت إحدى الزوجات أو أصابها عارض حال دونها والقيام بواجباتها حلت الأخرى محلها حتى تبرأ المريضة أو يزول العارض..
وتفضل المرأة أن يتخذ زوجها زوجة ثانية على أن ينغمس في علاقات مع نساء غير متزوجات.. تكون عادة باهظة التكاليف، ومن ثم تستنزف جزءا كبيرا من دخل الأسرة تحرم منه الزوجة وأولادها، دون أن تقابله مساهمة من جانب هؤلاء النسوة في زيادة دخل الأسرة، بخلاف الحال بالنسبة للزوجة.. فالزوجة لا تستتبع كل هذه النفقات فضلاً عن أنها تسهم في تنمية ثروة الأسرة، وترى المرأة في انغماس زوجها في علاقات خارج الزواج وجها آخر من الضرر.. حيث يسود الاعتقاد لدى بعض الشعوب ( السوكوما مثلاً) بأن عدم وفاء الزوج يعرض حياة الطفل للخطر..
وفي جهات كثيرة من إفريقيا يعيش الناس في بيوت يبعد بعضها عن البعض الآخر، وتجد الزوجة نفسها وحيدة محرومة من جيران على مقربة منها وعندما يتخذ زوجها زوجة ثانية فإنه يوفر لها زميلة تخفف عنها الوحدة.
أما بالنسبة للفتيات ومدى استعدادهن للزواج من رجل متعدد الزوجات، فإن هناك اعتبارات معينة تحبب إلى الفتاة الزواج من مثل هذا الرجل، أو على الأقل تخفف من نفورها منه، من هذه الاعتبارات أن التعدد ينظر إليه بوصفه معيارا لثروة الرجل ونفوذه، ولذلك فقد تفضل الفتاة الزواج من مثل هذا الرجل على أن تكون الزوجة الوحيدة لرجل فقير مغمور، وتفضل الفتاة الزواج من رجل متعدد الزوجات إذا كانت حياته معهن تتسم بالاستقرار، ولا تفوح منها رائحة المتاعب والمضايقات، وبالتالي تفضل الارتباط بمثل هذا الرجل الذي دلت التجربة على صلاحيته كزوج على الدخول مع رجل غير متزوج في تجربة لا تعرف نتيجتها، وتنطوي بالنسبة لها على مفاجآت لا تسر، فضلا أن الفتاة تتوقع بزواجها من مثل هذا الرجل التمتع بحرية كبيرة نسبيا.. فهذه اعتبارات من شأنها أن تؤثر في توجيه رغبة الفتاة، وذلك طبعا في الحدود التي يسمح فيها لإرادتها بأن تكون حاسمة في أمر الزواج.
القواعد التي تحكم العلاقة: نتكلم أولا عن عدد الزوجات، ثم عن مدى حق الزوجة في الاعتراض على رغبة زوجها اتخاذ زوجة ثانية، وأخيرا عن علاقة الزوج بزوجاته وعلاقتهن فيما بينهن..
فيما يتعلق بعدد الزوجات فلا بوجد شعبا من الشعوب الإفريقية في ظل ظروفها الأصلية يضع حدا أقصى لعدد الزوجات اللاتي يجوز للرجل الجمع بينهن.. فللرجل، من الناحية النظرية على الأقل، أن يتزوج بأي عدد شاء من النساء، ومن الناحية العملية هناك من الشواهد ما يدل على أن بعض الإفريقيين قد استطاع أن يحصل على عدد كبير منهن.. إلا أن هذا الوضع لا يتحقق عادة إلا بالنسبة للملوك والأمراء والرؤساء..
يقول أمين باشا: بالنسبة “للأونيورو” انه من العار الشديد حتى بالنسبة للرئيس الصغير أن يكون لديه أقل من عشر إلى خمس عشرة زوجة، أما الفقراء فلديهم دائما ثلاثة أو أربعة.. ويقول آخر ان الرجال الأثرياء لدى الناندي يحوز الواحد منهم عددا من النساء يصل إلى أربعين.. في حين اتخذ أحد رؤساء الباروتسي أكثر من سبعين امرأة. بالنسبة للمتابيلي يعتبر تعدد الزوجات هو القاعدة و متوسط عدد النساء اللاتي يحوزهن رجل واحد يتراوح بين اثنتين وعدة مئات.. ويقال ان العرف لدى الأشانتي كان يحدد زوجات الملك ب3333 بحيث لا يجوز له أن يجمع في حوزته أكثر من هذا العدد من النساء، وإن كان من الجائز أن يكون لديه أقل منه، كذلك يقال إن الملك “متيسا” أحد ملوك الباجندا المشهورين، كان لديه أكثر من سبعة آلاف امرأة.
وعلى الرغم من أنه لا توجد لدى الشعوب الافريقية قواعد تنص على حد اقصى للزواج من النساء، ولكن الرجل لا يستطيع التوصل إلى اتخاذ زوجات متعددات والإبقاء عليهن إلا إذا كان قادرا على أن يوفر لهن وسائل العيش التي يلزم العرف كل زوج بتوفيرها لزوجته، وعلى ذلك فالقدرة على الانفاق شرط اتخاذ زوجات ، أو على الأقل شرط لاستمرار بقائهن معه..
وربما يحول شعور الغيرة لدى النساء دونهن والموافقة على أن يكن زوجات اضافيات في بيت متعدد الزوجات، حيث ترفض المرأة الزواج من رجل له زوجة أو زوجات خوفا من أن تصبح حياتها معهن سلسلة من التعاسة والشقاء، وتحول خشية الرجل عواقب الغيرة بين الزوجات المتعددات دونه والتفكير في اتخاذ زوجة ثانية أو ثالثة، اذ تصبح حياته معهن متاعب مستمرة ومضايقات لا تنتهي بسبب المشاحنات التي تنشب بين زوجاته المختلفات أو بينه وبينهن نتيجة محاباته لإحداهن.
وحول مدى حق الزوجة في الاعتراض على التعدد فإن القاعدة العامة لدى الشعوب الإفريقية في هذا الخصوص هي أن اتخاذ زوجة أو زوجات أخريات يعتبر حقا للرجل لا دخل للمرأة فيه، فتعدد الزوجات لا يتوقف على إرادة الزوجة الأولى، إلا أن عددا من الشعوب الإفريقية يعترف للزوجة الأولى بحق معين بالنسبة لرغبة الزوج في اتخاذ زوجة ثانية.. وتتفاوت هذه الشعوب فيما بينها من حيث مدى هذا الحق.
فهناك شعوب تتطلب موافقة الزوجة حتى يتمكن الزوج من اتخاذ زوجة أخرى، مثل “الايفية” (إحدى قبائل أقزام الكونجو) حيث يخضع زواج الرجل من امرأة ثانية بعد موافقة زوجته الأولى. ويجب عند “الأشانتي” على الزوج الحصول على موافقة زوجته الأولى إذا رغب في اتخاذ زوجة ثانية.
منقول
موضوع رائع
ومعلومات جدا غريبة اول مرة اسمع فيها