- رسالة اعتراف بحب، أو رسالة وداع إلى الأبد:
- من محمد إلى لينا العزيزة والغالية:
قصة من قصص الحياة:
رسالة اعتراف بحب، أو رسالة وداع إلى الأبد:
من محمد إلى لينا العزيزة والغالية:
اسمحي لي أن أخاطبك بهذا الكلام ولكن مشاعري غلبتني و أردت أن أبوح لك بما لم أستطع أن أقوله لك في وجهك نظرا لمعزتك عندي فأنت أعز الناس لدي أكن لك احتراما وتقديرا، لا أرجو من هذا الكلام شيئا سوى أن أرتاح فقط، لأنني هذه الأيام عشت أياما عصيبة لم أستطع أن أبعدك عن مخيلتي مما زاد من عذابي، فأنت في بالي منذ رأيتك لأول وهلة في حياتي ولكن كان يكفيني فقط أن أراك كي أرتاح، كنت أفرح كثيرا لما أراك لا يهمني أن أكلمك فقط أراك تسيرين أمامي مما يجعلني سعيدا ومسرورا غاية السرور، إن عذابي هذا أحيا لي قصة عشتها أيام شبابي لم أنساها ولكن ذكراها اشتدت علي هذه الأيام، سآتي إليها في رسالتي هذه إليك يا عزيزتي لينا.
أبدأ أولا أقول لك بأنك كنت أول محبوبة عرفها قلبي ولن يعرف غيرها مهما حدث في حياتي ولو تزوجت غيرك إن تزوجت، بدأت قصتي هذه عندما رأيتك لأول وهلة في أحد الأيام عند أحد أقاربي جئت في زيارة عندهم مع أمك، كنت ما تزالين تدرسين في الإعدادية وأنا أتابع دراستي في الثانوية، كانت الوهلة الأولى إعجاب بك وبأخلاقك يا لينا الحبيبة، مع الأيام تطور إلى حب حقيقي أحسست به جوارحي حيث أطير فرحا كلما أراك، وكلما سمعت عنك بأنك مريضة أمرض أيضا معك لا أرتاح حتى أعلم بشفائك لكي تعلمي أن جوارحي كلها كانت معك وأدعو لك بالشفاء، كل هذا دون أن أستطيع أن أعبر لك عن مشاعري الجياشة التي كانت اتجاهك، لأن طبعي لا يحتمل أن يرى نفسه ينهزم أمام مشاعره، هذا الذي ضيع علي فرصة أن أصل إلى قلبك أؤدي ثمنه الآن غاليا يا نور قلبي ويا ضياء أحاسيسي.
مرت الأيام على هذه الحال وانتقلت إلى الدراسة بالجامعة لم يتغير شيء في حياتي إلى أن جاءت السنة الثانية من دراستي الجامعية، هذه الواقعة أو التغير في مسيرة عمري كانت نهايته مؤلمة، ولتعلمي حبيبتي لينا هذه القصة التي عشتها أيام دراستي بفاس أحكيها لأول مرة لكِ وأنتِ أول وآخر من يعلم بها، ولا يعلمها أحد من عائلتي إلا شخصا واحدا اسمه الصادق كنا أكثر من عائلة كنا أصدقاء وندرس معا في الجامعة، كان معي في تلك الفترة يعرف بمجرياتها، كانت بداية الواقعة عندما كنا في أحد الأيام وقد نجحت في السنة الثانية من الدراسة الجامعية، في مقهى بفاس حيث جاءت ثلاث أخوات حبيبتي منى، سعاد ونوال جلسوا أمامنا كنا فوق في السدة العالية لوحدنا تجاذبنا أطراف الحديث -أنت تعرفين فترة الشباب- ومع مغادرتنا ضربنا موعدا للقاء آخر تلته لقاءات عدة، كانوا في فاس فقط لزيارة، هم من عائلة من الريف، لم يكن لها أب فقط أخ واحد اسمه مثل اسمي، ولها إخوة بنات كثر عرفت فقط اثنتين كانتا تأتيان معها للمقهى، كانت أجمل بنت رأيتها في فاس لا أفضلها عليك ولكنها الحقيقة، التقينا مرات عديدة في ذلك المقهى كانت تسميه بمقهى السعادة، كانت تبدي حبها لي وتصارحني به كل مرة نلتقي، في المقابل شدني إليها جمالها ومالها، لأني رأيت فيها الخلاص من حياة المتاعب والبحث عن العمل والمستقبل المجهول.
في أحد الأيام قال لي الصادق لما لا تطلبها للزواج فهي مغرمة بك وهذه فرصة لا تضيع فالفرص لا تأتي إلا مرة واحدة من العمر، ليتني أجد من يغرم بي مثل صديقتك بهذا الجاه والمال، قلت في نفسي لم لا، ماذا سأخسر لو رفضت سنبقى أصدقاء، كانت النتيجة أن وافقت بمجرد أن طلبتها للزواج قالت لي عزيزتي منى: صارحتك كثيرا بحبي لك وكنت أنتظر بفارغ الصبر أن تنتهي علاقتنا بالزواج وأنا رغم أني فتاة متحررة عشت بإسبانيا إلا أني أستحي أن أقول لك بأن تتزوجني فعادات بلادي المغرب مغروسة في جذوري ومما أعجبني فيك الإخلاص والصراحة التي لم أجدها في كثير من الشباب، في الحقيقة أردتها للزواج طمعا فيها لأنها كانت ذا مال وجمال ملفت للنظر، أما هي فكانت مغرمة بي حبا جنونيا لا اقدر أن أصفه لك حتى أنها كانت تحمر وتغضب من أختها لما تضحك معي ضحكا بريئا عندما نكون معا، وكانت تقول لي منى لا تبتسم ولا تضحك إلا في وجهي لأني أغار كثيرا حتى من حركاتك لغيري، ولكني لم أكن لأخدعها كنت أقول لها أني سأتزوجك فقط طمعا فيك أهبك فقط الإخلاص في العلاقة فأما الحب لعله يأتي بعد الزواج، المهم خطبتها من أمها خديجة، هذه الخطبة كانت مثل حلم عابر، قال لي إذا أردت أن تتزوجني فلتأت معي إلى المنزل الآن وإلا لن تراني بعد الآن، لم أستطع الرفض، انطلقنا معا كانت معنا أختها سعاد وقريبي الصادق وفي الطريق اشترت لي الحلوى وباقة من الورود على أن أقدمها لأمها، عزيزتي لينا لا أقدر أن أصف لك مدى فرحة منى في هذه اللحظات من العمر، تمنت لو تطير لتعبر لي عن سعادتها.
الحقيقة كنت خائفا من الإهانة بالدرجة الأولى لأني لم أكن أعرف ما سأقول وكيف ومن أين سأبدأ الكلام، كانت تجربة أولى في حياتي لم تكن في الحسبان قلت ما قلت ولم يخطر في بالي أن أقع في هذه الورطة، أول مرة أجدني مع أخيها محمد قدمته لي واستقبلني استقبالا عاديا، وقدمت لي أمها خديجة، كنت أرى نفسي أمامهم كالطفل الصغير مقارنة مع مستواي المادي وفي المكان الذي كنت فيه، لا يوصف بالزخرفة والأثاث الفاخر مظهر من مظاهر الثراء لا أخفيك سرا لينا هذه كانت أول مرة أدخل فيها إلى مكان من هذا المستوى، جلسنا في صالة فاخرة وواسعة وقدمت إلينا الخادمة الشاي والحلوى، لم استطع الكلام عما جئت إليه كنت فقط أقول في نفسي اللهم سلم سلم، منى هي التي بادرت إلى مخاطبة أمها بقولها لقد جاء محمد إلى غرض يريد أن يقوله لك، سألتني أمها ماذا تريد يا ولدي تكلم، كلام أمها أعطاني أملا في أن أصل إلى مبتغاي ومناي، أردفت قائلا بصوت خافت بأني جئت طالبا يد ابنتها منى وإنك لا تجهلين حالي فابنتك منى كانت تحكي لك عني، هنا أقول لك حبيبتي لينا رأيت في عائلتها جوا مخالفا لما عشته في بيئتي المحافظة والمتشددة، في جميع الأمور كانوا يحاصرونني دائما بالأصول والتقاليد على عكس ما عشته في تلك اللحظات عند هذه العائلة أحسست كأني في مجتمع غربي يتعاملون معي بكل بساطة كانوا متحررين من كل القيود التي نألفها في مجتمعنا العربي، أجابتني أم حبيبتي منى بأنها تعلم كل شيء عن علاقتنا وكذلك أخوها محمد، وأنها تريد سعادة ابنتها ولما وجدت ابنتي قد استقر رأيها عليك يا محمد ورأت فيك الزوج المثالي والشخص الذي تثق به لن أعارض إرادتكما وأنها تحمل ابنتها مسألة اختيارها إن فشلت علاقتنا، أما أخوها فقال لي المهم عندي هو سعادة أختي أما مسائل الزواج من مهر وغير ذلك فهي تخصكم اتفقوا عليها بإرادتكم وما علينا إلا أن نبارك زواجكما.
لا تدرين يا عزيزتي لينا كم كنت سعيدا عندما سمعت هذا الرد، في هذه اللحظات انفتحت علي باب الأمل بمستقبل زاهر والفرج على يد فتاة قذفني القدر في طريقها لتكون لي زوجة وباب لتحقيق السعادة التي يبحث عنها كل شاب في مثل وضعي. أما بالنسبة للمهر فقد كانت قاسية معي حيث طلبت مني مهرا غاليا بالنسبة لي قيمته عشرة آلاف درهم، قالت لي طلبته منك لكي أعرف مدى معزتي عندك، أريدك أن تضحي لكي تثبت لي حقيقة إخلاصك لي ومن أراد العسل لا بد أن يصبر عل لدغ النحل، أنت تعرفين فترة الدراسة لم يكن لي فقط إلا ما أصرفه على نفسي من مصروف العائلة.
ورغم ذلك قررت الاستسلام لطلبها لكي أثبت ذاتي كرجل ولم أرض بالهزيمة في أول مشوار حياتي، طرقت جميع الأبواب لطلب الدين من كل أفراد العائلة ميسوري الحال وكذلك معارفي بحجة أنني سأقوم بعمل تجاري مربح، غضبت كثيرا وقاسيت لما لم أجد من يمد لي يد المساعدة، لأني كنت أرى أنني سأضيع فرصة حياة لا تتحقق إلا في الأحلام أما في الحياة فصعب إدراكها إلا بشق الأنفس وللمحظوظين فقط، ألا ترين معي حبيبتي لينا كم قاسيت وعانيت وأنت تعيشين حياة هادئة مطمئنة، لم أجد من يعينني على أمري إلا أمي استطعت أن آخذ منها مبلغ المال دون أن أخبرها بالحقيقة – الحمد لله أني أعدته إليها المال فيما بعد عندما عملت في شركة من الشركات – وكانت قد قبضته من أرض باعتها ورثتها عن جدي، المهم أكملت لها المهر في السنة الأخيرة من الدراسة قدمته لها يدا ليد في المقهى الذي شهد أول علاقة صداقة بيننا، هذه المقهى قضينا فيها أجمل لحظات عمرنا، حلمنا فيها معا أجمل الأحلام، ولم يسعني خاطري أن أنتظر يوم الزفاف لكي أقدمه لها بل كان ذلك لشدة سروري ولإثبات ذاتي ورجولتي أمام معشوقتي، هذا اللقاء كان آخر لقاء لنا ليس في مدينة فاس بل في الوجود كله، ودعتها على أمل أن تسافر إلى ماربيا بإسبانيا مكان إقامة عائلتها وتشتري مستلزمات الزفاف لكي تأتي فيما بعد ونقيم الحفل في مدينتي بفندق من الفنادق، ونجتمع جميعا في لحظة من أجمل ما يريد الإنسان في عمره وهي لحظة الزواج واللقاء النهائي الذي ليس بينه حجاب، ولكن العبد يريد والله أراد ولا يكون إلا ما شاء الله وقدر.
كل هذا كان دون علم العائلة لأني كنت أحب أن أفاجأ العائلة في اللحظة الأخيرة وهي لحظة الزواج، ولكني كنت أنا من يفاجأ فبعد انتهاء فترة الدراسة وأخذي للإجازة، بالضبط في شهر غشت جاء عندي الصادق الذي من عائلتي وذهبت معه إلى منزله، صعدنا إلى سطح المنزل وأخبرني الخبر الذي لا أريده أن يسمعه أحد يا عزيزتي لينا عن كل حبيب له، فقد التقى بسعاد أخت صديقتي فأخبرته بالفاجعة والمصاب الجلل الذي حل بأسرتهم وهو وفاة أختها حبيبة قلبي وفؤادي منى رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته، لم أستطع أن أحضر جنازتها بل حضرها قريبي الصادق نيابة عني، لقد أوصت قبل وفاتها أن تدفن بفاس مدينة سعادتها، قد تقولين يا عزيزتي لينا ما أشد قسوتك ونكران جميلك حتى حبيبتك لم تذهب إلى جنازتها، لم أستطع أن أرى جسم حبيبتي يوارى في القبر ويغطى بالتراب أردت أن أبقي ذكراها معي حية كما كنت ألقاها، صدمت في حياتي هناك أحسست بلوعة الفراق ما أصعب أن تفارق شخصا عزيزا عليك عند الفراق تظهر قيمة الحبيب، فقط أرسلت مع قريبي رسالة إلى عائلتها أعزيهم في مصابهم الجلل وأن يسمحوا لي عدم الحضور لأني لا أقدر.
من ذاك الوقت انقطع اتصالي بهم إلى الآن، حيث علمت أنهم غادروا بصفة تامة ولم يعودوا إلى فاس وأنهم كانوا يأتون إليها بسبب المرحومة منى التي أحبت فاس بسبب محمد، مرت علي أيام قاسية جدا لم أذق فيها طعم الحياة فقدت حيويتي ونشاطي إلى أن رأيتك يوما وأنا ذاهب عند أقاربي فانفتحت على يديك أبواب الفرج حيث انشرح صدري وأحببت الحياة من جديد، ثقي بي لا أكذب عليك إنها الحقيقة، ومنذ ذلك الحين وأنا في نشاط وحب للحياة، إلا أنه أحسست هذه الأيام بضيق شديد يعاودني خلط لي الحب القديم أنتِ لأني عرفتك قبل أن أذهب إلى فاس، بالحب الجديد عشته بفاس، وعدت إلى الحب القديم، كما يقال إنما الحب للحبيب الأول، والله أنا آسف على كلامي ولكن مشاعري لا أستطيع أن أخفيها عنك، أقول لك هذا لأنني أحببت أن أقول سري الدفين الذي حملته مدة من الزمن إلى هذه الأيام، لم أجد أحدا إلا أنتِ أفضفض له بما يدور في صدري.
عزيزتي لينا رأيتك معقولة في أفكارك ومتزنة في تصرفاتك مما شجعني على أن أكتب لك هذه الكلمات، لا أريد شيئا منك، ارتحت إليك ورأيت أنك لن تقوم بذكر سري لغيرك، أردت أن أفرغ ما في صدري، فقط أريد أن أرتاح من الضيق الذي انتابني وسيطر على أحاسيسي، فصورتك لم تغادر مخيلتي كل هذه الأيام، أعتبر هذا الحب مستحيلا ولا أكذب على نفسي فقصة الزواج الذي انتهى كما تعلمين عقدني وبدأت أخاف من صدمة أخرى خصوصا مع فتاة ذات جاه ومال مثلك لا أحسدك على ما أنت عليه بل أدام الله عليك العز والصحة والمال، لا أستطيع أن أحقق لك مستوى الحياة الذي تعيشينه، فقط أعيش على ذكراك وأعتبرك أحسن ذكرى عشتها وأعيشها في حياتي، والحب بالنسبة لي إن عجزت عن تحقيقه فتمنى لحبيبك أحسن الأشياء، وعلى هذا أتمنى لكِ من كل أعماق قلبي زوجا يحبك ويسعدك في حياتك ويحقق لك كل ما تتمنين في حياتك. لقد ذهبت إليك في محل العمل لأنني اشتقت إلى رؤيتك ورغبة في أن أزيل همي برؤيتك لكن زيارتي لك لم تغير شيئا، وعلى هذا كتبت لك هذه الأسطر، أرجوك اعتبريها مجرد قصة من القصص تقرئينها، ولكن بالنسبة لي هي إفراغ لمكنونات قلبي أخفيتها طيلة مدة من الزمن وصلت إلى حد لم أستطع أن أصارع مشاعري اتجاهك فانهزمت أمام نفسي.
أرجوك لا تغضبي علي فإنني ما أزال أحترمك وأقدرك، لا أخفيك سرا ما أقدمت عليه إحدى البنات ممن عرفت، كتبت إلي جوابا تعترف لي بحبها لي قدمته لي عندما التقينا في مقهى ذهبنا إليه على أساس صداقة عادية، لم أقدر أن أصدمها لأنني وجدت أنها في أول تجربة حب، قلت لها بأنها ما زالت في ريعان شبابها فلتصبر حتى تمر السنوات وتختبر ما إذا ما زالت تحبني أو تغير رأيها ولم أعدها بشيء تنتظرني من أجله، لا أستطيع أن أصدم أي إنسان في مشاعره كيف ما كانت أحترمها ولا أستطيع أن ألبي شيئا لأي أحد أضر به نفسي.
حقيقة أحيي فيها الجرأة على التعبير عن مشاعرها للشخص الذي تحبه وأحترمها رغم أني لا أستطيع أن ألبي لها ما تريد، أما أنا أفتقد لهذه الجرأة في حياتي لأني لا أعطي أهمية لمشاعري حيث أفكر بعقلي في مجريات الأمور وهذا ما جعلني أصل إلى هذه النتيجة من الضيق، أتمنى بمجرد أن تقرئي هذه الرسالة أن يفرج الله كربي وشدتي على يدي أعز إنسانة دخلت قلبي ولم أكرهها في حياتي ولو للحظة من الزمن، وأتمنى لك كل سعادة في حياتك مع أسرتك الحالية وأسرتك في المستقبل.
هذه باختصار قصة حياتي – كتاب حياتي يا روح الروح ويا شفاء القلوب– قدمتها لك على طبق مملوء بالورد والحنان والحب، هذه هي حقيقتي الغير مرئية، المهم عندي في حياتي أن أعيش مرتاح البال، لا يضرني أحد ولا أبحث عن المشاكل، أهرب من كل باب فيه المشاكل، حتى يفرج الله عني بشيء أجهله في حياتي، سلمت أمري إلى خالقي الذي يتصرف في ملكه كيف يشاء، لا أعلم الحكمة فيما وقع ولا أعلم مصلحتي فيما يأتي، هو العالم بخفايا الأمور ومجرياتها، إذا طلب الإنسان شيئا في هذه الحياة فليطلب الصحة والسلامة لأنها هي أساس كل شيء في هذه الحياة.
في الأخير أكرر لك عزيزتي لينا بأني ما كتبت لك هذه الرسالة إلا لاشتداد أمري لعل هذه تكون نهايتي فقد جاء دوري للرحيل النهائي إلى معشوقة قلبي التي ودعتني وتترك لي حياتي كلها مليئة بالحزن كلما تذكرت اسمها، أتمنى أن أكون مخطئا، في الأول كنت أنا المحبوب فقدت المُحِبّ، أما أنا الآن فأنا المُحِبّ لك يعني رحيل المُحِبّ الذي هو أنا مثل ما رحلت الأولى.
عزيزتي لينا آسف على كل ما قلته لك وأدخلت نفسي في حياتك الخاصة، ولكن لو نظرت إلى ما وصلت إليه لكي أكتب لك ما يدور في صدري لوجدت العذر لي، فكما أنني أتقبل أن يبوح إلي أي أحد بسره كي يفرغ مكنونات صدره ويرتاح من همه، لم أجد غيرك لأقول لك ما أقول وأضع نفسي في قبضة يدك فإذا أردت أن تفضحي سري أمام عائلتي سيكون قاسيا علي، ولكني ما كتبت هذه الأسطر لك حتى كنت متيقنا بأنك لن تفضحي سري نظرا لرجاحة عقلك ولكونك فتاة متزنة وذات أخلاق وآداب أقول لك هذا من كل قلبي بصراحة ولم يتغير رأيي فيك منذ أن رأيتك لأول وهلة في حياتي، من يكون زوجا لك سيكون لا محالة أسعد الناس.
لينا يا لينا يا لينا فتحت صدري لك كي أرتاح من همي وأعود إلى حياتي العادية بقلب مملوء بالفرح وحب الحياة، لأنني أظن لو بقيت على هذه الحال مدة أطول فسيكون مصيري أن العالم الآخر يناديني وأن من سبقتني إلى الدار الأخرى تجذبني إليها وأن حياتي قد انتهت لم يبق لي إلا أيام أو شهور في هذه الدنيا.
اعلمي أن الإنسان مهما كان قويا في حياته يأتي يوم فيه يضعف، هذا ما وصلت إليه الآن كنت أضحك من الفتاة التي تقول لي أنها تحب وأقول لها مجرد أوهام إلا أن وقعت فيه، ولا أتمنى لك ولأي أحد أن يقع في ما وصلت إليه، فكل إنسان في هذه الحياة يحمل هما فهذه الدنيا دار تعب، لا نتغلب عليها إلا إذا فتحنا قلوبنا لبعضنا البعض.
إلى هنا انتهت رسالة عذابي إليك يا لينا ربما تكون أول وآخر رسالة تخطها يدي إليك، والسلام
منقول