ام عبده 276
17-12-2022 - 10:25 am
بسم الله الرحمن الرحيم
قصور السماء
اليوم هو عطلتها الأسبوعية , يوم الجمعة , و كعادتها تحاول فيه أن تتخلص من أثار تعب الاسبوع .
وخصوصا هذا الاسبوع فكم كان شاق و متعب و مزدحم بالمهام الوظيفية و المنزلية .
فهي صباحا مع شروق شمس النهار الجديد تفيق و سريعا تعد الافطار لأولادها ثم تصحبهم الى المدرسة و من ثم تتجه الى مقر عملها .
لتجد في انتظارها العديد و العديد من المهام التي لا تنتهي
تتقن بعضها و تتغاضى عن الأخر تبعا لحالتها المعنوية و طاقتها
يتخلل اليوم الوظيفي بعض الحوارات المشتركة مع صديقات العمل التي بطبيعة الحال لا تخلو من الكذب بدافع التجمل , او الغيبة و النميمة بدافع التسلية و المزح
ينتهي الدوام الوظيفي لتبدأ معه رحلة العودة الى المنزل مرورا بالسوق لقضاء بعض طلبات المنزل
و هناك لا يخلو الأمر من بعض المناوشات كرد على تجاوزات الباعة, لتتجه الى مدرسة الأولاد لأصتحابهم للمنزل و هناك تكون مطالبة بشيء من النفاق و التملق لانجاح العلاقة مع مدرسين
تعود منزلها بعد ان تكون استهلكت معظم طاقتها و مازال امامها الكثير و الكثير من المهام و الواجبات المنزلية .
تقدم لاسرتها و جبة الغذاء المعدة مسبقا من ليلة سابقة ليقابلها نقد و سخرية من زوجها و صغارها معلنين رغبتهم في تناول وجبة ظازجة ذات يوم , فتتحمل النقد مرة باسمة و مرة صامتة متجاهلة و أخرى صارخة فيهم تذكرهم بمدى تعبها
بعد الغذاء تبدأ رحلة متابعة الصغار في الواجبات المدرسية يتخللها القيام بمهام التنظيف الدورية و اعداد غذاء اليوم التالي .
مع دقة الساعة العاشرة تكون رفعت و جبة العشاء و هي مستنزفة تماما .
لتتجه مغمضة العينين الى سريرها متمنية ان تحتضن وسادتها و يحتضنها لحافها .
لتجد زوجها في انتظارها يأمل منها بعض من الرومانسية التي أصبحت هي أرض جدباء يابسة منها فتستجيب صاغرة مضطرة حينا و تتهرب أحيانا أخرى .
هذه هي أيامها تتشابه و تتكرر في الشكل و المضمون
تفتقر أيامها الى السعادة الحقيقية و الى غذاء الروح الذي معه يشحن الانسان طاقته ليستطيع اكمال حياته راضيا باقداره .
أخيرا بعد فارغ الصبر جاء الجمعة .
تمنت هذا اليوم ان لا تبارح سريرها فهي في اشد الحاجة اليه اليوم
أعدت فنجان قهوتها المفضلة , و أستلقت على سريرها
لتغيب شاردة عن الواقع .
وهنا تحولت غرفتها لحديقة غناء و هي مستلقية على خضرتها مستمتعة بجمال المشهد , متاملة في السماء الزرقاء الصافية
و فجأة تظهر أمامها قصور رائعة الجمال في السماء و تتدلى حبال من السماء تصل الى الارض .
تعتدل في جلستها و تدقق النظر ليبهرها المنظر و يستحوذ على لبها
وهنا بعفوية شديدة تجد نفسها منجذبة لحبل من الحبال لتمسك به علها ترقى الى السماء, فيستوقفها شيخ مسن عليه بهاء الطلة ينصحها و يطلب منها الابتعاد عن تلك الحبال
عبثا يحاول اقناعها لتبدأ هي في التسلق و هنا ينقطع بها الحبل لتجد نفسها مطرحة ارضا .
لتقابل بشماتة العجوز محاولا ان يثنيها عن المحاولة مجددا لكنها تتجاهل كلماته متجهة الى حبل أخر و بمجرد التمسك به و محاولة تسلقة تسقط
يخبرها أن تلك القصور الطريق لها قاتل و مرعب و ما اجتازه احد مسبقا
هنا ترفع راسها الى السماء لتحدق في القصور فتسمع صوت ضحكات قادم منها فتجري مرة اخرى ممسكة بحبل جديد يحاول المسن أن يمنعها لكنها تصر و تتسلق الحبل الجديد لتسقط مرة تلو الاخرى و تصاب بالجراح و الاعياء .
وهنا يقترب منها ويقول ألم أنصحك يا صغيرتي أن تتركي قصور السماء لاصحابها و تظلي معي هنا
تتجاهل هي كلماته و كأنها لم تسمعه لتحبو بأتجاه حبل أخر فيحاول المساك بها و منعها . ....منهكة هي تتشبث بالحبل الجديد ......و هو يجذبها بأتجاهه
تدفعه بقوة بعيد عنها ليقع من على وجهه قناع يكشف عن مدى بشاعة طلته و مظهرة له عيون شيطان و اسنان ذئب
يقوم من سقطته ليلحق بها لكنها تكون قد تسلقت قدر لا بأس به من الحبل و هذه المرة يعجز عن اللحاق بها او منعها .
تلك المرة نجحت في الاعتصام بالحبل القوي الصحيح الذي معه تبلغ قصور السماء.
لتفيق من شرودها على جرس الباب لقد عادوا صغارها من النادي الرياضي .
وهنا تسأل نفسها تراني معتصمة بأي حبل ؟؟؟
استحسنت فكرة و أعدت صياغتها بقلمي
لتعم المنفعة ليس الا
تُرى وصلت الرسالة !!!