- فهل يا ترى الحب له علاقة في تلك الحالة ؟
- النظرة إلى الحب
- الحب علاج
- ما تركت الحضور سهوا ولكن
- أنت بحر ولست أدري السباحة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا اخواتي الفراشات
قد نجد احد ما نعرفه شارد الذهن وكانه في عالم اخر غير عالمنا . وكأنه مشوش التفكير
فهل يا ترى الحب له علاقة في تلك الحالة ؟
يتفق البعض على أن الحب هو أجمل شئ في الوجود وأن حياتنا وأرضنا والكون الواسع الذي ننتمي إليه قائم على أركان الحب المختلفة، أركان وأسس وضعها الله تبارك وتعالى صانع وزارع الحب الأول في مخلوقاته الكثيرة المتنوعة ويتفق آخرون بل يكاد يجمع كل الناس على أن الطب بعلومه المختلفة هو الوسيلة الوحيدة والمتاحة أمامهم للتداوي والاستشفاء، فياترى ماهي العلاقة بين شعور معنوي عظيم كالحب وبين وسيلة عملية تطبيقة للشفاء من الأمراض؟ قد نجد إجابة هذا التساؤل من أبواب معرفية متعددة ومختلفة إلا أنني أفضل أن أستخرجها من تراثنا الإسلامي فهو الطريق الأسلم والأوثق للوصول للحقيقة، فقد جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية مايثبت أن الإنسان مكون من جزئين الأول: جزء معنوي غير مرئي يعبر عنه بالنفس والجزء الآخر: جزء مادي مرئي يعبر عنه بالجسد وأن كل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر بسبب الارتباط العضوي بينه
النظرة إلى الحب
ولعل أبرز المشاعر والأفكار التي يطرحها الإسلام هو الحب بكل درجاته المختلفة والذي يبدأ بحب الله عزوجل ولاينتهي عند حد أو درجة أو مرحلة ،فالحب شعور واسع كبير سرمد لانهاية له، يقول الله تعالى في كتابه المجيد: *{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله*} (آل عمران: 31)، وجاء على لسان رسولنا الكريم حديث: (تهادوا تحابوا) فالوسيلة في هذا الحديث الشريف هو التهادي، والغاية والهدف من التهادي هو الحب، وجاء في رواية أخرى عن النبي [: (تهادوا فإن الهدية تضعّف الحب) فالمراد من هذه الرواية ليس تواجد الحب فقط بل مضاعفته و زيادته.
والإنسان الذي يحب حباًً صادقاً حقيقياً يعزز ويرتفع بالمشاعر الإيجابية في نفسه وبالتالي في أفعاله وكلامه مما ينعكس إيجابيا على جسده وعقله فتجد ذلك الإنسان متسامحا عادلا نبيلا مخلصاً شجاعاً حليماً ومتفهماً وقادراً على التعامل مع صعوبة الحياة ومشاغلها بإيجابية وبهدوء يحسد عليه، فالحب في هذه الحالة أشبه بفلتر يومي يقوم على تنقية الإنسان مما يسوءه ويقلقه ويكدر مزاجه العام.
الحب علاج
وفي الغرب يتزايد الاهتمام بأسلوب جديد في معالجة الأمراض وهو العلاج بالفروض الدينية (hierotherapy) الذي يرتكز على تعزيز مشاعر الحب والإيمان بالله عزوجل، وفي إيطاليا أظهر مسح نشرته مجلة متخصصة بشؤون التغذية والصحة العامة أن الحب هو أنجح وسيلة للتخلص من الوزن الزائد، وقالت مجلة ديما غرير (إنقاص الوزن) إن الحمية الغذائية لم تعد ضرورية لأصحاب الكروش والأوزان الزائدة فالحل صار منذ الآن بيد الحب شريطة أن يكون صادقاً، وأشارت المجلة إلى أن ثمانية من كل عشرة إيطاليين وجدوا أن الوقوع بحب جديد هو أفضل طريقة للرجال والنساء للوصول إلى شكل الجسم المناسب، موضحة أنها تحدثت إلى 74 خبيرا في مجال إنقاص الوزن أثناء الإعداد للاستطلاع، وقال خبيراً التغذية إيميلتو داميسيس إن الشوكولاته والحلوى والنشويات الأخرى تنشط المواد الكيمائية التي تنقل الإشارات العصبية وتسبب إحساسا عاما بالسعادة لكنها تؤدي أيضا إلى تراكم السعرات الحرارية وأضاف قائلا: إذا كان الحب يجلب نفس الشعور بالسعادة فلن يحتاج المرء إلى هذه الأغذية لتحقيقها.
إلا أن آثار النحافة بسبب الحب لاتدوم إلى الأبد، إذ أظهرت المجلة أن ثلث الإيطاليين يرتفع وزنهم بعد الزواج في حين يعود وزن 23% منهم إلى الزيادة بعد إنجاب الطفل الأول، ولاتعاني قلة تبلغ 12% من تجدد زيادة الوزن، وهذه الدراسة وإن أجريت في إيطاليا إلا أن تطبيقها ممكن لأنها قائمة على أصل واحد هو الإنسان، مع مراعاة أن تحليل الخبير الإيطالي المذكور ينطبق على الذين تصاحب علاقتهم السعادة والاستقرار العاطفي
في جامعة بيزا بإيطاليا (موطن روميو وجولييت) أجرى باحثون مجموعة اختبارات على عدد من الطلاب الذين وقعوا بالحب فأظهرت النتائج تشابه حالاتهم مع حال المصابين بأعراض الهوس غير الإرادي الذي يعرف ب Involuntry mania وتبين أن دم العشاق هؤلاء فقد نحو 40% من البروتين الذي يساعد على إفراز مادة (السيروتونين) Serotonin التي تعمل عمل الوسيط أو الناقل الكيميائي بين الخلايا العصبية, وهذه المادة تنتجها خلايا الدماغ البشري, وهي تحدد سلوك الإنسان مثل شعوره بالألم ونظام نومه ومشاعره وسلوكه الجنسي...الخ ,وأظهرت الدراسة أيضا أن مرحلة الوقوع بالحب تتغير بعد مرور (6_18 شهرا) فهي إما أن تنتهي بشكل قاطع وتخمد نار الحب وإما أن تتحول إلى حب هادئ مصحوب بمستويات طبيعية من السيروتونين.
إلا أن هذه الدراسة لا تبين لنا ما إذا كانت هذه التغيرات في سوائل الجسد هي التي تشعل نار الحب أم أن الحب نفسه هو الذي يهيج هذه المواد الكيميائية ويخل بميزانها وبمعنى آخر من يقوم بمقام الإشعال والإيقاد لمشاعر الحب هل هو الجسد والمادة أم النفس وما يختلج فيها من أحاسيس.على أن هذه الدراسة ممكن توضح العديد من الأمور المبهمة وتضع تفسيرا لبعض العلامات والأمارات المصاحبة للذي يعيش قصة حب ,لعل من أبرزها ما يحدث للمحب من ارتباك عندما يلتقي بمحبوبه ويتحدث معه لأول مرة, ارتباك يثير الضحك والإشفاق معا, فيكون معظم كلامه عبارة عن همهمة وغمغمة و(تأتأة) ربما لا يستطيع الطرف الآخر بيان حروفها فضلا عن كلماتها , برغم أن هذا الإنسان نفسه في غير هذا المورد وفي بقية مواقف حياته تجده فصيحًا حازمًا واضحًا فيما يفعل ويقول.
وعلى كل حال على الطرف الذي يعاني من هذه الحالة أن لا يخجل مما يعتريه من ضعف في التعبير والتصرف فهو أمر عادي بالنسبة للذي تشتعل في داخله مشاعر المودة والحب وتلتهب في صدره نيران اليأس والخوف معًا, وهو كذلك أمر طبيعي للغاية نتيجة النقص الكبير في مادة السيروتونين, وعلى الطرف الآخر سواء كان رجلا أو امرأة أن لا يعتبر هذا النوع من الضعف في التعبير عن النفس علامة سلبية بإيجابية لأنها أحد المؤشرات التي تؤكد صدق المحب وإخلاصه في مشاعره, والإخلاص والصدق هما ركنان مهمان في أي علاقة, فكيف بأجمل وأغلى علاقة وهي الحب.
وهذه الحالة من (الهذيان اللغوي) التي تعتري المحب والمعجب عموما لا تعترف بصغير أو كبير عالم أو جاهل غني أو فقير وقد عانى منها الكثير نساء ورجالا, ومن ضمنهم عملاق الأدب العربي علي بن محمد بن أحمد المشهور بأبي حيان التوحيدي (توفى في حدود 400ه), وقد نظمها في بيتين من الشعر لعلهما الأجمل في هذا المضمار يقول أبو حيان معتذرًا لمحبوبه :
قل لبدر الدجى وبحر السماحة
والذي راحتاه للناس راحة
ما تركت الحضور سهوا ولكن
أنت بحر ولست أدري السباحة
قد تستمر حالة الارتباك اللغوي والتشتت الذهني والعاطفي في اللقاء الثاني والثالث أيضًا حسب ظروف تلك العلاقة وسعي كل من الطرفين إلى وضعها في الإطار السليم والصحيح لها, وأحيانًا تبدأ العلاقة بنوع من الزمالة أو الصداقة ثم تتحول تدريجيًا لعلاقة حب ومودة فتظهر حالة الارتباك على الطرفين معًا, وعلى العموم فإن الارتباك ما هو إلا أحد المشاعر التي تنتاب المحب وهناك أعراض وعلامات أخرى كثيرة قد أفاض أحد أبرز علماء المسلمين في ذكرها وبيانها وضبطها, ألا وهو علي بن أحمد بن سعيد المعروف بابن حزم الأندلسي المتبحر في مختلف العلوم الشرعية والطبيعية والإنسانية وسوف أعرض مقتطفات من كتابه الذي خصصه للحب كما سأعرض المزيد من المعلومات حول مادة السيروتونين وتأثيرها الخطير في حالة زيادتها ونقصانها في الجسم.
دامت ايامكم حب ومودة
موضوع اكثر من رائع
لكِ مني كل مودة وتقدير
جزاكِ الله خير