- ثانياً
كثيرة هي المشكلات القائمة بين الزوجة وأهل زوجها، ولحل أي مشكلة ينبغي النظر في أسبابها قبل كل شيء
:
فقد تكون هذه الأسباب راجعة لطبيعة أهل الزوج ، فبعض الناس صار الشر طبعاً لهم ، يكبِّرون الصغير ، ويعظمون التافه الحقير ، وهؤلاء ليس المشكلات فقط بينهم وبين زوجة ابنهم ، بل هي عامة تشمل الناس جميعاً ، وحل هذه المعضلة يحتاج لجهود مضنية ، بتعليمهم الخطأ من الصواب ، والخير من الشر ، وتربيتهم على الإيمان والطاعة ، وفي هذه الحال يجب على الزوج الذي يعلم هذا من طبيعة أهله أن لا يلتفت لكلامهم في زوجته ، ولا يقيم له وزناً ، وأن يساهم في إصلاح حال أهله ودعوتهم للخير ، وأن يخفف على زوجته إذا وقع عليها ظلم من
وقد يكون سبب المشكلات بين الطرفين : الغيرة التي تدب في قلوب أهل الزوج ، وذلك عندما يرون تعلق ابنهم بزوجته ، وتدليلها لها ، وحلُّ هذه المشكلة يكون بتعويضهم بدلال زائد ، ورعاية خاصة ، وكثرة هدايا ، مع عدم إظهار تعلق الزوج بزوجته أمامهم ، ومع إعطاء الزوج اهتماماً لهم وكثرة الدعاء بأن يزيل الله الغيرة من قلوبهم
وقد يكون سبب تلك المشكلات : ما يراه أهل الزوج على الزوجة من تقصير مع ابنهم ، أو مع أولادها ، أو في بيتها ، أو ما تبديه لهم من تصرفات شائنة ، وعدم احترام لوالدتهم ، وغير ذلك مما هو موجود فعلاً – وليس افتراء – عند كثير من الزوجات ، وهذا هو الجانب الإيجابي من تلك المشكلات ! لأن به تعرف الزوجة ما عندها من تقصير ، وتفريط ، فتصلح الخطأ ، وتجبر الخلل ، وتكمل النقص ، ولا يمكن لزوجة أن تدعي الكمال في تصرفاتها ، وأخلاقها ، وهذا أيسر الأسباب لتلك المشكلات ؛ لأن الحل سهل ويسير على الزوجة ، وهو إصلاح نفسها ، وإصلاح ما بينها وبين أهل زوجها ، بحسن التصرف ، وإعطاء كل ذي حق حقَّه من التقدير ، وبذلك تصلح ما فسد من الأمور ، وتكسب قلب زوجها لجانبها
ثانياً
الذي نراه أنه على الزوجة أن تطيع زوجها إن أمرها أن لا تخبر أحداً بما يجري بينها وبين أهله ، وهذا القرار من الزوج فيه مصلحة عظيمة تفوق مصلحة تنفيس الزوجة عن نفسها ، فمثل هذه الأمور إذا ظهرت وانتشرت : شارك كل واحد برأي ، أو اخترع مكيدة ، أو ساهم برأي منكوس لحل تلك المشكلات ، وهنا يتسع الخرق على الراقع ، وتكثر تلك المشكلات ، وتتعدد أسبابها ، وقد يشق ، أو يصعب بعده حلها
وشكوى الزوجة لأحد من العقلاء جائز ، ولا يدخل في الغيبة المحرمة ، وفي الوقت نفسه للزوج أن يمنعها من هذا المباح إن كان يرى مصلحة شرعية من المنع
ثالثاً
يحتاج التعامل مع زوجك وأهله لحكمة بالغة منكِ ، والمطلوب منك
تجاهل ما تسمعينه من أهل زوجك مما تعرفين أنه بقصد الاستفزاز ، وأنه محض افتراء
أن تصلحي شأنك ، وبيتك ، وأولادك ، وما تسمعينه منهم مما هو عندك فعلاً : فلا بدَّ من إصلاحه ، والقيام عليه حق القيام
حاولي التودد لأهله بحسن الأسلوب ، ورقة الكلمات ، وجميل التصرفات وتفقديهم بين الحين والآخر بهدية تليق بهم ، أو بطعام تصنعينه لهم ، أو بحلويات تخصينهم بها ، ومعروف أن للهدايا شأناً بالغاً في تقريب القلوب ، وإشاعة المحبة والمودة بين طرفيها
أحسني لزوجك بعدم ذِكر ما يجري من أهله لأحدٍ من الناس ، واجعلي ثقته فيك عالية ، ولا تجعلي يسمع منك أو يرى ما يكره
ومع كل ذلك : فإن هذا لا يعني السكوت الكلِّي عن الطعون والافتراءات ، منهم عليكِ ، لكننا ننصحك برد ذلك إلى زوجك ، وتحميله مسئولية إصلاح الأمور ، وإعطاء كل ذي حق حقَّه ، وأظهري له حسن تربية أهلك لك
وأخيراً : لا بأس أن تقترحي على زوجك الانتقال من السكن من قرب أهله ، وليس واجباً عليه أن يستجيب ، فحقك إنما هو في سكن مستقل ، وأنت تتمتعين به ، لكن من الحكمة والمصلحة أن يبتعد الزوج عن سكن أهله إن كان يعلم عدم توافق بينهم وبين زوجته ، ولعلَّ ذلك البُعد أن يساهم في تقوية الروابط بين الأطراف جميعها ، وأن يزيل من القلوب تلك الإحن ، وذلك الحقد
واستعيني بالله ربك بالدعاء ، مع القيام بما أوجب عليك من الطاعات ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه رضاه ، وأن يجمع بينكم جميعاً على خير. منقول