الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث
ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
السلا م عليكم طالبتكم يافراشات ابقى مقال ادبي *قصيده *
ومقال علمي يعني مشكله اجتماعيه بنات تكفون ابيها اليوم ضروري و موشرط الاثنين ok ثنكس اليوم لاتنسون
تعدد الزوجات,متى يصبح مشكلة؟
عندما نتأمل بعض النداءات التي ارتفعت منذ تدوين قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية ولا تزال ترتفع هنا وهناك، لا نجدها تخلو من المطالبة بمنع تعدد الزوجات على اعتبار أن >الزواج بواحدة هو زواج المودة والرحمة< وأن التعدد >يسبب مشكلات عائلية وعدم استقرار الأسرة وضياع حقوق الأبناء<·(1)
ولقد شذت بعض قوانين الأحوال الشخصية في البلاد الإسلامية فعملت على منعه وتجريم من يمارسه، وكان البدء من تركيا، فإليها أشار الشيخ شلتوت بقوله: >وهذه أمة شرقية مسلمة نشأت في أحضان الإسلام ثم تغلبت عليها نزعات الغرب ولوت وجهها عن الإسلام، واتخذت قانوناً مدنياً صدر بموجبه منع تعدد الزوجات· وكان ذلك سنة 1926م، ولكن لم تمض بعد ثماني سنوات حتى هال أولياء الأمر فيها عدد الولادات السرية وعدد الزوجات السرية العرفية، وعدد وفيات الأطفال المكتومة<(2)، وتبعت القانون التركي في إقرار منعه مجلة الأحوال الشخصية التونسية، إذ جاء في المادة الثامنة عشرة منها أن >تعدد الزوجات ممنوع· والزواج بأكثر من واحدة يستوجب عقاباً بالسجن مدة عام وبغرامة قدرها (240000 ف)، أو بإحدى العقوبتين فقط<، وقد استهجن الشيخ >أبوزهرة< هذا الإجراء لانحرافه عما جاء به الشرع(3)·
ونحن لا نجد الفقهاء قديماً اختلفوا في حكم هذه المسألة، وأن رأيهم فيها كان وما يزال يستند إلى ظاهر النصوص الشرعية الواردة فيها، فإنها تفيد بمجموعها أن الخوف من عدم العدل يقضي بأن يكتفي الرجل بالزواج بامرأة واحدة، ولكن لما خضع العالم الإسلامي لسيطرة الاحتلال الأجنبي شجع على إثارة مجموعة شبهات حول قضايا إسلامية عدة، منها قضية تعدد الزوجات، مما يدعو إلى شيء من التوضيح دفعاً لتلك الشبهات، وتثبيتاً لنظر الشرع في المسألة·
1 يؤخد من سبب نزول الآية التي ورد فيها ذكر تعدد الزوجات أن الله تعالى شرَّعه لرفع الحرج عن أولياء اليتامى الذين كانوا يرغبون في الزواج بذوات المال منهن، ولا يقسطون فيهن، من أجل ذلك أباح لهم أن يتزوجوا غيرهن مثنى وثلاث ورباع· يؤكد هذا ما أخرجه البخاري بسنده إلى ابن شهاب قال: >أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن قول الله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا) النساء:3، فقالت: يابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن ذلك إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن<(4)·
نستفيد من هذا الحديث أن الله تعالى شرع التعدد ولم يجعله أصلاً لبناء الأسرة، ولا قاعدة يجب على كل رجل التزامها، ولا مكرمة ينبغي أن يشتمل عليها كل بيت، وإنما شرعه سبحانه درءاً لمفسدة تصيب الضعاف من النساء، إما ليتمهن أو لغير ذلك من الأسباب، ورفعاً للحرج عن بعض الأزواج، ومن ثم جاز لكل من لا يخاف ألا يعدل بين النساء أن ينكح ما طاب له منهن في حدود العدد المسموح به شرعاً، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الذي من أجله نزلت الآية· وبهذا يكون الإسلام قد >أعطى للناس حلاً، وفتح لهم مخرجاً لمشكلة قد يقعون فيها بدرجة أو بأخرى سواء بصفتهم الفردية أو بصفتهم المجتمعية<(5)·
وعلى هذا استقر العمل عند المسلمين كافة، فمارسه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعمل به الصحابة ومن بعده، فهذا غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية، فأسلمن معه، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك منهن أربعاً ويفارق سائرهن(6)· وحين تأيَّمت حفصة بنت عمر من زوجها خنيس بن حذافة السهمي رضي الله الله عنه، أتى عمر بن الخطاب إلى عثمان بن عفان فعرض عليه حفصة فامتنع عثمان، ثم عرضها عمر على أبي بكر الصديق فلم يجبه أبوبكر حتى إذا مضت ليال عدة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم(7)، وإن وجه الدلالة من هذا الحديث أن عثمان بن عفان وأبابكر الصديق رضي الله عنهما حين عرض عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصة كانا متزوجين·
ونقرأ في كتب السنَّة الصحيحة أنه كان ينتج من التعدد اختلاف بين الزوجات بسبب غيرة بعضهن من بعض، لكن تلك الغيرة لم تكن تصل بنساء الصحابة إلى أن يغرسن الحقد في أبنائهن تجاه إخوانهن أو أخواتهن كما يحصل في واقع الناس عندما يضعف الإيمان ويحتكمون إلى أهوائهم·
2 ويدل قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) النساء:3، على أنه سبحانه أوجب على من يرغب في الزواج بأكثر من واحدة أن يعدل بينهن، فمن خاف ألا يحقق العدل بينهن فليقتصر على ما يمكنه العدل فيه، فإن الله تعالى: >كرر اسم العدد لقصد التوزيع باعتبار اختلاف المخاطبين في السعة والطول، فمنهم فريق يستطيع أن يتزوج باثنتين، فهؤلاء تكون أزواجهم اثنتين اثنتين، وهلم جرا<(8)، وجاء تحذير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من لا يعدلون بين نسائهم من سوء المصير يوم القيامة، ليؤكد أن العدل هنا مخصوص بالعدل في القسم بين الزوجات وأنه مطلب شرعي لمن يرغب في التعدد·
3 وأيضاً يدل قوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) النساء:129، على أن العدل المطلق بين الزوجات ليس في استطاعة أحد إقامته لأن منه جانباً لا يملك المرء أن يتحكم فيه، فغفره الله تعالى بقوله سبحانه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) البقرة:286· وهو ما كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسأل الله عدم المؤاخذة عليه، فظهر من هذا أن العدل المطلوب شرعاً يكون فيما يملك المرء تحقيقه، وهو القسم بين الزوجات، ولقد حققه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فثبت أنه كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه(9) وأنه كان يقسم بينهن في كل حين، فلم يقم في بيت عائشة عند مرضه الذي مات فيه إلا بعد أن أخذ إذن جميع نسائه بذلك(10)، مما يفيد أن الأمن من الجور في حق الزوجات وغلبة الظن بتحقيق العدل في القسم بينهن هو الشرط الذي يتوقف عليه العمل بالتعدد، فمن خاف أن يجور في حقهن، فعليه أن يكتفي بالزواج بواحدة، وهذا ما أكده الشيخ محمود شلتوت بقوله: >إن إباحة التعدد لا تتوقف على شيء وراء أمن العدل وعدم الخوف من الجور، فلا يتوقف على عقم المرأة ولا مرضها مرضاً يمنع من تحصن الرجل، ولا على كثرة النساء كثرة ينفرط معها عقد العفاف<(11)· وكذلك نبه على هذا الأمر الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، فذكر أنه >إذا لم يقم تعدد النساء على قاعدة العدل بينهن، اختل نظام العائلة وحدثت الفتن فيها، ونشأ عقوق الزوجات أزواجهن وعقوق الأبناء آباءهم في زوجاتهم وأبنائهم<(12)·
وإن من القرائن الظاهرة التي تدل على القدرة على العدل في القسم بين الزوجات أن يبحث القاضي الذي يأذن بإنجاز العقد في قدرة الرجل على الإنفاق على أكثر من واحدة، فإذا كان يعجز عن توفير نفقة زوجة واحدة، فإنه لا يظن منه أنه سيحقق العدل بين نسائه إذا هو تزوج بأخرى أو باثنتين·
إذا ثبت هذا، فليعلم أن الناس في تحقيق العدل بين الزوجات درجات، فمنهم من يعدل في القسمة بينهن، ومنهم من يجور في ذلك، فإذا أقسط الأزواج في القسمة بينهن لم تحصل مفسدة بسبب تعدد الزوجات لا داخل البيت ولا خارجه، اللهم إلا ما كان من المشكلات الصغرى التي تقع بسبب الغيرة من بعضهن بعضاً، وهي حال تحتاج من الزوج إلى الحكمة في المعالجة، واليقظة والحزم في التعامل معها· ومن هنا >كان ما يزعمه بعض الملاحدة من أعداء دين الإسلام من أن تعدد الزوجات يلزمه الخصام والشغب الدائم المفضي إلى نكد الحياة، لأنه كلما أرضى إحدى الضرتين سخطت الأخرى، فهو بين سخطتين دائماً، وأن هذا ليس من الحكمة، فهو كلام ساقط يظهر سقوطه لكل عاقل، لأن المشاغبة بين أفراد أهل البيت لا انفكاك عنه ألبتة، فيقع بين الرجل وأمه، وبينه وبين أبيه، وبينه وبين أولاده، وبينه وبين زوجته الواحدة، فهو أمر عادي ليس له كبير شأن، وهو في جنب المصالح العظيمة التي ذكرنا في تعدد الزوجات من صيانة النساء (···) كلا شيء<(13)·
وإنه لوارد أن ينشأ الخلاف داخل الأسرة لغير هذا السبب على الرغم من حرص الزوج على تحقيق العدل بين زوجاته، فينتهي بأن يطلِّق إحداهن، لكن هذه النهاية ليست خاصة في حال التعدد، بل قد تقع أيضاً في البيت الذي فيه زوجة واحدة، وإن أكثر ما يقع من مشكلات داخل البيوت سببه عدم الاسترشاد بمبادئ الشريعة الإسلامية في معاملة الزوجات والأولاد، فينشأ التباغض بين الزوجات، والتنافر بين الأبناء، والاضطراب في البيت كله··· لأنه متى احتكم الناس إلى أهوائهم في ممارسة التعدد وكذلكك في معاملة زوجاتهم لم يروا إلا ثبوراً، وهنا يصير العمل بتعدد الزوجات مشكلة اجتماعية، من أجل هذا وجب النظر وبذل الجهد لحماية حدود الله من التعدي بالوقوف على أسباب هذه المفاسد·
4 لقد أوضح الشيخ محمد الطاهر بن عاشور أن مسألة التعدد مسألة حسابية(14)، وكذلك قال الدكتور أحمد الريسوني: >إن مسألة العدد أو عدم التعدد قبل أن تكون مسألة اجتماعية، وقبل أن تكون مسألة فقهية، علينا أن نحصي الراغبين المستعدين للزواج من الرجال والراغبات المستعدات للزواج من النساء، حينئذ سنرى إن كانت هناك مشكلة وما حجمها؟ وما حلها؟ وبعبارة أخرى، فإن المجتمع في هذه المسألة إذا كان عادياً سوياً أي أن رجاله ونساءه متساوون في عددهم وفي إقبالهم على الزواج، فسيكون التعدد متعذراً من الناحية العملية، حتى لو هو مباح تشريعياً، فإذا اختل هذا الوضع العادي بإحدى الحالين المذكورتين، فلابد من أحد الأمرين: إما التعدد وإما بقاء عدد من الناس من دون زواج وتحمل نتائج ذلك، وهذا فيه ما فيه من الأضرار والأخطار الخاصة والعامة، وفي تقدير هذه الأضرار والأخطار على الأفراد والمجتمع وعلى سائر الأسر القائمة نفسها على المدى القريب والمدى البعيد، في تقدير هذه كله يظهر مدى تعقل العقلاء وحكمة الحكماء (أليس الله بأحكم الحاكمين؟) بلى<(15)·
وبناء على هذا، ومن أجل تحقيق العدل والقسط، يجب أن نسأل عن رأي النساء اللاتي لم يكتب لهن الزواج في المسألة ونستفتيهن فيها، هل يقبلن الزواج برجل متزوج أم يفضلن البقاء عانسات في بيوت آبائهن يأكلن شبابهن ويفنين أعمارهن؟ لا شك أن أكثر من يتحرج من التعدد في واقعنا من النساء هن المتزوجات، يخشين أن يشاركهن نساء أخريات أزواجهن، وأما غير المتزوجات العفيفات فرأيهن مختلف، وأيضاً هناك في المجتمع نساء بسط الله لهن من الرزق ما تعيش به أسر عدة، وهن يرغبن في الزواج وتكون عليهن النفقة، فهل من الإنصاف أن نمنع زواجهن برجال متزوجين بدعوى عجز هؤلاء عن النفقة؟
5 يقتضي المنهج لمعالجة مشكلة ما، أن يتبيَّن من وجودها أولاً، فالناس منشغلون اليوم بمعالجة مشكلة تعدد الزوجات، ويدعون إلى منعه بدعوى أن فيه تضيع حقوق النساء ومصالح الأبناء، ولا نجد من يتثبت فيضع السؤال، هل يعاني النساء فعلاً من مشكلة اسمها تعدد الزوجات؟ وما درجة المعاناة؟ أم يعانين من مشكلات أخرى مفروضة عليهن كالعنوسة؟ فالذي أقره غير واحد من الدارسين المنصفين أن المسلمين لا يعانون اليوم من مشكلة تعرف بمشكلة تعدد الزوجات بقدر ما يعانون من مشكلات أخرى حقيقية يتم غض الطرف عنها، ولكنه الترامي في أحضان التبعية والموالاة للغرب يدفع بعضهم إلى إيهام الناس بأن تعدد الزوجات >مؤسسة (تشكل) تهديداً للاستقرار الأسري<·(16)
6 وإن المنهج يقتضي أيضاً بالإضافة إلى ما ذُكر أن ما ثبت في الشرع إباحته أن يعمل على البحث في صورة تنزيله كما ورد، ولا يملك أحد منعه، فقد حد الله تعالى حدوداً لتحفظ: >ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه<، وأوكل إلى أولياء الأمور حراستها من سوء ممارسة الناس: >والإمام راع ومسؤول عن رعيته<· فإذا ظهر أن الناس لا يدفعهم إلى تكثير الزوجات إلا شهواتهم من غير مراعاة القدرة على العدل في القسم بينهن فيحصل بسبب هذا اضطراب في البيوت، فإنه يجب على أولي الأمر أن يتدخلوا لوضع الضوابط التي تضمن حسن تطبيق شرع الله في هذه المسألة، تحقيقاً للمصلحة ودفعاً للمفسدة لا أن يحرموا ما أباحه الله بسوء تطبيقهم فإن >سوء التطبيق لا يعني إلغاء المبدأ من أساسه، وإلا لألغيت الشريعة بل الشرائع كلها، ولكن توضع الضوابط اللازمة<(17)·
7 وإنه لا يزال العمل بتقييد التعدد بإذن القاضي معمولاً به في معظم قوانين الأحوال الشخصية العربية ليس من أجل ضبطه، ولكن لتعسير الطريق إلى العمل به، يؤكد هذا ما جاء في شرح مذهب مدونة الأحوال الشخصية المغربية في تقييد التعدد بإذن القاضي بأن >المشرِّع أراد من وراء هذا التعجيز الوصول إلى فحوى الآية 129 من سورة النساء: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)(18)، فهل لم يحن الوقت لصحوة فكرية تنفض عن تفكير المسلمين بدعة الالتفاف حول النصوص؟ ألم يحن الوقت لإبراز ما يهدف الإسلامي إلى تحقيقه من مصالح بتشريع التعدد؟ وبيان دوره في حل المشكلات الاجتماعية الواقعة؟·(19)
إن تقدم الآخر واستحكام شعار حقوق الإنسان عالمياً والعمل وفق المواثيق الدولية(20) بناء على أن الدول العربية والإسلامية وقَّعت عليها، دفع بعضهم إلى التحامل على ما تبقى من أصل شرعي في قوانين الأحوال الشخصية العربية، فكان البدء بتعدد الزوجات إما لمنعه أو تقييده بما يحقق المنع· وليس أحد يقوم ضد تحقيق كرامة الإنسان، فالسعي إلى تحقيقها مطلوب شرعاً، ولكن القوم أرادوا منع العمل بالتعدد المشروع وسكتوا عن تعدد الخليلات طمعاً في إرضاء المنظمات الدولية، (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائدة:50·
8 وإن سبيل الإصلاح ينبغي أن يعتمد خطوتين اثنتين:
إحداهما: تربية الناس على الإسلام ليستشعروا مراقبة الله تعالى في حياتهم كلها، فيتمثلوا أوامره رغبة في ثوابه ورضاه، ويجتنبوا نواهيه رهبة من سخطه وعذابه، ولتحقيق هذا يجب فتح المجال للعلماء عبر وسائل الإعلام المختلفة ليفقِّهوا قومهم وينذروهم، وهذا ينبغي أن يكون مستمراً لا ينقطع، لأن التدين إذا ضعف في الناس خلطوا من الأعمال صالحها وسيئها، فينبغي تذكيرهم دائماً بدينهم وتوعيتهم بالحكم التي من أجلها شرع الله تعدد الزوجات، وغيره من شعائر الإسلام، وأيضاً يجب تخصيص النساء بتعليمهن ما لهن وما عليهن نحو أزواجهن، فإن >التدين الصحيح والتربية الخلقية الكاملة يخففان الكثير من هذه الأضرار حتى كأنها لا وجود لها<(21) ومن فرط في واجبه يؤاخذ في الدنيا والآخرة·
والخطوة الثانية: هي التدخل القضائي لضمان الشرط الذي من أجله أقر الله تعالى تعدد الزوجات، وهو شرط الأمن من الجور في حق الزوجات، ويكون في مرحلتين: إحداهما تكون قبل الزواج بأكثر من واحدة، والثانية تأتي بعده، فأما في المرحلة الأولى فيبحث القضاء عن قدرة الزوج على تحقيق العدل في القسمة بين الزوجات، وإذا كان من الصعب أن يجعل هذا شرطاً قانونياً لكون العدل أمراً معنوياً لا يمكن التحقق منه إلا بالممارسة، فإنه يستطيع التقرب من هذا بالتدخل لبحث قدرة الزوج على الإنفاق على أكثر من زوجة إذا كان يريد أن يتزوج بالثانية وعلى أكثر من زوجتين إذا كان يريد أن يتزوج بالثالثة وهكذا، وبهذا تكون استطاعة الباءة هي المقياس الذي يعتمده القاضي في الإذن أو المنع من التعدد باعتباره مسؤولاً عن مراعاة المصلحة، وفي المرحلة الثانية، وهي مرحلة ما بعد الزواج بأكثر من واحدة، يتدخل القضاء لحماية حقوق الزوجة الأولى التي كانت تنعم بها للمرة الأولى حتى لا يميل الزوج كل الميل فيذرها كالمعلقة· قال الشيخ شلتوت: >يجد القانون سبيله إلى من تزوج فعلاً بالثانية أو بالثالثة ووقع منه الجور على إحدى زوجاته، وأعلمت الحاكم بضررها، وعندئذ يتدخل القانون بالردع والزجر بالحكمين، وما رسم الله من طرائق الوفاق بين الزوجين<(22)· ولا شك أن هاتين الخطوتين وهما التوعية الدينية المستديمة للأمة، والمراقبة القضائية لحماية حقوق الناس، تتحقق بهما مصلحة الأزواج وزوجاتهم وأبنائهم وتدفع بهما أضرار التعدد ومفاسده التي سببها سوء سلوك الناس وممارساتهم·
ومن هنا نخلص إلى القول: إن تعدد الزوجات لم يكن مشكلة أبداً مع التزام من يمارس أحكام الشرع التي تضبط العمل به، وإن إكثار الناس من ممارسته في القرن الماضي كان يقع على الأغلب في البادية عند الأسر الغنية رجاء الولد للإعانة على فلاحة الأرض، وكان الأبناء بعد زواجهم يقيمون مع آبائم في دار واحدة مما ييسر القابلية لاضطراب العلاقة الأسرية، إما بسبب الغيرة وإما بسبب عدم عدل الزوج بين نسائه، وهو ما يفضي إلى تضحيته بإحداهن على حساب الزوجة الثانية وأبنائها فيصير تعدد الزوجات على هذه الصورة وآثارها مشكلة اجتماعية··· وأما اليوم فقد تناقص عدد من يعمل به لعامل غلاء المعيشة وعسر الحصول على مسكن للزوجة الواحدة مما يجعل المسكن أحرى بالثانية، وأيضاً فإن ما يعاني منه مجتمعنا هو عزوف الشباب الاضطراري عن الزواج مما يرفع نسبة العنوسة إلى درجة مقلقة يرى الشرع حلها بتذليل الطريق لاتخاذ الحليلات بالزواج، بينما يرى الذين يتبعون الشهوات حلها في التحرير الجنسي واتخاذ الخليلات·
المراجع
1 هذا ما جاء في نداء الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة بالمغرب·
2 الإسلام عقيدة وشريعة للشيخ محمود شلتوت: 200 201· 3 انظر كتاب شلتوت: محاضرات في عقد الزواج وآثاره: ص9·
4 صحيح البخاري: كتاب التفسير، رقم الحديث 4298، وصحيح مسلم بشرح النووي: كتاب التفسير، رقم الحديث 3018·
5 انظر مقال >الفكر المقاصدي بين محمد الطاهر بين عاشور وعلال الفاسي< للدكتور أحمد الريسوني: نشر في مجلة الهدي المغربية: ع24/15·
6 سنن الترمذي: كتاب النكاح، رقم الحديث، 1128، وسنن ابن ماجة: كتاب النكاح رقم الحديث 3591·
7 صحيح البخاري: كتاب النكاح، رقم الحديث: 4830·
8 انظر التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور: ح 4/522·
9 صحيح البخاري: كتاب النكاح، رقم الحديث 5211، وصحيح مسلم بشرح النووي: كتاب فضائل الصحابة، رقم الحديث 2445·
10 الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، رقمه: 24337·
11 الإسلام عقيدة وشريعة للشيخ شلتوت: ص192· 12 انظر التحرير والتنوير: ج4/227·
13 انظر أضواء البيان للشنقيطي: ج3/377·
14 انظر التحرير والتنوير: ج4/227·
15 مقال >الفكر المقاصدي بين محمد الطاهر بن عاشور وعلال الفاسي<، نشر في مجلة الهدى المغربية، ع24/15 16·
16 انظر مشروع خطة العمل الوطنية لإدماج المرأة في التنمية بالمغرب: ص 129·
17 الاجتهاد في الشريعة الإسلامية للدكتور يوسف القرضاوي، ص 165·
18 مقال: >تنظيم تعدد الزوجات ومجلس العائلة<، للأستاذ عبدالهادي أبوطالب، منشور في مجلة الأمن الوطني المغربية: ع179/6، السنة 34·
19 انظر التحرير والتنوير: ج 4/226·
20 ينبغي التنبيه على أن هذه المواثيق لا تراعي هوية الإنسان ومعتقداته، بل هي تقنن للإنسان من غير اكتراث لهويته ومعتقداته·
21 انظر المرأة بين الفقه والقانون للدكتور مصطفى السباعي، ص 92·
22 الإسلام عقيدة وشريعة، ص192·
==================
أن شاء الله أكون أفدتك و لو بالشيء اليسير