- بسم الله الرحمن الرحيم
- عيشي حياتك
- إذن أي متعة في هكذا حياه !! وأي أنطلاق فيها !!
- الآن هل وضحت لكم (عيشي حياتك) بمعناها الحقيقي ؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم
عيشي حياتك
جملة بدت روتينية .. لكثرة ترددها في مجتمعنا النسائي الشرقي حتى أننا صرنا نقولها نحن معشر النساء بدون تفكير مسبق في معناها الحقيقي الكامن خلف الكواليس ، فتتلقاها الفتاة الشابة بصورة خاصة بزهو و إبتهاج كيف لا والجملة تدعوها للانطلاق بهذه الحياة القادمة المليئة بالفرح والنجاح والمكللة بالمفاجات الجميلة ..
ولكن دعوني أنصب لكم هذه الجملة أمامكم على برج عالي ونبدأ معا بالنظر لها من زوايا عديدة ومن أبعاد مختلفة .. فمن المؤكد أن النتيجة ستكون مميزة و متشعبة ..
فلو فرضنا أنه سيكتب لنا الله أن نعيش سنين عديدة قادمة بإذن الله .. فيبقى السؤال الحاسم : هل العيش في هذه السنين القادمة سيكون كله سعادة و نجاح و صحة ؟؟
أكاد أجزم بأن لا أحد على وجه الأرض يستطيع أن يقول لي نعم أمام هذا السؤال الغيبي الذي لا يملك رده إلا علام الغيوب مالك السموات والأرض .. إذن هناك إحتمالات عديدة لصفة هذه الحياة المجهولة ، و ليس بعيدا أن تكون تلك الحياة القادمة هي متوالية أو سلسلة من الحزن والفشل والمرض والبؤس والعذاب أو ربما هي تجميع معين من المآسي والنكبات و الحوادث الشنيعة تأتي دفعة واحدة ..
فالسؤال هنا هل العيش في هكذا حياة هي من ضمن ما نردده ( عيشي حياتك / تمتعي بحياتك ) ؟
إذن أي متعة في هكذا حياه !! وأي أنطلاق فيها !!
ولكن هيهات فما حياتنا هذه إلا مخططات وأقدار مسبقة وضعها الله لنا ولا إعتراض على حكم الله فكل شي عنده بحساب و مقدار وكل شي وله حكمه فيه .. فالله سبحانه وتعالى لم يجعلنا نتجرع قساوة المرض إلا لنتمتع بحلاوة الصحة والعافية و ما أذلنا بالفشل إلا لنزهو بمشاعر النصر عند النجاح و ما أفجعنا بالكوارث والنكبات إلا لنستدرك معنى الأمان و السلام ..
فلو خلق الله تركيبة الحياة بنمط جديد ، فغدت الحياة الجديدة بلا مرض ، فهل كنا سنقدر قيمة الصحة والعافية بما تستحقه ؟ ولو كان الله سيقدر لقاموس حياتنا بأن يكون خالي من كلمة فشل فهل سنتذوق النجاح كما نتذوقه الآن ؟ و لو أصبحت الحياة بلا نكبات ومآسي ، فهل ستسيل دموعنا ونحن نتضرع لكاشف الضر بأن يدفعها عنا كما هو الآن ؟؟ أم هل سنحمده و نشكره من القلب عند كشفها و فرجها عنا ؟؟ أم هل سنتذوق لذة انفراجها ؟؟
هل الحياة بدون هذه المتضادات ستكون بنفس طعم الحياة التي سنعيشها الآن ؟؟ وهل ستستحق العيش ؟؟
من المؤكد أنها ستكون حياة حلوة مستمرة ولكن لن يكون هناك طعم مميز لحلاوتها .. فالحلاوة لا نستدرك طعمها إلا بتجربة المر والحامض والمالح ، و لبدت هذه المصطلحات ( الصحة ، النجاح ، الأمان ... وغيرها من المعاني الجميلة .. ) مجرد كلمات سطحية تمر علينا بلا معنى و بلا قيمة .. كلمات خالية من المشاعر و الأحاسيس .. كلمات لا تهزنا عند إفتقادها و رحيلها ..
الآن هل وضحت لكم (عيشي حياتك) بمعناها الحقيقي ؟؟
نعم سنعيش حياتنا بمتعة و برضا بكل ما قسمه الله لنا وبما فيها حلوها ومرها ، فحلوها متعة لدنيا فانية ، ومرها متعة أخرى وبمعنى آخر فهي متعة لحياة أخرى خالدة لا زوال لها .. فكل هم و نصب وحزن يقسمه الله لنا من مرارة هذه الحياة هو حلاوة أبدية سيذيقها لنا و سيكتبها لنا بإذن الله في جنات الخلود نتيجة صبرنا وجلدنا على المرض والفشل و المصائب والنكبات .. فهذا هو وعد الحق و الله لا يخلف الميعاد ..
نعم ..عيشي حياتك وتمتعي فيها بإيمانك المطلق بالله الواحد القهار مهما تبدلت هذه الحياه و بكافة ألوانها .. سواء إبيضت أو إسودت .. أحمرت أو أخضرت .. فهي حياة حلوة وجميلة لا تحليها الأيام والأحداث بل يحليها الإيمان القوي بالله سبحانه و تعالى ، هذا الأيمان الراسخ في قلبك المؤمن الراضي بقضاءه و قدره و الذي يشع نوره ليضيء دربك القادم بإذن الله .. هذا الدرب هو درب الصابرين والصابرات الذي مهما و طال و قسى فهو ولابد سيصلك للمتعة الأبدية .. سيصلك للجنة بنعيمها الذي لا يزول وما فيها من لذة النظر إلى وجهه سبحانه وتعالى حيث هناك فقط لاغير هي المتعة الموعودة .. المتعة الحقيقية .. جمعنا الله معكم في فردوس جناته .. و جعلنا الله ممن قسم لهم هذه المتعة الخالدة .. آمين
لا أريد منكم مدحا .. فقط أعطوني نقدا .. حتى و لو كان سطرا ..
فهذا ليس صعبا .... والله عجيب أمركم .. فهذا ليس طبعكم ..