- أسباب الفشل
- انتبهن قبل الزواج!
- وماذا بعد الزواج؟
- نصيحة للأمهات
التهاني تزف.. والتبريكات تتوالى.. الكل مبتسم متفائل، يدعو لها بالتوفيق والسعادة، ها هي أحلى عروس تزف إلى زوجها في أسعد ليلة على قلب والديها وأحبتها وأقربائها..
الأيام الأولى البهيجة تمر عليهما في هناء وحبور، ثم تمضي لتدخل الزوجة في مسؤولية كبيرة وواجبات عديدة، ومعمعة عظيمة من مهام منزلية لا ساحل لها، وما أن يخرج الزوج إلى الصلاة حتى تهرع الزوجة إلى الهاتف، مستغلة هذه الفرصة التي لا تعوض، لسؤال أمها: كيف أصنع بهذا، وأين أضع هذا، وهل يوضع ذاك في الثلاجة أم لا، وكيف ينظف ذاك، وقبل كل وجبة تختلس الزوجة أيضاً بضع دقائق لسؤال أمها عن أبسط أبجديات الطبخ وتحضير الطعام..
قلق مستمر، وهم مقيم، في أيام يفترض أن تعيش الفتاة فيها الاستقرار العاطفي والهدوء النفسي، وأن تشيع الراحة في منزلها الجديد، ليأنس بها الزوج وتقر عينه..
تقول م.ن: لقد كنت ولله الحمد متقنة للأمور المنزلية قبل زواجي؛ فأنا الكبيرة وتحملت مسؤولية بيت أهلي مبكراً، ومع ذلك وجدت صعوبات بعد زواجي كنت أفتقد الخبرة بها، كتنظيم الوقت ومراعاة الأوليات، لقد اعتقدت أني ماهرة لما كنت ألقاه من الثناء والتشجيع من أهلي، ولكن بعد زواجي كان زوجي يريد كل شيء مثالياً، أو قريباً من المثالي، ولا يرضى عن أية هفوة، وكم مرة تحطمت بعد بذل الجهد؛ إذ لا يعجبه عملي لتقصير بسيط، لكني بعد فترة تأقلمت وأصبحت أعرف ماذا يريد تماماً، وأحاول تحقيقه.
أما أم هانئ؛ فقد كانت تكتفي بمساعدة أمها في الأمور السهلة اليسيرة، فتحصل لديها ثقافة بسيطة بالأمور المنزلية الأساسية، لكنها بعد زواجها وجدت صعوبة في أمور الطبخ التي تلتهم وقتاً وجهداً، ثم تغلبت عليها فيما بعد، مع قليل.. أو ربما كثير من صبر زوجها..
وعلى خلاف ذلك تقول أم خالد: لم أكن أتقن شيئاً يذك، ربما لأني تزوجت في سن صغيرة وربما لعدم تفرغي أيضاً، المهم أنه كان لذلك أثر واضح بعد الزواج وخاصة في البداية، أما الآن فمع كثرة ممارستي للعمل واستفادتي من تجارب الأخريات والاستعانة بكتب الطبخ تحسن الوضع، وإن كان ندمي شديداً على تفريطي قبل زواجي..
أسباب الفشل
تدلي الأستاذة صالحة شيخ -المعلمة المثالية على مستوى المملكة في التدبير المنزلي- برأيها في هذا الموضوع؛ فتقول:
من أبرز أسباب فشل الفتاة في إدارة المنزل بعد زواجها، الاعتماد على الخدم في كل شيء، وإضاعة الوقت بحثاً عن كل جديد في الموضة والأزياء والنزهات، بالإضافة إلى عدم قيام الأمهات بواجبهن في التربية والإعداد، وبما أني معلمة للتدبير المنزلي فإني أحرص على سؤال طالباتي من منكن قامت بتطبيق الدرس السابق في بيتها، وفي كل مرة يكون الرقم من خمس إلى سبع طالبات، وأكثر من ثلثي الفصل يشتكين لي من أن أمهاتهن لا يسمحن لهن بدخول المطبخ حتى لا يبعثرن محتوياته أو يعملن على اتساخه، رغم أنهن طالبات في المرحلة المتوسطة؛ بل إن مما يزيد من حزن وإحباط الطالبات أن بعض الأمهات يطلبن من بناتهن شرح الطبق المطلوب للخادمة وهي تقوم بتحضيره، وهذا مما يحطم ثقة الطالبة بنفسها فيزيد ابتعادها عن المطبخ، وربما كانت حجة الأم عدم إشغال ابنتها عن الدراسة!.
وتؤيد هذا الرأي، من حيث عزو أسباب الفشل إلى الأم والبنت معاً، الأستاذة حصة الهدلق - المشرفة التربوية لمادة الاقتصاد المنزلي في غرب الرياض - حيث تقول:
هذا الداء في نظري اشترك في صنعه الطرفان، الأم والفتاة نفسها، فالوالدة قد تقصر أحياناً في تربية البنت على تحمل المسؤولية في إدارة المنزل وفنون الطهي وغير ذلك، إما رحمة بها أو عدم ثقة، بالإضافة إلى سلبية الفتاة نفسها وعدم رغبتها في التعلم، أو ضعف شخصيتها وإحساسها بالمسؤولية.
انتبهن قبل الزواج!
تقول مها ناصر: أرى أن الفتاة الذكية، ستتعرف على الأمور المنزلية بعد زواجها، بحكم طبيعتها المنزلية، وإحساسها الإجباري بالمسؤولية.
لكن حنان تخالفها الرأي في ذلك؛ فتقول: من الضروري أن تتعلم الفتاة أمور تدبير منزلها قبل الزواج، حتى لا تقع في ورطة، أو موقف محرج أمام الزوج أو ضيوفه وأهله، فالمواقف الأولى سلباً أو إيجاباً هي التي تركز في ذهن الزوج، ومنها غالباً يحكم على زوجته!.
وتشير أم هديل إلى شيء أساس في تعلم مهارات الطبخ، فتنصح الفتيات ألا يكتفين بشراء كتب الطبخ الكثيرة قبل الزواج فحسب؛ فهي لا تسمن ولا تغني، إذا لم يكن ثم تطبيق عملي لها تحت نظر الأم مثلاً، والدخول للمطبخ ومشاهدة الإعداد عياناً والمشاركة فيما بعد، فلتجربة الطبخ الأولى رهبة تتمنى الفتاة إن لم تشعر بها وهي في مطبخ زوجها، حتى لو كانت المقادير والطريقة مكتوبة.
وتفرق أم هانئ في ضرورة التعلم بين أشياء وأشياء، فترى أن هناك أموراً أساسية في الحياة العملية لا بد للفتاة من أن تتقنها، سواء تحملت مسؤولية بيت أم لا، كطريقة فصل الملابس البيضاء في الغسيل، وكإعداد الطبق الرئيس (الكبسة) والسلطة وترتيب السفرة، واستقبال الضيوف ومعرفة الواجبات الاجتماعية، والسؤال عن الغائب والترحيب بالحاضر، وهناك أمور أخرى ثانوية يمكن للزوجة أن تكتسبها مع الخبرة بعد الزواج، لا سيما وأن الزوج يكون معتاداً على وضع معين في بيت أهله يختلف عن وضعها، فلا بد للفتاة مع تعلمها للأساسيات من التحلي بالمرونة والهدوء، لتتكيف مع متطلبات زوجها، وأن تكون متقبلة للنقد البناء منه، وتحاول الإصلاح والتحسن، ونقطة مهمة؛ عليها البعد عن الرتابة والتكرار ومحاولة تعلم الجديد وتجربته..
وعن تدارك الفتاة لنفسها قبل الزواج، خاصة تلك التي لا تعرف شيئا وقد أحست بالخطر، تقول الأستاذة صالحة شيخ: المشكلة أن أكثر فتياتنا لا يشعرن بهذا الشعور، فالفتاة في فترة ما قبل الزواج يكون الشغل الشاغل لها ولأهلها تجهيز الفساتين والإعداد لحفل الزفاف، ونسيان هذا الجانب المهم من شخصية الفتاة، فجيد شعور بعض البنات بأهمية التعلم للشؤون المنزلية، والواجب عليها أن تخصص جزءًا من وقتها في هذه الأيام لتعلم إعداد الأساسيات في الطعام والغسيل والتنظيف والترتيب، وأن تحرص الأم على ذلك كل الحرص، فمتى أتقنت البنت هذه الأمور اطمأنت الأم على حياة ابنتها الزوجية.
وترى الأستاذة حصة الهدلق، أنه يمكن استدراك الخطأ عن طريق الاطلاع على كتب الطبخ مع محاولة تجربتها، وطرق تنظيف الأدوات والأجهزة، وأساليب الغسيل والكي، كما يمكن الاستفادة من خبرات الأخوات والصديقات عند الحاجة.
وماذا بعد الزواج؟
إذا تزوجت الفتاة قبل أن تأخذ القدر الكافي من التعلم والممارسة، ووقع الفأس في الرأس كما يقولون، فما هي المبشرات التي يمكن للزوج أن يتفاءل بها؟ وهل سيكون هذا الفشل أمراً مؤقتا سرعان ما تغيره الأيام، أم سيلازم الفتاة أثره حتى بعد مجيء الأطفال وكثرة المسؤوليات؟
الأستاذة حصة الهدلق ترى أن ذلك يعتمد على عدة أمور: مثل شخصية الزوجة والزوج، وطبيعة الأسرة وظروفها ومستواها المادي، فعندما تقتنع الفتاة بخطئها في التفريط وترغب في التعديل إلى الأفضل؛ فإنها سرعان ما تتحسن، كما أن وقوف زوجها إلى جانبها ومساندته لها وتشجيعه يساعد في سرعة هذا التغير..
وأقصد بطبيعة ظروف الأسرة، أين تعيش هذه الأسرة الصغيرة؟ فإن كانت مع أهل الزوج فإن هذا التغيير يأخذ وقتاً أطول، كما أن مستوى الزوج المادي والقدرة على استقدام طاهية أو عدة خدم يقلل من مدى جدية الزوجة في إتقان هذه المهارات..
وتتفاءل الأستاذة صالحة شيخ أيضاً، بأن هذا الفشل مؤقت وسيزول بإذن الله إذا حاولت الفتاة أن تجتهد بصدق وعزيمة وتصلح ما فات، فالكتب الخاصة بهذه الأمور ميسرة وسهلة التنفيذ، وما عليها سوى أن تشمر عن ساعديها وتدخل المطبخ بثقة وقوة أمام مواجهة الفشل، وسيكون النجاح حليفها بإذن الله..
نصيحة للأمهات
تؤكد الأستاذة صالحة شيخ، على أن الأم هي المعلم الأول لأبنائها وبناتها، والتصاق البنت بأمها تتعلم منها كل ما يعينها على السير الصحيح في هذه الحياة، فإذا كانت الأم اتكالية معتمدة على الخدم حتى في كأس الماء، فمصير ابنتها معروف وقد تخرجت من هذه المدرسة الفاشلة.
كما ترى الأستاذة حصة الهدلق، أن على كل أم تعليم بناتها أساسيات إدارة المنزل وتوضيح الأهمية لهن، حتى لو لم تكن البنت محتاجة إلى ذلك في الوقت الحاضر، إذ إن المرء لا يعلم ما تأتي به الأيام، وقد تتقلب به فجأة من حال إلى حال، فتحمد البنت حينذاك لأمها بعد نظرها وحصافتها، كما أن الفتاة أيضاً بحاجة إلى إثبات ذاتها واستعراض مهاراتها في إدارة منزلها .
المصدر - الاسلام اليوم