... ...
فِي الْحَدِيْث ان فَاطِمَة عَلَيْهَا الْسَّلام
شَكَت مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِن الْرَّحَى فَأَتَت الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم تَسْأَلُه خَادِمَا
فَلَم تَجِدْه فَذَكَرَت ذَلِك لعَائِشَة فَلَمَّا جَاء أَخْبَرَتْه قَال: فَجَاءَنَا وَقَد أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْت أَقُوْم
فَقَال: مَكَانَك، فَجَلَس بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْت بَرْد قَدَمَيْه عَلَى صَدْرِي
فَقَال: أَلَا أَدُلُّكُم عَلَى مَا هُو خَيْر لَكُمَا مِن خَادِم
إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَو أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا أَرْبُعَا وَثَلَاثِيَن، وَسَبِّحَا ثَلَاثَا
وَثَلَاثِيَن، وَاحْمَدَا ثَلَاثَا وَثَلَاثِين فَهَذَا خَيْر لَكُمَا مِن خَادِم)
رَوَاه الْإِمَام الْبُخَارِي
]
[
أن فَاطِمَة جَاءَت إلى الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
تَسْالَه خَادِم مَن الْسَّبْي الَّذِي جَاءَه
وَذَلِك لِانَّهُا عَانَت بِسَبَب مَا تَلْقَى مِن كَثْرَة الَاعْبَاء عَلَيْهَا
فَهَيَّا تَطْحَن بِالْرَّحَى حَتَّى اثَرْت فِي يَدِهَا
وَاشْتَكَت رَضِي الْلَّه عَنْها مَجّل يَدَهَا _ اي تَقْطِيْع يَدَهَا نَتِيْجَة الْعَمَل الْشَّاق_
وَاسْتَقَت بِالْقِرْبَة حَتَّى أَثَّرَت فِي عُنُقِهَا، وَقَامَت الْبَيْت حَتَّى اغْبَرَّت ثِيَابُهَا
وَخَبَزَت حَتَّى تَغَيَّر وَجْهِهَا؛ لِأَن الْخَبَّاز مَع لَفْح نَار الْفُرْن يَتَغَيَّر لَوْن وَجْهَه
كُل ذَلِك حَصَل لفَاطِمَة رَضِي الْلَّه عَنْهَا
فَاقْتَرَح عَلَيْهَا عَلِي رَضِي الْلَّه عَنْه أَن تُذْهِب إِلَى أَبِيْهَا تَطْلُب خَادِمَا
حَيْث إِن عَلِيّا لَم يَسْتَطِع أَن يُوَفَّر لَهَا خَادِمَا
لَكِن الْنَّبِي الّاب الْمُشْفِق الْحَنُون عَلَيْه افْصِل الْصَّلَوَات وَاتَم الْتَّسْلِيم
دَلْهَا عَلَى مَاهُو خَيْر لَهَا مِن خَادِم
فَقَال:
أَلَّا أُخْبِرُك مَا هُو خَيْر لَك
فَذَكَر لَهُمَا الْتَّسْبِيح ثَلَاثا ً وَثَلَاثِيَن وَالْتَّحْمِيْد ثُلَاثَا وَثَلَاثِيَن وَالتَّكْبِيْر أَرْبُعَا وَثَلَاثِيَن
قَال: (فَتِلْك مِائَة بِالْلِّسَان وَأَلْف فِي الْمِيْزَان)
أَي أَن الْأَجْر عِنْد الْلَّه الْحَسَنَة بِعَشْرَة أَمْثَالِهَا، فَذَلِك خَيْر لَكُمَا مِن خَادِم)
قَال عَلِي : فَمَا تَرَكْتُهَا مُنْذ سَمِعْتُهَا
فَقَال ابْن الْكَوَّاء: وَلَا لَيْلَة صِفِّيْن؟! قَال: وَلَا لَيْلَة صِفِّيْن يَا أَهْل الْطُّرُق! أَي : أَهْل الْفِتَن
وَلَم يُعْطِهَا صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَن الْسَّبْي لِانَّه
ارَاد ان يُنْفِق بَثَّمِنْهُمَا عَلَى اهْل الْصُّفَّة
وَاهْل الْصُّفَّة هُم الْفُقَرَاء الَّذِيْن كَانُوْا يَأْوُوْن إِلَى مَسْجِد الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
أَهْل الْصُّفَّة لَيْس عِنْدَهُم أَهْل وَلَا مَال وَلَا بُيُوْت
وَإِنَّمَا كَانُوْا يَأْتُوْن إِلَى الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم يُلَازِمُونَه وَيَاخُذُون مِنْه عَلَى شِبَع بُطُوْنِهِم
فِيْمَا نَذْكُرُه مِن الْعِبْرَة مَا يُغْنِي عَن كَثِيْر مِن الْتَّعْلِيْق
فَحَسْبُنَا بِهَذِه الْشَّرِيْفَة بَنِت رَسُوْل الْلَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَن كَان مَهْرُهَا دِرْعَا
وَأَن كَان فِرَاشَهَا أَدَمَا حَشْوُه لِيْف، وَأَن كَان تَجْهِيْز بَيْتِهَا سِقَاءَين وَرَحَائِين
وَأَن كَانَت مَعِيَشَتَهَا
أَن تَخْدِم بِنَفْسِهَا وَأَن تَقُوْم بِحَق زَوْجَهَا رَضِي الْلَّه عَنْهَا وَأَرْضَاهَا
1- أَن الْإِنْسَان يَحْمِل أَهْلَه عَلَى مَا يُحْمَل عَلَيْه نَفْسُه مَن إِيْثَار الْآَخِرَة عَلَى الْدُّنْيَا
إِذَا كَانَت لَه الْقُدْرَة عَلَى ذَلِك، لِأَن بَعْض الْنِّسَاء قَد لَا تَكُوْن لَهَا الْقُدْرَة، فَرُبَّمَا لَو أَنّه أَرَاد أَن
يَحْمِلُهَا عَلَى شَيْء مِّن الْشِّدَّة طَلَبْت الْطَّلَاق وَخَرَجَت مِن الْبَيْت وَتَرَكْت لَه الْبَيْت وَالْأَوْلَاد، وَكَثِيْر
مِن الْنِّسَاء تُرَسِّخ فِي ذِهْنِهَا قَضِيَّة الْبَحْث عَن الْمَادِّيَّات
(طَلَب الْخَدَّم ، وَالْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم لَمَّا أَوْصَى بِذَات
الْدِّيْن لِأَجْل أَنَّهَا تَحْرِص عَلَى الْدِّيْن وَتُقِيْم لَه الْوَزْن الْعَظِيْم، وَلِذَلِك فَإِن الْإِنْسَان لَابَد أَن يَكُوْن حَكِيْما
قَد يَجِد أَحْيَانَا فِي نَفْسِه شَيْئا مِن الزُّهْد لَكِن أَهْلِه لَا يُطِيْقُوْن، لَكِن إِذَا كَانُوْا يُطِيْقُوْن
حَمَلَهُم مَعَه عَلَى الزُّهْد
2- كَذَلِك اسْتَدَلُّوْا بِالْحَدِيْث عَلَى جَوَاز دُخُوْل الْرَّجُل عَلَى ابْنَتِه وَزَوْجُهَا بِغَيْر اسْتِئْذَان
لَكِن هَذَا فِيْه نَظَر؛ لِأَنَّه جَاء فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيْث أَنَّه اسْتَأْذَن. وَكَذَلِك فِي هَذَا
الْحَدِيْث: أَنَّه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَعْصُوْم فَلَا يُقَاس عَلَى غَيْرِه مِن غَيْر الْمَعْصُومِين، كَمَا
إِذَا جَاء وَدَخَل وَجَلَس بَيْنَهُمَا
3- هَذَا الْحَدِيْث فِيْه إِظْهَار الْشَّفَقَة عَلَى الْبِنْت وَالْصِّهْر، فَإِنَّه أَتَاهُمَا فِي بَيْتِهِمَا وَجَلَس بَيْنَهُمَا
وَقَال: أَلَا أُعَلِّمُكُمَا؟ فَيُؤْخَذ مِنْه أَن عَلَى الْإِنْسَان أَن يَبَر بِصِهْرِه
و مَوَاقِف النَّبِي عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام مَع عَلِي و فَاطِمَة
مُتَعَدِّدَة تَدُل عَلَى أَنَّه كَان يَبَر بِصِهْرِه كَمَا يَبَر بِابْنَتِه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
وَعَلَى أَن الْإِنْسَان إِذَا كَان عِنْدَه زَوْج بِنْت أَو زَوْج أُخْت أَن عَلَيْه أَن يُصْلِح مِن شَأْنِهِمَا
بَل إِنَّه كُلَّمَا اسْتَطَاع أَن يُحْسِن الْعَلَاقَة وَيَدْخُل الْسُّرُوْر
وَأَن يَسْعَى فِي دَوَام الْأُلْفَة، وَيُزِيْل سُوَء الْتَّفَاهُم، وَأَن عَلَيْه أَن يَفْعَل ذَلِك وَهُو مِن الْوَاجِبَات.
4- وَكَذَلِك فِي هَذَا الْحَدِيْث: أَن مَن وَاظَب عَلَى هَذَا الْذِّكْر لَم يُصِبْه الْإِعْيَاء، لِأَن فَاطِمَة شَكَت الْتَّعَب
فَأَحَالَهَا الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم عَلَى هَذَا، أَفَاد هَذَا شَيْخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِيَّة رَحِمَه الْلَّه؛ وَهَذَا يَدُل عَلَى أَن
الْذِّكْر لَه أَثَر فِي
تقْوِيَة الْبَدَن
ويُقَوِّي الْقَلْب
يَزِيْد الْنَّفْس ثَبَاتَا
وَالْقَلْب طُمَأْنِيْنَة
وَالْإِنْسَان رَبَاطَة جَأْش
5- وَكَذَلِك: فَإِن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم كَان يَعْتَنِي بِزِيَارَة بِنْتِه فِي بَيْتِهَا
وَلَا يَقْطَعُهَا بَعْد الْزَّوَاج فَهَذَا تَفْقِد مِنْه صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم
6- وَكَذَلِك فِي هَذَا الْحَدِيْث: أَن الْإِنْسَان يُعْطِي الْأَوْكَد فَالأَوْكّد وَالْأَكْثَر اسْتِحْقَاقَا، وَبَعْض الْنَّاس الْآَن إِذَا جَاء يُعْطِي الْزَّكَاة
رُبَّمَا حَابَى بِهَا قَرِيْبَا أَو أَعْطَى شَخْصَا لَيْس بِفَقِيْر ذَاك الْفَقْر، مَع وُجُوْد
شَخْص مُسْتَحِق وَأَشَد حَاجَة وَأَفْقَر؛ لَكِن بِالْمُحَابَاة يَتْرُك الْأَفْقَّر وَالأَحْوّج وَيُعْطِي الْأَقْرَب أَو م ن لَه عَلَاقَة بِه وَنَحْو ذَلِك
وَالْرَّسُوْل مَع أَنَّهَا ابْنَتُه وَزَوْج ابْنَتِه لَكِن قَدَّم -الْأَفْقَّر وَالأَحْوّج-
7 - وَفِي هَذَا الْحَدِيْث كَذَلِك: أَنَّه إِذَا حَصَل ازْدِحَام فِي الْحُقُوْق فَإِنَّه يُؤَثِّر صَاحِب الْحَق الْأَقْوَى
8 - وَفِيْه جَوَاز أَن تَشْتَكِي الْبِنْت لِأَبِيْهَا مَا تَلْقَاه مِن الْشِّدَّة، وَلَم يُنْكِر عَلَيْهَا أَنَّهَا اشْتَكَت، فَلَو اشْتَكَت
- مَثَلا- تَعِب الْعَمَل فِي الْبَيْت، وَاشْتَكَت مِن أَذَى أَطْفَالِهَا وَأَنَّهَا تَلْقَى شِدَّة فِي تَرْبِيَتِهِم وَنَحَو ذَلِك فَإِن لَهَا أَن تَشْتَكِي لِأَبِيْهَا
وَأَن الْأَب عَلَيْه أَن يَقُوْم بِدَوْر الْنَّاصِح الْمُوَجِّه، وَأَن مَسْئُوْلِيَّتِه عَن ابْنَتِه لَم تَنْتَه بِتَّزْوِيْجِهَا
وَإِنَّمَا هِي مُسْتَمِرَّة فِي الْتَّسْدِيْد وَالْإِصْلَاح وَالْنَّصِيْحَة وَتَخْفِيف مَا يُصِيْب الْبِنْت مِن نَتِيْجَة أَعْبَاء الْزَّوَاج
، وَعَلَى الْأَب أَن يَكُوْن حَكِيْما فِي نُصْح ابْنَتَه فِي مُوَاجَهَة الْوَاقِع الْجَدِيْد بَعْد
الْزَّوَاج هَذِه مَسْأَلَة مُهِمَّة, وَكَثِيْر مِّن الْبُيُوْت تَنْجَح بِسَبَب مُوَاصَلَة الْأَب
9- الْحَدِيث فِيْه مَنْقَبَة لعَلَي رَضِي الْلَّه عَنْه مِن جِهَة مَنْزِلَتَه عَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه
وَسَلَّم، وَأَنَّه دَخَل عِنْدَه وَجَلَس بَيْنَه وَبَيْن زَوْجَتَه، وَأَنَّه اخْتَار لَه أَمْر الْآَخِرَة عَلَى أَمْر الْدُّنْيَا وَآَثَر ذَلِك لَه
10- وَكَذَلِك فِي هَذَا الْحَدِيْث: أَن هَذِه الْكَلِمَات الَّتِي تُقَال مِائَة مَرَّة قَبْل الْنَوْم يُشْبِهُهَا
كَذَلِك مَا يُقَال بَعْد الْصَّلَوَات، فَقَد وَرَد فِي بَعْض كَيْفِيَّات الْأَذْكَار الَّتِي بَعْد الْصَّلَوَات مِثْل أَذْكَار قَبْل الْنَّوْم:
سُبْحَان الْلَّه ثَلَاثا وَثَلَاثِيَن، وَالْحَمْد لِلَّه ثُلَاثَا وَثَلَاثِيَن، وَالْلَّه أَكْبَر أَرْبَعَا وَثَلَاثِين، هَذِه كَيْفِيَّة
صَحِيْحَة مِن كَيْفِيَّات الْأَذْكَار بَعْد الصَّلَاة، وَكَذَلِك وَرَدْت قَبْل الْنَوْم، وَبَعْد الْصَّلاة
- | الْكَيْفِيَّة الْمَشْهُورَة
سُبْحَان الْلَّه ثَلَاثا وَثَلَاثِيَن
وَالْحَمْد لِلَّه ثُلَاثَا وَثَلَاثِيَن
وَالْلَّه أَكْبَر ثَلَاثا ًوثلاثين
وَتَمَام الْمِائَة لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه وَحْدَه لَا شَرِيْك لَه، لَه الْمُلْك وَلَه الْحَمْد وَهُو عَلَى كُل شَيْء قَدِيْر
11- وَفِيْه مَا كَان عَلَيْه الْصَّحَابَة رِضْوَان الْلَّه عَلَيْهِم مِن الْشِّدَّة وَأَنَّهُم احْتَمَلُوْا ذَلِك وَخَرَجُوْا مِن الْدُّنْيَا فِي
نَظَافَة، وَأَنَّهُم لَم يَتَقَذَرُوا بِمَا فِيْهَا
12- وَفِيْه -أَيْضا- تَسْلِيَة لِكُل مَن اشْتَدَّت حَالُه أَن مَن هُو أَفْضَل
مِنْه لَاقَى مَا هُو أَشَد، فَلَعَل أَن يَكُوْن فِيْه دّرْس لَه أَيْضا عَلَى الْصَّبْر
. نَسْأَل الْلَّه سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَن يَجْعَلْنَا مِن الَّذِيْن يَسِيْرُوْن عَلَى خُطَاهُم
وَيَتَأَثَّرُون بِسِيْرَتِهِم وَيَعْمَلُوْن بِهَا، وَالْلَّه أَعْلَم
وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد
...
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم مافي احسن من التسبيح والاستغفار والتهليل والتكبير
والعالم هالحين هابين بهالشغالات عشان اقهر فلانه وعلانه
الله المستعان