- عزيزتي مليكة،
- عزيزتي مليكة،
- مليكة،
- والسلام.
آخر ما تبقى من الوعود الكبيرة
حبيباتي جايبه لكم مجموعه من القصص القصيره ان شااء الله تعجبكم
ويلا نبداء بسم الله
عزيزتي مليكة،
تحية عطرة طيبة قد بالغت روائحها في الانتشاء عبر هذا الأثر الزماني..وتعابير ملحة تغتالني عندما اعبر هذا الشط من الحنان الى مجال غير مؤهل بتاتا للذكرى والأشواق..
لعل الآن ذاكرتك تجهد نفسها وتتخبط خبط عشواء وهي تحاول بدو جدوى أن تعرف سبب هاته الرسالة غير المنتظرة..وأراك وجمهور الأسئلة يكاد يقتلك لهفة لمعرفة السبب في ذلك..سأوفر عليك الأمر وأرحمك من هذا البلاء..وغن أرجو قبل كل شيء ان تعذريني على الصراحة التي سأتكلم بها في هذا المجال..
لقد لاحظت كما لاحظ الجميع الذين يتجولون داخل الجمعة انك من نماذج الطالبات المتفوقات داخل مجال تخصصهن، و..وأن ارتباطك بالدراسة كان يحول بينك وبين جمع الأشياء التي تختارها الفتيات في هذا الصدد..ربما ان الحجاب الذي تختفين خلفه قد أبعدك عن الأمور التي لا داعي لذكرها هنا.. وأراح الطلبة من عناء ليس من وراءه مكسب ولا ربح من أي مستوى..على العموم كنت مثالا يحتذى به عن الجد والالتزام واحترام الآخر والمثابرة وما شئت من المصطلحات، على أن الأمر الذي جذب انتباه الجميع هو تلك النظرة الخاصة التي كنت تختصين بها الشاب الذي لا يرفع عينيه أرضا..لا داعي لأن أقول إنه "عادل" ويدرس في نفس سنة تخصصك، فما جمعتكما الصدف إلا ويرى "عادل" وقد تغير وجهه من الأحمر الى الأصفر الى ما تودين من الألوان، وتختلج الشفاه رهبة بينما ينعكس على العيون بريق لا يخفى على العاشقين والمحبين وتندلع نيران داخل نفسيكما لا تعرف ارتواء ولا خمودا.. وتتوالى الأيام تزيد من حرارة الوجد وشدة الارتباط. وعندما قرر "عادل" ان يحترف المسرح مع زملائه الجامعيين كنت الأسبق الى التسجيل في اللائحة. فما معنى هذا ؟ هل هو محض صدفة كما حاولت إقناع زميلاتك ام لعله تصاريف قدرية ؟ وهل تخفي العيون ما يحاول صاحبها إخفاؤه؟ فسبحان خالق هذا الكون الذي بذر في الإنسان حرارة ما بعدها حرارة، وجعل المودة والرحمة دليلا لعواطف الإنسان العاصفة بكل ما في هذه الثورة من تغيير وانقلاب..سبحان الذي وهب المخلوق عواطف لا تبلى.
عزيزتي مليكة،
لقد لاحظت منذ أن غمر وشاح الحب عقليكما وأنفاسكما..أن هناك حدثا طارئا اتخذ مجراه في در حياتكما.. هو من ناحية عثر ملامح ذاته داخلك وارتوى عطشا لحنان وعطف حقيقي افتقدهما في حياته منذ اختارت أمه الرفيق الأعلى.. وأنت من الناحية الأخرى القريبة منه تتعلقين بذراعه داخل قاعات الجامعة وأمام عيون الأساتذة والطلبة أثناء الأعمال التطبيقية، تبتسمين عندما تنفرج شفتاه عن ضحكة وتحزنين عندما يحزن...فأنت له وهو لك..ونحن جمع الأصدقاء والزميلات نبارك ارتباطكما، أو لنكن أكثر دقة : كنا نبارك علاقتكما والمشوار المشترك كاحتمال..
ذات مرة من أيام العطلة الكبرى زارني بالمنزل، كعادته كلما احتاج إلى أمر او مشورة خاصة..فما كاد يدخل غرفة الضيوف حتى انطلق لسانه يحكي ويحكي، وكلما مر اسمك على لسانه أرى دمعة تحاول الفرار من مقلته..وهو يحاول ان يجعلني أكثر إحاطة به من قبل..عرفت انه كان مسرورا كطفل اما كعكة الميلاد يسترجع انطلاقاته الأولى..ويصنع خيوط حبه الأول كلما أحس انه طائر في عنان السماء يرى ما لا يراه الآخرون وشعر بما يجعل وجنتاه متوردتان وعيناه تبرقان سعادة وحبا..عرفت انه أصبح شاعرا لا يشق له غبار لا يكاد ينهي قصيدة من النجوم حتى يحبك عبرها عقدا من الأشواق والأهواء وخاتما من العذرية والعفاف يلفه حول بنصرك ويبعث قلبه المرفرف رسولا مع عقد الحب يطوق بها نفاسك اللاهثة ويبعثر حول جنباتك طيفا له يختلط مع طيفك على التراب وتتداخل معه الساعات وتندغم حتى يصير لكما زمنا ليس كزمان الناس العاديين...اتضح لي عجائب الحب وغرائبه التي ما طالت مخيلتي من قبل وأنا أرتجف من كلامه كعصفور مبتل، وفمه لا يكاد تنطبق شفتاه من كثرة ما تكلم وحكى..
كلام الزملاء يخترق ورد غرامكما كأشواك دامية لا ترحم..وانتما تخترقان هذا الخضم من الدماء بشجاعة وتوفق، لعل ودسائس المخادعين كثيرا ما سلكت آذانكما وعبثت بفكركما..والواشين وهم يحاولون صرم حبل ودكم بمختلف الاخلاقات والأكاذيب، فمنهم من يحلف أغلظ الايمان انه رآك مع (مصطفى) ابن المليونير المشهور داخل احدى سياراته..ومنهم اختلق خطاب غرام رماه في حجر (عادل) عساه يكون حزنا داخل سعادتكما..
فلا داعي لأن أذكرك باليوم التي رأيت فيه عادل يبادل البسمات لصديقتك (نرجس) هاته التي حاولت أكثر ما مرة ان يزيد ارتباطها (بعادل) أكثر مما هو كذلك..وهي إن اكتفت بالبسمة التي يبادلها تجنبا للحرج فجوانحها تتآكل غيرة وحسدا على صاحبة هذا الكرسي المتربع على حجرة من حجرات قلب (عادل)...
سنتحدث عن هذا المجرم الذي أصاب (عادل) منذ زادت مدة غيابك عنه الشحوب الرهيب الذي أحال نفسيته اشد سواء من ليلة بدون قمر..إذا لم تصدقي فاقتربي اكثر لتلاحظي دقات الساعة تتلاحق على مقلتيه وتنهشان عمره ولغز حياته اللذان حبهما وداراهما وراء باقة ورود أهداك إياها .أتذكرين هذا اليوم ؟ لعله تذكار لكل عاشق حيران في هذا الكون..لعله اليوم الخالد الذي استطاع فيه (عادل) ان يغالب خجله ويطلق اول كلمة حب صبها بشفتين مرتجفتين عليك. أول كلمة تستحمين بها وتخافين ان تكون الاخيرة، عندما مررت او لمزيد من التدقيق عندما رأيتكما لم أحسبكما إلا ثوب وجسد..ثوب فاقع الالوان أخاذ المنظر وجسد على احسن ما يكون خلقه..وبدأ دماء حارة ساخنة أراها تتزاحم في وجه (عادل) ودقات قلب سعيدة تعد حواركما وتراقب لكما صفاء الانس والقمر..فمن يجعل الدماء التي اعتادت ان تروي الوجه والقلوب، تتوارى وتغيب تاركة هذا الشحوب المخيف؟ من يجنب هذا المسكين مغبة الحريق والالم الرهيب ؟ من يستطيع بعد ذلك ان يرى ضحكة عينيه وجمال حديثه وشوقه ؟
لا أخفيك شيئا، لعبت بي الظنون كما لا بد أن تعلمين..ومحاسن صوتك ورقة الصدفة التي جمعتكما وشرطي المرور الذي عزلتموه من طريق غرامكما، كلها تشقي تفكيري وتزيد من حيرتي الوانا وأشكالا..وشواهد غرامك كالطود العظيم في صدره تدميه نارا وعذابا وتعالجه بدون مخدر..فما أصعب شواهد الغرام عندما تعالج بدون مخدر.
ها هو الحزن رسم ملامحه بوضوح، والغم استقرت مقاماته بجنباته.. وعندما يتكلم الانسان مع نفسه بصوت مرتفع ويتشنج صوته بدون سبب..يكون هذا مدعاة للقلق والخوف..فكم هو خطير ان يتكلم الفرد مع نفسه بصوت يعلو وجدانه !!!
وجاء النبأ الذي زاد الطين بلة ودمر ما بقي من الذهول.. كيف تسنى لك وبكل هاته البساطة ان تفعلي ذلك؟ بل كيف هو فؤادك..أقد من حديد ان من فولاذ ؟ هذا القلب الذي ملك (عادل) طولا وعرضا كيف قسى كالحجر..؟ وبالله عليك ألم تحاولي ان تحاسبي أصابعك التي كتبت خطابك..الاصابع التي لطالما التقت ارتجافة يد (عادل) وهي تضغط على يدك بلطف دار عاصفة الوجد والشوق داخل النفوس. لله درك من متغافلة ومتجاهلة.. فمن يا ترى يبلغك ان الاشهر الثلاثة التي غبت فيها قد فعلت ب(عادل) مهلكا لا فكاك له منه إلا بالموت، إذا كنت تميلين الى سكب لحن الوداع على قصيدة الفرح والامل فكوني مستعدة لذلك واعترفي بخداعك او بضعفك إن شئت.
وعلى كل فأنتما تركبان سفينة واحدة في بحركما، إذا أحببت ان تصنعي بها ثقبا او عدة ثقوب فهذا شأنك ولكن عندما تنقلب أوتار المركب ويعزف الرجوع غمد النهاية ستكون تلك بداية النهاية ..وما أقساها من نهاية.
مليكة،
ما العمل يا ترى؟ كيف الفكاك من عتبة اللحن الذي غير القلوب ؟ لكن ما جدوى الانتظار القاتل، إنه السم الذي يفتك بنفسية (عدل) بطيئا ومدمرا وحاسما. صدره كان بستانا من الزهور تتجولين به وتقطفين ما تشائين من الرياحين..والآن صار صحراء قاحلة بعدما جفت آبار الحب والشوق..سأقول لك أنك لست حرة في أي قرار ستتخذينه او الذي اتخذته..ثقتك بقرارك الذي لا زلت أجهله لن يبلغ شيئا من ثقة (عادل) بحبك له وصراحتك منه عاطفيا..
أحقا تأتين اليوم لتطالبينه بالنسيان وشطب حياتك من دماءه..وبعدها بكل صفاقة تقولين له ان زمن الحب قد ولى..؟ أصحيح ان ما كان لم يكن إلا سرابا وزبد بحر؟ فيا لها من عاصفة قاتلة إن كان الامر كذلك !! ولكم أرثي هذا المسكين حالة إن كان ما أفكر فيه واقعا... !!!
لا أريد دموعا تبللين بها الأوراق.. دموع الأسى الحزب، ولست استجدي منك حبا زائفا وعطفا صادقا نحو ما صارت اليه علاقتكما.. وكل ما اطلبه هو اعادة النظر ودقة النضور وبعده..هو الثقة في أن ما قررته ن شأنكما هو ما يجب ان يكون.
لك مني عزوف (عادل) عن الحياة وتغير احواله..وشحوب حاله الدامي..ومني شخصيا الدعاء بحسن القرار وخير الختام.
والسلام.
مرت على كتابتي للرسالة ما يزيد عن خمسة اشهر..ونسيت الامر برمته مع مشاغل الحياة والمشاكل التي ترتبط كسلسلة من الحديد، على أن حالة (عادل) بدأت تعود نسبيا الى الاستقرار وحاولت أكثر ما مرة ان اخرجه من قوقعته التي صنعها بيده..إلا إنه صار كجوزة هند فارغة مجوفة وتغير جذريا..وعبر هاته الأخاذيذ العميقة وصلتني رسالة لا تحمل عنوان المرسل..كلماتها كانت فصل الختام لهاته الملحمة الغرامية ومزقت ما بقي من الاستقرار ولعلها كانت كلمة القدر الاخيرة والفاصلة.
"منذ خمسة اشهر ونصف كان ل (مليكة) موعد مع الزمن غير قابل للتأخير..وارتاحت الى الابد من وساوس البشر..كانت رحمها الله تعاني من ورم خبيث ولم تشأ أن تخبر (عادل) بمرضها..كانت تحكي لي كل ما يخصها.. وإن كان حبها صادقا وعفيفا وليس كما تخيلته فقد أراحتك من عناء التفكير وأراحت نفسها من حب تقررت نهايته منذ اول لقاء.
كان الله في عون (عادل) الذي أحسبه يتعذب ويتألم ..وفي عوننا على فقدان العزيزة علينا، إنه سميع مجيب."
وضعت الرسالة جانبا.. الضباب والحيرة تلتف من كل جانب وتختارني دليلا وسط الألم.
وتقبلوا تحياتي م ن ق و ل
كنا نعشق الهمس في شفتي الصمت ، ونكتب على جدار الحيرة ترانيم وموشحات لاتنسى ، ونمضي في غياهب العشق ، نحرص براعم الحب من الا نفلات يبن اصابعنا ، ولا نكثر من صراخ ماتبقى من آمالنا.
لم يكن نحيب الروح سوى جرح نازف يدمي صراخا عاريا من كل شيء ،حتى من الصدى
لم يأبه الهوس بصراخي المكتوم ، بقيت عاريا حتى من الكلمات ، لاشيء يذكرني بأنين الوجع سوى تلك الأيادي الصلبة التي تخدش كل شيء ، حتى الحلم .
راح كل شيء حتى التيه الذي كنت اتشبه به مضى إلى المجهول ، وبقيت وحدي أحترف لغة الصمت ، أكتب على صفحات الماء تأتاءات للسان مشلول.
لابد من فيء هجيرة وقرطاس وأقلام لأكتب تاريخي المهزوم
حتى لا أنسى جرحي الراعف ،أو أتناسى عشق الذكرى ،سأرقش على صفحات السراب لحظات لاتنسى ، وسأترك للموت موتا وعشقا وشيء من الذكرى.
غاب ولم يعد، كلهم عادوا ، كلهم فتحوا بابا للعشق وأبوابا للموت
على هودج الذكرى تمنطقت النسوة بصوان العشق وكلمات الراحلين ، ومضين يغزلن بكلمات الذكرى جببا من العويل وقمصانا للخائبين.
هكذا كانت الأشياء، وهكذا مضت ، خلسة تندلف من بين التخوم ، وعنوة تكتب أسمائها في سجل الغابرين.
أصبحت الآن كرجل لاتعنيه الحكاية....
كرجل لا تعنيه الحكاية مضى في سبيله ، يدمدم بكلمات لامعنى لها ،يجرد الكلمات من المعاني، ويعلقها على حبال الاحتمال ، ليرصد عشقا غابرا بين ثنايا كلمة نابية.
مضى الجميع لحاله ، بينما بقيت أتعثر ،أتمتم برحيق شهوة غابرة ،واعلنت بصوت عال سحقا للفراغ الذي ابتلع الأشياء الجميلة .
على زخرفة الوقت ، بقيت وحدي ، أمشط الذكريات علي أظفر بلحظة ساخرة أو هسهة ضحكة تمسح دمعة حزن دارف من صوان الذكرى.
لا شيء البتة غير أفول بسمة أو ضحكة مؤجلة أو نحيب يقرف القلب ، او هيام يرغمني على الانفلات من شراك الأسى لأتيه في سراب لا حد له.
حتى لا تغيب شمس الأمل عن شفتا المهزوم ،استطيع ان أصرخ بأعلى صوتي ، لن أركض خلف الهزيع ،سأبقى جاثما على صهوة القلب،أقلب عن بقايا نساء كن يحلقن على شرفة النهار ،ويكتبن خربشات على وجوه المارة ،وكنت وحدي أتتبع همساتهن اللاتي يوشين برحيل الغرباء.
هكذا ......كان يشيح بوجهه نحو الليل ويبكي، لا لشيء سوى أن الليل اختلس عنوة من وميض عينيه شرنقة الصباح.
كان يصرخ بصوته المكتوم ،المخنوق في جب الليل ، وتنتهي أمسياته بضحكات هستيرية ،تبعتر صمت الليل وتقبر في جوفه المهترئ .
بكى دون أن يدرف دموعا ،أجهش بشيء من العويل الكتوم ، وراح يوزع على ندامى ليله شيء من الكلام المباح ، ثم رقد في سلام.
م ن ق و ل