اتبعي الآتي في شهر رمضان الكريم بالنسبة للغذاء

1. شهر رمضان الكريم بالنسبة للغذاء

شهر رمضان الكريم بالنسبة للغذاء

تزكية النفس وتحقيق التقوى في القلب هما عمودا الشهر ومداره ولأجله فرض الصيام: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة: 183 . إلا أن المعدة زاحمت القلب مزاحمة كبيرة حتى أصبحت تصب فيها معظم برامج الشهر. قال صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه": الترمذي.
إن حدوث تغيير في طريقة الأكل وكميته في رمضان أمر مطلوب، وبالفعل يحدث تغييراً لمعظم الصائمين لكنه تغيير لا يضر بروحانية الشهر وهدف الصوم فحسب بل يضر بصحة الصائم من خلال النقاط الآتية:
إقبال الناس في رمضان على اللحوم الحمراء وشراء الذبائح والتي تعتبر من المصادر الغنية بالدهن الضار المسبب لارتفاع الكلوسترول في الدم أحد الأسباب الرئيسية لجلطة القلب بكثرة.
الإكثار من تناول النشويات والكربوهيدرات المتمثلة في المعكرونة والأرز وأنواع الحلوى الغنية بالسعرات الحرارية المرهقة للبنكرياس والتي تمثل عامل خطورة لمن لديهم استعداد وراثي للإصابة بمرض السكر.
تناول العصائر غير الطازجة والمشروبات الغازية المؤدية لعدد من الاضطرابات الهضمية كتهيج القولون والشعور بالانتفاخ والإمساك وسوء الهضم، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن المشروبات الغازية تقلل من امتصاص الكالسيوم (أحد الأسباب الرئيسية لهشاشة العظام).
الالتهام السريع للطعام وعدم مضغه جيداً وبالتالي عدم إعطاء فرصة كافية لإنزيمات اللعاب الهاضمة لأداء عملها مما يقلل القيمة الغذائية للطعام ويزيد من مقاومة عمل الإنسولين في الدم، وبالتالي زيادة معدل السكر فيه، وقد أشارت دراسة قدمت بمدينة الملك فهد الطبية أن سرعة التهام المجتمع السعودي للوجبة أحد الأسباب المؤدية للمعدلات العالية في سكر الدم.
زيادة شراء المعلبات المحتوية على الألوان والنكهات الصناعية ومعلوم أنه عادة ما يدخل في تركيبها كمية كبيرة من الكحول غير المسجل.
وللأسف فإن الأمر لا يتوقف عند وجود العادات الخمس الضارة بالصحة كما سبق بل يصحبه ما يتنافى مع الشهر الكريم وهو الإسراف الذي ورد فيه وعيد شديد كفى في ذمه أن الله قرر عدم محبته للمسرفين.
وعندما تكون المعدة هي أكثر ما يشغل الناس في رمضان فلا غرابة أن ينصرم الشهر والإنسان لم يغير في نمط حياته وسلوكه ويزكي قلبه ويرقي إيمانه.
لقد فلح الشيطان في شغل معظم الناس بالطعام، بل وفلح من خلاله في الإضرار بصحتهم، وهذه طائفة سريعة لعدد من الإرشادات الصحية الغذائية في رمضان:
1- اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الإفطار، فقد كان صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء، فلم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم إدخال الطعام على الطعام خاصة قبل الصلاة لأن في ذلك إرهاقاً للجهاز الهضمي وعدم تمكن الإنزيمات الهاضمة من أداء عملها، كما أن الذهاب إلى المسجد بعد أكل بضع تمرات، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم فيه فوائد صحية جليلة، منها: كسر حدة الجوع، وتنبيه المعدة والإنزيمات الهاضمة بصورة تدريجية، كما أنه يساهم في الحفاظ على الشعور الإيماني والجو الروحي عند الغروب الذي هو من أجمل أوقات الصوم، حيث النفس في قمة انكسارها وضعفها والذهن في أقل مستوى انشغاله وبالتالي تتهيأ دقائق روحانية للدعاء والتقرب إلى الله وقراءة القرآن، ربما يبقى مذاقها وأثرها العمر كله.
2- رمضان فرصة كبيرة لتغير نمط غذائنا إلى الأفضل فنهتم بالكيف وليس الكم وأن نقوم قبل أن نشعر بالتخمة والألم، وأن نلتزم بقاعدة الثلث الواردة في الوصية النبوية، ومما يساعد على ذلك الاهتمام بثلاثة أنواع من الغذاء:
الحبوب الكاملة كالقمح والشعير والدخن والأرز البني أما الأرز الأبيض والخبز الأبيض فضررهما أكثر من نفعهما، ورمضان فرصة للتخلص منهما.
الخضروات والفواكه الطازجة، وهنا أشير إلى نقطة مهمة وهي التركيز على تناول فاكهة البلد وناتج الموسم، فلكل بلد ما يناسب أهله وصحتهم ولذلك أشار ابن قيم الجوزية في كتابه الطب النبوي بقوله: "وكان يأكل (صلى الله عليه وسلم) من فاكهة بلده عند مجيئها، وهذا أيضاً من أكبر أسباب حفظ الصحة، فإن الله سبحانه لحكمة جعل في كل بلدة من الفاكهة ما ينتفع بها أهلها في وقتها، فيكون تناولها من أسباب صحتهم وعافيتهم ويغني عن كثير من الأدوية وهو ما يوصي به علماء التغذية في العصر الحديث.
اللحوم البيضاء، يقل إقبال الناس على اللحوم البيضاء في رمضان كالطيور والدجاج والأسماك، وهو عكس ما ينبغي فعله فقد أثبتت الدراسات أن السمك يقلل من الإصابة بجلطة الدماغ والسكتات القلبية بنسبة 22% .
3- تناول السحور في وقته:
قال صلي الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" وهذه البركة تشمل بركة الطعام وحصول الفائدة الصحية للجسم.
4- عدم مشاهدة القنوات الفضائية أثناء الأكل:
إن مشاهدة القنوات الفضائية أثناء الأكل خاصة في رمضان لها آثار صحية سيئة عديدة منها:
يكون الذهن أقل إدراكاً لما يأكل الإنسان، وأقل وعياً بالإشارات التي يطلقها الدماغ عند الوصول إلى مرحلة الثلث أو ما قبل الشبع فيستمر في الأكل حتى المستوى الضار.
النظر إلى ما يخالف الشرع أو سماع المحرم في تلك القنوات يوقع الصائم في محذورين أولهما: حرمة الشهر وقساوة القلب فلا ينال المشاهد حظه من الخشوع سواءً أثناء صلاة التراويح أو سماع القرآن والمحروم من حرم الخشوع في رمضان، والمحذور الثاني: هو عدم شكر النعمة، حيث يأكل الصائم وينعم بالخير والأمان وفي نفس اللحظة يعصي الرحمن.
وخلاصة القول:
إن شهر رمضان محطة سريعة وفرصة لا تتكرر على مدار العام لتغيير نمط السلوك والغذاء، كما أنه قد يكون رمضان الأخير للإنسان فاحذر من الغفلة فيه والسعيد من اتعظ بغيره