- ازرعا المودة بينكما
ازرعا المودة بينكما
كثيرة هي الزيجات التي يستيقظ فيها الزوجان بعد سنوات من العشرة على فراغ عاطفي رهيب بينهما. ينتبهان وقد أصبحت العلاقة الزوجية جافة قاتلة، قضت العادة والملل على حرارة المودة فيها فلم يعد هناك ما يجمع بين الزوجين سوى التعود ولولا الأبناء في أغلب الأحيان لما استمرا في زواجهما.
لقد جعل الله سبحانه وتعالى بين الأزواج مودة ورحمة. وجعلها سكنا لبعضهما. لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا بسيرته الطاهرة العطرة أن مسؤولية رعاية هذه المودة وتنميتها ملقاة على عاتق الزوجين، بل أعطانا دروسا في الحفاظ على دفء العاطفة بينهما إنجاحا للعلاقة الزوجية وتثبيتا للبيت المسلم، دعامة المجتمع المسلم.
استقرأت بعض التجارب الزوجية الناجحة وحاولت أن أجد السر في الحفاظ على المودة فيها متوهجة. وها أنا اليوم أهديها لكم أحبتي من باب الذكرى التي تنفع المؤمنين والنصيحة للمؤمنين التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1. عماد الأمر كله هو طرق باب الله تعالى وتفويض الأمر إليه بالإكثار من الدعاء، وتحري أوقات الاستجابة، بأن يديم لله تعالى الحب بين الزوجين ولا يميته فيكون حيا دائما ".لنصغ لقوله تعالى يصف عباد الرحمان: " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" الفرقان الآية74. دعاء يقوله الزوج الرجل وتقولها الزوج المرأة. الذرية الصالحة والوُد بين الزوجين سعادة تبدأ من هنا في الدنيا قرةَ عين. قرة العين غاية السرور. والذي يفرح له المؤمن وتفرح المؤمنة فوق كل شيء الاطمئنان إلى أنهما وذريتهما سائران في طريق السعادة الأخروية.
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حبه لخديجة رضي الله عنها، قال": إنني رزقت حبها"، الحب رزق ينزل من السماء ويقسم بين العباد فيطلب بالدعاء وبالكسب والسعي للحصول عليه.
2. اللقمة تضعها في في زوجتك صدقة: تصرفات صغيرة وبسيطة هي جزء من الحياة اليومية ولكنها عندما تصدر من الزوجين في حق بعضها تكون لها قيمة معنوية كبيرة وتوطد الحب بينهما. منها أن يناديا بعضهما بأحب الأسماء إليهما،أو أن يحضنك عند العودة من الخارج أو أن يضع أحد الزوجين اللحاف على الآخر إن رآه نائما من غير لحاف، أو أن يربت على كتفه عند رؤيته لفعل حسن، أو أن يضع اللقمة في فمه..
هذه كلها التصرفات إذا صدرت عن الزوجة لزوجها أو عن الزوج لزوجته فإنها تؤكد معاني الحب بين فترة وأخرى.
3. الحوار بين الزوجين جسر الانسجام: يتحدثان عن ماضيهما وحاضرهما ومستقبلهما فيكونان صديقين أكثر من كونهما زوجين. يتبادلان الرأي حول هموم البيت والتربية وأمر الأمة، يقربان وجهات النظر فيحققان انسجاما بدونه لا يمكن للمودة ان تتوطد.
4. الكلمة العذبة بلسم القلوب : كلمة من هنا وضحكة من هناك ولمسة من هنا، تجدد الحب بين الزوجين وتعطيه عمرا أطول. فتطيب نفس الزوجين بالتفاهم الرقيق، والكلمة العذبة، واختيار الوقت الأنسب، والحركة الأجمل. ما دام الرجل والمرأة في حلال فلا حرج عليهما فيما يصنعان من فن المداعبة والملاعبة ودلال المرأة وتَعَطف الرجل.
قال ابن القيم رحمه الله: "قالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيْت لو مررت بشجرة قد أ ُرْتِع فيها وشجرةٍ لم يُرْتَعْ فيها، ففي أيهما كنت تُرتِع بعيرك؟ قال: في التي لم يُرتع فيها".
هذه كلمات يتبادلها المحبون. فهي رضي الله عنها تذكره بأنها من بين سائر نسائه التي تزوجها بِكْراً، شبهت نفسها بالشجرة التي لم يمسسها آكل.
5. وللهدية سحرها : يهدي الزوج زوجته هدية سواء أكانت في مناسبة أومن غير مناسبة وكذلك تهدي الزوجة زوجها. تطبع الهدايا في الذاكرة معنى جميلا فهي تذكر بالحب الذي بين زوجين ويزيد من قيمتها موافقتها لذوق واهتمام المهدى إليه.
6. رب زوجان لا يتحرجان من التعبير عن رغبة كل واحد منهما للآخر ويدركان بحق قوله صلى الله عليه وسلم : "وفي بضع أحدكما صدقة". الرغبة الجنسية بين الزوجين فطرة من الله سبحانه تعالى. وعلمتنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان التودد والملاعبة والمداعبة مقدمات لا بد منها لسعادة الجسد ونجاح العلاقات الحميمية بين الزوجين.لكن توفير الجو الشاعري الحميمي الهادئ لهذه العلاقة مسؤولية الزوجين. إن غرفة النوم مملكة خاصة للزوجين لها حرمتها. فليحرص الزوجان على عدم نقل مشاكل الحياة اليومية إليها والانشغال عن بعضهما بغيرهما من تلفاز أو جرائد أو غير ذلك. للأحاديث الخاصة في هذا الموقع وللتقارب الجسدي أثره النفسي على الزوجين، وأثر كبير في زيادة الحب بينهما.
7. نعم الزوج (ة) السند عند الحاجة: مثلا إذا كانت الزوجة حاملا فان زوجها يقف بجانبها ويعيش معها آلامها ومشاعرها أو إذا كان الزوج مريضا فتسانده الزوجة بعاطفتها فالدنيا كثيرة التقلب تحتاج من كل طرف أن يقف مع الآخر ويسانده عاطفيا حتى يدوم الحب.
فالحياة الدنيا دار بلاء، وما يخفف وطأة البلاء إلا تعاون المرأة والرجل المؤمنين على الصمود أمام الشدائد وعلى اقتحام العقبة بالعدل في الغُنْم والغُرم، وبالإحسان والبر والتسامح والإسعاف الحنون والمودة والرحمة. تشد المرأة عضُدَ الرجل وإن اقتضى الأمر تنازلها عن بعض حقوقها تكرما منها، ويعترف الرجل بفضلها فيسابقها إلى الإحسان.
إذا أنس الرجل الزوج أن المرأة الزوج ركن شديد يعتمد عليه، واطمأنت هي إلى أن رفيق الرحلة ثقة وحضن أمان فقد تأسست اللبنة الأم في البناء الاجتماعي. أهم من بناء المجتمع بناء معاد المرأة ومعاد الرجل في الآخرة. ذلك المعاد مادة بنائه العمل الصالح.
8. التسامح وحسن العشرة والتغافل عن السلبيات والتركيز على الايجابيات شعار الزواج الناجح : لا يجب أن ينظر الزوج أو الزوجة بالعين الفاحصة الناقدة إلى الطرف الآخر. بل يجب أن يتغافل كل طرف عما في الآخر من أخطاء أو عيوب لأننا بشر ومن الطبيعي أن يكون فينا عيوباً وأخطاء وطبيعة البشر لا تحب من يشير إلى أخطائها وعيوبها لذا فإن كل طرف مطلوب منه أن يتغافل عن الطرف الآخر إن ذلك يعزز الحب بينهما ويجعله دائما.
إن زواجا هذه دعائمه لحري أن يؤسس علاقة أبدية بين الزوجين تكون الدنيا لها معبرا أما قلوبهما فتهفو لما عند الله تعالى من خير عميم في دار البقاء والخلود.
حباك الله بالسرور والفرح مع من تحبين : )