- وشردت نورا ببصرها فترة خلتها دهرا قبل ان تقول :
فراشاتي الحلوين يااغلى واعز فراشات جيت اليوم وجبت لكم قصة ارجو ان تنال اعجابكم والاهم ان تستفيدوا منها وتقولوا لي ايش استفدتوا ........؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هاك قصة واقعية باختصار نقلا عن مجلة اليقظة الكويتية التي نشرتها بقلم – ابو توفيق - تحت عنوان "نورا " .
" قال صديقي الشاب وهو يحاورني : سأقص عليك واقعة عايشتها , وكنت شاهد عيان لتفاصيلها ..... وانا واثق انها ستجد الصدى العميق والقبول فتنشرها على صفحات "اليقظة "بعد ان ظلت حبيسة صدري طوال هذه المدة .
ولما اومأت اليه مشجعا قال : بين نهاية الستينات وبداية السبعينات , كنت دائم السفر الى اوروبا وخاصة ألمانيا الغربية سعيا وراء الرزق ولقمة العيش , كان لي اقارب واصدقاء هناك وخاصة في مدينة ميونخ حيث يتلقون العلم في جامعاتها . وفي احدى سفراتي الى المانيا واجهت بعض المصاعب في الحصول على الاقامة عقب موجة من التشديد على المقيمين والقادمين العرب , فأضطررت الى السفر الى ميونخ للاستنجاد بأحدج اقاربي الذين يعملون هناك منذ زمن طويل ليساعدني في تذليل مصاعبي بحكم انه متزوج المانية وله اولاد منها .... وكان قريبي يسكن في قرية " كرافنك " التي تبعد نحو 35 كيلو مترا عن ميونخ حيث اجرة البيوت الرخيصة والمناخ الجديد والبعد عن ضوضاء المدينة ....... وذات صباح وكان يوم احد حيث تتعطل الاعمال ويقضي الناس اجازاتهم في تزاور ورحلات الى الامامن التي يريدونها , او في الحدائق العامة والجنائن الوارفة ........ كنت اجلس وقريبي في حديقة منزله ننتظر ان تنتهي زوجته من تجهيز الطعام الذي نحمله معنا .... الى احدى الغابات الكثيفة القريبة لنقضي عطلة الاسبوع هناك . وكانت زوجته قد تشربت طباع قريبي فتعلمت منه صنع بعض الاكلات العربية , كما حبذت تسمية اولادها مصطفى وسعيد ومريم , وتعلمت منه كلمات وجمل بالعربية تتلفظها بلهجة ركيكة , تبعث اولادها على الضحك لانهم يجيدون العربية ....... بينما تكلمت – الزا – وهي امهم – بالالمانية ... وسمعنا الزا تنادي بمرح : صبري لقد جاءت نورا .
وركض الأولاد .... فرحين , بينما قرأ صبري في وجهي علامات الاستفهام فقال: إنها فتاة عربية قريبة منا , صديقة لألزا وتدرس في احدى جامعات ميونخ وتعمل في مكتبة الجامعة ...
الى هنا بدأ الامر طبيعي بالنسبة لي , ولكن عندما تبيّنت القادمة انبهرت مشدوها امام الجمال الطاغي الذي ابدعته يد الصانع الأكبر فجاء آية في الكمال ....
والقت نورا بجسدها على الحشائش حيث كنا نجلس وهي منا تزال تتحدث بالألمانية مع الزا التي ما لبثت ان صفقت بيدها بمرح , وقامت مسرعة الى المنزل , وهنا قال صبري بالعربية : اننا سنسعد بوجودك هذا النهار معنا يانورا ... لكن كيف حالك انت ....... انا سعيدة ..... عندي كلام كثير سأفضي به اليك فيما بعد . ففكر صبري قليلا ثم قال كمن لايستطيع صبرا : ........ هل هو شوقي ؟ انه من خيرة طلابنا المغتربين هنا ... ما اسعده !.
قالت انها مفاجئة .. بل مفاجئات . فعقد صبري جبينه مفكرا , وازداد فضوله غير انه ابتسم وهو يقول : مفاجئات , ياساتر يارب .... تكلمي .... لقد شوقتني للمعرفة . فضحكت ..... وقالت وهي تهم واقفة لتلحق بالزا : لم يحن الوقت بعد ..... ستعلم بكل شيء ... واستدارت تسارع الخطى برشاقة وانا اتبعها بنظرات مسحورة كشفت دخيلة نفسي لصبري فضحك قائلا : لا يخامرك الظن بنورا . انها اشرف وانظف فتاة عربية هنا .. فقاطعته قائلا بصدق ..... بل انها اجمل فتاة وقعت عليها عيني . فقال مستطردا : هذا صحيح .. وشوقي شاب سوري من عائلة محترمة وهو طالب معها في الجامعة .. انه يحبها بجنون , وقد صدته بكل ادب حتى الان , واقنعته بانها لاتفكر بالحب او الزواج في الوقت الحاضر .. . ولابد ان المفاجئة في قبولها الزواج به ........ واندفعت بنا السيارة في طريق جبلي .. وكان صبري يحاول ان يستدرجها في الكلام , ولكنها كانت تتهرب ... الى ان وقفت بنا السيارة في رقعة فسيحة من الارض غطتها الحشائش والاعشاب , فنزلنا انا وصبري في ظل شجرة ... ريثما تجهز نورا والزا الطعام , بينما اخذ الاولاد يلعبون .. وقال صبري .... ان نورا امضت ثلاث سنوات في الجامعة حتى الان , وهي دائما من الاوائل ..... كما ان والدها موظف كبير , في وزارة خارجية بلاده , ولم يتزوج منذ ان فقد زوجته والدة نورا قبل عشر سنوات .... وذكرت لي قبل شهرين ان والدها سيحال على التقاعد لاصابته بجلطة قلبية تهدد حياته ........وهي تجيد الالمانية والانجليزية اجادته للغة العربية ..... وقال لها وهو يحاورها : الآن وقد انتهينا من الطعام ...... اريد ان اكون سعيدا مثلك ... الست اخاك كما تدعين ؟ فالتفتت الى الزا وقالت :ما رأيك بالحاح زوجك ؟ فضحكت هذه قائلة : من حقه ان يعرف .. لكن منك انت .
وشردت نورا ببصرها فترة خلتها دهرا قبل ان تقول :
في الحقيقة لست ادري ماذا اقول ولكن رغم مرحي وسعادتي فان الامر خطير ولا اريد ان آخذه على محمل الجد . فقال صبري , وهو يتفرس في وجهها : انك تعلمين منزلتك في قلوبنا , ومبلغ سعادتنا بسعادتك .. واذا كنت قد توصلت الى اتفاق سعيد مع شوقي فان ذلك يوجب تهنئتكما .
وما ان سمعت نورا باسم شوقي حتى اهتزت كالظبية حين تتوجس خطرا ... واستمر صمتها ... فقال صبري ... وهل ارسلت لوالدك تطلبين موافقته ؟ فتنهدت نورا ولم تجب ... بينما تابع صبري ....... رغم انني أ ٌأ َيد شوقي لكن يجب مباركة الوالد . فالتفتت .. ثم قالت : ليس لشوقي أي دخل في الموضوع . فحملقنا فيها مندهشين ما عدا الزا التي كانت تعرف مسبقا ... وقال صبري ...: اذا تكلمي ... ماذا هناك ؟ فقالت بهدوء ... ليس شوقي بالموضوع كما قلت لك .. انها ربما تكون مفاجئة لن تتقبلها ....... واخاف ان استبق الاحداث دون مبرر .. ولكن صبري قال بهدوء ورزانة : نورا ... اعتقد انك تثقين بنا ...... فلا تتلاعبي بعواطفنا ... تكلمي بوضوح .... نعم سأتكلم .. هل تعرف الدكتور " جوسيب " ؟ فنفرت عروق صبري في جبينه وأجاب : ومن ذا الذي لايعرف هذا الدكتور المنحل الذي لايوقر طالباته , حتى بنات الهوى وغانيات الكباريهات في ميونخ لايسلمن منه ... نعم اعرفه ماذا به ؟ فأزدردت نورا ريقها بصعوبة وقال : لن اخفي عنكم شيئا .... فقبل ثلاثة اشهر شعرت بانه يهتم بي اهتماما خاصا ويحاول التقرب مني بشتى الوسائل ولم يكن الامر غريبا منه وهو كما ذكرت ...
احلى تمنياتي لكم بمتابعة سعيدة