بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم أنك متهمة ..كما اعلم أنهم يقولون عنك :- ( لو فيها خير ما طلقها زوجها ) .. كما اعلم أن
البعض يعتبرك جرثومة لا يُقترب منك .. كما اعلم أن ليلك قاس .. واشعر بالعلقم الذى تتجرعيه
بحملك لقب مطلقة .. وأدرك أن خطواتك عليك محسوبة وأنفاسك عليك معدودة ..ينظر لك على
أنك حمل ثقيل .. نفقاتك ، حركاتك ، سكناتك ؟! .. ولهذا كله اكتب لك كلمات الله أسأل أن تعينك
على ما أنت فيه :-
الكلمة الأولى :- لا للبكاء على الأطلال :- نعم لا بكاء على الأطلال .. بل استعيني بالله ولا تعجزي ،
سيدتى يجب أن تثقي في نفسك ، لابد أن تستعيدي قواك النفسية لتكتسبي صلابتك ..
نعم نفسيتك تكدرت .. نعم همك قد ركبك .. نعم النصب قد حل بك .. لكن كل هذا حتى تؤجرى
وترتقى إلى الدرجات العليا ، كن المهم أن تحتسبى كل هذا لله ..
لماذا لا تنظرين أختى للطلاق على أنه خلاصاً من علاقة لا تمنح سوى الألم والخذلان .. وبداية
لحياة أخرى ترسمين معالمها من جديد ..وتكتشفين في أعماقك إيجابيات ربما غفلت عنها في
زحمة المشكلات ..
لا بكاء على الأطلال سيدتى .. ارفعي رأسك الذي طأطأتيه وارخيتيه .. واخلعي لباس الحزن
والأسى والتيه .. وانطلقي في مضمار الحياة بكل جد ونشاط .. فلعل مستقبل مشرق ينتظر
قدومك إليه .. فأنت صاحبة هدف ورسالة .. لا راعية خمول وبطالة.....
الكلمة الثانية :- احفظى لسانك :- فطلاقك لا يجيز بأى حال من الأحوال أن تطليقى لسانك .. فكم
من أسرار أظهرت ، وكم من غيبة انطلقت ، وكم من تشفٍ وظلمٍ حصل ، كل هذا قد حدث لأن
طلاق قد حدث .. سيدتى أيجوز هذا كله .. فقد رأيت ما لم يره غيرك ، وسمعت ما لم يسمعه غيرك
، واذكرك أختى الفاضلة بأن حفظ الأسرار من صفات المتقين :- ( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ
لِلْغَيْبِ ) سورة النساء : 34 .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( إن من أشر الناس عند الله
منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) رواه مسلم .. فهل يعقل
أختى الفاضلة أن نخسر حياتنا الزوجية ، ونخسر أيضا حياتنا الأخروية ؟ .. أختاه :- اسمعي ما قاله
لك ربك بعد طلاقك :- ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) .. فاحفظي لسانك عن منكر القول تؤجرى إن شاء
الله ..
الكلمة الثالثة :- أمرك خير ..فلم الحزن :- ألم يقل الحبيب صلى الله عليه وسلم :- ( عجباً لأمر
المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته
ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم
فلم الهموم والغموم والأحزان ؟! .. لما كل هذا التأسف على ما مضى وكان ؟! .. ولما كل هذا
التسخط والضجر ؟! .. أهو عدم إيمان بالقضاء والقدر ؟! .. أنسيت ما أعده الله لك إن صبرت على
بلاءك ؟! .. ألا تذكرين أختاه أن قضاء الله كله خير ؟! ..
اعلمي أختى الكريمة أن الفرج يعقب الضيق .. وأن العسر يتبعه تباشير اليسر .. وأن مع العسر
يسر .. فاحتسبي أجرك عند الله .. وانتظري إذا حققتي الإيمان .. نسمات الفجر وزغاريد الأفراح من
بين ظلمة الأحزان .. وصدق الله حين قال :- ( ومن يؤمن بالله يهدي قلبه )
الكلمة الرابعة :- لا تخسرى ربك :- نعم خسرتى زوجك لكن احذرى أن تخسرى ربك .. فكل شئ
منه عوض وبديل أختى .. أما الله فما منه عوض أبداً .. فاجتهدى بأن تكونى موصولة بربك مهما
تقطعت حبالك مع الناس ولن يخذلك ربك.. وتذكرى جيداً أن المحبوبات تتغير حينما تُشرق القلوب
بنور الإيمان ، فتتذوق الأرواح حلاوة الإيمان ، وتأنس بربها عما سواه ، وها هو محمد بن النضر
جالساً وحيداً منفرداً .. يدخل عليه رجلاً يجده هكذا فيسأله : " أما تستوحش ؟! " .. فرد عليه
قائلاً : " كيف أستوحش والله سبحانه تعالى يقول : " أنا جليس من ذكرني " ..
الموازين تغيرت أختتى .. فالخلوة التي تصيبنا بالملل والضجر والخوف .. صارت تجلب سعادة وأنساً
له .. وهذا الفضل يقول : " من كان أنسه بالله لم تقطع عليه أكدار الحياة أنسه " ..
الكلمة الخامسة :- إليك برنامج إيمانى مقترح لتتجاوزى أمرك شارك فيه مجموعة من المتخصصيين
فى هذا المجال :-
- عدم الخضوع بالقول :- فإنه بحث عن السراب الذي تقع فيه المتزوجة أو العازبة أو المطلقة ، وفي
حال المطلقة ، ينبغي أن تحافظ على نفسها.
- الالتزام بالزى الشرعي الإسلامي حتى لا تكون مطمعاً للآخرين .
- فهم المطلقة للأمور الشرعية الخاصة بالطلاق، ووجوب المكث في بيت الزوجية في حال الطلاق
الرجعي ومغادرته في حال الطلاق البائن.
- عدم الخلوة برجل ، لأن الخلوة أمر منهي عنه لأنه "ما اختلى رجل بامرأة أو كان الشيطان
ثالثهما".
- غض البصر، يقول الله عز وجل :- ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) سورة النور: 31 .. والله يبدل المؤمن الذي يغض بصره لله إيمانا يجد حلاوته
في قلبه.
- سلمي بالواقع .. فهذا قدرك الذى قدره الله لك .. لابد أن تتقبليه برضا واعلمى أن ما أصابك لم
يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك .. وقال أصدق من قال :- ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو
خير لكم ) .. فالرضا سر السعادة الحقيقى ..
- اقتربي من صديقاتك الصالحات .. صديقات المسجد اقصد .. واقضى معهن وقتاً طيباً تنسيين به
آلمك وحزنك .. وتشغلين بالطاعة ..
- احرصى على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والإستغفار وأكثرى من الطاعات قدر ما
تستطعيين ففيها السلوى والفرح والسعادة .. نعم سعادة القرب من الرحمن ..
- اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج .. بكفالة يتيم .. بتعلمى أمى القراءة
والكتابة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا
والآخرة ) رواه ابن ماجه .. وقال أندرو ماثيوز :- ( أفضل طريقة تشعر خلالها برضاء عن النفس ، القيام
بشيء من أجل الآخرين )
لا تجلسى منفردة قدر طاقتك .. فالوحدة تجلب لك التفكير في ألمك وحزنك ..
ونهاية ..
عزيزتى .. قبل أن اترك قلمى .. اكرر عليك كلمة قلتها لك فى أثناء كلامى .. الطلاق ليس نهاية
المطاف .. نعم هى مصيبة عظيمة .. ولكن الذكى هو من يحول خسارته مكسباً .. خفف الله عنك
بلاءك
هذا ولكم تحياتي ,,,,,,