- أحسني الظن به دائما وأبدا فهو عند ظن عبده به
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لا يخفى على واحدة منا أن وتيرة الزواج وعدد الزيجات قل بشكل كبير في عصرنا الحالي مقارنة بالعقود القليلة الماضية حيث كانت الفتاة ما أن تصل إلى سن الرشد إلا ويدق باب بيتهم راغب في الزواج أو واحدة من أهله
أما اليوم فلقد اختلف الأمر كثيرا
فهناك من تصمم على إكمال دراستها حتى لو كان عدد السنين طويلا قبل الزواج ولا تفكر فيه قبل ذلك أو أثناء الدراسة
وهناك من تصمم على إكمال الدراسة وإيجاد وظيفة مناسبة لمستواها التعليمي حتى "تحقق ذاتها"
وهناك من وضعت صورة لعريسها المستقبلي بمواصفات معينة لا توجد إلا في مخيلتها ولا تقبل بالتنازل عن واحدة منها ظنا منها ان هذه المواصفات هي المفتاح للفوز بحياة "بامبي" لا مشاكل فيها
وهناك من تضع شروطا "مادية تعجيزية" نظرا لمواصفاتها المميزة وتستمر في الاختيار والاختبار لكل متقدم وسجاد العمر يسحب من تحت قدميها رويدا رويدا وهي لا تدري
وهناك من فوضت أمرها إلى بارئها وعلمت أن كل ما يحدث وسيحدث لها هو بتقدير الله عز وجل
بالنسبة للفئات الأربع الأولى فأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدينا ويهديهن ويجعلهن يحكمن عقولهن ويستوعبن أن الله خلقها لمهمة محددة في هذه الدنيا لو أدتها بإتقان وإخلاص النية فستسعد في الدارين وتنال رضا ربها فيهما (وهل هناك من نعمة بعد الإسلام أفضل من رضا الرحمن؟؟؟)
كلمتي القلبيية أوجهها لك يا من رضيت باختيار الله لك
أجل أقول اختيار الله تعالى لك فقد شاءت حكمته أن لا ينعم عليك بالزواج بالمرحلة العمرية التي تتزوج فيها أغلب الفتيات
أهنئك على نعمة الرضا الجميلة التي تملأ قلبك سكينة واطمئنانا على مستقبلك الذي لا يضمنه إلا الله
لكن ونظرا لبشريتنا يضعف وازع الإيمان فينا وقد نتحسر في لحظات على حالنا وتبدأ أسئلة كثيرة تدور في خلدنا أو قد نسمعها مباشرة من أناس من محيطنا:
لماذا لم أتزوج إلى الآن؟؟
هل في عيوب لا أراها تجعل فرص المتقدمين قليلة؟؟؟
لماذا "تأخرت" إلى هذا السن؟؟؟
لماذا لا أحظى بزوج وأطفال وبيت كباقي النساء؟؟؟
لماذا لا يطرق بابنا أحد؟؟؟
لماذا لماذا لماذا
أسئلة كثيرة قد تنغص عليك سير حياتك الهادئ وخصوصا إذا جاءت كسهام مسمومة ملطخة بالتجريح من قبل أشخاص ليس لهم هم سوى إلقاء كلام لاذع يبقي في النفس أثرا وجرحا بليغا
أقول لك يا غاليتي
ثقي أن من خلقك لا ينسى أحدا من خلقه ولن يضيعك
آمني إيمانا يقينيا باسمه "الحكيم"
فعطاؤه خير لك ومنعه خير لك أيضا
ولا تقولي أبدا قد "تأخرت" فهذه الكلمة لا محل لها أبدا ولا يجوز أن تجعليها في قاموس حياتك
لأن الذي يتأخر يتأخر عن "موعد محدد" وهل هناك شيء قد يتأخر عن ميقات حدده الله تعالى له أزلا؟؟؟
إن الله عز وجل لا يؤخر شيئا عن حله ولا يقدمه عن حله
" إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا"
كل حدث في الدنيا له وقت مقدر محدد معلوم
واعلمي أن وقت زواجك لم يحن بعد ولم تتأخري عنه
ما دام أن خالقك شاء أن تبقي إلى الآن بلا زواج فتيقني أن ذلك خير لك وأن وضعك الآن هو أفضل وأحسن حال يمكن أن تكوني فيه ,,,,فمشيئة الله واختياره لنا هو ألأفضل و الأحسن والأنسب لك
ما دام أنه منع عنك الزواج إلى الآن فتيقني أن هذا المنع بحد ذاته نعمة لأنه منع عنك شيئا ربما تحسبينه خير لكنه شر لك ولن يجلب لك الا التعاسة والهم والحزن
قد تخبرينني أنه يحز في نفسي أحيانا أن أرى امرأة مع زوجها وأطفالها في الحديقة أو في سوق أو في أي مكان يتنزهون ويضحكون وتبدو عليهم علامات السعادة التي حرمت منها
أقول لك يا أخيتي الفاضلة
وما يدريك أن تلك التقاسيم المستبشرة ليست سوى علامات لحظية مؤقتة تخفي ورائها مرارة وحزنا وكآبة لا يعلمها إلا من لا تخفى عليه خافية؟؟؟
وما يدريك أن تلك الضاحكة تنتظر حصتها المسائية من الشتم والسب والقذف وربما الضرب؟؟
وما يدريك أن الله ابتلاها بزوج بخيل شحيح وهي من تتحمل كل مصاريف البيت والأطفال وكأن الزوج ليس سوى "ضرورة اجتماعية" لا بد منها لتلافي انتقادات الناس وألسنتهم النارية وأولهم أقاربها؟؟؟
وما يدريك أنها تكون ممن تفعل المستحيل لتستجدي اهتمام زوجها بها أو لتسمع كلمة راقية حانية منه بينما هو يقبع ساه لاه مع رفاقه أو"رفيقته"غير عابئ أن له زوجة وأولادا ينتظرونه’’’؟؟؟
وما يدريك أنها ابتليت بزوج لا يراها سوى خادمة جلبها لبيته لتلبية مختلف جاجياته وترتيب أموره وقد تكون الطامة الكبرى حيث تصبح خادمة 24 ساعة لأهله أيضا؟؟؟
وما يدريك لعله يكون "ابن ماما" الذي لا يمكن أن يدق مسمارا في البيت إلا بعد إذنها وعنده استعداد لتطليقك بمجرد إشارة منها دون أن يستخدم أدنى ذرة في عقله ليسأل عن السبب؟؟؟؟
احمدي الله أنه عافاك من ابتلاءات كثيرة ربما لم تكوني لتصبري عليها
وما يدريك أن زواجك فيما مضى قد يكون سببا في تعاستك الأبدية؟؟؟
وما يدريك أن زواجك في وقت مبكر قد يكون سببا في ابتعادك عن ربك وتقصيرك في حقه؟؟؟
وما يدريك أنك لو تزوجت في وقت سابق ما كنت استطعت الالتزام بكافة الحقوق الزوجية وأخللت بها أو بإحداها وتكون السبب في غضب زوجك عليك وبالتالي غضب ربك عليك ؟؟؟
وما يدريك أن موقفا أو تصرفا من زوجك أو حتى كلمة منه قد تسبب في "كفرانك العشير" وما أدراك ما كفران العشير الذي هو أكثر ما يدخل النساء دار الشقاء والعذاب والعياذ بالله...؟؟؟
ونحن في دار ابتلاء لا يتنهي إلى أن تفارق أرواحنا أجسادنا
فالزواج فتنة والأولاد فتنة والأموال فتنة والعلم فتنة والجمال فتنة والأهل فتنة وكل ما يمر ويتواجد في حياتنا هو فتنة واختبار من الله تعالى ليبلونا أنشكر أم نكفر
لا أريدك أن تفهمي ولا أقول لك أن كل المتزوجات مقصرات أو يعشن في نكد لا أبدا
بل أريدك أن تكوني على ثقة كبيرة في الله تبارك وتعالى أنه ما أنعمك عليك بالزواج من قبل إلا لأنه ليس في مصلحتك فهو يعلم خفايا الأمور ماضيها حاضرها ومستقبلها ونحن لا نعلم إلا ظاهرها وما يسطع على سطحها فليس كل ما يلمع ذهبا
وأريدك أن تعلمي علم اليقين أن الله رحيم بك أكثر من أمك وأبيك ويحب لك الخير أكثر منهما
أحسني الظن به دائما وأبدا فهو عند ظن عبده به
لا تهتمي لكلام الناس ولا لتساؤلاتهم ولا لانتقاداتهم ولا لسخرياتهم أحيانا واسألي الله أن يرزقك الأنس بقربه ومعيته والتلذذ بطاعته وعبادته
ارضي بما قسمه لك فسواء رضيت أم لم ترضي لن تنالي إلا ما كتبه الله لك حتى قبل أن يخلقك لكنك إن رضيت فتستظفرين برضا الله عنك ومن رضي الله عنه فسيرضيه حتما ومن سخط فله السخط نعوذ بالله من ذلك (اللهم إني أسألك الشكر في الرخاء والصبر عند البلاء والرضى بالقضاء)
انظري للأمر من زاوية مشيئة الله تعالى وحكمته في تدبير أمور خلقه وعلمه الواسع بما هو خير لك وبما يناسبك
واعلمي أنك جوهرة ثمينة لن يفوز بك إلا من يصونك ويقدرك ويحافظ عليك وأنك وردة عطرة لن يتمتع بعبقها الفواح إلا من اختاره الله لك زوجا يسعدك هنا وهناك
وأحب في النهاية أن أبشرك أنك ستتزوجين لا محالة بمن يستحقك ويعاملك بما يرضي الله تعالى بشرط أن تكون على ثقة في إجابة الله لدعائك ولا تيأسي أبدا من رحمته
" اللهم خر لي واختر لي فإني لا أحسن الإختيار اللهم دبر لي أموري فإني لا أحسن التدبير "
من ايميلي