- " لا يمكنني ان اتزوج بك ! "
- بدت الدهشة على الرجل وحاول ان يتكلم لكنها لم تعطه أي فرصة .
- حاول ان يتكلم مجددا لكنها رفعت يدها بسرعة لتمنعه من ذلك .
- استفهم تشارلز : (( هل تريد ان اتصل بخطيبتك في الفندق ؟ ))
- وهمّ بالانصراف , ثم توقف والتفت نحو شارلز وقال :
- " اقصد خطيبتي السابقة !"
- لكن ما جرى خيّب اماله !
- وانفتح باب المصعد امامه على مصراعيه فدخل .
- من المؤكد أن الصفقات التجارية لا تكون مشحونة بالمشاعر .
- لقد كانت بلهاء حين ظنت ان رفضها الاقتران به سؤثر فيه سلباً .
- لم تكن تتوقع ان يطلب منها ذلك , لذا لم تعرف بما تجيبه .
- حسناً , إذا لم يزعجه إخلالها بوعدها , فلم ترفض هذه الفرصة ؟؟
- رتبت سريرها وحملت حقيبتها .
- حان الوق لتعود إلى منزلها وتواسي أمها وتحيي جدها , التحية الأخيرة .
- جمع شارلز بعض الملفات وحملها , ثم قال :
- " ظّنت أنك انت المتكلم , سيدي ".
عروس الوقت الضائع 261 رينيه روزيل عندما مات جدها مات معه السبب الذي دفع كالي الى القبول بالزواج بنيكولاس فاروس ,,,
وقررت ان تلغي هذا الزواج في صبيحة العرس .....
"- سيد فاروس ..... لا يمكن ان اتزوج بك ....
تصرف كما تشاء واغضب كما تشاء !
انا اعتذر , لكنني لا استطيع فعل شئ للتعويض عن ذلك ......" !!!!!!!!!!!!
هذا الرفض حطم كبرياء نيكولاس فاروس امام المدينة بأسرها ...
وبدلا من ان يغضب , عرض عليها مشروع عمل مغريا .......
ثم انتظر ان يجمعه مع كالي سقف واحد ,
حتى يفرض التعويض الذي يرضيه .....
وماذا بيد كالي ان تفعل ؟؟ 1- قرار لا رجوع عنه دخلت كالي مكتب نيكولاس الخاص , وهي تشعر بارتباك شديد . لحسن الحظ لم تصادف اي سكرتيرة في مكتب الاستقبال لتسألها عن سبب زيارتها ,
فقد كانت عاجزة عن اعطاء اي تفسير .
كانت بحاجه الى رؤيته بسرعة قبل ان تصيبها نوبة بكاء هستيرية .
منعها اضطرابها من ملاحظة فخامة مكتبه . كانت تعرف ان السيد فاروس غني لكن وضعها النفسي حال دون تأثرها بالديكور من حولها .
جاهدت لتمنع الدمعة من ان يسيل من عينيها .
واتجهت نحو رجل نحيل وطويل يقف خلف مكتب زجاجي وضعت يديها على المكتب البارد ونظرت اليه بعينين خجولتين .
ايتها الجبانة ! انظري في عينيه , فعلى أي واحدة تتراجع عن قرارها ليلة زفافها , ان تواجه لا ان تنظر الي الأرض كالفأرة !
رفعت عينيها اخيراً وقد صم صوت نبضات قلبها المتسارعة اذنبيها , فخيل لها انها لن تتمكن من سماع ماستقوله .
" سيد فاروس ..."
وتفاجأت بنبرة صوتها التي بدت مقنعة .
" لا يمكنني ان اتزوج بك ! "
بدت الدهشة على الرجل وحاول ان يتكلم لكنها لم تعطه أي فرصة .
- " لقد توفي جدي الليلة الماضية .. وحين نقلت لي امي خبر وفاته ادركت أنني قبلت بهذا الزواج لانني احببته فقط . كان هو من رتب هذا الزواج وأراده . لم اكن اريد هذا الزواج قط , لقد وافقت عليه من اجل عائلتي ."
حاول ان يتكلم مجددا لكنها رفعت يدها بسرعة لتمنعه من ذلك .
- " اعرف , أعرف ان عائلتي يونانية وعريقة وكذلك عائلتك . كما اعلم ان زواج امي التقليدي كان ناجحاً . وصحيح ان جدينا كانا صديقين حميمين لفترة طويلة . وانهما حلما بلم شمل عائلتينا . لكنني امريكية , ياسيد فاروس ."
كانت تبحث عن الكلمات اي كلمات تجعل موقفها اقوى وتابعت تقول :(( لقد ولدت في الولايات المتحدة , ولا يمكنني القيام بهذه الخطوة ! ارجوك افهمني وحاول ان تسامحني يوما ! )).
ثم خرجت من المكتب ووجدت أنها اشبه بطفل جبان. لن يسامحها على خروجها ولكنها ستصاب بالهستيريا اذا ما خاضت جدالا معه .
قالت فين نفسها إن ذلك افضل لكليهما .
كان ذلك الزواج أشبه بصفقة تجارية وقد رُسخ اعتقادها المؤلم هذا وجود مايسمى ((بخطيبها )) في مكتبه منذ السابعة صباحاً , ومتى ؟؟ !!
يوم زواجه ! من جهة اخرى, هذه اول مرة تراه فيها . فقد حالت صفقاته المالية الدولية دون وجوده في البلاد حتى آخر لحظة قبل الزواج .
لابُد انه مستاءٌ الآن , ولكن عليه تخطي ذلك . حين عادت كالي الي رشدها اخيراً وانجلى حزنها قررت ان تكتب له رسالة اعتذار .
شعرت انها وحيدة . آه ! لقد اهتمت زو انجيليس لأمر حماها لعدة سنوات . واضطرت للبقاء الي جانبه حتى تدهورت حالته الصحية ففاتها حفل زفاف ابنتها الوحيدة الذي كان سيقام اليوم . تعرف كالي ان زو كانت بين نارين . لكنها ماكانت لتترك حماها يفارق الحياة وهو وحيد . فهمت كالي ذلك وهاهي الآن تشعر بالأسي والضياع , وتحتاج الي دعم والدتها القوي .
الآن وقد الغت ذاك الزواج , ماعليها سوى العودة الي الفندق وتوضيب الحقائب والرحيل الي سان فرانسيسكو .
عليها العودة الي كانساس لتكون مع امها تودع جدها كريس الوداع الأخير !
كان الأول من حزيران اشبه بكابوس بالنسبة الي نيكولاس فاروس . فقد أجل رحلته من طوكيو مرتين وكاد يفوت بزفافه . من ثم اكتشف لدى وصوله الي شقته في ساعات الصباح الاولى عطلاً في انابيب المياه .
كانت الفوضى تعم المكان , لذا اضطر الي اخذ حمام الزفاف في مكتبه والآن بعدما خلع سترته جاءت خطيبته التي لم يلتقها بعد الي مكتبه تعلم لمساعده المرتبك انها لن تستطيع الزواج به .
القى نيكوس نظرة من حجرة تبديل الملابس الي مكتبه ليجد مساعده مذهولاً يحدّق في لباب .
استند نيكولاس الى الباب وتنهد ثم سأل مساعده باسلوب ساخر :(( ما الأمر ياتشارلز ؟ الم يسبق ان نبذتك امرأة ؟ ))
زالت الدهشة عن وجه تشارلز حين سمع تهكم نيكولاس , والتفت نحو مديره بوجه شاحب , ثم قال :
(( وهل مذا ماحدث ياسيدي ؟؟ ))
هز نيكولاس رأسه وهو يشعر بالتعب من جراء المشاكل التي واجهها وقلة النوم .
وبالكاد أطبق جفنيه في الاثنتين والسبعين ساعة الأخيرة . وهو يحضر لشهر عسل مطول هل هذا جزاءه الآن ؟
- " لم يسبق ان هزمني احد ولكن بدا لي ان ذاك الخطاب يعني الوداع !"
نظر الي شارلز الذي بدا كئيباً فحزن لأجله .
لأجله ؟ شعر نيكولاس انه لم يستوعب بعد ما حصل .
كان تعباً الي درجة لم يقو معها على اظهار اي انفعال , لكنه احس ان سخطه قد يظهر في اي دقيقة .
تناول سترته وهو يقول :(( لافائدة من التحسر , ثمة اشياء علينا القيام بها ! ))
- " هل اعلم المدعويين بالغاء الزفاف ياسيدي ؟ "
قطب نيكولاس , لسماعه سؤال تشارلز وقال :(( كيف ! بالطبع لا !))
فقاطعه غير راغب في مناقشته بشأن من يكلف بمهمة إعلام الأصدقاء بأن زفافه الغي .. ثم قال له :
(( تشارلز , فيما انقل للمدعوين هذا الخبر السئ ابحث انت عن رقم هاتفها )) .
استفهم تشارلز : (( هل تريد ان اتصل بخطيبتك في الفندق ؟ ))
وصل نيكولاس الي باب مكتبه , ثم عاد ادراجه بات الآن يعي مايحدث معه , وبدأت النيران تلتهم احشائه , لقد نبذته يوم زفافه . جاء المدعوون من ملوك ورؤساء جمهوريات . من كافة انحاء العالم لحضور مراسيم زفافه , كان هناك خمسمائة مدعو يتحضرون لحفل زفافه . فاذا بامراة ن كانساس توجه ضربة عنيفة لمستقبله الشخصي وكرامته ! ها هو يقف الان كموظف بائس تم فصله للتو من عمله !
- " اللعنه ! اريد منك ان تتصل بخطيبتي في الفندق ."
وهمّ بالانصراف , ثم توقف والتفت نحو شارلز وقال :
" اقصد خطيبتي السابقة !"
- "- وماذا تريد مني ان اقول لها سيدي ؟ "
- " لا تقلق يا شارلز , ساخبرك بما ستقوله حالما اعود . "
- وخرج من المكتب , بعد ان بدا يدرك الورطة التي وقع فيها , انتابه دوار الاهانه على مستوى عالمي .ضغط على زر المصعد لينزل الى حيث ينتظره فطور فخم . وبعد ساعات قليلة , سوف يواجه اكثر المواقف اذلالاً .
سوف يجبر على الاعتراف بذلك امام الجميع ,
سوف يعرف الجميع ان زوجته العنيدة عدلت عن الاقتران به , يوم زفافهما .
اخذ يتفرس في باب المصعد وهو يشعر برغبة قوية في ضربه بشده .
هز راسه و تخللت يده المرتجفة شعره .
من السخف ان يؤذي نفسه من اجل فتاة من كانساس .
ضغط مجدداَ على زر المصعد و هو يحتقر نفسه . لم ؟ لم يحصل معه كل هذا ؟ هو , نيكولاس فاروس ,
الذي طالما احتقر رفاقه لعدم تمكنهم من المحافظةعلى عائلاتهم . ما كان ابدا ليتصور ان كل هذا يحدث معه ! والداه لم يتمكنا من البقاء طويلاً معا ً , اما هو فكان مصمماً على الا يحذو حذو رفاقه ووالديه ,
لكن ما جرى خيّب اماله !
بعد ان استمع لسنوات , الى حجج اهله وشكاوى رفاقه , قرر ان بكون زواجه تقليديا . زواج مبني على المنطق !
اخذت نفسه توبخه ساخرة منه ,فيما تردد صدى رفض كالي له في راسه , فراح يصر على أسنانه . تذكر قول جده ان الزواج من عائلة انجليس , زواج ناجح وأبدي . جده الذي أنقذ حين كان في العشرين من العمر , كريستوس انجليس من حادث اصطدام . ومنذ ذاك الحين , أصبحا صديقين عزيزين واقسما على جمع شمل عائلتيهما . في بادئ الامر , ضحك نيكولاس لفكرة الزواج بغريبة من كنساس . ولكنه اقتنع بالفكرة بعد ان راى صورة لها ووجدها جذابة .
ومع انها لم تكن رتئعة الجمال , إلا أن شعرها أسود لمّاع , وعينيها واسعتان , وابتسامتها ساحرة , لكن عليه ان يعترف الان الصورة لم تكن كافيه للحكم عليها !
كانت عائلتاهما قد قدمتا من مدينة كونيوبوتي من اليونان , وتحملان الجذور نفسها وتؤمنان بالمعتقدات نفسها .فضلا عن ذلك , حمع العائلتين وعد , أقسم الجدان على الوفاء به .
لم يطل نيكولاس التفكير في الامر , فهو رجل لطالما اهتم بالمنطق و النظام ,
لذا امتثل اخيراً لرغبة جده .
لقد حالت اعماله دون لقلئه كالي , وقد الغي مواعيد عدة معها ,لانشغاله باسفاره . واكن هذا لا يعني انه لم يعتد فكرة الزواج بها .
وهي قد دخلت الى مكتبه في يوم زفافهما و ضربت بكل مشاريعه المنظمة عرض الحائط .استشاط غيظاً وقال :
" انسه انجليس , لن تنجي بفعلتك !"
وانفتح باب المصعد امامه على مصراعيه فدخل .
- لن يستغرقني الثأر منك الكثير من الوقت , ثلاثة اسابيع ستكون كافيه !
واغلق باب المصعد . لم توّد كالى التفكير بشئ , لا بوجه خطيبها السابق حين اعلمته برفضها الزواج به ولا باليوم الشاق الذي ينتظرها للعودة الى مدينة كانساس , ناهيك عن افضل طريقة لتوضيب فستان عرس لم تستعمله .
ماذا ستفعل به حين تعود الى المنزل؟ هل ستبيعه ؟ لقد امضت والدتها ساعات وساعات لخيط المئات من حبات الخرز على الياقة والكمين حدّقت بالفستان الابيض وشعرت بتانيب الضمير .
كان قبولها الزواج تصرفاً ارعن . كيف قبلت بزواج رتبّه لها جدها ؟ هل فقدت صوابها حين وافقت على ذلك ؟ ضغطت بكل قوتها على الحقيبة ثم قالت لنفسها :
" لا تندمي على ذلك يا كالي انجليس . لم تحبي ذاك الرجل . لم تري الا صورة له حين كان في السابعة عشرة من العمر !
عليا ان تعترف ان الرجل اليافع الذي راته في المكتب , لا يشبه الصورة التي حملها جدها في محفظته لعدة سنوات .
بحسب الجد كريس , زار نيكولاس عائلة انجليس في كونيوبوني في العطلة الصيفية التي سبقت مجيئه للعيش مع كالي وامها زو .
غمغمت قائلة : لعل الابتسامه هي التي جعلت الفرق كبيرا بين شخصه وبين الصورة التي يحملها له كريس !
من المؤكد انه لم يبتسم لها هذا الصباح , حين اقتحمت مكتبه , بدا شاحبا ومختلفا تمام عن الصورة التي راتها مع جدها كريس . لقد عرفت من جدها انه شاب رياضي ,محب للمرح والحياة , شاب لا تفارق الابتسامة وجهه . ربما رفضت سنوات العمل على روح المرح والعفوية اللذين كانا بميزاته .
صرّت على اسنانها وهي تشد بعنف سحاب الحقيبة , قائلة :" من ثم لا يكفي ان يتكلم جدي كريس عنه بحماسة بالغة , ليكون زوجا مناسبا لي . فالمال و المركز ليسا كل شئ في هذه الدنيا !"
نجحت في اقفال الحقيبة بعد جهد جهيد , وحملتها لتضعها تحت السرير . وفي هذه الاثناء ,رن جرس الهاتف فأجفلها و سقطت الحقيبة من يديها على رجليها .
" آه !"
تجهم وجهها وهي تتسائل عن مصدر المكالمة . من يكون ؟ اهو , او شخص آخر ؟
- لعله فاروس . ربما قرر مناقشة المسألة قبل أن أغادر البلاد .
اتجهت نحو الهاتف وهي تنوي ان تنهي المكالمة فوراً اذا ما كان المتصل السيد فاروس .
- " آلو . ماما ؟ "
- خيم الصمت لثوان ثم سمعت "لا "
- عرفت فورا صاحب الصوت .
انه الرجل القاسي الذي نبذته هذا الصباح .
أجابت متلعثمة :" آه" سيد فاروس . لا يمكنني الكلام الآن , سافوّت موعد الطائرة ."
لم يكن ما قالته صحيحاً فاسمها على لائحة الانتظار . لأن الرحلات المتجهة الى كانساس محجوزة كلها .
- " لن آخذ من وقتك الكثير ."
اغمضت عينيها واذعنت للامر : حسنا .
وتراءت لها صورة من حياتها وحين اغمضت عينيها توقعت ان تسمع نبرة حادة إلا انها فوجئت بسماع صوت هادئ .
- " كيف يمكنني ان أساعدك ؟ "
- " ولعنت نفسها ما ان تفوهت بهذه الكلمات .
ثم اخذت توبخ نفسها :هل علىّ ان اغرز السكين في صدره ؟ في النهاية انا من تخلى عنه بكل بساطه "
" بما انك مستشارة للأبنيه التاريخية سأكون شاكرا اذا ما بقيتي في كاليفورنيا ثلاثة اسابيع اخرى على ان تقيمي في العقار الذي اشتريته مؤخراً في فيكتوريا "
- " احتاج لخبرتك لتحويله الى مكان سياحي فكما تعلمين كان مشروع التجديد جزءاً من عقد زواجنا "
- وقفت كالي غير مصدقة فيما تابع المتصل يقول :
" يجب ان اجدد المنزل في غضون ستة اشهر لاستقبال اجتماع مهم لذا نحن في سباق مع الوقت " .
هزّت رأسها غير مصدقة . كان يتصرف كزبون عادي , مع انها توقعت منه اي شئ غير هذا التصرف .
كان يتكلم كبواب فندق من دون اي انفعال او تكدّر .
من المؤكد أن الصفقات التجارية لا تكون مشحونة بالمشاعر .
لقد كانت بلهاء حين ظنت ان رفضها الاقتران به سؤثر فيه سلباً .
- لكن السيد فاروس لم يكن غير غاضب فحسب . بل عرض عليها ايضاً مهمة مغرية . ان أحد أسباب موافقتها على الزواج بالسيد فاروس هو انه رجل ذو سلطة ومعارف رفيعي المستوى .
- كلما كان موعد الزفاف يقترب , كان اقتناعها بانه يبحث فيها عن الزوجة المضيفة يترسخ .
وكان يعزّيها التفكير بانها ستحصل منه على الدعم في حياتها المهنية . كان زواجها منه زواج عقل , لامكان فيه للمشاعر والأحاسيس . وكانت تنوي تحويل منزل الفاروس إلى مكان سياحي لتصوّر أشهر المجلات انجازها فتصبح من المشاهير .
- " آنسة انجليس ؟ "
- خرجت من دوامة التسؤلات التي جرفتها عند سماعها صوته , فقالت :
"! نعم . ما زلت معك ".
لم تكن تتوقع ان يطلب منها ذلك , لذا لم تعرف بما تجيبه .
رأت انه من الغريب ان تنبذ إمراة رجلاً , لتجده بعد ساعة يعرض عليها عملاً مغرياً .
- " لكن ........ هل انت متأكد ؟ "
- " انا مثلك لا املك الكثير من الوقت آنسة انجليس . أمامك دقيقة لتعطيني جواباً , ما رأيك ؟ "
- تملكت الحيرة كالي ,فالتفكير بهذا العرض علامة واضحة على انها عاجزة عن ترك هذه الرفصة تفلت من يدها . تنفست بتوتر , وشعرت بتانيب الضمير لعدم التزامها بوعد الزواج الذي قطعته .
بدا لها في غاية التسامح بعرضه هذا , بعد رفضها الفظ له .
هل ستتجرأ على قبوله أو رفضه ؟ كم يبلغ عدد مستشاري البناء الذين ذكروا في مجلة " أركينا كتشيرال دايجست الشهيرة "؟؟
- " أما زلت علىالخط ؟ "
- " نعم , أنا معك . "
راودتها فكرة و أرادت ان تعبّر عنها , فقالت :" هذا لطف منك ان تعرض علىّ العمل على الرغم من كل ما حصل , لكن ......."
" لا تعتقدي يا آنسة انني أقدم لك هذا العرض لأراك .
- " اعدك بأن يكون أي لقاء بيننا قصيراً قدر المستطاع " .
- كيف علم أن هذا ما كانت ستطلبه ؟ هل يقرأ الغيب ؟ بدا لها متسامحاً , وصاحب حدس قوي .
حسناً , إذا لم يزعجه إخلالها بوعدها , فلم ترفض هذه الفرصة ؟؟
- " في الحقيقة علىّ الذهاب إلى كانساس لحضور مراسم ....... واختفى صوتها , لشدة تأثرها بمصابها الأليم ."
- " أعتقد أن اسبوعاً هو وقت كاف , أعلميني بموعد رحلتك وسوف يستقبلك احدهم في المطار عند عودتك ."
- و انقطع الاتصال .
بعد ثوان أدركت كالي أنه أقفل الخط , بعد ان انهى الكلام عن الصفقة بينهما .
- انتابها دوار و لكنها وجدته محقاً . لمَ ترفض عرضه ؟ تجديد منزل آل فاروس سيكون مفيداً لكليهما حقاً .
وارتمت على كرسي بقربها , وأخذت تحدّق فر الفراغ طويلاً . كان هذا اليوم زفاف فظيع , يوم ملئ بالأسى و الذنب .
لقد حنثت بوعدها إنما بلسان معسول .
لم تسئ يوماً التصرف إلى هذا الحد , فشعرت بالخجل , بدا لها من غير الطبيعي ان يكافئها الرجل نفسه الذي أخطات بحقه .
- لكن سماع صوت السيد فاروس جعلها تفكر , وكأن ما جرى اليوم مضى عليه وقت طويل .
فقد بدا لها يومه حافلاً بالقروض و الديون . وربّما لا يمثل نبذ كالي انجليس له أكثر من هفوة كبيرة , سينجح في ردمها عمّا قريب .
نهضت عن مقعدها واستقامت . فهي الآن لا تملك القوة لتكون متفاجاة بلامبالاه .
رتبت سريرها وحملت حقيبتها .
حان الوق لتعود إلى منزلها وتواسي أمها وتحيي جدها , التحية الأخيرة .
- نظر نيكولاس إلى نفسه في مرآة حمام المكتب . الان و قد خلع بذلة العرس , عليه أن يشعر بالراحة . لكن تعابير وجهه لم تعكس أي شعور بالإرتياح .
- ما إان دخل مكتبه حتى اقفل شارلز سماعة الهاتف ونهض عن كرسيه الجلدي :
" متى ستاتي " ؟ ."
- بدا التعجب على شارلز وأجاب :
" في الأسبوع القادم . قلت لها إن شخصاً سينتظرها في المطار ,كما طلبت مني . "
- أخذ نيكولاس يتمطى , محاولاً إزالة التوتر الذي يشعر به ثم قال :
" إنه الطمع يا شارلز . الطمع والغرور ".
- وصرّ على أسنانه ثم تابع قائلاً :
" ما عليك سوى وضع الطعم المناسب في الصنارة لتصطاد السمكة " .
جمع شارلز بعض الملفات وحملها , ثم قال :
" ظّنت أنك انت المتكلم , سيدي ".
- والتفت ليواجه رئيسه و قد بدا على ملامح وجهه وكأنه يتهمه .
- " لن تقوم بأي تصرف متهور , أليس كذلك سيدي ؟ "
- لهجة شارلز التحذيرية جعلت نيكولاس يشعر بالإمتعاض .
- " بالطبع لا ! أنوي التخطيط للثأر بحذر ."
- لم يصدق شارلز كلام رئيسه , وازداد شحوب وجهه وقال :
" لكن سيدي لقد جعلت مدير قسم المحاسبة في ال
سمعت صوتاً ذكورياً من خلفها يجيبها فأجفلت .
كان صاحب الصوت رجلاً طويل القامه , قوي البنية , ذا شعر لمّاع أشبه بهالة من النور , تحت أشعة الشمس .
أما وجهه فبارز القسمات غطت نظارات شمسية عينيه فودّت لو ترى تعبيرهما , لاسيما ان ابتسامته عكست رهافة إحساسه . و بدا لها من ابتسامته انه يستلطفها و يستغربها في آن معاً . ربما غيّر برنامجه لياتي لاإصطحابها .
قال لها بنبرة متكاسلة :" جئت لاصطحبك آنسة أنجليس ".
بدت نبرته ساخرة مغرية . و اقتنعت بانه اتى فعلا من قبل السيد فاروس ,بعد ان لاحظت ملابسه البسيطة , سروال جينز و حذاءً عملياً .
بدا لها وكانه يقول :" هذا ما أنا عليه , عليك ان تعتادي على ذلك !".
شعرت بالتقدير لما هو عليه , فقد كان بعيداً كل البعد عن ما توقعته . تنحنح , و مع انها لم تر عينيه , إلا انها
رات أن السخط بدا يغلب على التسلية البادية على شفتيه .
بدا لها أنه يتوقع منها جواباً وجواباً سريعاً
غمغمت متاخرة :
"سائقي ؟ شكراً جزيلاً !".
انه لمن دواعي سروري .
وحمل حقيبتها مقطباً جبينه , فعرفت أنها ليست الحقيقة .
"اعتقدت أن أحداً لن ياتي لاصطحابي , لقد تأخرت كثيراً ."
"حقاً . ربما لم أحصل على الوقت المحدد لوصول الطائرة ."
و أشار الى الإتجاه الذي سيسلكانه و سبقها حاملاً حقيبتها .
"أخيراً جئت , وهذا ما يهم . اعتقد أنك ستقلني إلى منزل السيد فاروس ."
ا"عتقاد صائب ."
بدت تعابير وجهها ناقمة على تصرفه الفظ ,
لكنه لم يتنبه لذلك لانه أشاح بنظره عنها . مشى بخطوات واسعة ,
فاضطرت للركض لتلحق به . وكان ذلك أشبه بالعذاب لشدة ما آلمتها رجلاها .
"هل من داع للعجلة ؟ "
لم ينظر إليها أو يخفف من سرعته , فنظرت إليه بحنق وقالت :
" حقاً؟ وكيف كنّا لنمشي لو اننا على عجلة من أمرنا ؟".
ولكن حين ألقى نظرة خاطفة عليها , خفف من سرعته و سلها مستفهماً :
" هل امشي بسرعة كبيرة ؟".
"لا, بالنسبة لمباراة ماراثون . ولكن اذا اردت ألاّ تضيعني في المطار , فعليك ان تخفف من سرعتك . هذه ليست أحذية رياضية . "
وأشارت إلى الحذاء العالي الكعبين الذي تنتعله و قد بدت امارات اللوم على وجهها .
لم يكلف نفسه عناء النظر إلى رجليها , ولكنها لاحظت تعابير وجهه .
"عفواً ."
خفف من سرعته قليلاً , فكان ذلك مثالاً واضحاً على الاهتمام البسيط الذي يوليه لمشاعرها . فقالت وهي تعدو بأقصى سرعتها لتتمكن من المشي بقربه :
" هكذا أفضل بكثير , شكراً ."
"أهلاً ."
قطبت جبينها .خرجت كلمة ( أهلاً ) من فمه وكأنها (إذهبي إلى الجحيم ).
قالت وهي تلهث ككلب بائس :
" علينا أن نحضر الحقائب , هل تعرف الطريق ؟".
نظر إليها نظرة جافة او بالأحرى اعتقدت ذلك , لكنه لم ينبس بكلمة , وانعطف في سيره فتبعته .
سألته محاولة بدء حديث معه :
" إذاً ماذا تفعل في الحياة غير ملاقاة الوافدين في المطارات ؟".
" اهتم باموري الخاصة ".
اجفلها جوابه ولكنها حافظت على توازنها خوفاً من ان تقع . امسكت بمعصمه فوجدته قوياً مليئاً بالرجولة . لم تكن تتوقع شيئاً من جراء لمسه , لكنه ترك فيها أثراً كبيراً . قالت وكانها تنذره بفصله من مركزه :
" اعتقد انك تعمل لحساب السيد فاروس ".
وإذ لم يجبها ,تابعت تقول :
" لانه يجب ان يعرف كيف تتعامل مع الناس !".
توقف مرافقها فجاة , فكادت تصطدم به .
تراجعت إلى الخلف بعد أن التفت ال يدها التي تمسك بذراعه بإحكام , فأبعدها بحركة خفيفة من معصمه , ثم نظر إلى حقائب السفر وأشار إلى واحدة منها قائلاً :
" احملي حقيبة منها , آنسة آنجليس !".
امسكت بالحقيبة :
" لن يكون ذلك بالأمر الصعب . ثمة واحدة بعد !".
"سأحملها لك سيدتي . "
ونظر إليها نظرة ملؤها الاستهزاء ثم أشاح بنظره عنها .
قطبت جبينها وقررت ألا تتفوه بأي كلمة مثله .وبعد بضع دقائق , كانت تجلس في سيارة رياضية , بالكاد تتسع لهما و للحقائب .
ما إن بدات السيارة بالتوجه شمالاً حتى راحت كالي تتساءل عن هذا الشاب الذي أوكلت إليه مهمة اصطحابها إلى منزل آل فاروس البعيد .
فتمنت ألا يكون المنزل بعيدا جداً , فمرافقة شخص نكد هو آخر ما تتمناه . أسندت رأسها إلى مسند مقعدها رغبة منها في الاستمتاع بالنسيم البارد الذي يدغدغها , وبأشعة الشمس , وبعد قليل ,ادركت أنهما يمران بالغولدن غابت بريدج , ذاك الجسر الذائع الصيت في العالم , فاستقامت في جلستها لتنظر الى المشهد الرائع للمحيط و المنحدرات الصخرية غرباً .
اما في الشرق , فكانت الهضاب الخضراء تنتشر في كل مكان . فيما امتد تحتهما خليج سان فرنسيسكو باحواضه المزدحمة بالمراكب , التي تمخر عباب مياه الخليج الزرقاء
تنشقت رائحة البحر فسرها شعور النشوة الذي أحست به , من جراء ذلك . لكن ابتسامتها اختفت حين نظرت الى مرافقها العابس .
لاحظت ان النسيم عبث بشعره الذي كان مسرحاً باناقة فتدلت خصل منه وغطت جبينه . كانت شمس بعد الظهر تضئ وجهه , فلم تستطع كالي إلا ان تعترف بوسامته الفائقة على الرغم من تعابير وجهه المشاكسة .
بدا لها قوياً , مفعماً بالرجولة , فجذبها ذلك وجعلها تشعر بالاضظراب في الوقت عينه
لسوء الحظ , وعلى الرغم من انه نكد وكثير التذمر , سرت في جسدها رعشات من جراء الانجذاب الذي شعرت به نحوه .
ازعجها ذاك الشعور الذي اجتاحها للحظة عارمة .
لِمَ تجده مغريا ؟ فقد كان فظاً وعابس الوجه . استقامت في جلستها وفكرت في تبادل الحديث معه مرة اخرى . فقد فضلت ذلك على تأمل لمعان شعره أو قسمات وجهه الجذابة .
"سيارة جيدة , هل هي لك ؟ "
"لا .انها احدى سيارات السيد فاروس "
اومات براسها بعد أن اقتنعت بكلامه , فالقليل القليل من الناس قادر على شراء سيارة فخمة كهذه .
"إذاً انت السائق ؟"
"أحياناً ."
سالته محاولة إثارة غضبه :
" حين لا تكون مشغولاً بإلقاء محاضرات عن التعامل بلباقةمع الآخرين ".
لم تعرف لِمَ رغبت في ذلك , ربما لانه يستطيع إثارة غضبها بسهولة
لكنها لم تفلح في ذلك , فقد أبقى تركيزه على الطريق أمامه . لا, ليس تماماً ,فقد ثنى ذراعاً . وتسائلت عمّا اذا كان ذلك يعني انه يشعر بتشنج من جراء امساكه المقود باحكام . حسنا ! اذا كان ينوي اثارة غضبها فسترد له الصاع صاعين .
"هل لديك اسم ؟ أم انك انسان آلي مع مشكلة فنيّة في برامجك ؟ "
قطب جبينه لسماع الكلام الموجه اليه , فيما التفتت هي نحوه , فأعجبت بالضوء و الظلال على قسمات وجهه الحاده . ولكن ما ان انتبهت الى افتتنها به , حتى حولّت ناظريها عنه نحو الطريق .وإذ لم يجب , لم تجد امامها من سبيل إلا النظر مجدداً ومعاودة طرح سؤالها بصوت اعلى
": سالتك هل تملك اسماً أو ..............".
"سمعتك آنسة آنجليس ."
بقيت تحدق فيه من دون أن تنبس بكلمة . أن اختار أن يكون فظاً فهذه مشكلته . وهي لا تأبه أن كان يملك اسماً أم لا يملك .
وبعد مرور وقت طويل , أجفلتها اجابته :
" بعض الناس يدعونني بيال ".
وحين افاقت من الدهشة التي تملكتها بعد ان تكلم معها , أخذت تتأمله :
" هل انت جاد ؟ لا يليق هذا الاسم بشخصيتك النكده !".
لم يجبها بل تابع القيادة بهدوء .
بال ؟
لم يكن اسمه يتطابق مع الصورة البغيضة التي كونتها عنه .
قررت ان تبحث عن المعاني المحتمله لاسم بال , بصوت مرتفع .
"ثمة معنى واحد يمكننا استثناؤه من قائمة معاني اسمك , وهوالرفيق .
لكن لا تطلب مني ان افسر لك لما استثنيت هذا المعنى . "
ارادت ان تختلس النظر اليه لترى ردة فعله , لكنها قاومت رغبتها .
أخذت تفكر ملياً لتجد الدافع وراء اعطائه هذا الاسم , ثم حدقت فيه :
" لنر .... انها مهمة صعبة . هلا ساعدتني في ذلك ؟".
كانت ردة فعله الوحيدة على كلامها ان ضبط المرآة واندس بين صفوف السيارات . ما معنى ذلك ؟ الإسراع للتخلص منها في اسرع وقت ممكن ؟
شعرت بالدم يتدفق سريعا نحو راسها .
"حسناً وجدتها ! "
طقطقت اصابعها ونظرت اليه ثم قالت :
" لقد اطلقت عليك هذا اللقب تيمناً بسرطان النخيل ! والاسباب هى انك شخص تافه ,جدير بالازدراء , بائس و**** ,متلاعب ووضيع !".
ابتسمت ابتسامه عريضة , وهي تشعر بالاعتزاز لاكتشافها هذا .
وسالته بنغمة فيها شئ من المرح :
" هل انا على حق ؟".
"**** وجدير بالازدراء ؟"
بقي يحدق فيها لحظة وهو يقود السيارة فبادرته بالقول :
" لا , ليس هذا ما عنيته تماما . كل ما عنيته هو انك شخص تافه !".
"يال هو تصغير ياليكاراكي , وهو اسم اطلقه علىّ جدي ."
"ياليكاراكي؟"
وتحولت ابتسامة كالى الى تجهم .
"لكن هذا اسم يوناني ويعني بطلاً صغيراً !"
كانت السيارة تعبر طريقا شديدة الانحدار , وسط غابة من أشجار الصنوبر والبلوط و السنديان . وكان راس سائقها يتمايل يميناً و يساراً .
قالت مجدداً :" بطل صغير . حسناً , من دون التطرق الى ما تزعمه عن جدك , هل هذا يعني انك يوناني الاصل ".
نظرت اليه بدهشة و ايقنت انه ليس منالغريب ان يستخدم السيد فاروس اشخاصا يوناني الاصل . لعل اليونانيين كثر في كاليفورنيا .
واذا كان السيد فاروس قد اقتنع بالزواج بامراة لا يعرفها , لمجرد انها يونانية , فلا عجب ان يستخدم اناساً يونانيين . وهذا يفسر اختياره شخصاً كبال ليعمل لحسابه , فقط لأنه يحمل الجنسية اليونانية !!
" اعتقدت انكِ ستعرفين المعنى الصحيح لإسمي سريعاً .... لقد خيّبتِ آملي ."!!
استشاطت غيظاً لسخريته , فقالت :
" خيّبت آمالك ؟؟ حسناً , دعني اخبرك عن خيبة املي ."!!!
توقفت السيارة امام بوابة من الحديد جميلة ومزخرفة . كانت الورود تزينها ومصابيح من الحديد تنتشر على جانبيها ..
لاحظت كالي ان بال التفت الى اليسار , فلاحقت نظراته , لكنها لم تر شيئاً في بادئ الامر .
وبعد ان امعنت النظر لدقيقة , لاحظت كاميرا صغيرة مخبأة بين اغصان الاشجار ...
تفاجأت كالي حين رأت البوابة تفتح من دون ان يتفوه نيكولاس بأي كلمة ,, فسألته عما ااذا كان لديهم صورة لكل موظف في الشركة ..
لكنه لم يجبها بل تابع اجتياز البوابة التي فتحت امامه , فيما نظرت هي الى الخلف لترى كيف اقفلت البوابة لتمنع الآخرين من االدخول الى هذه الممتلكات ..
" هل ذكرتِ شيئاً عن خيبة الأمل آنسة انجليس ؟؟."
ذعرت لطرحه السؤال , وتسائلت عن السبب الذي يجعل هذا الرجل يشعرها وكأنها على شفير نوبة غضب عارمة ....
" خيبة الامل ؟."
هزت رأسها محاولة اعادة التركيز . وذكرها منظر البوابة الفخم بسبب وجودها هنا . فشعرت بالإثارة للفكرة وذلك لاول مرة منذ .......
حسناً بعد العرض الذي تلقته من محامي السيد فاروس لإعادة تجديد هذه الملكية , وبعد عدولها عن مشروع الزواج ...
وشعرت بغصة في حلقها حين تذكرت انها كانت مقتنعة بتلك الفكرة السخيفة , وانها كادت تندم على زواج رتبه لها جدها ..
" آآه , حسناً ... خيبة الامل .
جاهدت لترى من خلال الاشجار .. لكن ,, لمِ العجلة ؟
فعما قريب سترى المنزل .
بدأت نبضات قلبها تتسارع ونظرت باستياء الى بال ...
قريباً سوف تتخلص من مرافقها المزعج ...
" حسناً ,س أخبرك ما هي خيبة الامل !!
خيبة الامل هي ان ياتي شخص فظ و نكد ليقلك من المطار ..
خيبة الامل هي ان تمضي ساعتين طويلتين برفقة شخص نزق .. سريع الغضب .. وخيبة الامل الفعلية هي ان تكتشف ان هذا الشخص النكد هو يوناني بخلاف اليونانيين الظرفاءو اللطفاء !!!. "
استمرت في تصويب سهامها نحوه والتفتت اليه آملة ان يضايقه تعليقها العدواني قليلاً ... ثم ضربته ضربة قوية على كتفه وقالت :
" هذه هي خيبة الامل الحقيقية ,, هذه قمة خيبةالامل !!!!..."
وانعطفت بهما السيارة , فرأت كالي لمحة من الالوان لا تشكل جزءاً من الخضرار الذي يطغى على المكان ..
امعنت النظر فوجدت انها ازهار وورود زكية الرائحة ,, اشبه بجنة على الارض ...
اخذت نفساً عميقاً وتملكها شعور جارف وحار , فأدركت انه الحب من النظرة الاولى .
كان شكل البيت اشبه ببيوت الف ليلة وليللة ,,
عبارة عن زواج رومانسي بين القرميد و الحجارة وا لخشب .....
بدا لها المنزل غاية في الروعة من سقفه فنوافذه الى ابوابة المزخرفة و شرفاته الحجرية و برجه الشامخ .. كان فريداً من نوعه و غريباً ....
تنهدت وهي تشعر برغبة جامحة و قوية للبدء بالعمل ..
" هناك الكثير .. الكثير ...... "
واختفى صوتها .... لم يكن المنزل بالنسبة الى كالي مجرد مزيج من الجص و الخشب و الحجر ....
بل بدا لها كياناً ,, وكياناً حياً يتنفس ...
كائناً يملك روحاً وطبعاً خاصاً به ...
لكن سوء اختيار الالوان والاضافات التي الحقت به شوهت جماله قليلاً ...
وجدت كالي في فرصة المحافظة على تلك الثروة واعادتها الى ما كانت عليه فرصة يحلم بها كل من يعمل في مجالها ,, لذا اخذت تفكر بالدافع الذي حمل السيد فاروس على ايكال تلك المهمة لها ...
بدأت صورة المنزل ترتجف امام عينيها الى ان اصبحت غير واضحة , وفيما كان مرافقها يركن السيارة اغرورقت عيناها بدموع تقرُّ بالجميل .
" ارى ان المنزل هو قمة خيبة الامل ؟!! ".
ملاحظته الساخرة جعلت الدموع تنهمر من عينيها من دون ان تشعر بالاحراج لانها تبكي امامه ...
ثمة اشياء لا يستطيع المرء ان يمنع نفسه من التأثر بها ...
استند الى مقعده ووضع يده حول مقعدها وقال:
" اعتقدت انكِ تعرفين انني هنا !! ."
وتابع يقول بسخرية :
" انا اسف .."
ادارت ظهرها له واخذت تنظر الى المنزل .
كانت يداها ترتجفان من الغيظ واخذت تتخلل شعرها باصابعها .
ثم التفتت نحوه و قالت :
" عليك ان تكون آسفاً ... ساجيب عن سؤالك ...
المنزل لا يخيب الآمال ... انه رائع ..وانا متأثرة حقاً لأن السيد فاروس اختارني لتجديدة .. انه مثال للجمال الفطري , وسيغدو عملاً فنياً رائعاً اذا ما عملت عليه بعين مبدعة , وعين تعنى بالفن الرفيع ."
رفع ذقنه في دلالة واضحة على انه ينظر الى المنزل الذي يقع في مكان ما خلفها .. نظرت اليه باستياء ,,
لمِ ازعجت نفسها بالتفسير ؟
لم يكن يستمع الى ما تقوله . فضلاً عن ذلك . كف لسائق عديم الاحساس ان يفهم كيف يحرك الجمال حس الفنان المرهف وروحه المبدعه ..
" حسناً .. "
هزت راسها واشارت الى مؤخرة السيارة ثم قالت :
" افتح لي الصندوق لاخرج حقائبي . لا ارغب في تمضية المزيد من الوقت معك .."
" سانقل لكِ الحقائب بنفسي يا آنسة ."
تناهى اليها صوت رجل من خلفها . فاتفتت لترى خادماً ابيض الشعر يرتدي بذلة سوداء ويقف عند السلم الذي يؤدي الى المدخل المقنطر .
كان الخادم يلبس قفازين و الابتسامة على محياه .. سمعت كالي صندوق السيارة ينفتح ..
ومن دون ان ينتظر الخادم الامر لاخراج الحقائب , اتجه بخطوات ثابتة الى صندوق السيارة .. اندفعت كالي خارج السيارة محاولة مدّ يد العون لحمل حقلئبها .. وانتابتها رغبة جامحة في النظر مجدداً الى .....
لكنها ادركت ان تلك الرغبة حمقاء , فقاومتها عبر الخروج من السيارة المكشوفة ..
ما ان اغلقت السيارة حتى ظهر رجل آخر ,, كان هذا الاخير طويلاً ونحيلاً يرتدي بذلة داكنة اللون و ربطة عنق خضراء بلون البحر , يحمل حقيبة جلدية سوداء ..
شعرت كالي وكأنها تعرفه . وما ان التقت عيناهما حتى عرفته جيداً ,,
كان هو !!
عرفت من نظراته اين رأته نم قبل ,, واخذت تلهث وهي توجه اصبع الاتهام نحوه :
" لكنك قلت انك لن تكون هنا !! ."
لم ترق لها نبرة الذعر التي ظهرت في صوتها .. ارادت ان تبدو قوية ,
وادركت ان اصبعها بقيت موجهة نحوه ,
فاعترفت بغباء تصرفهاهذا .
انزلت اصبعها وجاهدت لتمنع شفتها السفلى من الارتجاف . شعرت ان تصرفها مع السيد فاروس تصرف احمق وحاولت استعادة رباطة جأشها . فأخذت نفساً عميقاً ....
" سأغادر ... سأغادر على الفور ..."
نزل الرجل الذي سبق لها ان نبذته من على السلم ...وشعرت كالي بانها ****ة .. كيف تجرأت على رفع صوتها في وجه ذلك الرجل , بعد ان عرض عليها هذه الوظيفة الرائعة ؟
اسرعت كالي تلحق به وامسكت بيده قائلة :
" سيد فاروس , لابد انك تظنني امرأة سليطة اللسان وناكرة للجميل ّّ."
وتابعت تقول :
" شكراً جزيلاً على هذه الفرصة التي منحتني اياها ,, سأبذل قصارى جهدي لاجعل من منزلك تحفة فنية ,, انا متأثرة لوجودي هنا ..
انت لطيف جدا و لن انسى لكَ ذلكَ ابداً .."
قاطعهما بال قائلاً :
" آنسة انجليس , من فضلكِ دعي مساعدي يذهب , لديه برنامج عمل حافل ."
افلتت كالي يد الرجل , وفتحت فمها لتسأل بال عمّا يقوله ..
لكن هذا الاخير التفت الى ارجل الشاحب و قال له :
" شارلز , لقد تركت عقود الماغتاسون على مكتبي ,, ارسلها لأصحابها بعد الظهر .."
" نعم سيدي .."
واستدار الرجل فالقى نظرة خاطفة على كالي ومن ثم على بال فكالي.
امسك بال بمفاتيح السيارة ليعطيها لشارلز , لكن كالي قبضت على يد شارلز بكل قوتها , فنظر اليها بال بغضب قائلاً :
" لا تعيقي دورته الدموية آنسة انجليس .. شارلز بحاجة الى اصابعه . فهو يطبع مئة كلمة في الدقيقة ."
ونزع بال نظارته الشمسية ليكشف عن عينين رماديتين بلون الدخان خطفت تلك العينان انفاسها وسمرتها في مكانها ,.,
اما هو فالتفت نحو كبير الخدم قائلاً :
" خذ حقائب السيدة انجليس الى الداخل , بلكين !