- ما الذي تحمله أنت ؟! وما الذي ستعترف به ؟!
رسالة تائبة إلى هاتك عرضها
ياهاتك العرض , هذه رسالة بعثتها إليك امرأة , أتدري من هي ؟!
إنَّها حبّك الأول والأخير ومستقبلك وماضيك وحاضرك , إنَّها روحك وحياتك وسعادتك ..
عذراً .. فلن أخبرك من تكون هذه المرأة , وأتركك مع نص رسالتها , والتي تقول فيها:
( لا تظننَّ أنَّي كتبتُ الرسالة لخطب ودَّك , ولهثاً خلف حُبّك , فالودّ والحُبّ لا يبذل للخِبّ ,
رسالتي ليست من جنس رسائلك الملعونة , رسالتي طهّرتها بماء الإيمان واليقين , طهّرتها من أدران االرذيلة , ودهاليز الضياع , وكهوف الظلام , رسالتي طهّرتها من دنس صنيعك , وحقارة غايتك , وخفارة ذمّتك , وخسة طباعك , ونذالة نفسك ...
أتذكر يوم اللقاء ؟!
ذلك اللقاء الملعون ..
كم تحمَّلتُّ بسببه من المصائب والرزايا !
فقد كنتَ مصيبة وأيّ مصيبة , لقد سلبتَ أعزّ ما أمتلكه , لقد سرقتَ أشرف ما أكتنزه ,
كانت حياتي رغم اضطرابها قبل لقياك التعيس , جنّة وأيّ جنّة , وارفة ظلالها , غنية أنهارها , مخضرّة أشجارها .
أتدري كيف حياتي قبل لقياك ..؟؟!
عشت يتيمة لكنّ والديّ أحياء ! لي أقارب عقارب لكنّهم رُّحماء !
عفواً .. حياتي استثناء في كل الأنحاء , فلاتصفنَّ مقالي بالسواد يا صاحب القلب الرقيق ! ولا تعجلن في حكمك , فعمَّا قليل يأتيك الخبر ..
فلمَّا طاف بي الهمَّ , وسوَّرني الغمَّ , وضعف حالي , وكلَّ بالي , وتكدر الخاطر .. ويا ليل ما أطولك ! قلَّبتُ ناظري أرقب ( عقارب ) الساعة , وياليتها لم تتحرك !
تحرّك ( العقرب ) وكان لقاؤنا الملعون ..
في تلك اللحظات , انعدمت الرجولة , وجفت منابع الإيمان , وخبت أنوار الهدى , وانحدرت الإنسانية إلى منزلة الحيوانية المُذمَّمة والمُقبَّحة .
فلا أخالُك ترضاه لأمّك , فكيف رضيته لي ؟! ولا أخالُك ترضاه لأختك , فكيف رضيته لي ؟! ولا أخالُك ترضاه لعمّتك , فكيف رضيته لي ؟! ولا أخالُك ترضاه لخالتك , فكيف رضيته لي ؟!
ولا تسل عن صفات الرجولة والشهامة العربية , فهاهنا تتوارى الوجوه من سوء فِعالها ...
فليس أشدَّ على الرجل العربي من انتهاك أعراض النساء والعبث بها , لأنه شهم شجاع صاحب نخوة وغيرة يذوب منها الصلب الجامد , ويلين بها الخشن الصعب , وما أبلغ وصف الشاعر لها يوم قال :
وأغضُّ طرفي إن بدت لي جارتي حتي يواري جارتي مأواها
فالرجولة ستر ورداء , وملاذ وغطاء , وحراسة للفضيلة والنساء , ومن صفات الرجل أنَّه من الحياء يتلثَّم , ومن اللمم يتأثَّم ..
وأما في تلك اللحظات , فقد مات الرجال , وماتت النخوة , وماتت الشهامة , وماتت الغيرة
يا للرجولة يا للشهامة , لقد ذبحتها يا أيها الذئب البشري , وانتهكت عرضي , فما أحقرك !
نعم أعترف لك بأنِّي قد سايرتُ طمعك , ويسَّرتُ مطمعك لنقصٍ في إيماني واضطرابٍ في حياتي .. نعم أعترف بذلك وأستغفر الله وأتوب إليه مما افترفته يداي , وأعترف بأنِّي أشعر بمرارة مؤلمة على كل لحظة عشتها معك , وأعترف بأنِّي أشعر بحرارة تضطرم نيرانها في جوفي وفؤداي ..
ولكن قل لي :ما الذي تحمله أنت ؟! وما الذي ستعترف به ؟!
فأنت أجبن من أن تعترف بأخطائك وجرائمك , وأجبن من أن تستطيع مواجهة نفسك بأخطائها ..
أنا أعلم النَّاس بوحشيتك , فما أنت إلا أخَّاذ نبَّاذ , خوَّار ختَّار , ما أنت إلا حقير نقير لاتساوي قطمير , ما أنت إلا عابث لعوب , فإذا قضى على عفة إحداهنَّ أدار لها الظهر وولَّى , فتناديه المخدوعة : لاتتركني وحدي أرجوك , فيبصق في وجهها ويطلق عليها أقبح الألفاظ وأرذلها ..
فيالك من ذكر حقير , أين ذهب لسانك المعسول وبراءتك ولطفك ؟! ألست أنت من سرق عفتي , ودنس عرضي , وسلب كرامتي , وأرداني في مهاوي الرذيلة ؟!
عفواً .. فأنت حقير لاينفع فيك تأنيب , ولا تأديب , وكم أنَّبوه وأدَّبوه , وعُوتب فيه أمّه وأبوه , نعوذ بالله من كلِّ أهوج أعوج ..
ولا تعجبنَّ , فإنَّه النَّاس يُفسدهم المُجون , كما يُفسد الماء الأُجون , ومن كان هذا سبيله , فلا يُؤمن ولا يُؤتمن ..
يا بنت الإسلام , إنِّي لكِ ناصحة مشفقة , لاتتبعي خطوات الشيطان , فإنّّه يأمر بالفحشاء والمنكر , ودينك وعرضك أشرف ما لديك , فتمسكي بالدين الحنيف , والزمي طريق الهدى والصلاح , فهو العزّ والشرف , ولكنَّ أكثر النَّاس لايعلمون ..
وأحمدُ الله أن هداني إلى التوبة , وأكرمني بحفظ نصف كتابه , وأسأل الله أن يُيسر لي إتمامه وأن يوفقني للعمل به ...)