ورد جوري21
17-07-2022 - 10:26 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتمنى ان ترحبوا بي في هذا القسم كأول رواية لي أنزلها هنا في المنتدى
كتبتها بنفسي وهذه رواية من رواياتي العديدة التي سأنزلها ان شاءالله تباعاً اذا لاقت استحسان منكم...
ههذ الرواية ستأخذكم الى الماضي لتعود بكم الى الحاضر..
تروي قصتين اندمجن في قصة واحدة لتعبر عن ماضي مر وحاضر امر..
هذه الرواية تمثل موضوعاً اجتماعياً حساساً للغاية ارضه كانت في لبنان ومصر نظراً لتتابع الاحداث ونظراً لأنني لبنانية سترون داخل القصة اللهجة اللبنانية...
نسيت ان اعرفكم نفسي...
ورد 23 سنة من شمال لبنان
ادرس ماد علم الاجتماع وحائزة على شهادة ليسانس فيها
لهذا اغلب رواياتي فيها طابع اجتماعي
وسترونكأنكم تشاهدون مسلسل متتابع بحلقات يومية..ارجوا ان تعجبكم..
نبدأ بإسم الله...
الفصول:
الفصل الأول
إنه شتاء1982.... دافىء من شدة النيران التي تراها أينما كنت وعاصف بأصوات القنابل والرصاص التي غطت على أصوات الرعد والصواعق......ًإنها الحرب الأهلية في لبنان تطيح بكل ما هو جميل في هذا البلد ...البنيان الأرصفة حتى البشر ..لم يبق أحد الا وترك منزله وهرب عسى أن يجد الأمان في مكان أخر.....وأي أمان هذا أمام قنابل لا ترحم أحد وإنفجارات وقتل عشوائي....قتل على الهوية...حرب طائفية بكل ما في الكلمة من معنى وكأن الجميع كره كلمة تعايش مشترك التي طالما كانت رمزاً للبنان ..ففي كل بيت لا بد أن تجد شهيداً أو أكثر ....لا وجود لدولة بل لميلشيات مسلحة كل منها تمثل دولة بذاتها لها قوانينها واحكامها..كانت الحرب فوضى لا ترحم...
هذا الجو عاشته عائلة سعاد ....فها هم يرتحلون الى قريتهم التي لم تزرها منذ أكثر من عشرة سنوات ...الجميع كان خائف من اي شيىء ومن كل شيىء الا سعاد إبنة الثامنة عشرة ربيعاً كان في داخلها أمل بأن كل ما يحصل سوف ينتهي على خير في يوم ما وهذا ما كان يرسم إبتسامة خجولة على ثغرها كلما تحدث معها أحد....رغم ما تعيشه من قهر وكبت في منزل والدها...كانت جميلة جداً شقراء شعرها منسدل لتحت كتفيها وعيونها خضراء كربيع لبنان المزهر....
والدها أطباعه صعبة للغاية متسلط لدرجة كبيرة على أهل بيته ... أما الأم التي فمغلوب على أمرها وأخاها يتساوى نفوذه على العائلة مع نفوذ والدها عند غيابه .....الأصل هو الأهم بالنسبة لعائلة ال خليل لا يهم شيىء لا التلميذات المجتهدات جداً ولكن التقاليد وقتها لم تكن تسمح للفتاة بالبقاء في المدرسة بعد سن العاشرة ...أقصد تقاليد عائلة ال خليل..يكفيها أنها تعلمت أن تقرأ وتكتب ماذا تريد من العلم وهذا الكلام السخيف.. ....ولكن سعاد كانت فتاة لا تيأس من شيىء .....وكانت تريد من هذه الحياة أكثر مما أعطتها....حتى إبن عمها الذي إنخطبت اليه وهي ما زالت صغيرة جداً وتنتظر أن تنتهي الحرب لتكون عروسة له لم تكن تيأس من أنها ستتغلب على هذه الزيجة المدبرة حفاظاً على العادات بغض النظر عن كيانها ورغبتها فيما تريد....
كان هذا الموضوع يدور في عقل سعاد وهي في السيارة متجهة الى بيتهم القروي الذي لم تزره منذ عشرة سنوات لمشاغل والدها في المدينة ....كان جدها خليل باشا صاحب الحسب والنسب الذي توفي منذ أكثر من عشرين عاما معروفاً في القرية ً بقي إسمه محفوراً في ذكرة الجميع ويحترمه كل أهل القرية مع أن وضع العائلة المادي يعتبر عادياً جداً مثله مثل كل الناس والدها صاحب شاحنة لنقل البضائع وأخاها ايضاً ولكن في بعض القرى كان النسب يطغى على المال وكم من عائلات تملك المال ولا تملك النسب ولم يعطها أحد أي أهمية تذكر....
وأخيراً لمحت سعاد لوحة مهملة على قارعة الطريق مكتوب عليها (كفريا)لقد وصلت الى قريتها في قضاء الكورة شمال لبنان وما هي الى دقائق حتى كانت أمام منزل جدها ....نزل الجميع وبدأو ينزلون الحقائب من السيارة وكأنهم جلبو معهم البيت كله فاقدين الأمل بالعودة الى منزلهم القديم ويجدونه سالماً من قذيفة عمياء دمرت كل شيىء... أغراض متنوعة من ثياب وأثاث والكل منهمك في تنزيلها الا سعاد نجدها تخرج حقيبة صغيرة تحملها على ظهرها وأخرى كأنها صندوق تحمله في يدها وتتوجه به الى الغرفة التي ستقيم فيها.....
وبعد يوم طويل من العناء والتعب والتنظيف ترقد سعاد في سريرها وتفتح الصندوق وتخرج منه اسطوانات لفيروز وروايات جميعها لإحسان عبد القدوس....
كانت تعيش عصر الرومنسية التي تفقدها في حياتها في كتاباته وتفرح وهي ترى امرأة متحررة في قصصه وتتخيل أنها هي البطلة وتعيش ما لا تعيشه في واقعها المكبوت لأقصى درجة.....
تحمل رواية من رواياته (أذكريني) وتقرأها وتذهب في عالم أخر لتنسى أنها تهجرت بسبب الحرب ولتنسى أنها فتاة مغلوب على أمرها في كل شيىء ولتنسى أنها ستزف الى شخص لا تحبه وفي حياتها لم تحبه ولتحيا مع كلمات رواياته كأنها تهرب من الحياة الى جنة صغيرة رسمها خيالها فقط ...
إستقيظت في اليوم التالي استيقظت لترى الطبيعة وقد لبست ثوبها الأبيض كأنها عروس ستزف في لحظات ..كانت تحب الطبيعة وتحب الجبل وتحب هذا الجو الممطر والمثلج أيضاً ...نظرت من نافذة غرفتها وجدت الشمس قد تعطفت عليهم وظهرت قليلاً لتنشر دفئها في كل مكان فلبست ثيابها بسرعة وإتجهت تبحث عن منزل رفيقة طفولتها سهام.... إقتربت من منزل إعتقدت أنه المقصود...
وقبل أن تقرع الباب سمعت أصواتاً غريبة كأن الة داخل البيت تعمل....قرعت الباب بيدها ....ففتح لها شاب في العشرين من عمره .....نظر اليها بإستغراب فإرتبكت ....
وقالت بخجل: مرحبا..مش هون بيت سهام الجمل...
نظر اليها قائلاً: والله مش عارف مين هي الي بتكلمي عنها بس لق هنا معصرة زيت...
نظرت الى الداخل لتجد حقاً أنها معصرة للزيت ...
قالت: حضرتك الظاهر من كلامك مش لبناني!
-قال بخجل : هو الحقيقة لق انا مصري بشتغل هنا....
- ردت بإبتسامة: طيب اوك عن أذنك..أسفة..
وإستدارت لتعود ولكنه استوقفها بجملته: استني حضرتك ...لو عاوزة تعرفي بيتها حندهلك عصام هو بيعرف الكل هنا في المنطقة...
هزت رأسها إيجاباً...فترك ما كان يقوم به فوراً وذهب وعاد مع شخص أخر...
قال موجهاً الحديث لها: ده عصام أسألي علي عاوزاه...
- عفواً بس كنت عم اسأل على بيت الجمل ....
- قال الشاب: اه قصدك مختار الضيعة عنا..
- الحقيقة ما بعرف بس هو عندو بنت اسمها سهام..
- ايه ايه هيدا هوي...بأخر التلة بتلاقي بيتو ما رح تضيعي...
إستأذنت وقالت: شكراً عذبتكن معي...
إبتسم لها الشاب المصري وقال: إحنا في الخدمة يا ست هانم...
تابعت سيرها وهي في غاية الذهول...فهي المرة الأولى في حياتها التي تصادف إحدى أبطال الروايات التي تقرأها.....ويتكلم بالمصرية اللغة التي تعشقها أيضاً كم أحبتها منذ أن عشقت روايات إحسان عبد القدوس ..وإستمرت للحظات غير مدركة ما سمعته إن كان حلم أو علم..شخص يقول لها(ست هانم) يا سلام....حقاً شعرت بالسعادة وتمنت لو إستمر الحديث أكثر لتسمع منه هذه اللغة أكثر وأكثر....
أما هو نظر اليها وراقبها بنظراته وهي تغادر وتحدث مع عصام قائلاً: مين البنت دي يا عصام؟
-والله ما بعرف الظاهر انها غريبة عن الضيعة او مش من الضيعة...
-اكيد مش من الضيعة البنات كلهم هنا بصراحة عاملين زي الرجالة...
-عصام: ليه بقه يا استاذ كمال...
-ما عرفش كده بيتكلمو وبيعلو صوتهم مش عارف البنت دي مهذبة فوق العادة ...
-طيب اسكت وروح كمل شغلك قبل ما يجي المعلم..
ووصلت الى بيت ال الجمل .. قرعت الباب فتحت لها فتاة من عمرها شعرها مجعد وقصير وسمراء وطويلة القامة ..إنها سهام على الأرجح فهي تعرفها كما كانت كذلك قبل عشرة سنوات....
- قالت سعاد: مرحبا مش هون بيت المختار...
- ايه مظبوط مين حضرتك..
- قالت بإبتسامة عريضة: انا سعاد بنت ابو راغب خليل ..انتي مش سهام..
سرحت الفتاة قليلاً وأشارت الى سعاد وقالت: انتي...انتي..سعاد مش هيك صح انتي سعاد....
- ايه صح انا سعاد...
وأمسكتها سهام من يدها وأدخلتها الى المنزل وسلمت عليها بحرارة وجلستا مع بعضهما يتحدثان في أمور كثيرة...فكان لقاء جميل للغاية...
- قوليلي شو أخبارك معقولة كل هلسنين ما بعرف عنك شي..
- والله لولا الحرب يمكن ما كنت شفتك...بتعرفي بابا وعقلو الصعب ما بيرضى يخدنا محل الا اذا مضطر..
- ي ما تقوليلي بعدو بيتحكم فيكي متل زمان..
- تنفست سعاد الصعداء وقالت: ايه والله يا سهام ولولا الحرب ما لاهيتو عني شوي كان جوزني ابن عمي من زمان...
- لا لا ما الو حق انتي ما لازم تقبلي...
- ليش انا الي كلمة باكل كف على وشي بل ما فكر قول لق....
- الله يساعدك على هلعيشة يا سعاد....
- المهم تركينا من هلخبار انتي قوليلي شو احوالك..
- انا والله يا ستي متل ما شايفتيني بعدني بمطرحي عم كمل علمي وهلسنة اخر سنة قبل الجامعة...بس بتعرفي انتي بعدك حلوة متل ما عرفتك ...
- ضحكت سعاد وقالت: الله يخليكي خجلتيني...
- بصراحة معو حق ابن عمك يتمسك فيكي...
- لكن يا ريتني كنت بشعة(وضحكتا معاً).....
وجلست الفتاتان لأكثر من ساعة وحديث يذهب ويأتي على الفور غيره ....
- ذاكرة يا سعاد لما كنا بالصيف نلعب انا وياكي ونتسابق مين بيقطف زهور اكتر...
- ايه بتذكر بس كنت ديماً انا اقطف حميضة وجمع اكتر منك...وكنا نقطف سوا زيتون...
- ايه والله يا بنت ايام...
- صحي على ذكر الزيتون...قبل ما اجي لعندك غلطت بيبتك ودقيت بيت بالغلط طلعت معصرة زيت بس الغريب انو فتحلي شب بيحكي مصري..
- اه اه هيدا كمال المصري الي بيشتغل بالمعصرة صرلو 3 سنين ...كان بيشتغل ببيروت بس لما ولعت الحرب جابو ناس معهن لهون يشتغل بالمعصرة مع انو اساساً مهندس زراعي علفكرة...
- اه والله وشو جابو لهون ما يسافر على بلدو...
- ما بعرف ...يسافر ولا يضل شو بيهمنا...
سرحت قليلاً وقالت: ايه صح شو بيهمنا....
ونظرت الى الساعة لتجدها العاشرة: اوف صارت عشرة لازم روح ضروري اتأخرت هلق بيي اذا فاق وما لاقاني بدو يعملي قصة يلا سلام بشوفك بعدين...
ذهبت مسرعة وودعتها على أمل لقاء قريب وكانت خائفة من أن تجد والدها قد أستيقظ وعلم بخروجها من دون إذنه...دخلت الصالة وكانت المصيبة..وجدته يجلس ويشرب الشاي...إقتربت والخوف يملأها ورمت الصباح عليه...
- صباح الخير....
- انتي وين كنتي يا بنت(قالها بغضب)
- قالت برعب : انا..انا..كنت برا ....كنت عم شوف اذا في شوي نعنع قطفهم ...
- والله.....قلتيلي نعنع...نعنع بهل شتي .........كيف بطلعي بلا اذني انتي ...
- انا ...انا...اسفة بس ما حبيت ازعجك وفيقك ...(كانت تموت من الخوف وترتجف وكأنها ستذهب الى المقصلة لتعدم)
- ايه روحي من وجي عجلي..,فوتي على المطبخ حضري الترويقة مع امك ويا ويلك اذا بتطلعي من دون اذني فهمتي...
- حاضر حاضر ...(وركضت مسرعة الى المطبخ تكاد غير مصدقة أن الأمر مضى على خير)
يتبع........