شجون على بوابة الذكريات

في ظلمة الليل ..وسكون الخلق ..أعيش زمانا قد رحل ..رحل حاملا معه كل المعاني الجميلة..كل حب صادق وضحكة بريئة ..في سكون الليل يبدأ شريط الذكريات في الدوران ..إلى أيام الطفولة الطاهرة..قد يكون الحال ميسورا وقد يكون العيش متواضعا ..ولكن أخفى وراءه كل شيء جميل وصادق ...عالم خال من المجاملة والنفاق ..ربما كذبنا على بعضنا ولكنه كذب من نوع آخر نقش في قلوبنا الحب والصفاء ولم يستمر.
مع مرور الأيام تكونت صداقة صغيرة لم أنساها ... لروعتها.كرها يوما بيوم ولحظة بلحظة...لروعتها ...
ولكن تركها الجسد ولم يتركها القلب فقد ارتسمت به وسكنت بين جوانحه..عشت أيام قاسية .قلبي.رفوا ما في قلبي ..ربما عرفوا ولكنهم تجاهلوه بكل سهولة وبكل قسوة قلب ..فبدأت حياة الانكسار وذهبت أبحث هنا وهناك..عن رفيق يجبر كسري ..ويفهم ما في صدري ...وفي هذه القسوة وهذا الانكسار جاءت صداقة هي من أجمل العلاقات...صداقة لن أوفيها حقها مهما كتبت ومهما قلت..إنها الصدق والوفاء ..إنها التضحية والإخلاص ..إنها الأخوة ..لا بل ...أجمل من كل معنى صادق في الوجود إنها من أجمل وأحلى فترات حياتي...إنهم عالمي ودنياي ..هم من أخذوا عقلي وقلبي وروحي...لم أحس معهم بيوم تعيس لم يكن للحزن مكان عندنا ..فإذا ما بكيت أسرعوا في تجفيف دموعي وأبدلوها بالضحك والسعادة حتى جفت..أو شكيت يوما لم ينقضي ذلك اليوم حتى تلاشت الشكوى ولم يكن لها مكان...مجرد أن يسمعوا صوتي أو يروا وجهي عرفوا ماذا أريد ومما أشكو وما جئت لأجله..لم أعرف معنى الهم معهم ولم يكن للحزن وجود بجانبهم فمن يلومني في هذه اللحظة لو أنه عاش معنا يوم واحد فقط عرف ما بي وسحب لومه وربما شاركني حزني ...لو قلت موقف واحد فقط لعرفوا لماذا نزلت دموعي ..فقد شدت الرحال وكل له فال....
إننا أجساد بلا أرواح ..لقد تركناها في المكان الذي شهد حبنا وإخلاصنا..ليعلم الجميع أن هذا المكان كان من أجمع البقاء والأمل.المكان قد كان فيه الحب الحقيقي والسعادة والأمل.ل ...لقد تعاهدنا على الذكرى والتواصل ..وأن لا نختلف عما كنا عليه مهما حصل..ولم يدري العهد أنه من غيره سوف يتحقق ذلك.. فكل يوم يزيد حبي ويزيد شوقي لرؤيتهم...ويزيد احتياجي لهمساتهم الشافية وأحضانهم الحنونة..
وإني أسأل الحي الذي لا يموت والذي جمعنا في ذلك المكان أن يجمعنا مرة أخرى في مكان أفضل منه في جنات النعيم...