الكاثرين
30-01-2022 - 10:59 am
أهديكم سلاماً لو رفع إلى السماء لكان قمراً منيرا , ولو نزل إلى الأرض لكساها سندساً وحريرا , ولو مزج بماء البحار لجعل الملح الأجاج عذباً فراتاً سلسبيلا .
قال محمد بن سيرين : ما أتيت امرأة في نوم ولا يقظة إلا أم عبد الله يعني زوجته , وقال أيضاً :
إنى أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها .
حين أسمع آهات تشكو قلوب حقيرة , أو أرى عيونٌ نظراتها كسيرة , أو أقرأ حروفٌ من طعنات الغدر حسيرة
أتمنى لو أن عقول بعض أشباه الرجال في اليقضة بربع عقل محمد بن سيرين في المنام , أتمنى لو أن بعض أشباه
الرجال وضع عرش الرحمن بين عينيه وبلغ طموحه مراتب السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا
ظله فصرخ قلبه بكل ثبات ونطق لسانه بكل قوة ( إني أخاف الله )في وجه إمرأةٍ حقيرة ربما كانت ذات
منصب وجمال وربما كانت منحطةٍ قبيحة لكن زينها الشيطان بعينيه كعادته حين يزين للإنسان سوء عمله
وكم تمنيت لو أن بعض أشباه الرجال عرف نعمة الله عليه حين كفاه بالحلال لكن أبت نفسه الأمارة بالسوء
إلا أن تأمره بالحرام وتزهده بالحلال.
في أحد المساءات الحزينة التي كان لي فيها موعد مفاجئ مع الغدر والخيانة , مساء سمعت فيه صوت
حزين بائس جعل الدنيا سوداء في عيني رغم أني لاعلاقة لي به لكنه ( جسد المؤمنين الواحد )
الذي جعلني أتعاطف مع ذاك الصوت وأتوجع لوجع ذاك القلب .
في ذلك اليوم كان موعد زيارة أختي المتزوجة لنا , وبينما أنا جالسة معها إذ بجوالها يعلن وصول
مكالمة من رقم غريب قالت لي بأنه اتصل عليها أكثر من مره ولم ترد خوفاً من أن تكون مشرفه تريد
منها قطع إجازتها والرجوع للعمل , فطلبت منها وليتني ماطلبت أن أرد على المتصل وإن كانت
المشرفة سأقول بأن الرقم خاطئ لترتاح فرددت وكأن الله قد كتب بأن تكون الصدمة بقلب رقيق لا يحتمل .
كان صوت امرأة ربما بالثلاثينات من العمر , صوت خائف متردد متلعثم تنقله ذبذبات حزن
نقلت لي سؤال سقط علي كالصاعقة المدمرة في الليلة الظلماء فقالت : أنتِ تكلمين رجال ..؟
بعد لحظة صمت طويلة بفعل المفاجأة كررت السؤال بطريقة أخرى ,وقالت : أنتِ تكلمين زوجي ..؟
فرددت عليها قائلة : على رسلك يا أختاه فقد اتصلتي على من كفاها الله بالحلال ولا حاجة لها بزوجك
فهي متزوجة وأم لولدين وأعماها حبها لزوجها عن كل الرجال , فاتقي الله ولا تتبلي خلقه
فبدأت تعتذر بصوت أحس بأن خلفه عبرة تكاد تتفجر عن عويل يشكو مرارة القهر الذي جعلها
تتصرف بغير هدى .
فقلت لها على هونك يا أختاه فلم يحصل شئ يستحق لكن أريد أن تعطيني رقم من تشكين بأنها
تكلم زوجك لأقارنه برقم أختي لمزيد من الإرتياح ومعرفة نتائج العجلة , فأعطتني الرقم
وكان ينتهي ب 332 بينما رقم أختي ينتهي ب 333 , فأبدت مزيداً من الإعتذار وأسرفت
في شكوى الحال وأنها تعبت من خيانات زوجها المتكرره فعذرتها وقلت لها أرعي السمع لي يا أخيه:
دعاك إبليس اللعين لنقل هذا الرقم من جوال زوجك ثم أمرك بالإستعجال بالإتصال وهذة هي
نتيجة نصحه لك والتي تتمثل بتبلي طاهرة عفيفة , وأخشى يا أختي أنه مازال يحثك على الإتصال على
الرقم الصحيح ويوسوس لك بالتأكد من خيانة زوجك ولا أدري هذة المرة أتصدق وسوسته أم لا
لكنك في الحالتين خسرانه فإن صدق وكان زوجك خائن ستخلفين في جسدك قلب مكلوم , وإن كذب فستخلفين زوج
بريء مظلوم , وكلاهما مُرَ نتائجه لا تسرَ.
الله سبحانه قال ( لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فالبحث والسؤال وتتبع الزلات سيقلق راحتك قبل راحته
وإبليس قد تعهد بالتفريق بين المرء وزوجه وها أنتي تعينينه على الوفاء بعهده, فتغافلي يا أختي وحافظي على بيتك من الهدم
وضحي بعاطفتك وأعملي عقلك ليس من أجله بل من أجل أبنائك الصغار الذين أسمع صوت ضحكاتهم تملأ دنياك
فلا تشتتيهم وتعذبيهم وتعذبي قلبك وتهدمي بيتك من أجل شكوك إن صدقت فوكلي أمرها لله واسأليه أن يفرجها من عنده
وإن كذبت فستندمين ويومها ربما لا ينفع الندم , فاعتذرت لي مرة أخرى وهي تبكي ثم دعتلي وأغلقت الخط..
على أسماعي تكررت قصص الخيانة وعلى صفحات المنتديات قرأت المئات منها , فتلك مصدومة وتشكو وتزبد وترعد
وتلك تعودت على الوضع وألفت خياناته كما تألف الورود مصاحبة الأشواك , وصبرت كما تصبر السماء الصافية على هبوب الرياح العاتية
من اجل فلذات كبدها ومن أجل بناء بيتها رغم أنها في داخلها تحقد عليها ولاتثريب في ذلك الشعور فجرح الكرامة
لا يمكن وصفه في سطور وسحق الأنوثة جورٌ مابعده جور .
كنت ومازلت أغلب عقلانيتي على عاطفتي حين تحتاج إحداهن نصحي ومازلت على قناعتي بأن استقرار الأبناء
يستحق التضحية والصبر على زلازل الخيانة التي تهز القلوب والبيوت , ومازلت على قناعة بأن الخائن مراهق سيكبر يوماً ما
وعلى الزوجة أن تصبر عليه وما أروع الصبر عند البلاء , ولا أعلم هل أنا على حق أم لا..! فكثرة البيوت
التي تصدعت بفعل الخيانة جعلتني أدرك أني لو غلبت عاطفتي وقلت اتركيه فستنهدم ويكثر أبغض الحلال
فيصيب المجتمع شرخ عظيم وحينها ستنكسر قلوب شتى وليس قلب واحد وأعظمها كسر قلوب الأبناء وما أصعبه وأقساه على قلب الأم الرؤم
فارتأيت في نصائحي لعلمي بشعور ذلك القلب أن أحث على التغافل و الصبر والدعاء عند الخيانات التي لاتتعدى العلاقات العابرة
والصبر مع إسقاط الحق الشرعي في الخيانات العظيمة التي تصل للزنا والعياذ بالله (إن كان هناك بينه) في حالة الزوجة التي ليس لها سند تتكئ عليه
وكان ضرر الطلاق أكثر من نفعه عليها وعلى أبناءها , والتسريح بإحسان إن كانت لديها السند وضمنت أن أبناءها
سيعيشون في كنفها مرتاحين مستقرين مع الحرص على رسم الأم لهم بعد الطلاق صورة رائعة لامعة لوالدهم حتى لايكرهوه
ويكون له هيبة في أنفسهم وهذا ليس من أجله بل من أجل أناقة نفسياتهم بوجود الأب القدوة الذي يفتخرون به ولو كان عكس ذلك.
مازال أشباه الرجال يحدثون شرخ في قلبي وخوف في نفسي من مستقبل أمة لها شريعة سمحة
لم تترك شيئا إلا وأحاطت به من كل جوانبه فأهدتهم الحلال لكن أبت أنفسهم إلا إشتهاء الحرام
فتسلقوا الأسوار بسلم إبليس إلى مواطن الإثم ففقدوا عقولهم ونسوا أنفسهم وتناسوا أن الله مطلع
عليهم ويعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور , لهؤلاء رسالة بدم المجروحات أكتبها :
إلى من تخلى عن دينه من أجل دنياه , ولوث أخلاقه بكبير الإثم وأدناه , وباع رجولته في سوقٍ كل نفس ساميةٍ تأباه
أحدثك بلسان زوجتك الغافلة أو المتغافله , حروف أسطرها ينبض بها قلب زوجة تتمسك بطرف حبل العشرة وإني
أحسبها صابرة عاقلة لاتستحق طعناتك القاتلة , دموع رأيتها جعلت قلمي ينطق عنها رغم أني لم أتذوق ملوحتها .
عجبت من أنك مسلم تصلي وتصوم رمضان وتزكي ومع ذلك لم تنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر
وصام جسدك ولم تصوم شهواتك وأتيت الزكاة لكنك اشتريت محارم الناس , وكل ما أخشاه أن تكون
ممن قال عنهم الرسول الكريم عليه الصلاة وأتم التسليم: يأتي أقوام يوم القيامة بأعمال كالجبال يجعلها
الله هباءً منثورا ، فقال الصحابة جلهم لنا يا رسول الله، فقال:أما إنهم يصلون كما تصلون ويصومون
كما تصومون ويقومون من الليل كما تقومون لكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها .
ولا أدري كيف تورعت نفسك التخلي عن الغيرة التي هي عماد رجولتك وأساسها , فحين تعديت
على حرمات الناس لا بد وأنك مدرك تمام الإدارك بأنه ( كما تدين تدان ) والدين سيوفيه أهلك
وأنك إن عففت نفسك عن محارم الناس سيعف الله محارمك , فواحسرتي على غيرتك على محارمك
التي قتلتها شهواتك وحبك للدنيا , وواحسرتي على تلك الحياة البهيمية التي تعيشها تحت سطوة شهواتك وهواك
فقد قال قتادة وما أصدق قوله وأحكمه :"خلق الله سبحانه الملائكة عقولاً بلا شهوات، وخلق البهائم شهوات بلا عقول،
وخلق الانسان وجعل له عقلاً وشهوة، فمن غلب عقله شهوته فهو مع الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو كالبهائم "
وأنت والله أقل قدراً من البهائم فإن كانت البهائم لا تملك عقلاً تميز به فأنت لديك عقل لكن عطله إبليس اللعين
وجعلك لا تميز بين الحلال والحرام فتسترذل نفسك في خرائب الإثم بدل عز قصور الحلال , وجعلك لا تستنكف عن طعن قلب وفيَ غافل
بسكين حادة تحركها فيه بكل قسوة لتقطع كل عرق كان ينبض بحبك مكوناً جروحاً قلما تبرأ(( وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ )) .
يا ( هذا ) إعلم أن العينان تزنيان وزناهما النظر والأذن تزني وزناها السمع واللسان يزني وزناه المنطق واليد تزني
وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي ، والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه , وكلها ستشهد عليك بما استخدمتها
يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , وكلها ستمر كشريط أسود مخزي أمام عينيك عند الموت حينها ستقول :
( رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )
لكن هيهات , هيهات أن ترجع فقد فات الأوان ورفعت الأقلام وجفت الصحف..
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وأغننا بفضلك عمن سواك , اللهم احفظ بيوت المسلمين من شر شياطين الإنس والجن الذين يريدون هدمها وتشتيت أهلها ..
(الموضوع كُتب بناء على مواقف وشكاوى وليس تعصباً لجنس أو غيره فأنا أدرك أن هناك نساء خائنات وإن كُنَ قله , والموضوع مفتوح للنقاش بكافة جوانبه , وحياكم)
إذا لم يعجبك كلامي فتجاوزه إلى مايعجبك واستغفر لي بحلم أو صححه لي بعلم
الله يجزاك ألف خير
كلمات وعبارات ... رائعه ..
تقبلي مروري ..