- الخطوة الثانية: هي الإيمان المطلق بأنك ستحصل على ما تريد
بقلم / ناهد طليماتمن الخصال الحميدة التي يتميز بها المسلمون حبُ الخير للناس والسعي لفعل كل ما يسعدهم في حياتهم ويعينهم على الاستمرار والنجاح بها وهي خصلة حميدة إن وضعت في مكانها الصحيح واستثمرت بشكل فعال وهذا ما يتجاهله الكثيرون للأسف فترى احدهم يحدث بكل ما يسمع بدون أن يتأكد من صحته متناسيا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : { كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع }
وترى آخر ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي كل ما يصله من رسائل دينية أو علمية أو طبية بدون معرفة مصدرها أو مدى مصداقيتها فتنتشر المعلومات الخاطئة والأحاديث الموضوعة والأفكار الفلسفية القادمة من الشرق والغرب والمخالفة لعقيدتنا الإسلامية مثل فلسفات الطاقة الكونية والقوى الخارقة للعقل الباطن أو قانون الجذب الفكري الذي هو محور حديثي في هذه المقالة والذي ينص على أن :
(( مجريات حياتنا اليومية أو ما توصلنا إليه إلى الآن هو ناتج لأفكارنا في الماضي وأن أفكارنا الحالية هي التي تصنع مستقبلنا, بمعنى أن أفكار الإنسان لها خاصية جذب كبيرة جدا فكلما فكر في أشياء أو مواقف سلبية اجتذبها إليه وكلما فكر وتمنى الأشياء الجيدة والجميلة فسوف تأتيه لا محالة لأن الأفكار الصادرة من العقل البشري تمتلك قوىً جبارة تجذب إليها كل ما يتمناه ذلك الإنسان ))
وقد اعتقد المصريون القدماء بهذا القانون واستعملوه في حياتهم اليومية وتبعهم اليونانيون القدماء ثم تلاشى وتناساه العالم إلى أن أحياه عدد من الكتّاب العالميين من بينهم الكاتبة الأسترالية روندا بايرن والبريطانية آني بيزنت التي أسست الكلية الهندوسية المركزية , وجمعٌ من الكتّاب العرب الذين نقلوه للدول العربية وأضفوا عليه الصبغة الإسلامية فانتشر ولاقى رواجا كبيرا .
يرتبط قانون الجذب الفكري بالتركيز فلابد لمن أراد تجربته أن يركز تركيزا عاليا في الشيء الذي يريد جذبه حتى يحصل عليه كما قال أحد الكتّاب في مقالة نشرها في جريدة الوطن البحرينية (( إذا ركزت على شيء ما تستطيع الحصول على النتيجة التي ترغب حيث إن كل ما تركز عليه أو تفكر فيه في مسارك اليومي سوف تراه أمامك بعد فترة قد تطول أو تقصر حسب قوة تركيزك ))
وهو يقصد هنا أن الأفكار ستصبح عاجلا أم آجلا واقعا ملموسا في الحياة ويؤيده جيفري جيتومر حين يقول : (( ما الصورة التي تملكها عن ذاتك ؟؟ فهذا هو ما ستصير عليه )) وتتفق روندا بايرن مؤلفة كتاب السر معهما في تأكيد هذه الفكرة فتقول : ((كل ما يحدث في حياتك فأنت من قمت بجذبه إلى حياتك وقد انجذب إليك عن طريق الصور التي تحتفظ بها في عقلك )) ( 2)
ثم يأتي أحد الكتّاب العرب لينقل أفكارهم كما هي بلا تحريف في كتابه حياة بلا توتر الذي قال فيه : (( ركز على ما تريد تحصل على ما تريد )) ويدعمهم جميعا
ما نٌشر في موقع اجذبني نحو الفرح حيث كتبت إحداهن فيه : (( لكي يعمل هذا القانون بنجاح يجب ان تقوم بثلاثة خطوات لا رابع لهم
الخطوة الأولى: هي أن تتمنى أو تتخيل ما تريد الحصول عليه
الخطوة الثانية: هي الإيمان المطلق بأنك ستحصل على ما تريد
الخطوة الثالثة: هي الاستجابة أو تحقيق الأمنية وبعدها عليك أن تشكر الكون ))
يجزم جميع هؤلاء الكتّاب هنا بتحقق الشيء المرغوب به في المستقبل القريب أو البعيد دون أن يعلقوه بمشيئة الله تعالى وهنا مكمن الخطورة في هذا القانون الذي يناقض الإيمان بالقدر لأنه يربط وقوع الحدث بقوة تفكير الإنسان فيه ومدى استجابة الكون له ولا يربطه بإرادة الله تعالى المتصرف وحده في شؤون عباده ولا يذكر أكثر أتباعه أن مشيئة العبد ورغباته واقعة تحت إرادة ومشيئة الله تعالى الذي قال في كتابه العزيز : { وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين }
وهم إن علقوا تحقق ما يجذبه الإنسان الذي يقوم بالتركيز على شيء معين بمشيئة الله تعالى فإنهم يقولون ذلك إما على استحياء و للسلامة من النقد , أو عن اقتناع بأنه لا تعارض بين قانون الجذب والإيمان بالقدر وذلك لأنهم يفسرون الحديث القدسي “أنا عند ظن عبدي بي ,فليظن بي ما شاء” بأن المؤمن إذا أحسن الظن بالله وتمنى منه ما يشاء فسوف يحققه الله تعالى له حتما ويعتبرونه من التفاؤل الحسن الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال أبو هريرة رضي الله عنه : ” كان رسول الله يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة ”
ولكن الفأل الحسن وحسن الظن بالله تعالى لا يقع على هذه الصورة بل يكون بتفاؤل العبد بربه بأن يستجيب له دعاءه إذا دعاه ,وأن يرزقه رزقا حسنا إذا سعى في تحصيل رزقه ويكون باختيار الأسماء الحسنة و بسماع الكلمة الطيبة كما بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه عندما سألوه عن معنى الفأل فقال ” الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ” .
وبما أن هذا القانون مخالفا في جملته للعقيدة الإسلامية فلابد من نشر التحذير منه في وسائل التواصل الاجتماعي التي روجت له كثيرا وخصوصا من خلال عبارة {ركز على ما تريد تحصل على ما تريد }واستبدالها بعبارة
{ابذل ما في وسعك من عمل وتضرع لخالقك بتحقيق الأمل }