- اتمنى الاستفاده --- للجميع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصه مؤثره جدا ... نقلتها لكم اتمنى ان تكون عبرة لكثير من الامهات ...والاباء
اتمنى الاستفاده --- للجميع
أكتب إليك رسالتي هذه بيد مرتعشة لكني أحس بالرغم من ذلك بالراحة لكتابتي لك, فأنا سيدة في الخامسة والخمسين من عمري.. أعمل أو كنت أعمل قبل تسوية معاشي المبكر ناظرة بالتربية والتعليم وزوجي وهو قريب لي كان مديرا لفرع أحد البنوك الكبري وقد أنجبنا ولدين وبنتا
وكانت البنت هي الصغري, وبعد إنجابي لها بعام جاءتني فرصة للإعارة بإحدي الدول العربية, وبالرغم من أن أحوالنا المادية كانت جيدة إلا أنني قبلت الإعارة وسافرت مع زوجي وتركنا الأبناء وهم أطفال صغار في رعاية أمي وأختي, وبعد سفرنا بعامين تزوجت أختي وغادرت البيت وساءت صحة أمي فلم تستطع رعاية أطفالي وحدها.. واضطررت للرجوع وحدي لرعايتهم وبقي زوجي في الدولة العربية عامين آخرين.
وبعد عودتي ببضعة أشهر رحلت أمي عن الحياة.. وواصلت حياتي وعملي ورعايتي لأسرتي.. وكنت دائما المرأة القوية المسيطرة علي كل شيء في الأسرة, فأنا صاحبة الرأي والمشورة.. وزوجي يترك لي كل شيء لأنه يرجع من عمله مرهقا ولا يريد أن يزعج نفسه بهموم الأبناء, وحتي حين كان الأبناء يلجأون إليه للحكم بيني وبينهم في أمر يحتجون عليه فقد كان ينحاز دائما إلي رأيي مهما يكن تطرفه.. ولاشك في أنني كنت بسبب قوة شخصيتي وطبيعتي قاسية بعض الشيء علي الأبناء, كما كنت أكثر حزما وشدة مع ابنتي الوحيدة حيث لم يكن يعجبني منها أنها رقيقة جدا وحساسة للغاية ولا تستطيع المواجهة مع صديقاتها أو أخويها. وكنت أريدها صورة مني كالجبل القوي لكن ذلك لم يتحقق للأسف.. وكانت هي جميلة ومهذبة وتخشاني وتنفذ ما أقوله لها حرفيا, وبعد اجتيازها لامتحان الثانوية العامة تقدم إليها ابن إحدي زميلاتي وتمت خطبتها إليه, وأحبت ابنتي خطيبها بشدة وتعلقت به لأنه كان أول رجل في حياتها ولم تعرف قبله أي نوع من العلاقات مع الجنس الآخر, لكني انقلبت عليه بعد فترة من الخطبة لأنه لم يخضع لإرادتي ورفض أن يسير علي هواي في كل شيء, وقد تعمدت أن اشترط عليه أشياء معينة في الشقة والأثاث والديكور, وافتعلت ذلك افتعالا لكي أفرض كلمتي عليه من البداية, كما هو الحال مع أبنائي, لكنه تذمر.. ورفض.. فأنهيت الخطبة دون النظر إلي رغبة ابنتي فيه وتعلقها به.. وحين حاولت هي أن تعترض علي ذلك ثرت في وجهها ثورة هائلة ألجمت لسانها وجعلتها تنظر إلي ذاهلة ولا تجرؤ علي الكلام.
وانتهت هذه الخطبة وبعد ثلاث سنوات أخري تقدم إليها شاب آخر ميسور الحال وجاهز فلم يرفض لي طلبا.. واستجاب لكل ماأردته ولم نهتم نحن بالسؤال جيدا عنه لأنني قد رأيته فرصة ممتازة لابنتي وألح أهله علي عقد القران فاستجبنا لرغبتهم.. وبعد ذلك اكتشفنا للأسف أنه مدمن للسموم البيضاء ولا أمل في إصلاحه.. واستطعنا بعد جهد كبير ومشاكل عديدة الحصول علي الطلاق منه ولكن بعد أن تحطم قلب ابنتي للمرة الثانية.
وبعد عامين آخرين كانت ابنتي قد تخرجت في كليتها وعملت فتقدم لها أحد أقاربنا.. وبالرغم من أنه كان أقل منا في المستوي الاجتماعي والمادي وأقل من ابنتي في المستوي التعليمي إلا أنني قد وافقت عليه وشعرت أنه يمكن السيطرة عليه وعلي أهله ولن يجرؤ أن يرفع عينه أمامنا.. ومن ناحية أخري فقد كانت ابنتي مخطوبة مرة ومطلقة مرة أخري فقدرت أن هذه الفرصة قد تكون الأخيرة لها, وهكذا وافقت عليه, وقبلت به ابنتي كالعادة باستسلام وتمت الخطبة, وبعد4 أشهر منها فوجئت بابنتي ترفض خطيبها وترفض مواصلة المشوار معه.. وتطلب فسخ الخطبة, ولم نهتم برفضها ولا اعتراضها وعجلنا بعقد القران لكيلا ترجع إلي هذا الحديث مرة أخري, لكنها لم تسكت هذه المرة ورفضت عريسها مرة ثانية وطلبت إنهاء الارتباط فجن جنوني.. هل يمكن أن تصبح ابنتي مطلقة مرتين قبل الزفاف؟ إن هذا لن يحدث أبدا وأنا علي قيد الحياة فزمجرت في وجهها وسألتها لماذا ترفضه؟! فقالت بعد تردد أنها حاولت أن تتقرب منه لكنها وجدت شخصيته ضعيفة جدا.. ومستواه الثقافي ضحلا وعاداته وتقاليده تختلف عن عاداتها.. وشعرت بأنه مكسور أمامها ولا يستطيع أن يعارضها في أي شيء لإحساسه بأنها أفضل منه وهي لا تريد ذلك, ولا تريد أن تكون صورة أخري مني, وانما تريد رجلا يحتويها ويشعرها بأنه الرجل وهي المرأة.. ولم أهتم كثيرا بما قالت وقلت إنه دلع بنات لا معني له, وأصررت علي استكمال المشوار, فإذا سألتني: وأين كان والدها وأخوتها من ذلك؟! قلت لك إن والدها كان كعادته يساندني في كل ماأفعل, أما أخواها فقد حاولا مناقشتي في الأمر فبهدلتهما وهددتهما بأني سوف أغضب عليهما, كما أني لن أساعدهما ماديا في حياتهما إن لم يقفا إلي جواري فأتخذا موقف الحياد.
وهكذا واصلت الضغط علي ابنتي التي أذهلني أن تقول لي لا لأول مرة في حياتها, وحاربتها بكل الوسائل من سيف غضب الوالدين إلي سيف تهديدها بمقاطعتها إلي آخر يوم من عمري.. وكلما حاولت إقناعي بوجهة نظرها لم أسمع لها وأواصل الحرب ضدها.. حتي لقد استشهدت بما ينشر في بابك من قصص وبآرائك فيها لكن هيهات أن اسمع لها فقد صممت أذني وقاطعتها مقاطعة تامة وقاطعها بالتبعية كل من في البيت واجتنبناها جميعا فأصبحنا لا نحدثها ولا نأكل معها.. ولا نحييها ولا نرد تحيتها. فضاقت بحياتها وحاولت أن تستأذنني في أن تقيم عند خالتها بضعة أيام لكي تستريح أعصابها فرفضنا ذلك وأنذرنا خالتها ألا تستقبلها وإلا..! واستمر الحال علي هذا النحو شهرا ثقيلا صارحت هي خلاله خطيبها بأنها لا تحبه ولا تريد أن تظلمه معها.. فلم يغير ذلك من تمسكه بها, وقال لها ان الحب سوف يأتي بعد الزواج.. فانهارت مقاومتها وقالت لي بعيون دامعة: أفعلوا ماتريدون.. ففرحت بذلك وبدأت استعد لزفافها.. وخلال فترة الاستعداد كنت لا أراها إلا دامعة العين.. فلما نهرتها عن البكاء ونحن في فترة فرح كفت عن ذلك وأصبحت تنظر إلي نظرات غريبة كأنها نظرات استجداء للرحمة.. لكني لم أتوقف أمامها ومضيت في الاستعداد للزفاف بهمة, وفي يوم الحفل بدت لي ابنتي كالمخدرة.. كما كان حالها منذ استسلمت لإرادتي.. وبعد الزفاف لم يتغير حالها.. فهي تفعل كل شيء ببطء وبلا روح ولا حماس.. وصمتها أكثر من كلامها.. وتغتصب الابتسامة اغتصابا لكي ترحب بنا حين نزورها.. وتأتي لزيارتنا واجمة ولاتكاد تتحدث مع أحد وترجع إلي بيتها صامتة كأنما تؤدي واجبا لا مفر من أدائه, ولاشيء من ابتهاج العروس وفرحتها بحياتها الجديدة يبدو عليها.. واستمر الحال علي هذا النحو عدة أسابيع ثم وقعت الكارثة الكبري.. وسقطت الزهرة الجميلة عن فرعها.. وحدث كل شيء في لمح البرق وخلال ثلاثة أيام لا تزيد.. فقد سقطت ابنتي الشابة الجميلة العروس مصابة بجلطة في المخ.. ومن بيتها نقلت الي العناية المركزة بأحد ال
مستشفيات وقبل أن نستوعب ماحدث كانت روحها الطاهرة البريئة قد صعدت إلي ربها.. وخرجت من العناية المركزة إلي مثواها الأخير.
فهل تصدق ذلك ياسيدي ؟
لقد ماتت ابنتي.. قضت عليها أحزانها, انفجرت لأنني لم أتح لها أن تفضفض عما بداخلها وقهرتها.. وقتلتها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولن أصف لك ماحدث لي ولوالدها وأخويها.. ولا مانشعر به من تأنيب الضمير.
لقد اعتزلنا الناس والحياة ولولا خشية الله لاقدمنا علي الانتحار, وخرج زوجي إلي المعاش.. وخرجت أنا إلي المعاش المبكر, وبالرغم من مرور نحو عامين علي هذه المصيبة فإنني أتذكر تفاصيل كل ماحدث كل يوم وكأنه شريط سينمائي.
وإنني أكتب لك هذه الرسالة من شقتنا بالمعمورة بالاسكندرية حيث نقضي معظم شهور السنة لنكون بعيدين عن الأصدقاء والجيران, ولأن ابنتي كانت تحب هذه الشقة لكي أروي لك قصتي أو مأساتي التي صدمتني وأنا الجبل القوي لتكون تكفيرا عن شيء من ذنبي ولكي أناشد كل الآباء والأمهات ألا تتحجر قلوبهم أمام رغبات الأبناء إذا كانت عادلة ومشروعة, ولكي يتيحوا لهم الفرصة لأن يقولوا آراءهم ويعبروا عن أنفسهم ورغباتهم بحرية, فالتقاليد ليست قرآنا ينبغي الالتزام بها دون مناقشة.. ولكي أقول لكل أب وكل أم أيضا: ماأفظع الندم.. فأنا وزوجي نموت كل يوم ولولا ابنانا وزوجتاهما لمتنا جوعا من فقد الشهية, ولقد أديت فريضة الحج أنا وزوجي في العام الماضي ومازلت أشعر بأن ذنوب الأرض كلها فوق كاهلي والسلام عليكم ورحمة الله وبركات ه
فما كلُ من تهواهُ يهواكَ قلبُهُ *** ولا كُلُ مَن صافَيتَهُ لكَ قد صَفَا
ولا خَيرَ في خِلٍ يخونُ خَليلَهُ *** ويلقاهُ مِن بَعدِ المودةِ بالجَفَا