كنا صغارا

كنا صِغاراً
كنا صِغاراً العالم بالنسبة لنا مجرد مدينة ألعاب كبيرة نلعب ونلهو كما نشاء و نأكل الحلوى و المثلجات بدون حساب هذه كانت أحلامنا..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد محروماً من الألعاب والحلوى وأقصى أمانيه هي أن يُسكت جوعه ولو بكسرة خبزٍ يابسة..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد وفي فمه ملعقة ذهب كما يقولون وجد ما يريد وما لا يريد كل شيء متوفر له لا يعرف معنى الجوع والحرمان..
كنا صِغاراً فمِنَّا من حُرم من اللعب واللهو يرى رفاقه وهم يلعبون الكرة ويتمنى لو يستطيع مشاركتهم اللعب ولكن يبقى أسيراً لكرسيه
المتحرك ويكتفي بالمشاهدة والتشجيع فقط..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد وقد إعتاد على رائحة المستشفى وعلى لون الأسرة البيضاء وعلى جلسات الغسيل المؤلمة ولحظة سعادته تبدأ
عندما تنتهي هذه الجلسات..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد وهو وحيداً لا يعرف معنى أن يكون له أمٌ وأب يرى طفلاً في مثل عمره ممسك بيد أبيه وهو يضحك ويتمنى لو
يكون له أبٌ مثله يأخذه إلى مدينة الملاهي يلعب معه ويداعبه..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد وهو يفتقد للأمان لا يستطيع اللعب واللهو خشية من أن يصاب برصاصة أو شظية و لا يستطيع النوم بسبب
صوت القذائف المزعج والمرعب..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد ووجد نفسه في الطريق يفترش أرصفته ويلتحف سمائه لا يعرف ملجأ غيره ويعتبره منزله الكبير..
كنا صِغاراً فمِنَّا من ولد ووالديه على شجار دائم يرى والده وهو يضرب والدته يرى دموع أمه وهي تسيل على خدها وكل مايستطيع
فعله هو الإنطواء والبقاء في غرفته والبكاء..
كنا صِغاراً والأن كبرنا مِنَّا من استطاع أن يشق طريقه في الحياة و يتغلب على ألامه ويكون عضواً فعالاً في مجتمعه ومِنَّا من أصبح
أسيراً لهذه الألام يبحث عن مخرج فلا يجد..
يأيها الكبار اعتنوا بصغاركم لكي يكونوا أشخاصاً أسوياء قادرين على شق طريقهم في الحياة وقادرين على بناء مجتمعاتهم.