- واليكم صورة واقعيه عشت أحداثها عن قرب:
- تقول " والله لم يكن هناك إلا طاسة مملوءة بالماء"
- فقط!!!
"لو كان الفقر رجلا لقتلته"
هذه المقولة لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي تعكس الفقر بكل معانيه وبؤسه وألمه …..
لا يعرف الفقر إلا من عايشه وتجرع مرارته ، الفقر مرادف للحرمان الذي يكسر النفس ويمتهن الكرامة وقد يدفع البعض إلى ارتكاب المحظور.
واليكم صورة واقعيه عشت أحداثها عن قرب:
.
ورقة تدور بين معلمات إحدى المدارس الثانويه ، مكتوبة بخط اليد من صفحتين ونيف، " يامعلمات هذه الورقة من الطالبة .......... وقد استحلفتني ألا أفصح عن هويتها ولكني رأيت أن تطلعوا عليها لتقفوا على الوضع بأنفسكن"
الورقة من إحدى الطالبات، تحكي فيها معاناتها وأسرتها- المكونة من والدتها وإخوتها الأحد عشر- مع الحاجة والفقر ، آآه ما أصعب الحاجة عندما تضطر فيها الطالبة لكشف أوراقها الممزقة للكل، فما بالكم بكشفها لمعلماتها.
والدها يعمل في شركة خاصة براتب لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، وقد طلق والدتها لفترة ثم أعادها، ولكن بعد أن تزوج بامرأة أخرى لتنجب له ستة أبناء آخرين ليشاركوا أسلافهم المعاناة وذل الحاجة، ولا أدري كيف يفكر بعض الرجال، وكيف يغلب كثير من الآباء مصلحته الخاصة وشهوة نفسه على مصلحة فلذات أكباده، الذين استرعاه الله فيهم فلم يؤدوا حق الأمانة وأكثروا من الأفواه الجائعة بدلا من أن يكفوها ذل المسألة.
كانت الاستجابة سريعة، فقد قامت المعلمة التي أرسلت لها الطالبة الرسالة بزيارة لمنزل الطالبة، فماذا رأت؟؟
اسمعوا يا معشر الموسرين، واسمعن يامعشر النساء وفيكن من تلبس الثوب لمرة واحدة فقط ثم " تعافه" نفسها، لقد رأت في بيتها
.
.
.
.
لقد رأت .....
.
.
.
.
.
لم تر شيئا يستحق الذكر.
بل لاشئ يمكن أن نسميه تجاوزا "أثاث منزل"
حتى الثلاجة لم تكن موجودة
ويبدوا أنها لم تدخل بيتهم قط.
فرش المنزل كان عبارة عن قطع بالية من الموكيت موضوعة بشكل عشوائي على الأرض وقد تغير لونها مع الزمن،
ولاشئ يذكر غير ذلك.
.
.
قام المعلمات بجمع مبلغ معقول وتم به شراء ثلاجة وبعض المؤونة والخضار والمعلبات.
وقامت المعلمة السابق ذكرها بمهمة التوصيل ثم زارتهم مرة أخرى لتجس النبض عن قرب.
تقول بعد أن عادت من زيارتها لتلك الأسرة الفقيرة:
" عندما وصلت ووالدتي إستقبلتنا الام والتي لم تكن كبيرة في السن، ولكنها الخلفة المنهكة والفقر المؤلم اجتمعا عليها ليعطيانها أكبر من عمرها
وكان وجهها متهللا ، أدخلتني المطبخ لأشاركها سعادتها بالثلاجة الجديدة، بحثت يمينا ويسارا حتى وجدت " المفتاح" ثم استدارت لتعتذر لي عن
التأخير وأن الأولاد لم يتوقفوا عن فتح وإقفال الثلاجة منذ دخلت البيت فخافت عليها من العطب، ثم فتحتها لتريني ما بداخلها"
أتعلمون ماذا كان بداخلها؟؟
..
.
.
.
تقول " والله لم يكن هناك إلا طاسة مملوءة بالماء"
فقط!!!
كادت الدموع تفر من عيني وأنا أسمع لهذا السيناريو العجيب في مجتمعنا الذي لم نتعود فيه على رؤية البؤس والحرمان وألم الحاجة إلا في العالم الخارجي عبر الشاشات أو في بعض الأجانب ، وكنا نعتقد أن أكثر الشعب مستور، ولكنني بعد هذه الحادثة راجعت نفسي كثيرا وحمدت الله كثيرا
على نعمه التي لاتعد ولا تحصى.
نحن نتقلب في نعم الله ليل نهار ولا نؤدي شكر هذه النعم التي لا يشعربلذة وجودها إلا من فقدها.
هل استشعرت يوما أنك تملك الدنيا في قبضة يدك دون أن يزيد في رصيدك ريال واحد؟؟
هل تأملت حيث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال " من أصبح آمنا في سربه معافا في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"
إنها القناعة والشكر، شكر النعم الذي لم يدرك سره إلا القليل القليل من الخلق.
لقد تأملت في حال هذه الطالبة ؟؟
أتعلمون أنها كانت " عندليب المدرسة"؟؟!!!!!
كان لديها صوت رخيم، سبحان من وهبها شيئا وحرمها شيئا آخر
كانت عندما تنشد لاتسمع همسا
كنا نستعين بها كثيرا في الأنشطة ، بل كانت من العناصر الأساسية لإكمال أي برنامج مدرسي.
لم أكن أتوقع أن الحرمان كان يغلف حياتها، وهي لم تكن لتبوح بسرها لولا إضطرارها ووالدتها التي دفعتها دفعا لتستغيث بمن قد ينتشلهم من مستنقع الفقر.
تمر عليهم أيام لا يأكلون إلا وجبة واحدة في اليوم، كانت تغيب أياما كثيرة لأنها لم تجد المصروف أو تتناوب الغياب مع أخيها.
وكثيرا ما تتسلف والدتها من البقالة القريبة في انتظار الفرج
طبعا كل ذلك دون علم رأس الهرم –الوالد-
.
.
.
.
.
المفرح في الأمر أنها تزوجت بعد هذه الحادثة بسنتين
لا أعلم كيف كان جهاز عرسها
ولا كيف كانت طلتها ليلة زواجها
المهم أنها كانت ترى في زواجها هذا بصيص أمل لمساعدة أسرتها
هذا ماحكته للمرشدة الطلابية قبل انتقالها من المدرسة
أقامت لها زميلاتها حفلة صغيرة في الفصل بعد زواجها
لم يتغير فيها شئ
ولكن كان يبدو عليها بعض الفرح
أيام
:
ثم اختفت من المدرسة
ليبقى الأجر إن شاء الله تعالى للمعلمة التي فتحت هذا الموضوع ابتداء
ومن بعدها المرشدة الطلابية التي سارت على خطا سابقتها
وهاأنذا أنقل لكم الأحداث كما عايشتها
لأسرة من أبناء الوطن مازالت تصارع الفقر
ومازال حالهم كما هو عليه
عسى أن تحرك في القلوب شيئا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من مأثور الدعاء" اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك، اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري"
مشكورة يالغلا :>