- إمبراطور غريب الأطوار
- في أحد العصور الغابرة , عاش امبراطور ذو اهواء غريبه
الإمبراطور . الظلم و الجور . السلطان . الحظ
إمبراطور غريب الأطوار
في أحد العصور الغابرة , عاش امبراطور ذو اهواء غريبه
وكان صاحب سلطة لا تقاوم عند ارادته تتحول كل نزواته المتعددة الى واقع .وكان ذلك الامبراطور يكثر من فتح الحوار وتبادل الافكار مع نفسه، فان اتفقا على امر ما ......يصبح نافذا على الفور وحين تبدو الامور على احسن ما يرام يكون رقيقا لطيف
المعشر . ولكن في الوقت الذي تقع به اقل الاشكالات فانه يصبح الطف وارق حيث ان ما من شيء كان يسعده ويرضيه كتصحيح ما شذ او تقويم ما اعوج.
ومن افكار الامبراطور النيرة كانت اقامة مدرج عام لصقل اراء رعاياه وتهذيب افكارهم، وذلك عن طريق استعراض الشجاعه الانسانيه والحيوانيه، ولكن حتى في مثل هذه الامور فان نزوات هذا الامبراطور اكدت نفسها، فهذا المدرج بشرفاته الدائريه وسراديبه الغامضه وممراته الخلفيه اصبح اداة لتطبيق العدالة الخيالية حيث تعاقب الجريمة، وتكافئ الفضيلة بقوانين الحظ التي لا تخضع لمنطق العقل، ولا تؤثر عليها عوامل الرشوة او الفساد، فحين يتهم مواطن بجريمة ما تكون من الاهمية بحيث تسترعي انتباه الامبراطور وتحوز على اهتمامه.
كان يصدر مرسوما عاما يحدد فيه يوما يتقرر به مصير المتهم في المدرج الامبراطوري، في اليوم المحدد وبعد ان تحتشد شرفات المدرج بجموع الجماهير المتلهفه لمعرفة ما ستسفر عنه نتيجة المحاكمة، يجلس الامبراطور على عرشه في المنصة الامبراطوريه تحيط به حاشيته ........وباشارة منه يفتح باب في احد جوانب المدرج يخرج منه المتهم الى وسط المدرج حيث يرى في الجهة المقابله بابين متقاربين ومتشابهين تماما.
وكان على المتهم ان يتوجه مباشرة الى احد البابين فيفتحه وكان له الحق في اختيار فتح اي من البابين يشاء دون الحصول على توجيه او التعرض لاي تاثير معتمد فقط على عنصر الحظ فاذا كان حظ المتهم عاثرا يفتح بابا يقفز منه نمر جائع هائج كاسر من اشرس ما امكن اصطياده ينقض عليه فيمزقه اربا اربا عقابا له على ما ارتكب من ذنب وفي اللحظة التي تحسم فيها القضية بهذا الشكل تقرع الاجراس الحديدية بشدة وتعلو اصوات العويل من نساء تجمعن على الحلقة الخارجيه استؤجرن لهذا الغرض وينصرف جموع الحاضرين الى بيوتهم خافضي الرؤوس مكلومي الافئدة، والحزن مرتسم على وجوههم من المصير المرعب الذي واجهه ذلك الشاب التعس او الكهل الجليل، ولكن اذا كان المتهم صاحب حظ سعيد يفتح بابا تخرج منه فتاة من اكثر النساء ملائمة لسنه، ومركز تتيه حسنا وجمالا ورقة وعذوبة اختارها له الامبراطور بنفسه من اشرف العائلات في الامبراطوريه، فيعقد قرانه عليها في الحال كرد اعتبار، وكمكافأة على اثبات براءته ولم يكن من المهم ان يكون المتهم متزوجا، او له عائلة او مرتبط بفتاة اخرى اذ لم يكن يسمح الامبراطور لاي من هذه الترتيبات السابقه بالتدخل في مخططاته لتنفيذ العقاب او للحصول على المكافأة وهذه الممارسات كما في الاحتمال الاخر تأخذ مجراها على الفور، فمن تحت المنصة الامبراطورية يفتح بابا يخرج منه كاهن، وفرقه من المنشدين، ومجموعة من العذارى يرقصن في الهواء الطلق على اصوات المزامير الذهبية احتفالا بالمناسبة السعيدة فيتجه الجميع نحو العروسين، وتبدأ مراسيم الزواج وسط الموسيقى، والرقص والغناء، وتقرع الاجراس النحاسيه انغاما مرحه وعند انتهاء الاحتفال يقود العريس عروسه الى بيت الزوجية عبر ممر يفرشه الاطفال بالازهار، والورود والرياحين
كانت هذه هي الطريقة التي اعتمدها الامبراطور لاقرار العدالة في امبراطوريته، ومن الواضح عدالتها اذ لا يمكن للمتهم معرفة ما يخبئه له هذان البابان ، وهو يفتح اي منهما يشاء دون ان تكون لديه ادنى فكره ان كان في اللحظة التاليه سيفترسه النمر او سيتزوج الحسناء، وفي بعض الاحيان خرج النمر من باب، وفي احيان اخرى من الباب الاخر والقرارات لم تكن عادلة فقط بل حاسمة، فالشخص المتهم كان يلتهم على الفور ان وجد مذنبا
ويكافأ على الفور ان كان بريء رغب في ذلك ام لم يرغب دون ان يكون له اي مهرب من عدالة حلبة الامبراطور، كان لهذه المؤسسة القضائية شعبية واسعة اذ انه حين كان يجتمع الجمهور في يوم المحاكمة الكبرى لم تكن لديه اي معرفة مسبقة ان كان سيشهد مذبحة دامية ام عرسا مرحا واعطى عنصر الغموض اثارة خاصة ، مرفها عن الجماهير وعاملا على الهائها ولم يستطع المفكرون الاحتجاج على هذه الطريقه بتوجيه الاتهام لها بانها غير عادله .الم تكن زمام الامور ممسكة بيد الشخص المتهم؟
منقول