- (((( الصفحة الأولى ))))
عزيزتي القارئة ...
هذه مجرد صفحات ماتعة ومؤلمة في نفس الوقت سردتها لك من كتابي الشخصي في مهنة التدريس حدثت لي وأردت أن أسوقها لك ممن باب العلم و المتعة وأيضا اكتساب الخبرة في قالب أدبي ....
(((( الصفحة الأولى ))))
رن جرس الهاتف الثابت فإذا بصوت أخي مهنئا : مبروك يا أختي أعلن عن اسمك في الجريدة ... تعيينك في قرية الخروعية ... لم أصدق الخبر فرحت كثيرا وعم بيتنا الفرح الممزوج بالاستفهام أين تقع قرية الخروعية هذه ؟؟!! ... وبدأت أستعد للذهاب لإدارة التعليم وأخذ أوراق توجيهي لمدرستي الجديدة ... يا سلام أخيرا تركت الدراسة ... شعور اجتاحني وأنا أشاهد ثمار تعب السنين العجاف بين ممرات الجامعة وتحت شمسها الحارقة ... سنوات السهر والمذاكرة ... سنوات كلها أيام مرت كان بعضها رائعا ولذيذا وبعضها الآخر متعبا وحزينا ...
قطع شريط ذكرياتي صوت أختي حين دخلت تبارك لي وفي يدها خريطة الفارسي لمناطق المملكة كانت هذه أول الخطوات العملية للتعامل مع خبر تعييني بجدية أكثر ... جلسنا على الأرض وافرتشنا الخريطة ثم بدأنا نبحث عن الخروعية ( آه يالقوقل إيرث ليتك استعجلت قليلا لكنت خدمتنا كثيرا) ... بحثنا في كل مكان وشاهدنا أسماء غريبة وعجيبة واستوقفتنا نقطة الهدف ... نعم هاهي الخروعية تقبع على أحد الأودية السحيقة تبعد عن مدينة الرياض بحوالي 300 كيلو متر ... يا للهول إنها منطقة صحرواية ويتوجب علينا أن نقطع الطريق في عمق الصحراء لنصل لغايتنا ... أخي قال نحتاج إلى سيارة ( هايلوكس ) وسيارتي من الطراز الصغير وسوف توقفها الرمال المتحركة ( أي أننا سنغرز ) أستعار أخي من صديقه سيارة ( الهايلوكس ) وبدأت أجهز أوراقي ونمنا باكرا تلك الليلة لنستيقظ مبكرا حتى نستطيع وصول المكان في الوقت المناسب ... استيقظنا باكرا قبل بزوغ الشمس وبعد أن صلينا الفجر أخذت أختي في إعداد الشاي والقهوة وبعض مستلزمات الرحلة ... جهز أخي أوراقة الثبوتية و ( مسدس البيبي ) أكيد كلكم تعرفونه ليس البيبي دمعة بل يختلف لأنه قد يسبب وفاة ... سبحان الله لدواعي أمنية ربما نصادف قراصنة برية في طريقنا ( قطاع طرق ) بالسعودية الحديثة و ( الحنشل ) بالسعودية القديمة ... سرنا متوكلين على الله وتوجهنا إلى أحياء غرب الرياض لأنها النقطة الأولى في الرحلة .... مشينا حتى بدئنا نبتعد قليلا عن العمران والمباني طبعا لقد كان برج الفيصلية تحت الإنشاء لذلك لم يكن واضح بعد ... بدأنا في الطريق السريع واستلم أخي مقود السيارة بإحساس المسافر ... طبعا لحسن الحظ أخي كان شاعرا فكان يسلينا في الطريق بشعره وببعض القصص .... بعد ساعات وصلنا إلى مدينة ( القويعية) والتي تنتمي لها إداريا قرية الخروعية .... توجهنا إلى مقر التربية والتعليم هناك دخلت المبنى الذي كان مكتظا بالمعلمات حديثات التعيين كان مبنى غير حديث ومتهالك نوعا ما وإذا بعدد من كبيرات السن اللاتي جئن برفقة بناتهن يفترشن الأرض ويتابادلن أطراف الحديث وهذا صوت ( أم صليهم ) مستخدمة المبنى يدوي على مسامع الجميع ( يالله تحييهن اقلطوا على القهوة ) وهي تحمل دلة قهوة ذهبية وفي يدها بعض التمر متوجهة للنساء الكبيرات ( خدمة خمس نجوم يا أم صليهم أيامك لاتنسى والله ) ... أنهيت أوراقي بسرعة أنا وأختي وتوجهنا للمدرسة نعم للخروعية ... لأنه يفترض علي أنا أباشر العمل في نفس اليوم أو على أقل تقدير اليوم التالي ... انطلقنا بسرعة و دخلنا منطقة صحراوية معبدة يبدو منذ زمن حديث وتوجهنا للقرية كنا نشق الطريق في تأمل للمكان وإذا بقطعان الإبل ترافقنا هنا وهناك ... انتهى الطريق المعبد وبدأنا نسير على الرمال فصارت السيارة ترقص بنا وتهزنا بضراوة ... لم أعد أرى إرسال في هاتفي الجوال فعرفت أننا تعمقنا كثيرا ... أحسست أننا أخطأنا الوجهة أو أنه لا يوجد فعلا قرية بهذا الاسم !!! كنت أقول لأخي مازحة أخشى أن تكون هذه نقطة الحدود اليمنية أو العمانية ونحن لم نحضر جوازاتنا ,,, لكن سرعان ما بدا لنا شيئا فشيئا يلوح في الأفق وضوح معالم القرية من بعيد ... اقتربنا لها فلم نجد سوى ثلاثة بيوت ومسجد ... نعم وبدون مبالغة ... استوقف أخي شاب من أبناء القرية سلم عليه وسأله هل هذه قرية الخروعية ؟؟!! قال الشاب : لا يا أخي !!! هذه قرية الفويسة لكن الخروعية تبعد عنا بثلاثة كيلو ونحن ندرس أبنائنا وبناتنا فيها .... توجهنا للخروعية وبعد ما أخذ منا التعب كل مأخذ وصلنا للخروعية( أخيرا وصلنا ) وجدنا مجموعة أطفال يلعبون في الشارع بعضهم يرتدي قمصان زرقاء والبعض الآخر صفراء ( أدركت أنا الثقافة الرياضية وخصوصا الكروية لاتضاهيها ثقافة ) ... المهم سألناهم عن متوسطة الخروعية فأجابنا طفل وقال كل مدارس البنات هناك مجتمعة ... استنتجت أنه مجمع ثانوي ومتوسط وإبتدائي في مبنى واحد ... كنت أتخيل شكله فإذا هي عمارة صغيرة بيضاء عرفت أنها كانت لشيخ القرية والذي استأجرت منه الوزارة المبنى ... طبعا الوقت متأخر وليس وقت دوام ( لم نصل إلا بعيد المغرب ) توجهنا لمشاهدة المبنى من الخارج لنلقي نظرة ونعرف الموقع ... استوقفنا صوت سيارة ( ونيت ) بيضاء تصدر صوت منبه ( طاط طوط ) التفتنا جميعا فإذا امرأة هي من خلف المقود ... نعم هي صاحبة السيارة ومن يقودها .... نزلت من السيارة وكانت ترتدي برقع ورداء فسلمت علينا وعرفناها بوضعنا في القرية ... رحبت كثيرا وأعطتنا نبذة مختصرة عن المدرسة وقالت : أنا منيرة زوجة الحارس وأعمل مستخدمة في المدرسة ...
التتمة في وقت لاحق ............