- قلت: وما رأيك لو أن الزوج آذاب شخصيته في زوجته، هل توافق على ذلك ؟
- قال متردداً: ربما، ولكني لم أشاهد هذا .
هل أنت مع الذوبان الزوجي ؟؟؟؟
مارأيك في مفهوم (الذوبان الزوجي)؟
سؤال طُرح عليّ بعد إلقاء محاضرة في أحد الملتقيات الثقافية .
فسألت: وماذا تقصد بالذوبان الزوجي ؟
قال السائل : أي أن يذيب أحد الزوجين شخصيته بالآخر.
قلت: وما رأيك أنت؟
قال: هكذا نحن في العائلة فوالدتي لا شخصية لها عند حضور والدي، وفي حال غيابه تتصرف هي وكأنه موجود وهكذا أنا مع زوجتي.
قلت: وما رأيك لو أن الزوج آذاب شخصيته في زوجته، هل توافق على ذلك ؟
قال متردداً: ربما، ولكني لم أشاهد هذا .
قلت: الذي أفهمه من الإسلام أنه احترم الحدود والحرية الشخصية للإنسان، وهذه من مفاخر الإسلام بأن جعل المسؤولية فردية، وأعطى للمسلم استقلالية في اتخاذ قراره وتحمل المسؤولية عن تصرفاته، قال تعالى:{ ولاَ تَزِرُ واَزِرَةٌ وِزِرَ أُخْرَى }، وان الذوبان الذي تتحدث عنه يؤدي إلى إلغاء الطرف الآخر وتهميشه، وهذا ضد الاحترام وهو منهي عنه، فقد أوصانا الله تعالى بالتشاور وتبادل الآراء قبل اتخاذ القرار ، فلو أذابت الزوجة نفسها في زوجها وألغت شخصيتها وأصبحت تبع له من غير صوت ولا همس ، فهذا تدمير للشخصية وتحطيم للثقة بالنفس وإلغاء الآخر .
ولهذا فإني أذكر أني تعرفت على إحدى الشاعرات المتميزات في الأدب الإسلامي وقد حصلت على جوائز علمية وعالمية في ذلك وكان السبب الرئيسي في تميزها هو دفع زوجها لها، وزوجها رجل بسيط جداً وليست لديه أي مواهب أو ميول أدبية ، فقد تعرفت عليه واستمعت منه تفاصيل دعمه لزوجته وكيف أنه كان يهيئ لها المكان ويتحمل تربية أبنائهم أحياناً من أجل أن تتفرغ لكتابة الشعر ، وأعرف أيضاً رجل متميز في الدعوة إلى الله تعالى وزوجته كذلك، وكل واحد منهما على ثغر عظيم من ثغور الإسلام .
فلو طبقنا مبدأ (الذوبان) لما صار عندنا إنتاج متميز ومبدع في العلاقات الزوجية.
فأنا إذن ضد (الذوبان) في العلاقة الزوجية، ولكن أريد أن أفرّق بين (الذوبان الكلي) وأنا ضده وبين (الذوبان الجزئي) ، وقد أوافق عليه أحياناً لظروف عائلية خاصة كأن يكون الزوج من الأشخاص الذين لم يتربوا على احترام المرأة وتنمية مواهبها ودفعها لتساهم في بناء الحضارة ، ففي هذه الحالة ننصح (بالذوبان الجزئي) من أجل التخفيف من المشكلة والتكيف معها إلى حين تغييرها .
إن المتتبع لسيرة الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- يجد احترامه لشخصية أمهات المؤمنين وتقديرهن من خديجة - رضي الله عنها - وحتى آخر زوجاته ، ولم نقرأ في السيرة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حريص على خلاف ذلك ، بل قرأنا العكس بأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صرّح وقال بأن الإسلام عندما جاء أعطى المرأة حقوق لم يكن يعرفها العرب ويقدرها ،
وأهمها أنه أعطاها الاستقلال الشخصي وتحملها مسؤولية قرارها حتى في زواجها.
من موقع الاستاذ جاسم المطوع
منقول للأهمية