- على بركة الله نبدأ :
- ندى .
- ووجدت ان القلب يهتف :
- (( انت السبب )) .. بكت ..
- ندى ... ما بك هل يؤلمك شيئاً ؟؟
- صدقتك .
- و أشاح ...
- (( عد )) ..
- لم يكن للرجاء في ذلك اليوم طريق .. فقد ...
- أغمض الضياء عيونه.
- الأكمام غصنين بلا ثمر : فتأرجح في صمت النسيان .
- أريد كوب شاي .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله , نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :
منذ فتره و أنا كنت شاغلٌ نفسي بكتابة قصه بسيطه من نسج خيالي , فأحببت حين انتهائي منها أن أطرحها لكم لكي أستقبل منكم أنتقاداتكم و تعقيبكم المميز على كتابتي و تخيلي :
على بركة الله نبدأ :
كانت عند أعتاب العشرين من عمرها حين دخلت حياة أحمد على غير رغبةٍ منها ... وجهٌ خمري تحط عليه العيون فتأبى الرحيل عنه لجماله , و عينان يموج فيهما بحران من شهد و شعر أسود جميل و قامة معتدله ... وكانت الدموع أول هم بدأت به حياتها مع أحمد .
بكت يوم أمتدت يده لتعالج باب منزلهم فقتقفله ... بكت خالدتاً ذلك الحب الذي سكن أضلاعها و ذاب في دمائها غير أنه شائت الأقدار غيبته عنها تحت التراب بعد خطبةٍ لم تدم لأكثر من شهر .. وأمتدت أنامل أحمد لترفع رأسها المطرق .. والتمعت في عينيه دهشة تشبه الخوف حينما لمح الدموع و هتف :
فوجدت نفسها بين أحضانه فجأه غير أنها لم تكن إلا قطعة من جليد لم تذبها إلا حرارة حضنه .
كانت قلباً مشيعاً عن الدنيا بأسرها وكانت كلما حطت عيناها على وجه أحمد تواثبت ملامح خالد إليها وتسمع قلبها ينادي : (( خالد )) ..
وارتسمت على زوايا فمها بسمة مشتاقه ثم .. يبدد صوت أحمد أحلامها ويعيدها إلى دنياها فتذبل بسمتها و تتلاشى .
وكان قد مضى على زواجها شهر حين أقترب منها ذات مساء واحتضنت كفهُ كفها وقال :
- ندى ما بالك ساهمة دوماً و حزينه ؟ هل ضايقتك في شيء ؟
غير أنه لم يجد منها سوى الصمت وتلوى القلب بين ضلوعها ألماً وأحمد يقول :
- أنا أحبك .. أمنحيني فرصه كي أساعدك ...
وهتف قلب مبتهلاً :
(( رباه )) ..
وهمت بعض دموع أن تهاجر إلى وجنتها ووجدت أنها تشيح عنه ثم ,,, سحبت يدها و أنسحبت من غرفتها وذهبت على غرفةٍ أخرى , أقفلتها على نفسها وبكت و هي تسمعه يصفق الباب خلفها ...
سألت نفسها : (( لم الحزن ؟! ))
وحط على وجنتيها طائران من الدمع .
تذكر أنها لم تنم ليلتها و ملئ سماء قلبها لوماً و عتاباً ووجدته يسألها : (( ما ذنب أحمد ؟! )) .
كانت تتطلع إليه من بين فينة و أخرى وهو نائم على السرير الذي لم يتخل عن بعض ملامح طفليه تفيض براءة أن تكلم ... و ليست تدري لم حاولت أن تذكر لون عينيه غير أنها عجزت و هتفت في جزع :
ولم تدري لم امتدت يدها بتردد يومها لتربت على شعره وهو نائم ؟!.. حينها فتح عينيه و هي غارقتين في النوم و هتف مبتسماً :
ندى .
ثم عاد فنام وبقت وحدها على نافذتها المشرعه التي لاعبتها الريح أرقب سماء الرياض و القمر في وسطها يزيج عن وجهه دثار الغيم بعض لحظات ... يلقى على الدنيا نظرة مشتاقه ثم يختفي .. وتجرح سكون الليل بعض سيارات تمرق تحت نافذتي كالسهام .وفي صباح اليوم التالي طبعت شفتاه قبله دافئه على جبينها قبل ان يخرج إلى عمله , تأهأهت , أردات أن تفتح عينيها , أردادت أن تبتسم له ... غير أن شيئاً سرى في عروقها و غلى فالجم لسانها ...
خرج أحمد وترك لها فكراً مضطرباً , هاتفت أهلها في جده وخلت لنفسها أنها ستبكي لأمها على الهاتف غير أنها زجرت القلب وطفقت تطوف أرجاء منزلها حيرى يملأها القادم خوفاً .. ولا تدري لم أنتابها الدوران و حست بغثيان وهتفت في جزع :
- يا إلهي .. أأكون حبلى ؟!!
خلت أن حملها سيقربها من احمد غير أنه بث في قلبها شعوراً يشبه الأثم ... فتخيل !
أخفت عن أحمد خبر حملها لأنها كانت قد بيت امراً , غير أن نفسها أشتهت بعض الطعام وتهللت أسارير أحمد و هي تطلب منه أن يحضر لها وظنت أنه أدرك يومها أنها حبلى و سألها :
فقاله له و هي تترك المكان :
وبدأت حربها مع الجنين الذي تشبت بأحشائها ... كانت تنتظر خروج أحمد حتى تبدأ بمهمتها ولم تدري كيف هدتها أفكارها السوداء إلى أن تضع قطعة ثقيله من الأثاث و تبدأ بالضغط عليه .
لكن سبحان الخالق الذي جعل ذلك الجنين قوي صلباً متحملاً تلك الضغطات , وشد ما يؤلمها أنها لم تسلم و ظلت تحارب كي تطرده من أحشائها حتى كان ذلك النهار .
كانت مستلقيه على أرض الغرفه ومنهمكه في الضغط على بطنها حتى حين فتح باب الغرفه ولمحت أحمد واقفاً عنده ... تراخت أطرافها وهو يقترب , وسرت رعشة بارده في جسدها وأمتدت يده لتعينها على الوقوف .. ثم .. هوت كفه على وجهها و قال محتداً :
- حتى ان كنتي تكرهيني فلا يحق ابداً أن تحرمي طفلي من الحياه .. لن اغفر لك أن فعلتها ثانيه ...
وخرج صافقاً الباب خلفه .. جلست على طرف الأريكه و أرتمت وجهها بين أحضان كفها باكيه .. و أنقطعت حبل المودة و الكلام بينهما بعدها ... كانا يجلسان على الطعام صامتين , يتابعون شاشة التلفاز صامتين , ثم يأوي أحمد وحده إلى السرير صامتاً ويترك لها ظلام الغرفه و بعض هموم غرست أوتادها في القلب ونصب خيامها وعلا حدائها المزين ينادي كل هم غريب أن :
(( تعال )) .. فهنا وطن )),,
ووجدت ان القلب يهتف :
(( انت السبب )) .. بكت ..
وكم بكت في تلك الليالي .. وكم من مره فتحت عينا أحمد لتحطا على وجهها الباكي ثم يعود أغماضها وكأن لم ير شيئاً .. وكانت ليله شتويه أصطكت فيها الرياض برداً تلك التي أيقظته فيها من رقاده وقالت بصوتٍ هدجه البكاء:
- أحمد ... أريد أن أسافر لأهلي .
تطلع إليها بعينان لا تشيان بحب ولا تجاهران بعداوة وهو يقول :
- لم ؟!
- أشتقت لهم .. ثم أني أحس ضجراً هنا ..
وهتف في لهجة ساخره :
وقالت في اسى :
فقال :
- أجلي هذا الموضوع ...
- حتام ؟!
- حتى تلدي .
وهتفت في جزع :
- ماذا ؟!!... سألد عند أمي .
- حسناً . ستجيئك أمك و ستلدين هنا , لقد أتفقت معها على ذلك ... نامي الأن ولا تشغلي بالك ..
وسحب غطاءه و نام وبقت هي تهش طيور الدمع التي ربطت على وجنتيها .
وكان قد مضى شهر على تلك الليله حين وقفت في مطبخها تغسل أرضيتها الزلقه .. ولم تدري كيف أختل توازنها ثم سقطت ووجدت أنها تستنجد بأحمد فهرع إليها مفزوعاً ... و ....
فقدت طفلها ......
ورمت عينا أحمد بأتهام مريع وهي راقدةٌ على سرير المستشفى الأبيض , و أمها تضع كمادة بارده على جبينها الملتهب ... و سألتها ظنونه :
شحت و تساقطت دموعها و هتفت أمها بجزع :
ندى ... ما بك هل يؤلمك شيئاً ؟؟
وغمضت عيناها , لأن الذي ألامها قلبها وهي تسأل نفسها : (( لم بكيت من ظنونه ؟!.. ))
وتواردت الأفكار و اضطربت كلجة في أعماقها ... كانت تخاف أن تفتح عينيها فتلتقي بعينيه .. حيث تسكن بعد الظنون .. ثم .. آن للمكان أن يخلو بها .. و به ذات نهار .. ارتاحت يده على جبينها وقد تمنى قلبها لو أنه لا يرفعها ثم قال هامساً :
والتفتت إليه مذهوله :
- أحمد ... ماذا تقصد ؟؟
- لا شيء .. أعني أنه لم يعد هناك ما يربطك بي ..؟
وامتدت يدها لفيه لتسكته :
ووجدت نفسها تمسك كفيه وتهمس رجاء خائف و الدمع يغسل وجهها :
- أقسم لك أنني لم أقصد التخلص منه هذه المرة .. زلت قدمي فوقعت .. اقسم لك .
صدقني . وتطلع على يديها الممسكتين بيديه ثم قال :
صدقتك .
و أشاح ...
خرجت من المستشفى وقد فتح القلب باباً لأحمد كي يلج منه .. غير أنه أنسحب من حياتها وخَلَتهُ لأقفل الباب الذي شرعه لي دوماً .. كان صامتاً طوال الوقت , فإن حادثته رد عليها باقتضاب .. فأعادتها صمته إلى الذكرى التي تتعب وطفق خالد يمر بالقلب حلماً بريئاً مات في مهده ..
كانا يستعدان للزواج غير أنه رحل , تاركاً لها بكاءاً وزراعاً في القلب ذكراه تورق ورودها كل حين دموعاً تنساب على خدها . ولم تدري لم بكت في ذلك المساء بحراره و خلت أنها وخلت أنها تلمح وسط ضباب دموعها ملامح وجه لم تميزه وسمعت صوتاً يهتف بها ويدين تهزانها بقوه :
و أرتمت في أحضان من أمامها وهتقت دون وعي :
وأحست بفداحة ما فعلت حين أبتعد احمد عنها و تطلع إليها بعينين ملؤهما الظن و الحيرة و السؤال وهتف :
- أنا أحمد و لست خالداً ...
وأطرقت , و لم تجد ما يقال فيما أنسحب هو من المكان بهدوء زاد من أرتباكها ..
هرعت إلى نافذتها و أشرعتها و هي تعب النسيم عباً ولمحتهُ وهو ينطلق بسيارته مسرعاً وقد خلت أن القلب ناداه :
(( عد )) ..
كانت شمس النهار تفتح بوابة الكون الغربيه .كي تهوي فيها وثم بعض نسمات بارده تلاعب الأغصان و الأوراق .. تثير غضب التراب و تصافح النوافذ المشرعه .. تأهأهت :
- آه يا القلب .. ما حيلة الرامي إذا أنقطع الوتر...ما أظنه سيغفر لنا خطيئة اليوم و إن غفر ,, ستظل ترمقنا عيناه تحلق فيهما طيور الظن لتحطا على مشارف القلب تفتشان في الأوراق القديمه . تبحثان عن ماض قد تحكي به دمعه كدمعة اليوم أو تنهيدة تنبئ عما في الحنايا من هموم قد دفنت .. آه .. تباً لي إذ أني نبشت عن جمر عذابي بيدي .. طفقت أرقب النهار المتوارى وجزعت إذ ...
لم يكن للنهار لون , لأن السماء كانت حزينه .
و لأن الرياح .... كانت سجينه .
مرت السحب كالخطايا , ركاماً أثقل الدمع روحها المرهونه .
لم يكن للرجاء في ذلك اليوم طريق .. فقد ...
أغمض الضياء عيونه.
انتصف الليل ومشى فجر يومها التالي يشق عتمة الليل و أحمد غائب عن المنزل وحط طائر القلق على قلبها إذا لم يكن من عادته أن يتأخر ... ثم تنفس قلبها الصعداء حين سمعت مفتاحه يعالج الباب كي يفتحه .. كانت الساعه تشير نحو السابعه حين فتح باب الغرفة بهدوء يحسبها نائمه وأشاع عندما التفتت عيناها بعينيه .. بدل ثيابه سريعاً وخرج بعد أن قال :
فأطرقت باكيه وشمس النهار تنقر على شباكها المغلق وتحط عليه بعض حمائم ساجعه ...
- ها نحن نعود نلقى في بوتقه الأحزان , ها نحن نعود الى البستان المسموم .
الأكمام غصنين بلا ثمر : فتأرجح في صمت النسيان .
ومضى نهارها ذاك ملئ بالوحشة و الكآبه و أعتاد أحمد أن يعود إلى البيت متأخراً و يخرج منه مبكراً ... ثم عن له أن يكف عن السمر خارج المنزل و صارت الأمور بينهما أشبه ببحيرة راكده , خاف قلبها أن تاسن وكانت كلما همت بحديثاً باغتها أبتعاده و صمته .. حتى كان ذلك المساء .. يومها عدت أيامها مع أحمد فاكتشفت أن عاماً و نصف قد مر على زواجهما ... تنهدت ووقفت على النافذه التي كان زجاجها مغلقاً وكانت سماء الرياض تتشح الليل و تزين وشاحها الأسود بقمر مكتمل ألقى على قلبها خيوطاً من ضيائه وبعث إليها بطائر الشوق بحثاً عن أحمد ...
وجدت مجلس الضيوف مغموراً بضياء القمر فعرفت أن أحمد في تلك الشرفه , دخلت وهمت أن تدك حصون صمته بجيوش كلامها غير أنها وقفت مذهوله عند باب الشرفة وصوته ينصب في أذنها منشداً بأسى مرير :
- سأحبك محبة الحقول للربيع و سأحيا بك حياة الأزاهر بحرارة الشمس .
وقالت :
- فأيقظني صوته في هدير الرعود , يمزق قلبي لم ينهلا من رحيق الحياة سوى قطرتين !
وصب علينا سياط العذاب . و ثارت عواصفه المحرقه لتجتث أشجارنا في الدجى ة تطفئ أزهارنا في التراب .
وتسابقت الدموع إلى عينيها وتسابقت خطاها مبتعدةً عن المكان و ليست تدري بما أرتطمت قدمها في ظلام الغرفه فندت عنها آهةُ غير أنها لم تقف وهرعت إلى غرفتها لتقفلها و ترتمي على سريرها باكيه , فتح الباب عليها بهدوء , ألقى نظرته عليها ثم غاب , و ليست تدري إن كان خرج من المنزل أم أنه بقى ,, كل ما دريت به أنها بكت حد التعب ثم ... غفت ...فتحت عيناها بعد فتره فإذا الصباح يملأ حجرتها و إذ طيوره تصطخب خارج نافذتها , أزاحت غطائها و همت بالوقوف غير أن الدوار أنتابها و باغتها وجهها الشاحب في المراة و أحست أنها ستلقى عما قليل كل مافي جوفها وسرت في فمها مرارة متعبه طالت كل شيء حتى كأس الماء ..
وكان الوقت عصراً حين سمعت مفتاحه يفتح الباب ... كانت واقفه في المطبخ حين مر بها قائلاً :
أريد كوب شاي .
وبدت لها في لهجته بعض التودد , جهزت له الشاي و حملته إليه وما كادت أن تصل إلى الغرفه حتى أنتابها الدوار ثانيةوغابت في عينيها الدنيا خلف ستار أسود قاتم وأفلتت يداها كل ما كانت تحملانه وسمعته يهتف ويداه تقودها إلى الأريكه :
- ندى امابك تبدين شاحبه ؟ جهزي نفسك سريعاً سأخذك إلى المستشفى الأن ...
وهمت شفتاها بحديث غير انه أسكتها . وفي المستشفى القى الطبيب عليها نظرة عاتبه وهو يقول :
يجب أن تهتمي بصحتك , أن لم يكن من أجلك فمن أجل الجنين الذي تحملينه .
وباغتها حديث الطبيب ووجدت أنها تطلع إلى أحمد ولكن لم تكن ظاهرة عليه أي مظاهر فرح بالخبر إذ اطرق لحظتها .. ملأ الطبيب وصفته بالأدويه ثم تحركا , عائدين على المنزل ...
كانا جسدين من الصمت قُداً و السيارة تنهب الطريق نهباً تحاشات ندى أن تلتقي عينيها بعينيه فتشيان بما لا تحب ... ضمهم المنزل صامتين .. لذت إلى غرفتها و أرتمت على سريرها حائره ولا تدري متى غفت ..
ورأت في غفوتها تلك أنها تقف على أرض تهتز و أحمد واقف في الجهة المقابله , كانت الأرض تتشقق وتبتعد و الدخان يعمي عينيها ويكتم أنفاسها و هي تصرخ وأحمد يمد لها يد منادياً ,, حاولت أن تمسك بيده غير أنها كادت أن تسقط في الشرخ أحدثه أنفصال الأرض و .....
صحت في منامها مفزوعه تهمى من عينها حارقه ووجدت أن أحمداً بجوارها ماسكٌ بيدها و يهتف :
- هوني عليكي , أنك تحلمين .
وكم تمنت أن تلوذ إلى أحضانه كي تطرد خوفها و أرتياعها لكنها أحجمت , بكت وهي تحكي له الحلم الذي أزعجها فوجدته يهتف وهو يخرج من الغرفه :
- أنه حلم .... لا أكثر من حلم ..
ثم عاد أليها بعد قليل حاملاً كوب عصير , جلس إلى جانبها وهي تتجرع كأس العصير ثم قال :
- سأخرج الأن ... أتريدين شيئاً ؟؟
- لا ...
ثم خرج , و ليست تدري كيف تصف تلك الأيام مع أحمد ... وكانه قد قرر مهادنتها حتى تضع حملها , فكان يلاطفها غير أن عيتيه كانتا تهمسان في كل مره : (( لم أنسى ... فلا تنسي .. ))
مرت شهور مسرعه كأنما عقدت مع أحمد أتفاقاً ... وكان حملها قد أوغل في شهره التاسع حين باغتها أحمد بحديث حارق صب في أذنها وهو يطوي تذكرة سفر في يده :
- هاقد حجزت لك .. ستضعين حملك و ترافقين أمك لتعودي إلى أهلك كما أحببتي دوماً .
والتفتت إليه بوجه هش و هتف :
وترك لها المكان غير أنها قفزت راكضه خلفه وهي تقول :
- من قال لك أنني أريد أن أسافر ؟
- قالها لسانك مره و قالتها عينيك مراراً ؟
- يا ألهي .
قالتها و دارت الدنيا بها وخلتها توارت ضباب دموعها وامتدت يداها تستندان إلى الجدار و قفز هو ليعينها على الجلوس و همست :
- أنا لست أدري ماذا أقول لك ؟! خلت أن الأيام ستمحو ما بيننا و ..
قاطعها قائلاً :
- ليس هذا اوان الحديث ... إنك متعبه ...
- دعني ... لو أننا تحدثنا منذ البدايه لما ساءت الأمور بيننا إلى هذا الحد .
وتنهد قبل أن يقول بلهجةٍ أتعبتها :
- كانت الأمور سيئه منذ بدأت وكنا كمن جمعهما درب وفرقهما اتجاه ... علم الله أنني حاولت غير أن قلبك كان قلعه محصنه و لم يرق لي أبداً أن يكون ما بيننا ساحة معركه نكون أول ضحاياها .
و التفتت إليه و لم تدري لم بكت ؟؟ وهتف قلبها : ((اننا نفقده )) ...
و ارتعت لحديث القلب ووجدت أنها تطلع إلى أحمد مفزوعه وهو يقول بمراره :
- تمنيت ... حقاً تمنيت أن يكبر هذا الطفل بيننا ...
وأمتدت أناملها لهفى لتسكته ورأت أن دموعها فاضت حتى أغرقت الكلام في حلقها وكان لسانها يقاوم قيد الكبرياء التي سرت في شراينها كالنار و هي تقول :
- ترى بأي لغةٍ تفهم ؟! سيتربى هذا الطفل بيننا ... لا ... لأننا سنبقى سوياً معاً ... ولأنني ........ لأنني ......
وصمتت فيما ألتمعت عيناه دهشه وقال :
- لأنك ماذا ؟!
- لأني أحبك ....
وبكت و عانقت عيناها وجهه المبتسم خلف ضباب دموعها ...
أنتهى
بتاريخ 14\ 9 \ 1428 هجري
منذ تاريخ : 9 \ 8 \ 1428ه
للأمانه ,, منقول