- والذي تؤكد الأدلة أنه هو فرعون موسى
- من هو فرعون موسى ؟
- 1- أحمس الأول هو فرعون موسى:
- 2- أحمس هو فرعون التسخير وتحتمس الأول هو فرعون الخروج:
- 1- كيف التقط أحمس موسى من النهر وأحمس كان يحكم من طيبة في الجنوب.
- كل هذه النقاط توجب رفض هذه النظرية أيضاً.
- 3- تحتمس الثاني هو فرعون موسى:
- 4 - تحتمس الثالث هو فرعون الخروج:
بصرااحة هذا الموضوع حيررني جد عجيب
الي بالها رايق تقراه بتمعن وتفكير
×
×
×
صورة لرأس لجثة رمسيس الثاني الموجودة في المتحف المصري في القاهرة
والذي تؤكد الأدلة أنه هو فرعون موسى
من هو فرعون موسى ؟
لقد اختلفت الآراء في تحديد اسم هذا الفرعون اختلافاً كبيراً وسنذكر في هذه المقالة مختلف الآراء التي ذكرت في هذا الشأن، مذكرين بأن بعض هذه الآراء لم يوضع بقصد بيان الحقيقة أو بحثاً عنها بل وضع لهدف سياسي وإن كان قد غُلّف بما قد يبدو للقارئ بأنه حقائق تاريخية، كذلك فإن بعض النظريات التي وضعت اعتمد أصحابها على حادثة معينة وبنوا عليها نظريتهم وراحوا يحاولون تفسير الأحداث كلها حسب نظريتهم هذه ويلوون الحقائق يختلقون أحداثاً ليؤيدوا بها وجهة نظرهم.
ولا يخفى قصور هذه النظريات التي يجوز تسميتها بالنظريات (أحادية النظرة ) إذ هي تنظر إلى الأحداث من زاوية واحدة وتتجاهل الجوانب الأخرى ومن هنا تعددت الآراء ولم تصل إلى نتيجة مرضية.
ولما كان منهجنا هو النظرة الشاملة وربط القصص الديني بالأحداث التاريخية، ومن هذا المنطلق رأينا أن الطريق السليم للوصول إلى الحقيقة في هذا الشأن هو تحديد بعض النقاط الأساسية من قصة موسى عليه السلام يجب أن تستوفيها النظرية المقترحة وكذلك تحديد صفات هذا الفرعون مما جاء عنه في الكتب المقدسة وعلى رأسها بالطبع القرآن الكريم صحيح أن القرآن الكريم هو كتاب هداية وإيمان، ركّز عند سرد القصص على الجانب الإيماني والعبرة التي تستقى منها ولكنه في نفس الوقت إذا أشار إلى حدث معين أو واقعة معينة فقوله هو القول الحق الذي لا يمكن التغاضي عنه أو إيراد ما يتعارض معه وما سكت عنه القرآن الكريم لا بأس من أن نبحث عما ورد في التوراة بشأنه مدركين ما قد أصاب بعض نصوصها من تحريف وتبديل إذ التوراة التي بين أيدينا هي في حقيقتها سيرة موسى عليه السلام وقد مزج كاتبو التوراة بين ما أوحى إليه من الله وبين أحاديثه الشخصية مضافاً إليها تفسيراتهم لبعض الأحداث واعتماداً على هذه الإضافات الأخيرة فإننا لا نرى بأساً من التجاوز عن معلومة تاريخية وردت في التوراة إذا ارتأينا أنها تتعارض مع حقائق أخرى أو أنها تقف حجر عثرة في سبيل نظرية متكاملة.
وأخيراً فإن هناك ملحوظة جديرة بالذكر، وهي صمت الآثار المصرية التام عن هذا الموضوع الخطير – موضوع بني إسرائيل وموسى مع ما هو معروف عن الكتابات المصرية – على جدران العابد والآثار – من دقتها في تسجيل الأحداث ويعلل (سميث) سكوت الآثار المصرية عن قصة الخروج – أي خروج بني إسرائيل من مصر – بأنها من وجهة النظر المصرية الفرعونية لا تزيد عن كونها فرار مجموعة من العبيد من سادتهم المصريين وما كانت هذه بالحادثة التي تسجل على جدران المعابد أو التي تقام لها الآثار لتسجيلها ( J.W. Smith God & man in Earty Israel. P38 ) كما أنه من المؤكد أن هذه التسجيلات لم تكن – كما نقول بلغة عصرنا – صحافة حرة تسجل الأحداث كما وقعت – بل لا بد كانت تحت رقابة صارمة من الفراعنة فلا تسجل إلا ما يسمح به الفراعين أنفسهم ويكون فيه تمجيد لهم ولما كان الفراعنة يدّعون أنهم من نسل الآلهة فليس من المتصور أن تسجل على المعابد دعوة موسى لإله أكبر هو رب العالمين، كما أنه من غير المعقول تسجيل فشل الفرعون في منع خروج بني إسرائيل فضلاً عن غرقه أثناء مطاردتهم، إذ أنها أحداث يجب فرض تعتيم إعلامي كامل عليها وعلى كل ما يتعلق بها والعمل على محوها من ذاكرة الأمة وهو أمر غير مستغرب.. بل ويحدث في أيامنا هذه وكم من حقائق عملت الرقابة والمخابرات على إخفائها عن الشعوب!
وإزاء تعدد الآراء في تحديد شخصية من هو فرعون موسى فقد وجدنا أن الأسلوب الأمثل الواجب اتباعه هو وضع النقاط الأساسية الثابتة ثبوتاً لا يرقى إليه الشك ثم عرض النظريات المختلفة – واحدة تلو الأخرى – على هذه النقاط الأساسية وإذا لم تكن تستوفيها تم استبعادها حتى تصل إلى النظرية التي تستوفي هذه النقاط الأساسية – كلها – أو أكبر عدد منها فتكون هي النظرية الصحيحة.
وفي رأينا أن هذه النقاط الأساسية هي:
1- تسخير بني إسرائيل هو أول هذه النقاط – وهو أمر ثابت بالقرآن الكريم.
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }
.
كما ورد أيضاً في التوراة إذ ذُكر كنبوءة لإبراهيم عليه السلام: فقال لأبرام: اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويُستبعدون لهم فيُذلونهم أربعة مائة سنة (تكوين 15: 13). كما ذكر عدة مرات في سفر الخروج: فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف، ومرّروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل، كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفاً (خروج 1: 14).
ولا بد للنظرية التي توضع أن توضّح لم كان هذا التسخير والتعذيب، فلا يكفي القول بأن بني إسرائيل كانوا مقربين من الهكسوس ليكون ذلك سبباً في هذا التعذيب فكم من جالية بقيت في دولة بعد إجلاء المحتل عنها ولم ينزل بها مثل هذا التنكيل أو بعضه.
2- تمسك الفرعون بعدم خروج بني إسرائيل من مصر، وليس الأمر رغبة في تسخيرهم في المباني والإنشاءات، فالمصريون بسواعدهم بنو الأهرامات – أكثر من مائة – وبنوا المعابد الضخمة ومئات المدن وأقربها عهداً مدينة أخيتاتون، وما بناء مدينتي بي رعمسيس وفيثوم إلا قطرة من بحر !!! ولا بد من تقديم تفسير كاف لإصرار الفرعون على عدم خروج بني إسرائيل من مصر بالرغم مما نزل به من ضربات من جراء ذلك.
3- الالتقاط من النهر: إن موسى هو من بني إسرائيل وبنو إسرائيل كانوا يقيمون في أرض جاسان شرق الدلتا وألقى في النهر ليلتقطه آل فرعون، فيجب أن يكون موقع الالتقاط شمالي موقع الإلقاء لأن التيار يمشي من الجنوب إلى الشمال سواء كان الالتقاط من مجرى النهر ذاته أو من إحدى الترع المتفرعة عنه.
4- عند فرار موسى من مصر بعد قتل المصري لماذا لم يذهب إلى أرض فلسطين وكان بها فلول من بقايا الهكسوس كما كان بها (العايبرو) وهم يمتون بصلة ما إلى بني إسرائيل وكان من الطبيعي أن يلجأ إليهم فلماذا فضل الذهاب إلى أرض مدين!
5- كثير من النظريات التي قُدمت أهملت إظهار معجزتي العصا واليد في اللقاء الأول بين موسى وفرعون ثم تحدى السحرة بعد ذلك، وكذلك أهملت إظهار باقي الآيات التسع مع أنها أمور ثابتة في كل الكتب المقدسة.
6- فرعون موسى وصف في القرآن الكريم بأنه ( فرعون ذو الأوتاد ) ويجب تقديم تفسير مقنع لهذا الوصف.
7- فرعون موسى ادعى الألوهية: {فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }
، وهو ادعاء فعلي للألوهية، ويجب على النظرية أن تقدّم إثباتاً لهذا ولا يكفي أن يقال إنه نسب نفسه للآلهة، فجميع الفراعين بدءاً من الأسرة الخامسة كانوا يدّعون أنهم من نسل الآلهة.
8- فرعون موسى غرق أثناء مطاردته لبني إسرائيل، والعبرة تكون أبلغ لو أن الفرعون الذي غرق يكون هو نفسه فرعون التسخير، عما إذا مات فرعون التسخير ميتة طبيعية وكان الغرق من نصيب خَلَفِه، فإذا اتسعت حياة أحد الفراعين بحيث تشمل الأمرين معاً كان في ذلك غنى عن افتراض فرعونين.
9- حبذا لو أوضحت النظرية أن دماراً ما قد حاق بالآثار التي أقامها هذا الفرعون أكثر مما أصاب آثار غيره من الفراعين، لينطبق عليه قوله تعالى: { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ }
.
10- وأخيراً يجب أن تتضمن النظرية تفسيراً لقوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً }
إذ أن لدينا مومياوات كثر من الفراعين، والآية لتمامها وأكتمال الهدف منها – لا بد أن تكون واضحة محددة، فأي المومياوات هي الخاصة بفرعون موسى ؟ وهل فيها شيء يمكن اعتباره آية؟
لا شك أن القارئ يوافق على أن هذه النقاط اللازم توافرها في أي نظرية توضع لبيان من هو فرعون موسى، والآن نستعرض مختلف النظريات التي قُدّمت ونرى مدى تحقيقها لهذه النقاط.
1- أحمس الأول هو فرعون موسى:
يزعم المؤرخ اليهودي يوسيفيوس (يوسف) بن متى، الذي عاش في القرن الأول الميلادي أن مانيتو – المؤرخ المصري الذي كتب تاريخ مصر القديم حوالي عام 280 ق.م – قد ذكر أن العابيروا ( أو الخابيرو) هم أنفسهم العبرانيون أي بنو إسرائيل وهم أيضاً الهكسوس الذين حكموا مصراً وأن طرد الهكسوس من مصر بواسطة أحمس هو نفسه خروج بني إسرائيل من مصر، وبالتالي فإن أحمس هو فرعون موسى ! وما دمنا لا نستطيع الرجوع إلى كتاب مانيتو الذي فقد في حريق مكتبة الإسكندرية عام 48 ق.م فلا نستطيع التأكد من صدق هذا القول بل ويساورنا الشك في صحته إذ الهدف السياسي من وراء هذا العزم واضح إذ هو يرمي إلى القول بأن الهكسوس – الذين هم بنو إسرائيل – قد حكموا مصر فترة طويلة من الزمن (من 1780 ق.م حتى 1575 ق.م أي 205 عاماً ) ومن ثم يحق لليهود الادعاء بأن لهم حقوقاً تاريخية في أجزاء من أرض مصر، وقد تبنى هذا الرأي عدد من المؤرخين جلهم من اليهود أو المشايعين لهم.
والثابت تاريخياً هو أن أول قدوم بني إسرائيل – كفئة متميزة ومستقلة في معيشتها عن المصريين – كان عند مجيء يعقوب وبنيه بدعوة من يوسف الصديق الذي كان نائباً للملك خيان ملك الهكسوس وأسكنهم أرض جاسان وهذا ينفي نفياً قاطعاً أن إسرائيل هم أنفسهم الهكسوس، إذ هم قد وفدوا عليهم واحتفى بهم الهكسوس إكراماً لنائب الملك (يوسف) ولأنهم أهل بداوة مثلهم ورأوا فيهم سنداً يعينهم فيما لو ثار المصريون ضدهم وعند خروج الهكسوس من مصر خرجت معهم طائفة قليلة من بني إسرائيل ارتبطت مصالحهم معهم وسموا (العابيرو) ولكن الغالبية العظمى من بني إسرائيل في مصر فيما بعد كذلك فإن هذه النظرية تتعارض مع ما هو ثابت من تسخير بني إسرائيل بواسطة المصريين إذ لو كانوا هم الهكسوس – حكام البلاد – فأنى يقع عليهم مثل ذلك ؟ والثابت أنهم – أيام المجاعة كانوا يتنعمون بينما المصريون يعانون قسوتها واضطروا لبيع أراضهم لملك الهكسوس كذلك فإن هذه النظرية تتعارض مع ما هو معروف من أن فرعون موسى كان يتمسك ببقاء بني إسرائيل في مصر بالرغم مما أتى به موسى من آيات فهل كان أحمس يتمسك ببقاء الهكسوس المحتلين بلاده ؟.. سبب آخر ذلك أن أحمس كان يحكم من طيبة في أقصى جنوب مصر في حين أن بني إسرائيل كانوا يعيشون في أرض جوشن شرقي الدلتا فكيف يتأتى لأم موسى أن تلقيه في النهر فيلتقطه آل فرعون القاطنين على بعد ألف كيلو متر إلى الجنوب !
لهذه الأسباب يمكن باطمئنان استبعاد الرأي القائل بأن أحمس هو فرعون موسى.
2- أحمس هو فرعون التسخير وتحتمس الأول هو فرعون الخروج:
قائل هذا الرأي هو الدكتور محمد وصفي في كتاب (الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرسل ص 156) ويرى أن أحمس هو الذي عذب بني إسرائيل واضطهدهم وله مبرراته السياسية والاجتماعية والحربية والوطنية. فيقول إن أحمس هو محرر مصر من المحتلين الهكسوس الذين كانوا غزاة من الشرق فكان من الطبيعي أن يعمل على القضاء على العناصر الموالية لهم أو على الأقل أن يسلبهم سلطانهم الذي كانوا قد وصلوا إليه بواسطة (يوسف) وبرضاء ملوك الهكسوس، فكان يذبح أبناءهم حتى لا يكبروا فيصبحوا قوة تعمل على هدم ما بناه من تحرير بلاده من الأجانب وكان يستعمل بني إسرائيل في بناء المدن فلم يكن من السياسة أن يبيدهم كلهم، ويقول إن بني إسرائيل ظلوا في التعذيب منذ أن تولى أحمس الحكم في عام 1580 ق.م وأن موسى ولد سنة 1571، ويقول إن موسى عاصر ثلاثة فراعين هم بالترتيب:
أحمس مدة14 عاماً.
أمنحتب الأول 16 عاماً.
ثم تحتمس الأول مدة 39 عاماً.
وأن موسى لما قتل المصري كان عمره 61 عاماً وتغرب في أرض مدين 8 سنوات ثم عاد وعمره 69 عاماً ودعا الفرعون سنة واحدة ثم كان الخروج، وهذا الرأي يتعارض مع عدة حقائق تاريخية.
1- كيف التقط أحمس موسى من النهر وأحمس كان يحكم من طيبة في الجنوب.
2- إن سنة واحدة بين عودة موسى من أرض مدين والخروج لا تتسع لإظهار الآيات التسع الثابتة في الكتب المقدسة.
3- إن تحتمس الأول ابن امرأة من دم غير ملكي (هي الملكة سنى سونب ) وكان سنده في الوصول إلى العرش هو زواجه من أخت له تجري في عروقها الدماء الملكية من ناحية الأب والأم، ولعله كان يشعر بنقص من هذه الناحية فحاول أن يزجي لنفسه ألقاباً ملكية فأطلق على نفسه (ملك من ابن ملك ) محاولاً بذلك الانتساب إلى سلسلة الفراعين ذوي الحق الشرعي (د. نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم. ج3 ص23) ولما كان الأمر كذلك، وبالكاد وصل إلى العرش فإنه لم يكن ليتجاوز ذلك ويدّعي الألوهية كما هو ثابت في حق فرعون وموسى.
4- لم يرد أن تحتمس الأول مات ميتة فجائية أو غير طبيعية، بل مات ميتة عادية وخلفه ابنه تحتمس الثاني مستنداً إلى زواجه من الوريثة الشرعية (حتشبسوت).
كل هذه النقاط توجب رفض هذه النظرية أيضاً.
3- تحتمس الثاني هو فرعون موسى:
وهذا الرأي قال به ج دي ميسلي ( J.De Micelli, 1960 ) الذي يدعي أنه توصل إلى تحديد زمن الخروج بهامش تقريبي يصل إلى يوم واحد وهو 9 أبريل عام 1495ق.س، وهذا من خلال حساب التقويمات، وعلى ذلك يكون تحتمس الثاني – وكان ملكاً في هذا التاريخ – هو فرعون الخروج، ومما أورده تأييداً لنظريته أن مومياء تحتمس الثاني مكتوب عليها وصف لأورام جلدية، وبما أن واحداً من ضربات مصر التي تذكرها التوراة هي طفح جلدي فهذا رأيه دليل مادي على أن تحتمس الثاني هو فرعون الخروج ! وفي رأينا أن هذا مثال للنظريات (أحاديثة النظرة ) إذ تأخذ من حدث واحد أساساً لنظرية مع تجاهل باقي الأحداث ومدى توافقها مع هذا الافتراض حتى أن موريس بوكاي الذي ذكر هذا الرأي (دراسة الكتب المقدسة ص 259) وصفه بأنه من أغرب الفروض وقال إنه لا يأخذ في اعتباره مطلقاً الأمور الأخرى في رواية التوراة وخاصة بناء مدينة بي رعمسيس، تلك الإشارة التي تبطل كل فرض عن تحديد الخروج قبل أن يكون أحد الرعامسة قد ملك مصر.
أما فيما يتعلق بأورام تحتمس الثاني الجلدية فإن ابنه – تحتمس الثالث وحفيده أمنحتب الثاني كانا أيضاً مصابين بأورام جلدية يمكن مشاهدتها على مومياواتهم بمتحف القاهرة. ويحدث هذا في الأورام العصبية الليفية المتعددة التي تصيب الجلد ( Mutiple n**** Fibromatosis ) والمعروفة بظهورها في أكثر من جيل في العائلة.
4 - تحتمس الثالث هو فرعون الخروج:
ومعتقدوا هذه الفرضية يعتمدون على فقرة في التوراة تقول وكان في السنة ال 480 لخروج بني إسرائيل من مصر في السنة الرابعة لملك سليمان على بني إسرائيل في شهر زيو هو الشهر الثاني أنه بني البيت الرب (ملوك أول 1:6) ولما كان حُكم سليمان قد بدأ عام 970ق.م فالعام الرابع هو 966 ق.م فإذا أضفنا إليها ال 480 سنة لعاد ذلك بنا إلى عام 1446 ق.م أي في أواخر حكم تحتمس الثالث (1468 – 1436 ق.م ).
والحقيقة أن فترة ال 480 عاماً هذه قد أثارت جدلاً كثيراً وسبت بلبلة في حساب الأزمنة. وهي تختلف في بعض ترجمات التوراة عما جاء في ترجمات أخرى، فمنها يجعلها 440 سنة فقط، ومنهم من يزيدها 580 عاماً ! وعلى هذا يرى كثيرون أن هذا الرقم كان تخميناً من أحد كتبة التوراة لأن هناك 12 جيلاً تقع بين الخروج وبين بناء هيكل سليمان وافترض واضع هذا الرقم لكل جيل 40 عاماً فيكون 12 × 40 = 480، ولو افترضنا لكل جيل 25 عاماً بافتراض أن الأبناء سيتزوجون في سن الخامسة والعشرين وهو افتراض معقول لكان 12 × 25 = 300 وهذا يقودنا إلى تاريخ الخروج في عام 1270 ق.م، أثناء حكم رمسيس الثاني.
ومعتقدوا الفرضية أن تحتمس الثالث هو فرعون موسى يقولون إن موسى انتشلته من الماء الملكة حتشبسوت عام 1527 ق.م، وأنه تربى في حاشيتها وبلاطها، ولما تولى تحتمس الثالث العرش – ولما هو معروف عنه من عداوة لحتشبسوت فإن موسى خشِيَ غضبته وفر من مصر، ثم عاد وكان الخروج في عام 1447 ق.م، وهذا الرأي يتعارض مع كثير من الحقائق مثل أن فرار موسى من مصر كان بسبب قتله للمصري، كما أنه في عهد تحتمس الثالث كان النفوذ المصري قوياً في فلسطين إذن أن تحتمس الثالث أسس إمبراطورية واسعة وطيدة الأركان واستمر النفوذ المصري قوياً في منطقة الشرق الأدنى وفي فلسطين بالذات أثناء حكم من خلفه من الفراعين أمنحتب الثاني 23 عاماً – تحتمس الرابع 8 أعوام – أمنحتب الثالث 37 عاماً أي لمدة 68 عاماً، فلم يكن باستطاعة بني إسرائيل بعد فترة التيه أن يضعوا قدماً واحدة في أرض فلسطين وحتى إن كان النفوذ المصري قد ضعف قليلاً أيام حكم أختاتون فإنه عاد ثانية بعد انتهاء ثورته الدينية وبلغ أوجه ثانية أيام سيتي ورمسيس الثاني.
زد على ذلك أن تحتمس الثالث لم يُدع الألوهية بعكس فرعون موسى الذي قال: { أنا ربكم الأعلى} كان تحتمس الثالث على درجة عالية من الأخلاق والتواضع، يقول عن نفسه: إني لم أنطق بكلمة مبالغ فيها ابتغاء الفخر بما عملته فأقول إني فعلت شيئاً دون أن يفعله جلالتي ولم آت بعمل فيه مظنّة، وقد فعلت ذلك لوالدي الإله آمون لأنه يعرف ما في السماء ويعلم ما في الأرض ويرى كل العالم في طرفة عين ( سليم حسن، مصر القديمة، ج 4 ص 511)، وكان تحتمس الثالث رجل حرب قضى كثيراً من سنوات عمره في ميادين القتال وليس أدل على تواضعه من أنه لم يُرجع الفضل في انتصاراته إلى مهارته بل أرجعها كلها إلى تأييد إلهه آمون كما تشهد بذلك اللوحة التي أمر بإقامتها في معبد الكرنك وكتب عليها قصيدة على لسان الإله آمون مخاطباً ابنه تحتمس الثالث فيقول له (مع اختصارها ):
إن قلبي ينشرح لمجيئك الميمون إلى معبدي، ويداي تمنحان أعضاءك الحماية والحياة، إني أمنحك القوة والنصر على كل البلاد الجميلة، وإني أمكِّن مجدك والخوف منك في كل البلاد، والرعب منك يمتد إلى عمد السماء الأربعة، إني أجعل احترامك عظيماً في كل الأجسام وعظماء جميع البلاد الأجنبية جميعهم في قبضتك، وإني بنفسي أمدّ يدي وأصطادهم لك وأربط الأسرى بعشرات الألوف، إني أجعل الأعداء يسقطون تحت نعليك فتطأ الثائرين، كما أمنحك الأرض طولاً وعرضاً فأهالي المغرب وأهالي المشرق تحت سلطتك، إنك تخترق كل البلاد الأجنبية بقلب منشرح، وإينما حللت فليس هناك من مهاجم، وإني مرشدك ولذلك تصل إليهم، وعندما يسمعون نداء إعلان الحرب يلجئون إلى الجحور، لقد أرسلت رعب جلالتك سارياً في قلوبهم، والصل الذي على جبهتك يحرقهم بلهيبه ويقطع رؤوس الأسيويين ولا يفلت منه أحد بل يسقطون، إني أجعل انتصاراتك تنتشر في الخارج في كل البلاد، لقد عملت على كبت من يقوم بغارات ومن يقترب منك، لقد حضرتُ لأجعلك تتمكن من أن تدوس بالقدم عظماء فينيقيا ولأجعلك تشتت شملهم تحت قدميك، لقد حضرت لأمكنك من أن تطأ أولئك الذين في آسيا، وتضرب رؤساء عامو، لقد حضرت لأجعلك تطأ بالقدم الأرض الشرقية ولأجعلهم يشاهدون جلالتك مثل النجم الذي ينشر لهيبه كالنار، لقد حضرت لأجعلك تتمكن من أن تطأ الأرض الغربية، وهؤلاء الذين في وسط المحيط في الجزر وأن تطأ اللوبيين، لقد حضرتُ لأجعلك تطأ أقصى حدود الأرض.
يا أيها الثور القوي الذي يسطع في طيبة (( تحتمس )) المخلد الذي عمل لي كل ما تتوق إليه نفسي، لقد أقمتَ لي مسكناً وهو عمل سيبقى إلى الأبد، وجعلته أطول وأعرض مما كان عليه من قبل، إني لأثبتك على العرش مدة آلاف آلاف السنين حتى ترعى الأحياء إلى الأبد.
وهذه القصيدة تبين تواضح تحتمس الثالث واعترافه بفضل الإله (( آمون )) عليه في انتصاراته، فهو ليس ذلك المتكبِّر، المتجبر، مُدَّعي الألوهية، كما هو الحال مع فرعون موسى.
5- أمنتحب الثاني هو فرعون الخروج:
وهو تحوير بسيط في الفرضية السابقة إذ يزيد من فترة غياب موسى ويجعله يعود أثناء حكم أمنتحب الثاني، وهذا الرأي قال به دانييل روبس Daniel Rops في كتابه شعب التوراة Le pe
والله عبره لكل طاغية متجبر بوش وكل من والاه
سلمت يمينج خيتو