يطل شهر رمضان بعبقه وأريجه وما يحمله من معانٍ جميلة ، ليضفي على الحياة الزوجية مزيداً من البريق والإشراق ،
ويمسح عنها غبار الخلاف والشقاق ، ويخفف عن الزوجين هموم الحياة ومتاعبها ، عندما تتقارب القلوب ، وتسمو الأرواح ،
ويخرج الزوجان من هذا الشهر أكثر محبة ومودة وانسجاماً
والمقصود من الصوم في الحقيقة تهذيب النفس ، وصقل الروح وترويض العادات ، ولذا فإن على الزوجين أن يحافظا على هدوئهما في هذا الشهر الكريم- ويضبطا انفعالاتهما ويتحكما في أخلاقهما.
ومن الأمور التي لها أعظم الأثر في زيادة المودة والمحبة بين الزوجين أن يجتمعا على طاعة الله وعبادته ، في هذا الشهر الكريم ،
ليمنحهما أعظم فرص المودة والمحبة حين ترفرف على منزلهما ظلال العبادة وبركات الطاعة ، من خلال
صلاة التروايح والقيام والتهجد وقراءة القرآن ، وعمارة البيت بذكر الله وغير ذلك من الأعمال .
ولذا فإن على كل من الزوجين أن يشجع الآخر على العبادة ويعينه عليها ، وإذا قصر أحدهما لقي من رفيق دربه ما يجدد له عزمه ،
ويعيد إليه نشاطه ،
لا يخفى على المسلم فضل رمضان ومضاعفة الحسنات فيه، فهو ليس شهرًا للصوم فحسب، بل للعبادة جميعها،
للصلاة والذكر والصدقة وحسن الخلق وغير ذلك،فأحرصي على تشجيع زوجك على العبادة بذكر فضلها وحثه عليها،
فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فتلهب العزائم الفاترة وتعضد القوى الخائرة.
- لا تجعلي بيتك قبرا، ولا تكن كل عبادات زوجك في المسجد فحسب، بل إجعلي لعشكما الصغير نصيبا من الصلاة والذكر
والدعاء والقرآن،والتوجيه والنصح،
إذا كنتِ من ضمنهم فاحرصي على تنظيم وقتك قدر الإمكان، ولا تسمحي بالسهر وإضاعة الليل هباءً منثورًا،
فلا يكن النهار كله للنوم بدعوى الصيام والتعب، فهل رأيتِ تاجرًا يغفل عن زيادة مبيعاته في المواسم المضاعفة،
بدعوى الإرهاق والخمول؟!
واحذري من لصوص الإثم الذين ينشطون في رمضان، صفدت شياطين الجن ومردتها فأبوا إلا أن يضاعفوا
جهودهم تعويضًا لغياب إخوتهم وأعوانهم، فلا تتساهلي في منحهم ولو بضع دقائق من الوقت الثمين بدعوى الترفيه،
ونصيحتي لمن تتفرغ في هذا الشهر لمتابعة المسلسلات والمنوعات الفضائية بدلاً من استغلاله في التقرب إلى الله أقول أحسن
الله عزائك في شهرك فمن خسر الشهر فهو الخسران العظيم وأنه المغبون يوم التغابن يوم تعرض الأعمال على
الله عز وجل فالله عز وجل سيسألك عن عمركِ فيما أفنيته وشبابك في أبليته..
فإن للمعصية شؤمًا، ومن آثار الذنوب أنها تصد العبد عن الطاعات وتكبله عن الخيرات،
فحري بالزوجين أن يمدا على منزلهما ظلالاً من
العبادة المخلصة والطاعة المباركة.
وأحسني ترتيب الأولويات في الواجبات المنزلية والزوجية والدعوية،
فلا يُعقَل أن تستغرقي ساعة في التزيين للزوج ولا تعدي له طعامًا أو لم تؤدي الفرض،!!!
ولا يمكن أن تصلي السنن والرواتب وتتركي حقوق الزوج الأساسية.!!!
إن الإسلام حثنا على صلة الأرحام على مدى الحياة، فما بالنا في رمضان؟
! بل على العكس، إن كانت هناك قطيعةٌ
حتى ولو كانت من الطرف الآخر فإن شهر رمضان فرصةٌ لوَصل هذه القطيعة..
فليكن من أيامك في رمضان أيامًا ساطعة بضياء البر، تزوران أو تدعوان فيها الوالدين،
وتنعمان معهما بفطور مبارك وحديث مؤنس، وتذاكر للفضائل وتناصح.
وأذكري لزوجك فوائد صلة الرحم المتمثله في :حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بها المكروه والمحذور"
وقومي في كثير من الأيام في زيادة صنف الفطور، وأبعثي به مع التمر إلى الجيران،
أو إلى الأخوة والأخوات والأقارب، فتكسبين أجر تفطير الصائم وأجر صلة الرحم، وإدخال السرور على مسلم.
لكي تسود المودة بين أهل زوجك وأهلك وتكون علاقتهم طيبة:1- قومي بدعوتهم إلى الإفطار وإذا لم يستطيعا أن يحضرا اذهبا أنتما إليهما بالطعام،
كذلك الأقارب والأهل، فإن الضيف يدخل برزقه ويخرج بذنوب أهل البيت.
2- إنهاء الشحناء، إذا كان هناك أي شحناء مع أم زوجك أو أخته أو أي فرد من أهله أو الأقارب فإستغلي
شهر رمضان في إنهاء هذه الأمور بالصلح أو الزيارة.
3- الاتصال بالهاتف دون الإسراف في الوقت، أو اغتياب أحد؛ وذلك من أجل صلة الرحم إذا لم يسهل عليك الزيارة.
4- الهدايا حتى ولو كيس تمر أو بعض الكتيبات أو المطويات (تهادوا تحابوا).
5- تقوية صلة الأبناء بأقاربهم في هذا الشهر والاستمرار بعده، مع حثهم على صلة الرحم (فالأب والأم قدوةٌ للأبناء).
يمكنكِ المحافظة على همتك في العبادة بوضع جدول يومي ومحاسبة نفسك يومياً على تطبيقه
والإستشعار بآخر أيام رمضان وأنتِ في أوله..
ولاتكوني مثل الأمهات اللاتي يخرجن لآداء صلاة التراويح
أو حضور المحاضرات في رمضان وتترك ابنها المراهق (أو ابنتها) أمام شاشات الفساد (الفضائية) التي تتفنن في عرض
مايغضب الرب الكريم خلال هذا الشهر...
أو تترك الخادمة في البيت وبعض الازواج يعود مبكرا من الصلاة فتحدث الخلوة
المحرمة... فتكون المرأة بهذا قد أدت سنة على حساب فرض..
وهذا يا عزيزتي من الجهل الذي تعاني منه
الكثيرات
فتقع المعاصي في منزلها الذي سيسألها الله عنه يوم القيامة ورسول الله – صلى الله عليه وسلم –
قال: "كل راع مسؤول عن رعيته وذكر المرأة بعينها فقال: والمرأة راعية ومسؤولة عن رعيتها..
وبعضهن تعود من صلاة التراويح وهي مكشرة متضايقة تتلفظ بغضب مع زوجها أو أبنائها (وهي تبحث عن الأجر)..!!!
فالأجر أيضاً في حسن التبعل وحسن الخلق فهو أول ما يوضع في الميزان يوم القيامة فإذا كنت تطلبين الآخرة فاعرفي كل ما
يجب عليك أولاً من واجبات بيتك وأبنائك و حقوق زوجك ووالديك
يمكن للزوجين أن يجعلا شهر رمضان شهرَ عسل من جديد..
ليس ذلك حلمًا أو فكرةً صعبةً، ففي الشهر الكريم دعوةٌ مفتوحةٌ للحب الزوجي والأسري،
وطريقٌ للسعادة دائم، ولكن الأمرَ يحتاج إلى بعض الصبر وكثير من الحب، والأهم الحرص على حقوق العشرة،
وأهم الأهم الإخلاص والتجرد.. فكيف يتحقق ذلك؟!
شهر رمضان فرصةٌ لتوثيق العلاقة بين المرأة وزوجها فيتفانيا في إٍسعاد أحدهما الآخر، أقلها:
1- التبسم، فالتبسم في وجوه أزواجنا صدقة.
2- نفسح لهم في قلوبنا مكانًا واسعًا، ومن فضل الله في شهر رمضان اجتماعُ الأسرة على مائدة واحدة مرتَين في اليوم،
مع الاهتمام بإعداد طعام جيد شهي للزوج.
3- الاتفاق على طاعة مشتركة (حتى بعد انتهاء شهر رمضان):مثل قيام الليل، فيتعاون الزوجان في تشجيع أحدهما للآخر؛ حتى يقوما معًا ويصليا القيام قبل الفجر،
قمة السعادة
إن السعادة هي والله في طاعة الله والتقوى والرضا بما قسم الله لنا في هذه الدنيا والاستعداد للآخرة،
ألا تعلمين أختي الحبيبة.. أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: "إن المرأة المطيعة لزوجها تستغفر لها الملائكة والشمس" والعكس "أيما امرأة كحلت في وجه زوجها فهي في سخط الله حتى تسترضيه"
" فاختاري أختاه أيَ امرأة تحبين أن تكوني من هؤلاء؟!
فلتحرصي على هذه الوسائل حتى بعد انتهاء رمضان فما أجمل أن تُبنى البيوت على طاعة الله، والتواصي برضاه،
وما أروع أن يحث الزوجان بعضهما على فعل القربات والتحلي بكريم الصفات.
فهي كما ذكرنا إرضاء الله تعالى عن طريق إتباع منهجه وعدم مخالفة أمره وابتغاء الأجر والمثوبة في كل عمل يعمله من أمور الدنيا ؛ حتى يستمر لك الأجر والثواب إن شاء الله
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأعاننا سبحانه على شكره وذكره وحسن عبادته.
لك خالص إحترامي