- قال: ياعزيزيّ إنها قنينة واحدة وضعتها بيدي في السرداب فاذهب وهاتها!
قيل إن عطاراً كان له مستخدم , وكان هذا في غاية الحسن إلا أن عيباً واحداً, وهو انه كان احول يرى الشيء الواحد شيئين. وفي ذلك اليوم قدم مشتري إلى العطار فسأله أن يبيعه قنينة زيت, فأجلسه العطار وقال للمستخدم: اذهب إلى منزلي فوراً , تجد في السرداب قنينة زيت فهاتها!
أسرع المستخدم إلى البيت ونزل السرداب فرأى قنينتين فيهما زيت الزيتون. فتساءل في نفسه: أي واحدة منهما ينبغي ان آخذها؟ إن اخذت هذه فلربما كان يريد الأخرى, وإن اخذت الأخرى فلربما كان يريد هذه , كما أنه لم يطلبهما معاً. وهكذا ةقف المستخدم يفكر ثم عاد إلى العطار يمشي الهوينا فقال: قلت إن في السرداب قنينة واحدة , لكني رأيت اثنتين, فأيهما أجلب لك؟
قال: ياعزيزيّ إنها قنينة واحدة وضعتها بيدي في السرداب فاذهب وهاتها!
عاد المستخدم إلى البيت راكضاً, فدخل السرداب ونظر محدقاً فرأى قنينتين, وكلما فرك عينيه رآهما اثنتين لا واحده, لا ريبة في ذلك .
عاد إلى العطار ثانيةفقال: لقد نظرت إليهما بإمعان فكانتا اثنتين! فامتعض العطار لجلوس المشتري وانتظاره طويلاً, و خشي أن ينصرف فيفقده, فاعطى المستخم عصاه وقال له: غاضباً: اذهب واكسر إحدى القنينتين وهات الثانيه.
عاد المستخدم و العصا في يده ودخل السرداب فأهوى بالعصا على إحداهما, فانكسرت القنينتان كلتاهما و أريق زيتهما, فلم يجد ثمة قنينة أخرى يأتِ بها, وعندئذ وقف يفكر اانه ضرب احداهما بعصاه ولم يضرب هما معاً فكيف انكسرتا. وقال في نفسه: لقد كانت هناك قنينة واحده في الحقيقة , لكني كنت أرى إلى جانبها قنينة اخرى تخيلية موهومة, وها قد جئت أكسر احداهما, لكني لم أهوي بعصاي على الموهومة منهما و ابقي الحقيقية على اقل تقديري لآخذها إلى استاذي, بل اهويت بها على الحقيقية فليس ثمة قنينة هناك .
ولقد فطن المستخدم إلى ان عيبه في حوله ورأيته الشيء شيئين فكان يفكر في نفسه أنه سيعوج إلى صاحبه, و كيف سيحكي له القصة؟ وكيف يبين عيبه؟ و هكذا فقد اتجه نحو الصحراء خجلاً .
منقول