- الحرب
- أعقاب الحرب
لقد قضى الپاندو فترة منفاهم حاجِّين مكفِّرين: فأرجونا، مثلاً، قام بمجاهدات (تَپَس tapas) للحصول على أسلحة من شيفا. ويقضي الپاندفا الخمسة عام منفاهم الثالث عشر في بلاط الملك فيراتا V r ta، الذي زُفَّتْ ابنتُه سُبهَدرا Subhadr إلى أبهيمَنيو Abhimanyu ابن أرجونا. وهناك نذروا نذر الديكشا d ksha (التكريس المؤهِّب للقربان)، وبذلك استعدوا لأداء "قربان" المعركة المزمعة أن تقع. وحال انقضاء فترة المنفى، يطالب الپاندفا، وفقًا لبنود الميثاق، باسترجاع مُلكهم، فيرفض دُريودهَنا إجابتَهم إلى طلبهم، وتصير الحرب وشيكة الاندلاع.
بذلك تيسِّر الأسفار الأربعة الأولى من المهابهارتا، بروايتها سوابق النزاع ومقدماته التي تستحق التوقف عندها وتدبُّر رموزها طويلاً، فهمَ الحرب الضروس التي سوف تدور رحاها. ومن جهة أخرى، فإن هذا الجزء من القصيد هو الأغنى بعوائد وأعراف وتقاليد الزمان الذي أُلِّفت فيه الملحمة.
الحرب
يغطي الجزء الثاني الذي يتناول الصراع نفسه الأسفارَ من الخامس إلى الحادي عشر. ويسهب السِّفر الخامس في وصف الاستعدادات المباشرة ولعبة التحالفات بأسرها. لقد سبق للپاندفا أن تحالفوا مع دهرِشتَديومْنا ، شقيق درَوپَدي وتجسد أغني (النار)، الذي يولُّونه قيادةَ جيشهم. لكن من بين الحلفاء المحتمَلين للحزبين يبرز كرشنا، عاهل دفارَكا وابن أخ كُنتي الذي تعرَّف إليه الپاندفا للمرة الأولى لدى زواجهم من درَوپَدي، فيعزِّزون صلتهم به. وهو في مجمل القصيد أمير كبقية الأمراء، لكن حدثًا متميزًا يقدمه لنا في ضوء جديد: يحاول كرشنا لعب دور "سفير سلام" بالنيابة عن الپاندفا؛ لكنه إذ يفشل، يعرض على الحزبين المحتربين إما مساعدة جيشه وإما مساعدته وحده. يسارع دُريودهَنا إلى اختيار الجيش، وبذلك ينضم كرشنا إلى الحزب الخصم، ويصير قائد سوتا (مركبة) أرجونا.
في السِّفر السادس، البهغفدغيت، تلك الدرة في تاج الهند الروحي –، يقنع كرشنا أرجونا المتردد، عشية وقوع الحرب، في قتال أبناء عمومته بضرورة القتال بدافع واجب العمل وحده، بصرف النظر عن ثماره، ثم يرفع كرشنا الحجاب عن هويته الحق بوصفه "تنزُّلاً" للإله فشنو أجل، إنه كرشنا، الأفَتارا المجيد، المطلق المشخَّص، اللاهوت في الناسوت، الذي يكفل حضورُه في معسكر الپاندفا انتصارَهم على أبناء عمومتهم. إن تلك الحِوارية بين كرشنا وأرجونا ذروة من ذرى تجلِّي الروح في تاريخ الإنسانية.
وتدور رحى المعركة ثمانين يومًا على سهل كُرُكْشِتْرا (ميدان قديم لتقديم الأضاحي شمال دلهي الحالية في ولاية هَرِيَنا) من السِّفر السادس إلى السِّفر التاسع، مع تناوبات من الكرِّ والفر.
وفي المعركة، تتقاطر القوى الإلهية والشيطانية كلها في مجزرة هائلة تؤوَّل بكونها قربانًا أو برمزها إلى نهاية العالم (پرليا ). وفي السِّفر التاسع، يصاب دُريودهَنا، روح الصراع، بطعنة نجلاء، ولا يبقى إلى جانبه إلا ثلاثة من أنصاره. وفي السِّفر العاشر، يتسلَّل هؤلاء إلى معسكر الپاندفا النائمين المطمئنين ويذبحون الأبناء الخمسة التي أنجبتْهم درَوپَدي من أزواجها الخمسة. ويعكس السِّفر العاشر أصداء عويل النسوة ونحيبهن ومراثيهن حيال تلك المصيبة.
أعقاب الحرب
يختص السِّفر الثاني عشر بوصف عقابيل الحرب. فبقيادته الپاندفا إلى النصر، قام كرشنا، بصفته أفتارا، بدوره في رفع الوزر عن الأرض وتجديد الدهرما عند الوصلة بين الدفاپَرا َيوغا والكالي يوغا الذي هو عصرنا الحالي. ويبدو "سِفْر السلام هذا بوصفه أكثر الأسفار تشوشًا في الظاهر (وهو في الأصل طويل جدًّا)؛ وهو نظريًّا رواية لخطبة بهيشما الجريح على فراش الموت إلى يودهِشتهِرا اليائس أمام هذا العدد من القتلى الذين يكاد معظمهم أن يكون من أنسبائه. ومع أن بهيشما اختار أن يحارب في صفوف الكَوْرفا آملاً أن يلطِّف من عنف دُريودهَنا، فقد ظل مقتنعًا بحقِّ الپاندفا في المُلك. وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، يسخو الجبارُ على ابن أخيه بالسلوان والرأي في خطبة طويلة (19494 بيتًا) تستمر حتى السِّفر الثالث عشر. ويموت بهيشما أخيرًا بعد ثمانية وخمسين يومًا من إصابته.
ويقيم يودهِشتهِرا، المنتصر بلا منازع، (قربان الحصان) – وهو الطقس الاحتفائي الذي لا يحق إلا لملك منتصر أن يحييه: ذلك هو موضوع السِّفر الرابع عشر. وبعدئذٍ ينزل يودهِشتهِرا عن العرش لپَرِكْشِت ، أحد أحفاد أرجونا من زوجه الثانية.
وتسرد الأسفار الأربعة الأخيرة موت جميع الأبطال الناجين من القتال: دهرِتَراشْترا، زوجه، سلفته كُنتي (في حريق اندلع في غابة)، كرشنا وأخيه بالَراما ، وأخيرًا الپاندفا. ولقد كان يودهِشْتهِرا وإخوته ودرَوپَدي قد نهضوا لرحلة طويلة إلى الهملايا، مع كلب (دهرما متخفيًا) انضم إليهم، قاصدين فردوس إندرا، فماتوا جميعًا في الطريق – إلا يودهِشتهِرا والكلب. وقد انتهوا جميعًا إلى بلوغ سماء إندرا بأرواحهم، ماعدا يودهِشتهِرا الذي قُيِّض له، بعد المزيد من امتحانات الإخلاص والثبات والرحمة (من ذلك رفضه الدخول من دون الكلب)، أن يلجها بروحه وجسمه، حيث عاد واجتمع أخيرًا بإخوته وزوجهم للنعيم بالغبطة الأبدية.
إشارة أخيرة
لم يكن ما سبق إلا عرضًا لنواتئ بسيطة من فضاء غير محدود هو فضاء الملحمة. المهابهارتا أكبر جهد مفرد في الإبداع الأدبي الروحي أنتجتْه الإنسانية في تاريخها؛ وإلهامه
المصدر :maaber
misslaw
قصة جميله جدا
شاكرة لكِ جهدك المتواصل والمميز
دمتي سالمه