- إذا المسؤولية أكبر من أن نحصرها في جهة واحدة.
عندما أكون في أحد الأماكن العامة وأرى بعض الشباب بمناظرهم الغريبة من حيث ملابسهم وقصات شعورهم ، إضافة إلى بعض السلوكيات والتصرفات التي تصدر منهم والتي لا تتوافق مع هويتهم الحقيقية إلا وأتساءل ما هي نتيجة هذا الانسياق المحموم لدى بعض الشباب (صبيان – وبنات) خلف الموضة وما ترسله إلينا قمامات العالم عبر مزابل الفضاء المفتوح؟ وإلى ماذا سوف ينتهي بهم الحال؟
كم نخسر من أبنائنا عندما يسخروا طاقتهم فيما لا ينفع بل فيما لا يليق ولا يصح ...... وبما أن السلوك الإنساني مرتبط بتفكير ومشاعر صاحبه فماذا نتوقع من هؤلاء الشباب؟ أي فكر يحملون ؟ ما هي ثقافتهم ؟ إلى أين يسيرون في حياتهم ؟ أم أنه لايوجد شيء من ذلك وإنما هم يسيرون بتبعية عمياء خلف الموضة كالأغنام لها تقودهم حيث شاءت وكيفما أرادت دون أن يشعروا بأنفسهم. ألا ترونهم كيف يلزمون أنفسهم بما لا يلزم منها حتى لو تعارض ذلك مع دينهم وقيمهم الاجتماعية ، بل حتى لو كانت لا تمت للذوق والجمال بصلة ،وأي جمال في قصة شعر تجعل رأس الشاب كظهر القنفذ وأي ذوق في بنطال يكاد يخر على ساقي لابسه لشدة انحدار خصره، وذلك (الشارب) الذي حلق على شكل ذيل الفأر ........ في كثير من الأحيان أصبحنا لا نكاد نفرق بين محمد المسلم السعودي وبين جون الألماني فقد أصبحا (ختمة واحدة) . لا أنسى صدمة صديقتي الباكستانية (سازيا) عندما حظرت حفلة زواج لإحدى الأسر السعودية فخرجت بصدمه قوية عندما رأت ملابس المحتفلات ، فالعري سيد الموضة وكلما كانت المساحات المكشوفة أكبر كلما كان صاحبته (أكشخ)!! طبعا على حسب تفكير أغنام الموضة . عموما لا أجد تفسيرا لهذه المظاهر السيئة بين اغلبيه من شبابنا سوى أمر واحد وهو أن هناك خلل ونقص في صناعة الهوية وتكوينها لدى هؤلاء الشباب . هوية الإنسان هي العنوان الكبير الواضح الذي يقدم نفسه للحياة من خلاله وهي التي توجه فكر الشخص وسلوكه وقناعاته إذا كانت واضحة وراسخة وقوية لدى صاحبها ... لن أجرم الأسرة وأحملها المسؤولية وحدها عن هذا الوضع وإن كانت صاحبة الدور الأكبر لكن لا ننسى دور المدرسة والمجتمع والإعلام الذي أصبح يتولى مسؤولية تربية الأبناء بدلا عن أهلهم وفق ثقافة العري والتفسخ التي يملئ الدنيا بها صخبا وضجيجا.
إذا المسؤولية أكبر من أن نحصرها في جهة واحدة.
أرى بعض الفتيات في الأسواق وقد عبثن بعباءتهن وحجابهن فصار يؤدي عكس الدور المطلوب وأصبحت بعض الأشكال لباس إغراء وجذب،أقول في نفسي هل يعلمن هؤلاء الفتيات أن الحشمة جزءا من هويتهن إن كانوا لايعلمون فمن المسئول عن تجهيلهن؟ وإن كانوا يعلمون فلماذا فرطوا وتنازلوا؟ أم أنه حسب علم الاجتماع الأمة المغلوبة تسعى دائما لتقليد الأمة الغالبة.عموما أبناءنا بحاجة أن نعرفهم بهويتهم الحقيقية منذ طفولتهم ونزرع فيهم الاعتزاز والتمسك بها حتى يكونوا جديرين بالاحترام من الآخرين. أبناءنا أيضا بحاجة إلى نماذج حية يقتدون بها بدلا من نماذج الغناء والرقص التي تساهم في ضياع هويتهم.
كنت أتمنى .من إعلامنا أن يحتفي بالعالمة الفيزيائية السعودية (ريم الطويرقي) ويقدمها للشباب كنموذج جميل وراقي فهي الفتاة التي لم يمنعها تقدمها العلمي من أن تتمسك بهويتها فاستحقت أن يكرمها الآخر (الغربي) وظهرت يوم تكريمها في أحد المعاهد الفرنسية بكامل حجابها وحشمتها لترسل رسالة لنا أنه بنفس القدر الذي نحترم به أنفسنا ونعتز بهويتنا يكيل لنا الآخرين تقديرا واحتراما ، ومثالا أخر الفتاة المسلمة الباكستانية الأصل البريطانية الجنسية(بيجم)ذات 17ربيعا والتي طردت من مدرستها في بريطانيا بسبب حجابها،لم تتخلى عن حجابها من أجل البقاء في مدرستها لأنه جزء من هويتها وآثرت السير لمسافات بعيدة لمدرسة أخرى قبلت بها دون أن تجبرها على التخلي عن جزء من هويتها (الحجاب) فعندما يفقد الإنسان جزءا من هويته يفقد جزءا مثله من كيانه الإنساني . فلنركز أكثر في بناء الهوية لدى أبناءنا فنحن لا نريد لهم أن يكونوا كالطائر الذ! ي حاول أن يقلد مشية الطاووس فلم يتقنها،وعندما أراد أن يعود لوضعه السابق لم يستطع فلا هو صار طاووسا ولا بقي على وضعه الطبيعي بل صار مسخه مثيرة للضحك .
منقول