- هل رأيتي منزلا معلقا بالهواء من قبل؟
- هي المساكن الهوائية
- وجيل رقمي يتلوه جيل.. ومن يدري؟!
السلام عليكم وحمة الله وبركاته
مرحبا اخواتي الغاليات
هل رأيتي منزلا معلقا بالهواء من قبل؟
هي المساكن الهوائية
والان هي فكرة (الشاشة الهوائية) التي اخترعها المهندس المعماري (Chad Dyner) وهي شاشة حاسب آلي لا وجود مادي لها، وتعرض المواد المرئية المراد عرضها في الهواء الطلق، وذلك عن طريق حزم ضوئية (Beams) تنبع من مصدر مادي ملموس وتشكل في نهاياتها حدوداً مُجسمة مرئية (تراها العين البشرية وتستطيع تمييزها بوضوح)
المساكن الهوائية أو الفضائية موجودة منذ القدم، ولها تاريخ عريق، ويقطنها اليوم ملايين البشر رغم المشاكل والعيوب المعمارية والإنشائية والكهربائية والميكانيكية والصحية التي تواجهها والناتجة بالدرجة الأولى عن قلة اهتمام المعماريين والمهندسين بهذه النوعية من المساكن، وتقاعسهم في استثمار الكثير من التقنيات الخارقة والمتاحة والمستثمرة (الاستثمار الأمثل) لدى باقي التخصصات العلمية، وإن نجحنا بالفعل في انتاج مساكن هوائية متطورة تخدم الصالح العام لا ظن بأن أنظمة واشتراطات البلديات سوف تعوقنا..
هناك تحديات حقيقية تواجه المساكن الهوائية ويدركها جيداً الزملاء المختصون أو المتبحرون في هذا المجال، وقد يكون من المناسب الاطلاع على بعض هذه التحديات المؤرقة، فمنها على سبيل المثال لا الحصر عدم قدرة المساكن الهوائية على حماية السكان من عوامل الطقس الخارجية (الشمس والأمطار والغبار وغير ذلك)، وعدم قدرتها لتحميهم من اللصوص والحيوانات المفترسة (وهذه من أهم متطلبات المسكن) وأيضاً افتقادها للخصوصية (البصرية والصوتية)، وصعوبة تمددها الرأسي، وعدم قدرتها على حمل الأوزان الحية والميتة Live &Died Loadومشاكل التكييف والصرف الصحي.. الخ.
لا أعرف مسكناً هوائياً أكثر رحابة واتساعاً من مسكن أبو الشمقمق، ومن لا يعرفه هو أبو محمد مروان بن محمد من أهل بخارى، قدم إلى بغداد في أول خلافة الرشيد، وأدرك خلافة المأمون، وتوفي عام 205ه، وكان شاعراً فقيراً ظريفاً شديد السخرية عندما يصف فقره وتشرده.. وقد قال في وصف مسكنه الهوائي :
برَزْتُ من المنازل والقباب فلم يَعْسُرْ على أحد حجابي
فمنزلي الفضاءُ وسقفُ بيتي سماءُ الله أو قِطَعُ السحابِ
فأنت إذا أردت دخلت بيتي عليَّ مُسلماً من غير بابِ
لأني لم أجدْ مصراع بابٍ يكون من السحاب إلى التراب
كيف يمكننا إدخال ما نمتلكه من تقنيات على المسكن الهوائي الذي سكنه أبو الشمقمق وغيره من البشر؟
أو بمعنى آخر كيف نستطيع استثمار التكنولوجيا الحديثة التي نمتلكها للحصول على مساكن هوائية تلبي الاحتياجات الوظيفية لسكانها بكفاءة عالية، وبتكلفة أقل من تكلفة المساكن الخرسانية التقليدية؟..
أعتقد أن الموضوع لا يبدو مستحيلاً خصوصاً مع تبحر إنسان هذا العصر في العديد من العلوم الخارقة والحيوية، واكتشافه لآفاق وتقنيات جديدة ووثيقة الصلة بعلوم الهندسة والعمارة مثل علم مسارات الطاقة، ومغناطيسية الأرض، وتقنيات التصوير الهولوغرافية، وعلم الاتصالات الرقمية (Digital Communications).. وعلم طاقة المكان (الفينغ شوي Fenq shui) الخ.. الموضوع ليس مستحيلاً وقد ينجح العلماء في استثمار كل التقنيات المتاحة لتطوير المسكن الهوائي، ولسوف يغدو حلم المسكن الهوائي الرقمي حقيقة نعيشها صباح مساء..
كأني أرى المسكن الهوائي بكامل تفاصيله المُثيرة، و إن رغبتن رؤية ما أرى ما عليه سوى الإطلاع على بعض المعلومات الرقمية المتاحة وإطلاق العنان لخياله قليلاً.. ولمَ لا ؟!..
في البداية ستكون تكاليف إنتاج المساكن الهوائية الحديثة (الرقمية) باهظة جداً، وتتخطى بمراحل تكاليف المساكن الخرسانية، وفي غضون سنوات سوف تدخل المساكن الهوائية عالم الاقتصاد وتعزف على الأوتار الحساسة، ولسوف تنافس وتقهر التحديات لتتزعم القمة.. ومثل جميع البدايات سيأتي أناس يحاربون هذه التقنيات، كذا غالب البدايات، والمهم أنه بعد سنوات قليلة (إن أراد الله) سيكون الجيل (الأول) من الفلل الهوائية (الرقمية) جاهزاً للتصدير... وسنوات أخرى أقل من سابقاتها ويغدو الجيل الثاني من الفلل الرقمية جاهزاً للتصدير، وهذا الجيل بكل تأكيد أكثر تطوراً من سابقه (الجيل الأول) فعلى سبيل المثال مشكلة خطر اللصوص والأحياء المفترسة على سكان المسكن الهوائي (وأتخيلها أبرز مشكلات الجيل الأول) تم حلها عن طريق إحاطة المسكن بطاقة معينة وظيفتها حجب اللصوص عن ولوج المسكن أو الدنو منه، ويمكن استخدام نفس النوع من الطاقة بمنهج آخر لحماية سكان المساكن الهوائية من الشمس والأمطار.. والجيل الثالث يتميز عن سابقه بالمعارج الرقمية (مصاعد رقمية) تنقل الإنسان بين الطوابق بجهد بسيط (وسيتم ذلك إذا نجحنا في تعطيل تأثير جاذبية الأرض في البقعة التي يستحوذ عليها المصعد، وكما هو معروف علماء هذا العصر يبذلون جهوداً جبارة لتحقيق هذا الهدف ).. وفي الجيل الرابع ربما تتحول الجسور الخرسانية أو الحزم الخرسانية أو الكمرات (Beams) إلى جسور رقمية أو حزم ضوئية لها منابع مادية يمكن تسميتها أساسات (Foundations)، وتتولى الجسور الرقمية (Beams ) مهمة حمل بلاطات الأسقف (slabs)، وهي بلاطات مادية (في البداية ستكون بلاطات خرسانية أو فولاذية أو خشبية أو بلاستيكية، أو من التيتانيوم أو غير ذلك، وفي المستقبل قد يتم العثور على بلاطات أقل ثمناً ووزناً وأكثر كفاءة)..
والميزة المثيرة في الجيل الرابع من المساكن الرقمية أن القواعد أو الأساسات ( Foundations) رقمية ومتنقلة (يمكن نقلها من مدينة إلى مدينة)، والأساسات (الرقمية) كأني أتخيلها بطاريات بأحجام مختلفة، وخفيفة الوزن جداً مقارنة بالأساسات الخرسانية التقليدية الثابتة والثقيلة الوزن والمقيدة بموقع واحد(only one site).. والأساسات الرقمية تضخ الطاقة المطلوبة لانتصاب الحزم الضوئية التي ستحمل بلاطات الأسقف، ويتم استخراج هذه الطاقة من البطاريات المتحركة بعد تحفيزها (تنشيطها) بطريقة سهلة وسريعة وآمنة (لا تشكل خطراً على الإنسان الذي يتعامل معها)، والطاقة الناتجة هي الحزم الضوئية التي تحدثنا عنها مسبقاً والتي ستتولى مهمة حمل بلاطات الأسقف.. تابع ويمتد الخيال بنا إلى الجيل الخامس أو السادس للإطلاع على الحلم الكبير الذي ينتظره الكثيرون.. إنها البلاطات الرقمية (Digital slabs) التي ترتكز في الفضاء دونما الاعتماد على الدعامات الإنشائية المادية ( structural suports )، وكما هو معروف وظيفة الدعامات الإنشائية الرأسية في المساكن الخرسانية العتيقة هي تحويل أحمال المبنى إلى الأرض عن طريق القواعد أو الأساسات (Foundations)، وهذه الوظيفة يمكن الاستغناء عنها بكل بساطة في هذا الجيل لأن فكرة البلاطات الرقمية تقوم على أساس إبطال مفعول الجاذبية الأرضية في البقعة الواقعة تحتها، وهذا يعني أن الجيل الخامس أو السادس من المساكن الهوائية سوف يتميز بوجود مساكن تسبح في الفضاء ومرتبطة بالأرض عن طريق روابط رقمية (Digital Conections)، وهذه الفكرة شبيهة إلى حد كبير بفكرة ارتباط قمر صناعي يسبح في الفضاء بمحطة تحكم ثابتة على الأرض (مع مراعاة فارق المسافة).. والميزة الخارقة في هذا الجيل أن إنسان ذاك العصر سوف يتمكن من التحكم في ارتفاع مسكنه عن سطح الأرض، وذا يعني أن المواقع المهمة والجذابة على سطح الأرض سيكون بمقدرتها زيادة أعداد مبانيها بشكل كبير، وذلك عن طريق إشغال مقدار بسيط من الفضاء القريب من الأرض بمبانٍ شبه مستقرة أو مساكن تحلق بارتفاعات متفاوتة وتهبط على سطح الأرض عند الحاجة..
وجيل رقمي يتلوه جيل.. ومن يدري؟!
قد تستطيع الأجيال القادمة من المساكن الرقمية التغلب على تحديات الإسكان التي تؤرقنا اليوم ونقف أمامها حائرين.. ومن يدري؟! قد يستطيع إنسان ذاك العصر (الإنسان الرقمي) اكتشاف مكامن مجهولة للطاقة (مكامن لم يشأ الله أن يكتشفها إنسان العصر الحالي) وتساعده في إنشاء وتشغيل مسكنه الهوائي بأسرع وقت، وبأقل مجهود وتكلفة، وبأكثر متعة وراحة.. كل شيء ممكن، ومن يدري.. قد يزداد إفراطنا وعبثنا بالتكنولوجيا، ونفقد السيطرة عليها فتؤذينا التكنولوجيا..
يدهشني كثيراً موضوع المسكن الهوائي عندما أتخيل مستقبله الرقمي وما يمكن أن يؤول إليه، ولا أعتقد بأني سأوافق على الإقامة (الدائمة) بداخل كتلة مسكن مبرمج يسبح في الفضاء ومربوط بأساسات رقمية مستقرة على الأرض، فمن يضمن لي بأنه لن يأتي من يعبث ببرمجة تلك الأساسات لأسقط أنا ومسكني وتتكسر عظامنا ؟!..
الهندسة المعمارية الرقمية ...تطور مستمر في فن العمارة
وفقكم الله ورعاكم
موضوع رائع اختي الغاليه
وهنالك المزيد كذلك
كل الشكر لكِ
بارك الله بكِ