الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
طعمونه
02-09-2022 - 07:25 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يافراشات يأمورات
لو ماعليكم امر .. أحتاج مساعدتكم في موضوع بحثي عن (المنافقين )
ياريت تقدرو تساعدوني هادا الاسبوع
الموضووع عام يعني اي شي يتعلق بالمنافقين
حتى لو كان طويل وكبير ودش كلام منو مشكله انا أختصرو
بليزز لا تطنشوني
املي بالله ثم فيكم حبيباتي


التعليقات (8)
قمر 15^
قمر 15^
سمات المنافقين
سورة المنافقون
»إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون، اتخذوا أيمانهم جُنَّة فصدوا عن سبيل الله انهم ساء ما كانوا يعملون، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون، وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسنَّدة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنَّى يؤفكون، وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لوّوا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون، سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إنّ‏َ الله لا يهدي القوم الفاسقين«(1).
شرح المفردات:
المنافقون: جمع منافق وهو الذي يبطن الكفر ويظهر بالايمان.
ايمانهم: الايمان جمع يمين وهو القسم.
جُنَّة: هي ما يتوقى به وما يتستر به.
طبع: ختم، فلم يوفقوا لشيء.
يفقهون: يفهمون، يعلمون.
يؤفكون: يصرفون.
الفاسقين: جمع فاسق، وهو الخارج عن طاعة الله تعالى، والمرتكب للمعاصي.
الشرح :
هل تعرف أهل النفاق؟ وما هي طريقة تفكيرهم؟ وعلى ما تنطوي ضمائرهم؟ وهل تدري ما الطريقة الواجب اتباعها في مواجهتهم، إذا ما صادف والتقيت بأحدهم؟ كل هذه الأسئلة تجد اجاباتها في الآيات المذكورة إذا تدبَّرت في معانيها.
ففي هذه الآيات توجَّه الله سبحانه بالخطاب لنبيه (ص) محذراً إياه ومن خلال جميع أبناء الأمة، من تلك الطائفة المسمَّى أفرادها »بالمنافقين« مبيناً فيها بعضاً من صفاتهم ولعلها الأساسية والأبرز، قائلاً له: »إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون« أي إن جاءك يا محمد هؤلاء المنافقون ليشهدوا لك بالرسالة ويظهروا إسلامهم بين يديك بترديد الشهادتين، فلا تصدقهم، فإنهم كاذبون، وهم يبطنون الكفر و»يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم«(2).
وفي هذا بيان على أن الايمان لا يكون بمجرد القول، بل هو على حد تعبير الرسول الأكرم(ص): »ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال«.
هؤلاء المنافقون تستروا بأيمانهم التي كانوا يحلفون بها، واتخذوها وقاية لهم يدفعون بها عن أنفسهم التهمة والظنَّة إذا ظهرت منهم الريبة، فأعرضوا عن سبيل الله، وصرفوا العامة من الناس عن دين الله بتقليبهم الأمور وإفسادهم العزائم »ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين«(3) فيحبط أعمالهم ويفسدها.
بعد ذلك توضح الآيات المغزى والسبب لتحول هؤلاء إلى تلك الحالة، وهو ايمانهم بألسنتهم عند الاقرار بالشهادتين ثم كفرهم بقلوبهم، وعبَّر بقوله ثم كفروا لأنهم جددوا الكفر بعد إظهار الايمان. فجاء العقاب الإلهي لهم بالطبع والختم على قلوبهم بحيث لا يفهمون شيئاً من الحق ولا يعلمونه.
وتشير الآيات إلى صفات أخرى من صفاتهم، هي صباحة المنظر، وتناسب الأعضاء بحيث إذا رآهم الرائي أعجب بأجسامهم، وكذلك هم على فصاحة وبلاغة من القول، إذا سمعهم السامع أصغى لقولهم لحلاوة ظاهره وحسن نظمه، ولكن الله مع ذلك ذمَّهم وحقَّرهم بأشد أنواع الذمّ والتحقير ووصفهم بالخشب المسنَّدة إلى الحائط، أشباح بلا أرواح، لا حياة فيها، ولا تعتريها فائدة.
إنك تراهم مضطربين خائفين من ظهور أمرهم، فيحسبون كل صيحة وتهمة موجهة اليهم وهنا نجد الله سبحانه يدعو المؤمنين لأن يأخذوا حذرهم منهم، لأنهم من أشد الأعداء، حيث يظهرون المحبة ويبطنون العداوة مما يتيح لهم فرصة للعمل ضد الاسلام بشكل أوفى وأتم.
في النهاية، تحدث الله عن جحد هؤلاء واستكبارهم حيث انهم يعرضون عمَّن يدعوهم الى الحق والاستغفار وذلك بعدما ظهرت عليهم امارات الخيانة، ويلوون رؤوسهم، فيبين الله سبحانه ان الاستغفار لمثل هؤلاء غير نافع، لأنهم ضلوا السبيل وما كانوا مهتدين.

قمر 15^
قمر 15^
دور المنافقين في غزو تبوك
بعد أحداث صلح الحديبية ، أصبح وجود المنافقين محدوداً ، فلم تعد تقوم لهم قائمة، ولم يكن لديهم من القوة ما يكفي لمحاربة المسلمين، وفي المقابل عاد المجتمع الإسلامي ليصبح أكثر قوة وأشد بأساً لا سيما بعد فتح مكة، حيث كثر الوافدون إلى الدين الحنيف بفضل الله تعالى .
ومن المؤسف أن رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ كان لا يزال على قيد الحياة، والذي سعى بدوره لتنظيم صفوف حزبه، وبَذَل جهده لبناء قوة تمكنه من مواجهة المسلمين .
فلما حان وقت الخروج لغزو الروم، وجاء الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج، بدأ المنافقون عملهم المتمثل في تخذيل الفئة المؤمنة وثنيها عما هي ماضية إليه ، فقد كان عدد المتخلفين من المنافقين في غزوة تبوك نحو ثمانين رجلاً، وكانت مصالحهم الدنيوية قد قعدت بهم عن الجهاد في سبيل الله.
وقد برز دور المنافقين في هذه الغزوة على ثلاث مراحل، مرحلة ما قبل النفير، ومرحلة النفير، والمرحلة الأخيرة : مرحلة ما بعد النفير وهي مرحلة وجودهم في المدينة.
المرحلة الأولى
أما دورهم قبل النفير فقد انصب على تخذيل الناس عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوتهم إلى الركون للدنيا ، حيث كان الوقت وقت اشتداد الحر ، وقطف الثمار، وكان الناس يفيئون إلى ظلال الأشجار، وهو وقت ميلان النفوس إلى الدعة والكسل والراحة ، وقد وصف القرآن الكريم تلك الحال فقال تعالى: { وقالُوا لا تنفروا فِي الحر قل نَار جهنم أَشد حرا لو كانوا يفقهون } (التوبة:81) ، وقال تعالى: { ولو أَرادوا الخروج لأَعدوا لَه عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثَبطهم وَقيل اقعدوا مع القاعدين } (التوبة:46) ومن ثم نتج عن ذلك تخلف رهط من المنافقين، وعدد قليل من الصحابة، فلم يخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتوه يحلفون له ويعتذرون إليه، قال تعالى: { ومنهم من يَقول ائذن لِي وَلا تفتني أَلا فِي الفتنَة سَقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } (التوبة:49)، وأما البقية من المنافقين فقد كانوا معه في المسير يقتنصون الفرص للكيد والإرجاف والتثبيط .
المرحلة الثانية
تمثل دور المنافقين في هذه المرحلة وهي مرحلة النفير في مخالفة الأوامر، وبث الفتنة والفرقة في صفوف جيش المسلمين ، والتكاسل عن المسير، وكان من أهم الأحداث التي حصلت محاولة اغتيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال الله تعالى: { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وَما نقموا إِلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإِن يتولوا يعذبهم الله عذابا أَلِيما فِي الدنيَا والآخرة وما لهم في الأَرض من ولي وَلا نصير } (التوبة:74)، وقد أحبط الله تعالى مخططاتهم، بإطلاع نبيه عليها حين همُّوا بما لم ينالوا، فقد روى البيهقي في دلائل النبوة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : كنت آخذاً بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أقود به و عمار يسوق الناقة ، أو أنا أسوق و عمار يقود به ، حتى إذا كنا بالعقبة إذا باثني عشر راكباً قد اعترضوه فيها ، فأنبهت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فصرخ بهم فولوا مدبرين، فقال لنا رسول الله: ( هل عرفتم القوم ؟ قلنا : لا يارسول الله قد كانوا متلثمين ، ولكنا قد عرفنا الركاب . قال: ( هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة ، وهل تدرون ما أرادوا ؟ قلنا: لا، قال: أرادوا أن يزحموا رسول الله في العقبة فيلقوه منها. قلنا: يا رسول الله أولا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم ؟ قال : ( لا، أكره أن تتحدث العرب بينها أن محمداً قاتل بقومه، حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم ) . ثم قال: ( اللهم ارمهم بالدبيلة ) قلنا: يا رسول الله و ما الدبيلة ؟ قال: ( هي شهاب من نار تقع على نياط قلب أحدهم فيهلك ) .
وبالرغم من وضوح هذه الجريمة الغادرة، تجلى موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - العظيم تجاه هؤلاء النفر، بالتسامح والعفو عنهم، وذلك حفاظًا على سمعة الفئة المؤمنة ، ومخافة أن يقول الناس: إن محمدًا يقتل أصحابه.
المرحلة الثالثة
في المدينة وبعد الرجوع من تلك الغزوة أراد المنافقون استغلال غياب النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كانوا يخططون لإقامة مركز خاص بهم، يأوي إليه أهل النفاق والشقاق، وهو مسجد الضرار، الذي وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بافتتاحه والصلاة فيه بعد العودة من تبوك، وأطلع الله تعالى نبيه على ما قصد إليه المنافقون من وراء إقامة هذا المسجد ، فبعث مَن يحرق مسجد الضرار، قال تعالى { والذِين اتخذوا مسجدا ضرارا وَكفرا وتفريقا بين المُؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أَردنا إِلا الحسنى وَالله يشهد إنَهم لكاذبون } (التوبة:107).
هؤلاء هم المنافقون، وهذا دورهم في هذه الغزوة ، وتلك هي شيمهم وأخلاقهم في كل زمان ومكان.
وقبل الختام، ادعوك أخي القارئ للرجوع إلى سورة براءة، تلك السورة التي سميت المُخزية والفاضحة والمُبعثِّرة للمنافقين، حيث كشفت جميع مخططات المنافقين وفضحت سلوكهم في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة.

قمر 15^
قمر 15^
بسم الله الرحمن الرحيم
صراع الدعاة مع المنافقين
يقول الحق تبارك وتعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) ها هو صلى الله عليه وسلم يقارب الأربعين من عمره ذاهب إلى الغار ما يمر بشجر ولا حجر إلا سلم عليه صلى الله عليه وسلم ويأتيه جبريل بالوحي فيعود فزعاً خائفاً إلى زوجه خديجة رضي الله عنها وأرضاها يقول زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع وأخبر خديجة بالأمر وقال قد خشيت والله على نفسي قالت كلا والله لا يخزيك الله أبداً إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ذهبت به إلى ابن عمها
وقد قرأ الكتب السابقة فأخبرته الخبر فقال هذا هو الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جزع أكب فيها وأضع إذ يخرجك قومك قال أَوَمُخرِجِيَّ هم قال نعم ما أتى أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذي والآن
أرى خلل الرماد وميض جمر *** وأخشى أن يكون لها ضرام
أقول هذا في وقت لا نزال نسمع عن كثير ممن قل حظهم من مراقبة الله وخشيته والخوف منه ونسوا حظاً مما ذكروا به لا تحلوا لهم مجالسهم ولا يقربون في حديثهم ولا ينبسطون في جلساتهم حتى يتناولوا أعراض عباد الله القائمين بأمر الله من علماء الأمة ودعاة الملة ورجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الذين جردوا سواعدهم لرفع راية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذين بذلوا أوقاتهم وأنفسهم لله عز وجل في وقت خرست فيه الألسن قالوا وقد سكت الناس ونطقوا وقد خرست الألسن وجاهدوا في وقت ركن فيه كثير من الناس إلى الدعة والسكون وأخلدوا إلى الحياة الدنيا وملذاتها وتسابقوا إلى الوظائف والمناصب ومع ذلك فقد قام هؤلاء المخلصون بأمر الله لا يبتغون إلا رفعة وإعلاء كلمة الله ودحر الباطل وأهله من أعداء الله تجد هؤلاء الفسقة بل كثير منهم يسارع إلى تناول أعراض الدعاة وتتبع عوراتهم والتلذذ بالحديث عنهم في المجالس يلمز هذا ويتكلم في عرض هذا ويردد ما أشيع عن هذا لم تتورع ألسنة بعض هؤلاء من اختلاق الأكاذيب وإلصاق التهم بهم وترديد بعض الأباطيل التي تلصق بهم والتي هي والله من اختلاق أعداء الإسلام وخصومه الذين تتقطع قلوبهم غيظاً وهم يرون راية الدعوة إلى الله ترفع في هذه البلاد لأن هؤلاء المحتسبين من الدعاة والعلماء يُقِضُّون مضاجعهم ويفسدون عليهم ملذاتهم وسكرهم وعربدتهم وفجورهم ودعوتهم إلى منكرهم ولهذا فإن كثيراً من هؤلاء يلفق التهم والأكاذيب ليرميهم بها فيتلقفها خفاف الأحلام والسذج من الناس ويطيرون بها فرحاً يبلغون بها الأفاق
أقلوا عليهم لا أباً لا أبيكم من اللوم *** أو سدوا المكان الذي سدوا
لكن لا ضير ولا ريب هذه هي سمة الدعوة إلى الله عز وجل أوذي صلى الله عليه وسلم قيل عنه بأنه ساحر وقيل عنه بأنه كاهن و قيل عنه بأنه مجنون و رمي في عرضه صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك أتم الله النور وأكمل الدين رغم أنف الكفار والمشركين والمنافقين خرجت هذه الفئة خرجت فئة المنافقين يوم عز الإسلام تدعي الإسلام وهي منه براء تريد ضرب الإسلام ودعاته فاتخذت النفاق طريقاً وياله من طريق موحش مظلم مبتور إنه مرض عضال ومقت ووبال من تلبس به فقد أغضب الله الواحد القهار واسكن نفسه الدرك الأسفل من النار لا إله إلا الله ماذا فعل المنافقون والمغرضون والحاقدون بالإسلام ودعاته في الماضي والآن لا إله إلا الله كم كادوا لرسول الأنام عليه الصلاة والسلام هم في كل عصر يعيشون يعشعشون ويبيضون ويفرخون همهم إطفاء كل نور يدعي له المسلمون تهاونوا بنظر الله تعالى وعملوا من المنكر أعمالاً في المنكرات والصد عن سبيل الله ينشطون وعن الصالحات والدعوة في سبيل الله يتباعدون (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا)ً يستهزئون بأهل الاستقامة والصلاح ومن دعوتهم إلى الله يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون فالله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ما يريدون أن يتكلم داعية ما يريدون أن يأمر بمعروف ولا ينهى بناهية لا يريدون علماً ولا دعوة ولا أن تقام ولو محاضرة لا إله إلا الله ما أخذت و أندل حالهم إن سألتهم عن آيات الله البيانات ما عرفوا إلا المغنين والممثلين والراقصات أحيائهم وأمواتهم يدّعون الإيمان وما هم بمؤمنين هم في كل عصر هم في كل عصر يعيشون يرمون بالتهم يرمون بالأكاذيب دعاة الإسلام رموا نبي الله موسى قبل نبينا عليهم الصلاة والسلام بالزنا فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً ورموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه وهم أصحاب الإفك في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم وهم هم في كل زمان ومكان بهذا الدور يقومون وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها سيوجدون فقاتلهم الله أنى يؤفكون لنقف قليلاً مع حديث الإفك لنأخذ منه الدروس والعبر إن في ذلك لذكرى لمن له قلب فاسمعوا لعائشة المبرئة من فوق سبع سماوات رضى الله عنها وأرضاها صاحبة المعاناة في حديث الإفك يوم تقول :رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ولما دنونا من المدينة نزلنا منزلاً فبتنا فيه بعض الليل ثم أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرحيل قالت فقمت فمشيت حتى جاوزت الجيش لأقضي حاجتي وفى عنقي عقد لي فلما قضيت شأني انسَلَّ من عنقي ولا أدري ثم أقبلت إلى رحلي وتلمست صدري فلم أجد العقد وقد أخذ الناس في الرحيل قالت فرجعت أتلمس عقدي فحبسني طلبه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب عليه و هم يحسبون أني فيه وكان النساء إذ ذاك خفافاً فلم يستنكروا خفة الهودج قالت فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش جئت منازلهم فإذا هي بلقع ليس بها داعٍ ولا مجيب جلست في مكاني متلففة بحجابي أسبح الله واستغفر الله قالت فأخذني النوم وإذا برجل من أهل بدر من الذين اطلع عليهم فقال (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) هو
رضى الله عنه هذا المجاهد الذي يقول عن نفسه بعد أن رمي بالفاحشة والذي نفسي بيدي ما كشفت خمار أنثي لا تحل لي في جاهلية ولا إسلام أتى إلى مكان عائشة فرآها وعرف أنها زوج المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه يعرفها قبل الحجاب قالت عائشة والذي نفسي بيده ما كلمني كلمة ولا سلم عليّ حتى السلام وإنما سمعته يقول إنا لله وإنا إليه راجعون زوج المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم أناخ بعيره فقمت وركبت بعيره فأخذ زمام البعير يمشى به ولا يلتفت ولا يتكلم وإنما تقول عائشة كنت أسمعه يسبح الله وأتى بها في الظهيرة وهي على بعيره فأما الذين في قلوبهم إيمان فاطمأنوا إلى موعود الله وهم في كل زمان يطمئنون لذلك وأما الذين في قلوبهم زغل وحقد وغشش على الإسلام وعلى رسول الإسلام وعلى دعاة الإسلام فأخذوها فرصة لا تتعوض قام كبيرهم الذي علمهم الخبث
قام بين المنافقين يقول لهم لماذا تأخرت لماذا أتت مع هذا الأجنبي لما ركبت على بعيره لما تركها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسمع بهذا الكلام هو واثق من زوجه أنها أطهر من حمام الحرم وأنقى من ماء الغمام قريشية من قرشيات
حور حرائر ما هممن بريبة *** كظباء مكة صيدهن حرام
متحجبات في الخدور أوانس *** ويصدهن عن الخنى الإسلام
انطلق الجيش إلى المدينة ولا زال المنافقون يشهرون ويلصقون هذه التهمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وبفراشه الطاهر فلما وصل صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سمع الخبر وأتاه النبأ العظيم ضرب في صميم قلبه ضرب في قواعد دعوته ضرب في صميم رسالته الخالدة أصيب في شرفه وفى بيته ومروءته فلما أتاه الخبر عن طريق رجل من المسلمين أتاه وقال يا رسول الله إن المنافقين يقولون كذا وكذا فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) تحمل صلى الله عليه وسلم هذه اللطمة التي لم يصب بمثلها ذهب إلى بيته وسلم على زوجه وهي مريضة في فراشها بعد السفر أصابتها حمة ولم تدرِ أنها متهمة وأن المنافقين قد ألصقوا بها أعظم فرية هي مريضة على الفراش سلم عليها صلى الله عليه وسلم قالت عائشة ولم أرى منه ذاك الحنان و العطف الذي كنت أراه منه كلما مرضت قالت فاستأذنته لأمرض في بيت أبي في بيت خليفة الإسلام في بيت المجاهد الأول في بيت الرجل الأول بعد رسول الهدي صلى الله عليه وسلم فأذن لها صلى الله عليه وسلم قالت فأخذني النساء إلى بيت أبي وإذا بأبيها الآخر يعلم بالنبأ وينزل عليه كالصاعقة ويأتيه الخبر فيصاب ويبكي ويقول (فصبرا جميل والله المستعان على ما تصفون) ويأتي الخبر أمها فتصاب في قلبها وتنتشر الفرية في <المدينة> وتسري سريان النار في الهشيم ويشارك كثير من الصحابة رسول الله في هذا المصاب فيحزنوا لحزنه ويتأثروا لتأثره
لأن أولى الموالى من تواليه *** عند السرور كما ولاك في الحزن
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا *** من كان يألفهم في الموطن الخشن
قالت عائشة ولم أعلم الخبر ولم أدر ما السر قالت فلما شفيت من مرضي خرجت مع نساء في ضاحية من ضواحي المدينة وكان معنا امرأة اسمها
صالحة من الصالحات وولدها صالح من الصالحين من أهل بدر لكنه وقع في هذه الريبة ونشر الخبر وساعد في نشر التهمة كما يفعل بعض الناس الآن فلما أصبحنا في الصحراء عثرت هذه المرأة الصالحة فقالت تعس
والعرب تدعو على عدوها بالتعاسة إذا أصيبت قالت عائشة فقلت لها كيف تدعين على ابنك وهو من الصالحين من أهل بدر قالت إنك ما علمت ماذا قال وماذا فعل قالت عائشة وماذا قال قالت اتهمك هو وأمثاله في عرضك وقالوا إنك ارتكبت الفاحشة مع صفوان لا إله إلا الله قالت عائشة فسقطت على وجهي مغشياً عليّ من البكاء رفعها النساء إلى فراشها في بيت أبيها وأما رسول الله فبقي شهراً كاملاً لا ينزل عليه الوحي يتلمس متى يسمع النداء العلوي ليشفي غليله في هذه المشكلة ما عنده دلائل وما عنده براهين لا يعلم الغيب اضطربت عنده الأمور صلى الله عليه وسلم يثق في زوجه لكنه بشر دخل صلى الله عليه وسلم يستشير بعض أقاربه استشار علي رضي الله عنه قاضى قضاة الدنيا وهو منه بمنزلة هارون من موسى فقال علي يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسلها تصدقك فو الله ما عهدناها كاذبة
قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً *** فما اعتذارك من قول إذا قيل
ذهب صلى الله عليه وسلم بعده إلى
إلى حبه وإلى ابن حبه إلى المولى الذي رفعه الإسلام فيعرض النبي صلى الله عليه وسلم الأمر وعمر أسامة أربعة عشر سنة فيقول أسامة وهو يعرف من هي عائشة رضي الله عنها يقول يا رسول الله أهلك أهلك والله ما نعلم عنهم إلا خيراً والله إنها صوامة قوامة بارة رشيدة فاسأل جاريتها يا رسول الله فيذهب صلى الله عليه وسلم إلى الجارية التي معها في البيت واسمها
فتقول والله يا رسول الله ما علمت عن عائشة إلا خيراً أحمي سمعي وبصري إنها صوامة قوامة والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمراً أعيبه أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله والداجن هي الشاة التي تربى في البيت قام صلى الله عليه وسلم على المنبر وشكى إلى الناس ما لقيه من المنافقين في عرضه ما لقيه من اتهامات جريئة في دعوته شكي من
رأس الضلالة وعمود الجهالة المريد التدمير لهذا الدين فكان مما قاله صلى الله عليه وسلم "ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق والله ما علمت منهم إلا خيراً "فقام الأوس والخزرج فكادوا يقتتلون على اختلاف بينهم في المسجد دفاعاً عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم هدأ صلى الله عليه وسلم الأوضاع وعاد إلى عائشة في بيت أبيها ليجلس معها مجلس التحقيق والمحاكمة إما أن تعترف وتتوب إلى الله وإما أن تتبرأ من هذا وإما أن يعلن الله توبتها من فوق سبع سماوات جلس صلى الله عليه وسلم قالت عائشة وما جلس بعدها إلا ذاك المجلس وجاء الفرج من مفرج الكروب ومنفث الهموم قالت ومعي أبي وأمي ونساء يبكين معي يشاركنني مصيبتي
فلابد من شكوى إلى ذي قرابة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجعوا
قالت فجلس صلى الله عليه وسلم ثم شهد أن لا إله إلا الله ثم حمد الله الذي بنوره تقوم السماوات والأرض ثم قال يا عائشة إن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممتي بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا أعترف ثم تاب تاب الله عليه تلعثمت من البكاء لا تستطيع الكلام تقول لأبيها أجب عني رسول الله فيما قال فيبكي أبو بكر ويقول والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا يقول أبو بكر في اتهام كهذا ماذا يقول في فرية المغرضين من أعداء الإسلام قالت فقلت لأمي أجيبي عني رسول الله فتبكي أمها وتقول والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاستجمعت قواي وجف الدمع من عيني وقلت إني والله قد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به فلأن قلت لكم إني بريئة لا تصدقوني ولأن اعترفت لكم بأمر لم أعمله لتصدقنني فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا
حين قال (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) قالت فاندفع أبي وأمي باكيين أما رسول الله فلم يتحرك مهموماً به من الهم ما به قالت فوالله ما غادر مكانه صلى الله عليه وسلم حتى أتاه الوحي وكان إذا أتاه الوحي من السماء ثقل جسمه فاضطجع على فراشه وأخذ عرقه يتصبب من جبينه الطاهر فعرفنا أنه الوحي قالت فوالله ما فزعت أما أبي فكادت نفسه أن تخرج خوفاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس تحدر العرق بعد ما استفاق صلى الله عليه وسلم كالجمان من على وجه فجعل يمسح العرق وهو يبتسم ويقول يا عائشة ابشري إن الله قد برأك من فوق سبع سماوات براءة من الله ولطف من الله ورحمة من الله يوم أن توصد الأبواب فلا يوجد إلا باب الله يوم أن تسدل الحجب فلا يأتي إلا عطف الله وحنان الله
فلرب نازلة يضيق بها الفتي *** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت أظنها لا تفرج
تهلل وجهها رضى الله عنها قال لها أبوها أبو بكر رضي الله عنه يا عائشة قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمي عليه واحمديه قالت لا والله لا أقوم ولا أحمده ولا أحمدك ولا أحمد أمي وإنما أحمد الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه يدخل صلى الله عليه وسلم بعدها المسجد منتصراً على أعداء الرسالة الذين ألصقوا به التهمة في عرضه وشرفه يجمع الناس ويقف على المنبر يتلو آيات الله البينات تنزل من على المنبر كأنها القذائف يسمعها المؤمن والمنافق والذكر والأنثى وتقرؤها الأمة إلى قيام الساعة لأن التهمة كانت فيه صلى الله عليه وسلم وقبله وهي متصلة إلى قيام الساعة والواقع يشهد بذلك اسمعوا إلى الآيات التي نزلت قال تعالى (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين) إلى أن قال تعالى (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب أليم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم)
صلى الله عليه وسلم بل تتجدد يوماً بعد يوم في صور ومخططات رهيبة مفزعة لكن العاقبة مع ذلك للمتقين والإسلام منتصر في كل مكان (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ألا فليخسأ الذين يريدون هدم هذا الدين من الذين يلصقون التهم بدعاته وعلمائه العاملين .وإن نجحوا فالنجاح مؤقت والعاقبة للمتقين نسأل الذي بيده مقاليد الأمور أن يفضح من أراد علماء الإسلام من اليهود والمنافقين وأذنابهم على رؤوس الأشهاد اللهم افضحهم على رؤوس الأشهاد اللهم افضحهم على رؤوس الأشهاد اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك اللهم أرنا فيهم يوماً أسوداً تقر به أعين الموحدين الآمرين والناهين اللهم احفظ علماء الأمة بحفظك اللهم احفظ علماء الأمة بحفظك اللهم احفظ علماء الأمة بحفظك واكلأهم برعايتك وسدد رميهم واجعل كلماتهم فوارق على كل من أراد بهم الخذلان وافضح أعداءهم على رؤوس الأشهاد اللهم واهدنا إلى الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم أقول ما تسمعون واستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد قال الله عز وجل (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) عباد الله في حادثة الإفك دروس وعبر أيما عبر ذاك (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) من هذه الدروس أن طريق الدعوة والجهاد طريق محفوف بالمكارة كله عراقيل كله عقبات وقد لاقي الدعاة في سبيل الله في هذا الطريق مكارة عظيمة فما صدتهم وما رضتهم عن دعوتهم ها هو صلى الله عليه وسلم يخرج من <مكة> من بين الأهل والجيران والأخوة والخلان حصيرا حزيناً كئيباً طريدا في تلك الفيافي والقفار ما معه من مظلة إلا لا إله إلا الله يصعد إلى أهل <الطائف> لأنه ما وجد هناك بيئة تتقبل لا إله إلا الله فيذهب إليهم فيسخروا به ويستهزئوا به فهذا هو طريق الدعوة وهذا هو المصطفي صلى الله عليه وسلم لقي ما لقي من أذى في سبيل الدعوة إلى الله فطريق الدعوة هذا هو وإلى عهد قريب ليس في ذاك العهد وإنما إلى عهد قريب نرى
حفيد إمام الدعوة رحمة الله يصدح بدعوة الحق فيجعله أعداء الإسلام في فوهة المدفع ثم يطلقون به المدفع لتتطاير أشلاءه لتقول لكل الدعاة قدموا أنفسكم في سبيل الدعوة إلى الله فما نقموا منه إلا أن آمن بالله العزيز الحميد طريق الدعوة إلى الإسلام طريق تضحيات ومن يفزع من هذا الطريق فليس بداعية حق الدعوة .إن الحافظ الله إن الولي هو الله إن المسدد هو الله ها هو موسى ذلك الغلام الذي رآه فرعون في منامه ورأى هلاك ملكه على يديه قتل من قتل من أولاد بني إسرائيل ويربى هذا الطفل في بيت فرعون ويترعرع أمام عينيه لأن الله عز وجل حفظه ومن حفظه الله فلا خوف عليه وهذا والله درس عظيم للدعاة إلى الله إذ مهما علا الباطل وزمجر وارتفع هديره فإن الله سيجعله زبداً ويبقى ما ينفع الناس لا خوف فالله ناصر دينه شاء من شاء وأبى من أبى أما كيد البشر فكيد ضعيف مهما عظم ووالله لا تستطيع أي قوة في الأرض أن تصل إلى قلب مؤمن صادق في إيمانه ويقينه ما أجمل وأصدق ما قاله أحد الدعاة حين أوذي في ذات الله
تالله ما الدعوات تهزم بالأذى *** أبداً وفى التاريخ بر يميني
ضع في يدي القيد ألهب اذرعي *** بالسوط ضع عنقي على السكين
لن تستطيع حصار فكري ساعة *** أو رد إيماني وصد يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يد ربي *** وربي حافظي ومعيني
لا حافظ إلا الله ولا معين إلا الله فنسأله أن يحفظ الدعاة إلى الله عز وجل ومن دروس هذه الحادثة أن المنتمين لهذا الدين بإخلاص وصدق معرضون للاتهام ولإشاعة الشائعات وإلصاق التهم بهم سمعتم كيف أتهم صلى الله عليه وسلم في عرضه المفعول لكل من ترسم خطاه ومضى على منهجه صلى الله عليه وسلم تجد كل تهمة تلصق بأهل هذا الدين بعلماء هذا الدين بدعاة هذا الدين تشاع عنهم الشائعات تلصق بهم التهم تلصق بعلماء الأمة شبابها الملتزم وبكل صالح في الأمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها (أتواصوا به بل هم قوم طاغون) وصف الدعاة بالرجعية والتأخر وصفوا بعدم مسايرة العصر وصفوا بالسذاجة والبساطة لكن هذه الألفاظ لن تجدي فبدءوا الآن برمي الدعاة بالشذوذ الخلقي لتحطيم وتضليل قدوة الأمة في نظر أبنائها وهذه كلمات وهذه أفعال والله ما جاءتنا إلا من اليهودية الحاقدة صدرتها لنا إلى بلاد الإسلام فأخذها الذين أخذ الله سمعهم وأبصارهم وختم على قلوبهم زادوا عليها وزعوها في مجالس الناس صار الصالحون في أوساط الناس مصدر شبهة وأهل ريبة وبالتالي سيفقد علماء الإسلام ثقة الناس فيهم فيضل الناس عند ذاك يعمنا الله بعقاب من عنده وذاك مطلبهم (قاتلهم الله أنى يؤفكون) يأتي كل من في قلبه زغل ونفاق يتشفى بالصالحين وبالدعاة المخلصين ويقول : الشاذون ، كانوا يقولون المتشددين والآن أصبحوا يقولون الشاذين ونسأل أصحاب هذه الكلمات ما الشذوذ في نظرهم هل هو التمسك بحبل الله يوم أن انقطعت حبال الذين من دونه هل الشذوذ هو الحرص على تطبيق السنة بالمسلك والآداب والتعامل يوم ضاعت تعاليم السنة بأشخاص كثير من الناس هل الشذوذ في إحياء القلوب بكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم يوم أن أصبحت مجالس الناس لنشر الشائعات وللسذاجة واللهو واللعب هل الشذوذ أن يتروض الشباب في بساتين آيات الله يوم تروض غيره في مذابل الأغاني وفي مذابل البغايا والعاهرات هل الشذوذ أن تدرس كتب السلف الصالح يوم شغل الكثير عن المصحف بالمجلة الخليعة وعن المسجد بالمقهى وعن السواك بالسيجارة وعن زيارة بيت الله الحرام بزيارة بلاد الكفار <كبانكوك> وما أمثالها ما أدراكم ما تلك البلاد لا إله إلا الله . سبحانك هذا بهتان عظيم الشذوذ والانحراف في البعد عن منهج الله في الانسلاخ عن القيم والآداب في الانسلاخ عن الإسلام والقيم والآداب والأخلاق الشذوذ والانحراف في البعد عن كتاب الله الذي أنزله الله عز وجل وما خرجت والله مثل هذه التهم إلا يوم أن ابتعدنا عن الإسلام يوم أن تركنا الأمر والنهي أصبح البعض يمشي خجلاً أنه مطبق للسنة فتجرأ الرعديد وتجرأ الملحد وتجرأ المنافق ليطلق الشائعات وعن من عن أنصار الدين وعلمائه عن حاملين راية محمد ص

قمر 15^
قمر 15^
ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار
يمثل المنافقون الفئة الأكثر خطراً على الإسلام وعلى المسلمين، كما كانوا الأكثر خطراً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أفرد لهم الحق تبارك وتعالى سورة تعرف باسمهم، كما ضرب لهم الأمثال في كثير من آيات الكتاب الحكيم لبيان صفاتهم وتصرفاتهم وأعمالهم ولتحذيرنا منهم ومن شرورهم، فهم يظهرون الإيمان والتسليم ويضمرون ويخفون حقيقتهم وشرهم وكيدهم ومكرهم السيئ.
مرضى القلوب
وحين يستعرض القرآن الكريم فئات المجتمع في أوائل سورة البقرة، ثاني سورة نطالعها في كتاب الله بعد سورة الفاتحة، وأطول سور القرآن، نجده يستعرض فئة المؤمنين في بضع آيات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة عدداً، فهم يمثلون فئة ذات معالم واضحة وصفات متميزة محددة بينة، ويلي ذلك استعراض فئة الذين كفروا وذلك في آيتين فقط، وذلك أيضاً لكونهم فئة واضحة المعالم، متميزة الصفات لا غموض فيها، ويلي ذلك عرض فئة خطيرة مريضة مرضاً لا شفاء له، ويزيدهم الله مرضا فوق مرضهم، فهم يقولون آمنا بالله وباليوم الآخر، ويقولون إننا مصلحون في الأرض، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، والحقيقة انهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ويفسدون في الأرض ولا يصلحون، ويقولون للمؤمنين انهم معهم ومثلهم مؤمنون، ويظنون انهم يستهزئون بالمؤمنين، بينما الله سبحانه وتعالى مطلع على سرهم وعلانيتهم ويستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم وهم لا يشعرون بكيد الله لهم ومكره بهم.
ومن هذه الآيات البينات صنف فقهاء المسلمين الأمراض صنفين، فهناك مرض الأبدان الذي نعرفه جميعاً كالحمى والالتهابات والكسور وفشل الأجهزة وأمراض الكبد والقلب والرئتين.. إلخ، ثم مرض القلوب وهو التصنيف الذي وصل اليه الأطباء حديثاً.
ظلام مطبق
ومرض قلوب هؤلاء الناس يجعلهم في حيرة وتذبذب بين الحق والباطل، فهم للباطل أقرب وأوثق ارتباطاً، يخدعون أنفسهم ويكذبون على غيرهم، ولا يشعرون برقابة الله عليهم، ومهما أضاءت أمامهم أنوار الإيمان أظلمت قلوبهم وعميت عيونهم وتاهوا في ظلمات الضلال والفسق والكفر، وهذا أحد أمثالهم في كتاب الله “مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون” (البقرة: 17 18) فهذه أضواء الهدى تنير له ما حوله من آيات الله في كل شيء، ولكنه أعمى لا يرى، أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، فأضواء الهدى من حوله لا تلبث إلا يسيرا ويعم الظلام من حوله فهو في تخبط دائم في تلك الظلمات التي لا تنتهي رغم أنه يرى النور ويدرك أنه نور هداية.
هاربون من الحقيقة
ثم يتبع الحق تعالى ذلك المثل بمثل آخر لتلك الفئة الخطيرة المريضة “أو كصيب من السماء، فيه ظلمات ورعد وبرق، يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين” (البقرة: 19)، تتلبد السماء بالغيوم وتظلم الدنيا إظلاماً شديداً، وينهمر المطر من السماء سيولاً، ويتتابع الرعد الهادر بصوته ودويه الذي يحيط بهم من كل مكان، ويتوالى البرق المنذر بالصواعق المحرقة المدمرة لأي شيء تطوله، ويحيط بهم الموت من كل مكان، فماذا يفعلون، وكيف يدفعون عنهم الصواعق ويردون عن أنفسهم الموت؟ لا يملكون إلا أن يضعوا أصابعهم في آذانهم، فهل يغني عنهم ذلك؟
إن الحقيقة ماثلة محيطة بهم وهم كمن يضع رأسه في الرمال حتى لا يفترسه الوحش القاتل، ويعبر القرآن بلفظ (أصابعهم) كأنهم يحاولون وضع أصابعهم كلها في آذانهم حتى لا يسمعوا، وهل تسع الأذن غير إصبع واحد إن اتسعت له؟ ولكنه الرعب القاتل، والخوف المميت، انهم يرون في دعوة الحق هلاكهم وفي الإسلام موتهم وفناءهم، فيدفعونهما عنهم بسد آذانهم وأعراضهم ولكن الله متم نوره ومظهر دينه مهما فعلوا، “يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم. إن الله على كل شيء قدير” (البقرة: 20)، فنور الحق واضح يخطف الأبصار ولا يزيغ عنه أحد، ولكنهم مترددون في اتباعه والسير على هداه، يتبعونه لفترات قصيرة ولا يأخذون منه دافعاً للانطلاق قدما في طريق الهدى والإسلام.
إنهم في كل مكان وموقع في المجتمع، يثبطون الهم،، ويدعون إلى التخاذل والاستسلام والهروب، يملأ قلوبهم الخوف والرعب، وذلك انهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمنون بالرسل ولا بالملائكة ولا بكتب الله المنزلة، فهم في حيرة وتردد وريب دائم لا يخرجون منه.
رعب قاتل
وقد حفلت سور كثيرة بوصفهم كما في سور التوبة، والأحزاب، ومحمد، والفتح، حيث يتكرر وصف ما يشعرون به من رعب قاتل عند ذكر القتال، ومثلهم في ذلك كمثل الذي جاءه الموت فيغشى عليه تائها عما حوله، يزيغ بصره وتدور عيناه في كل اتجاه، لا ينظر إلى شيء محدد ولا يرى شيئاً غير ما هو مقبل عليه من موت وعذاب لا قبل له به، وهذه الصورة وهذا المثل نراه في سورتي “الأحزاب” “ومحمد”، حيث يقول الحق تبارك وتعالى في سورة “الأحزاب”: “أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت، فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد، أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم” (19)، متلونون، متذبذبون بين الخوف الهائل وسلاطة اللسان وفحش القول حال انحسار الخوف عنهم، أما في سورة “محمد” فنرى موقفهم من الأمر بالقتال: “فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت” (20)، ويتبع القرآن الكريم ذلك بوصفهم حيث يسمعون القرآن دون تفكر أو تدبر لمعانيه وآياته المعجزة فلا يصل الى قلوبهم ولا يحرك مشاعرهم “أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” (24)، فتخيل صورة القلب المغلق بأقفال عديدة لا ينفتح لاستقبال نور الحق والهدى.
أعداء الإسلام
هؤلاء هم العدو الحقيقي للإسلام وللمسلمين، فالكفر واضح العداء، رافض للدين، ولكن هؤلاء مسلمين في ظاهرهم وكلامهم وصلاتهم وإنفاقهم ولكنهم يضمرون الشر والكيد للدين، إنهم أناس عاديون، بل قد يكون ظاهرهم ومظهرهم جميلاً مرغوباً، وكلامهم مقبولاً معسولاً مقنعاً في بعض الأحيان، وانظر الى وصفهم في سورة “المنافقون”: “وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم. وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة، يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدو فاحذرهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون” (4).
صورة تختلف تماماً عما نراه في أفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية التي تتعرض للمنافقين، انهم كما يصفهم القرآن الكريم ذوو أجسام جميلة متناسقة، يلبسون أحدث الموديلات، وكل يوم بشكل ومظهر جديد (نيولوك) كما يمليه عليهم أعداء الإسلام والشيطان، فهم من حزبهم جميعاً، وإذا تكلموا يجذبك كلامهم لحلاوته ويشدك إلى الاستماع اليهم، كلام مرصوص منمق مجهز لهم تجهيزا من قبل سادتهم وآلهتهم وطواغيتهم، هل رأيت الأخشاب المتراصة بدقة وتنسيق ونظام لعمل الجدران أو الأرضيات (الباركيه مثلا)، خشب صامتة ميتة ولكن لها صورة جذابة، لا تتكلم بذاتها ولكنها تعكس الاصوات وتردها الى الاسماع كما هي دون تحريف أو تفكير، ذلك مثلهم الذي يجذب الأنظار والأسماع في حالة الأمن والأمان والاطمئنان، ولكن انظر اليهم إذا دعا داعي الجهاد، أو صدرت صيحة أو صرخة من مكان بعيد أو قريب، فإنهم يتملكهم الرعب والخوف وكأنهم هم وحدهم المقصودون بهذه الصيحة أو تلك، مرة أخرى سرعة في التلون والتحول من النقيض الى النقيض.
هؤلاء كما يقول الله عز وجل وهم كثير في المجتمع الإسلامي هم العدو الذي يجب علينا الحذر منه وعدم الاطمئنان أو الركون اليه بأي حال من الأحوال، أصواتهم عالية، وهروبهم سريع، وخوفهم عند داعي اللقاء عظيم “كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون” (الأنفال: 6).

قمر 15^
قمر 15^
مدري وشلون طلعت البنوته >>>> خ

قمر 15^
قمر 15^
بيان حال المنافقين والمهتدين
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ(16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ(17)فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ(18)فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ(19)}
سبب النزول:
نزول الآية (16):
{ومنهم من يستمع}: أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: كان المؤمنون والمنافقون يجتمعون إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فيستمع المؤمنون منهم ما يقول ويعونه، ويسمعه المنافقون فلا يعونه، فإذا خرجوا سألوا المؤمنين: ماذا قال آنفاً؟ فنزلت: {ومنهم من يستمع إليك} الآية.
وروى مقاتل: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ويعيب المنافقين، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود، استهزاء: ماذا قال محمد آنفاً؟ قال ابن عباس: وقد سُئلت فيمن سُئل.
ولما بيَّن تعالى حال الكافرين، ذكر حال المنافقين فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} أي ومن هؤلاء المنافقين جماعة يستمعون إِلى حديثك يا محمد {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} أي حتى إِذا خرجوا من مجلسك { قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} أي قالوا لعلماء الصحابة - كابن عباس وابن مسعود - ماذا قال محمدٌ قريباً في تلك الساعة؟ قال ابن كثير: أخبر تعالى عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستمعون كلامه، فلا يفهمون منه شيئاً، فإِذا خرجوا من عنده قالوا لأهل العلم من الصحابة: ماذا قال محمد {آنِفًا} أي الساعة، لا يعقلون ما قال ولا يكترثون به {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} أي ختم على قلوبهم بالكفر {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} أي ساروا وراء أهوائهم الباطلة {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} أي وأما المؤمنون المتقون فقد زادهم الله هدى وألهمهم رشدهم، قال الإِمام الفخر: لما بيَّن تعالى أن المنافق يستمع ولا ينتفع، ويستعيد ولا يستفيد، بيَّن أن حال المؤمن المهتدي بخلافه، فإِنه يستمع فيفهم، ويعمل بما يعلم، وفيه فائدة وهو قطع عذر المنافق، فإِنه لو قال ما فهمت كلامه لغموضه، يُردُّ عليه بأن المؤمن فهم واستنبط، فذلك لعماء القلوب لا لخفاء المطلوب {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} أي فهل ينتظرون إِلا قيام الساعة فجأةً فتبغتهم وهم سادرون غارون غافلون؟ {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} أي فقد جاءت أماراتها وعلاماتها، ومنها بعثة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} أي فمن أين لهم التذكر إِذا جاءتهم الساعة، حيث لا ينفع ندم ولا توبة؟ {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} أي فدم يا محمد على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي اطلب من الله المغفرة لك وللمؤمنين والمؤمنات {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} أي يعلم تصرفكم في الدنيا، ومصيركم في الآخرة، فأعدوا الزاد ليوم المعاد.
ردة فعل المنافقين والمؤمنين عند نزول آيات الجهاد
{وَيَقُولُ الَّذِينَ ءامنوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ(20)طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ(21)فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ(22)أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ(23)}
{وَيَقُولُ الَّذِينَ ءامنوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} أي ويقول المؤمنون المخلصون شوقاً إِلى الجهاد وحرصاً على ثوابه: هلاَّ أنزلت سورة فيها الأمر بالجهاد {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} أي فإِذا أنزلت سورة صريحةٌ ظاهرة الدلالة على الأمر بالقتال، قال القرطبي: {مُحْكَمَة} أي لم تنسخ، وقد قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشد القرآن على المنافقين {رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي رأيت المنافقين الذين في قلوبهم شك ونفاق {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ} أي ينظرون إِليك يا محمد تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً، كما ينظر من أصابته الغشية من حلول الموت {فَأَوْلَى لَهُمْ} أي فويلٌ لهم، قال ابن جزي: وهي كلمة معناها التهديد والدعاء عليهم كقوله تعالى {أوْلى لكَ فأوْلى} {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} مبتدأٌ محذوف الخبر أي طاعةٌ لك يا محمد، وقولٌ جميلٌ طيبٌ خيرٌ لهم وأفضل وأحسن، قال الرازي: وهو كلام مستأنف محذوف الخبر تقديره خيرٌ لهم أي أحسن وأمثل، وإِنما جاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة ويدل عليه قوله {وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} كأنه قال: طاعة مخلصة، وقولٌ معروفٌ خيرٌ لهم أو تكون أولى خير وأفضل وتكون خبراً مقدماً وطاعة مبتدأ مؤخر. {فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ} أي فإِذا جدَّ الجِدُّ وفُرض القتال {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي فلو أخلصوا نياتهم وجاهدوا بصدقٍ ويقين لكان ذلك خيراً لهم من التقاعس والعصيان، والجملةُ جواب الشرط {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} أي فلعلَّكم إِن أعرضتم عن الإِسلام أن ترجعوا إِلى ما كنتم عليه في الجاهلية، من الإِفساد في الأرض بالمعاصي، وقطع الأرحام!! قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، ويقطعوا الأرحام، ويعصوا الرحمن؟! قال أبو حيان: يريد ما جرى من الفترة بعد زمان الرسول صلى الله عليه وسلم {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} أي طردهم وأبعدهم من رحمته {فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} أي فأصمهم عن استماع الحق، وأعمى قلوبهم عن طريق الهدى فلا يهتدون إِلى سبيل الرشاد قال القرطبي : أخبر تعالى أن من فعل ذلك حقت عليه اللعنة وسلبه الانتفاع بسمعه وبصره، حتى لا ينقاد للحق وإِن سمعه، فجعله كالبهيمة التي لا تعقل.
حال المنافقين بعد ردتهم، وعند قبض أرواحهم والتذكير بحكمة الجهاد
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفالُهَا(24)إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ(25)ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ(26)فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ(27)ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28)أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ(29)وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ(30)وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ(31)}
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}؟ الاستفهام توبيخي أي أفلا يتفهمون القرآن ويتصفحونه ليروا ما فيه من المواعظ والزواجر، حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات!؟ {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} "أم" بمعنى "بل" وهو انتقالٌ من توبيخهم على عدم التدبر إِلى توبيخهم على ظلمة القلوب وقسوتها حتى لا تقبل التفكر والتدبر والمعنى: بل قلوبهم قاسية مظلمة كأنها مكبَّلة بالأقفال الحديدية فلا ينفذ إِليها نور ولا إيمان، قال الرازي: إِن القلب خُلق للمعرفة فإِذا لم تكن فيه المعرفة فكأنه غير موجود، وهذا كما يقول القائل في الإِنسان المؤذي: هذا ليس بإِنسان هذا وحش، وهذا ليس بقلب هذا حجر {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} أي رجعوا إِلى الكفر بعد الإِيمان، وبعد أن وضح لهم طريق الهدى بالدلائل الظاهرة والمعجزات الواضحة {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} أي الشيطان زيَّن لهم ذلك الأمر، وغرَّهم وخدعهم بالأمل، وطول الأجل {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ} أي ذلك الإِضلال بسبب أنهم قالوا لليهود الذين كرهوا القرآن الذي نزَّله الله حسداً وبغياً {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ} أي سنطيعكم في بعض ما تأمروننا به كالقعود عن الجهاد، وتثبيط المسلمين عنه وغير ذلك {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} أي وهو جل وعلا يعلم خفاياهم، وما يبطنونه من الكيد والدسّ والتآمر على الإِسلام والمسلمين، قال المفسرون: قال المنافقون لليهود ذلك سراً فأظهره الله تعالى وفضحهم {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} أي فكيف يكون حالهم حين تحضرهم ملائكة العذاب لقبض أرواحهم ومعهم مقامع من حديد يضربون بها وجوههم وظهورهم؟ قال القرطبي: والمعنى على التخويف والتهديد أي إِن تأخر عنهم العذاب فإِلى انقضاء العمر، قال ابن عباس: لا يُتوفى أحد على معصية إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} أي ذلك العذاب بسبب أنهم سلكوا طريق النفاق وكرهوا ما يرضي الله من الإِيمان والجهاد وغيرهما من الطاعات {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} أي أبطل ما عملوه حال إِيمانهم من أعمال البر {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}؟ أي أيعتقد المنافقون الذين في قلوبهم شك ونفاق أن الله لن يكشف أمرهم لعباده المؤمنين؟ وأنه لن يظهر بغضهم وأحقادهم على الإِسلام والمسلمين؟ لابدَّ أن يفضحهم ويكشف أمرهم {وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} أي لو أردنا لأريناك يا محمد أشخاصهم فعرفتهم عياناً بعلامتهم ولكنَّ الله ستر عليهم إِبقاءً عليهم وعلى أقاربهم من المسلمين لعلهم يتوبون {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} أي ولتعرفنَّ يا محمد المنافقين من فحوى كلامهم وأسلوبه، فيما يعرضونه بك من القول الذي ظاهره إِيمان وإِسلام وباطنه كفر ومسبَّة، قال الكلبي: لم يتكلم بعد نزولها عند النبي صلى الله عليه وسلم منافقٌ إِلا عرفه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} أي لا يخفىعليه شيء من أعمالكم فيجازيكم بحسب قصدكم، ففيه وعدٌ ووعيد {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} أي ولنختبرنَّكم أيها الناسُ بالجهاد وغيره من التكاليف الشاقة حتى نعلم - علم ظهور - المجاهدين في سبيل الله، والصابرين على مشاقّ الجهاد {وَنَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ} أي ونختبر أعمالكم حسنها وقبيحها، قال في التسهيل: المراد بقوله {حَتَّى نَعْلَمَ} أي نعلمه علماً ظاهراً في الوجود تقوم به الحجة عليكم، وقد علم الله الأشياء قبل كونها، ولكنه أراد إِقامة الحجة على عباده بما يصدر منهم، وكان الفضيل بن عياض إِذا قرأ هذه الآية بكى وقال: اللهم لا تبتلنا فإِنك إِذا ابتليتنا فضحتنا وهتكت أستارنا.

قمر 15^
قمر 15^
جَعْلُ الضمير العائد على المفرد جمعاً
الشبهة: منشأ هذه الشبهة:
هو قوله تعالى: (مثلهم كمثل الذى استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لا يبصرون ) (1).
ذكروا هذه الآية ، ووقفوا عند قوله تعَالى : ( الذى استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ) ( ذهب الله بنورهم ) وعلقوا عليه قائلين : وكان يجب أن يجعل الضمير العائد على المفرد مفرداً، فيقول : " استوقد - ذهب الله بنوره " ! .
أساسها:
مصدرها:
شيوعها: شائعة
الرد على الشبهة :
هذه الآية مضروبة مثلاً لبيان حال المنافقين فى تذبذب أحوالهم وتقلبهم فى مواقفهم ، وانتهازهم الفرص السانحة لتحقيق أغراضهم الدنيوية. وعدم ثباتهم على مبدأ خلقى قويم ، وقد تقدم على هذه الآية آية أخرى تصف سعيهم الضال ، وإيثارهم منافع الدنيا العاجلة الفانية ، على ما عند الله عز وجل مقضياً عليهم بالخسران المبين ، وهى قوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ) (2).
ثم استأنف القرآن الحديث عنهم فى:(مثلهم كمثل الذى استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لا يبصرون ).
والمثل بفتح الثاء هو الشأن والقصة الغريبة التى يكون عليها المتحدث عنه ، وهو هنا المنافقون ، مَثَّلَ الله حالهم وشأنهم الذى هم عليه ، وقصتهم الغريبة الراسخة فى طباعهم بمثل رجل ، أو فريق من الناس طلب إيقاد نارٍ للانتفاع بها فى تحقيق الرؤية ، وإبصار الطريق للسير فيه ، فلما أضاءت النار ما حوله وفرح بها سرعان ما أطفاها الله فأظلمت عليه الدنيا ، فوقع فى حيرة وارتباك.
وجمع الضمير فى " بنورهم " ليس عائداً على " الذى " المفرد المذكور فى ( كالذى استوقد ناراً )، وقد وجَّه النحاة جمع الضمير بعد " الذى " فقالوا: إن الذى ليس بمعنى المفرد ، بل هو بمعنى " الذين " وذكروا أن " الذى " فى الاستعمال اللغوى له معنيان:
الأول: أن يكون بمعنى المفرد ، وهو الغالب والكثير فيه.
والثانى: أن يكون بمعنى الجمع ، ويُفرَّق بينهما بالقرائن ، ففى الآية التى معنا: " الذى " بمعنى الفريق أو الفوج الذى استوقد النار.
هذا رأى فى توجيه رد الضمير جمعاً على " الذى " وقد عبروا عن هذا بقولهم: أراد بالذى جنس المستوقد ، لا فرداً معيناً (3).
ويرى الإمام الزمخشرى أن " الذى " هو هنا "الذين " حذفت منه " النون " لاستطالته ، وهو مثل " وخضتم كالذى خاضوا " وليس فى الكلام تشبيه الجماعة بالواحد على هذا التأويل ، وأن المشبه هو حال المنافقين ، بحال الذى استوقد ناراً. تشبيه معنى مركب بمعنى مركب ، وليس تشبيه ذوات المنافقين بذات الذى استوقد ناراً ، فهذا غير مقصود ، وإنما المقصود هو تشبيه قصة المنافقين المضروب لها المثل ، بقصة المستوقد للنار ، وأن وجه الشبه بين القصتين هو: " فبقوا خابطين فى ظلام ، متحيرين متحسرين على فوت الضوء ، خائبين بعد الكدح فى إحياء النار " (4).
ويقول الإمام الشوكانى:
و " الذى " موضوع موضع الذين ، أى كمثل الذين استوقدوا ، وذلك موجود فى كلام العرب ، كقول الشاعر:
وإن الذى حانت بفلج دماؤهم
همُ القوم ، كل القوم ، يا أم خالد
ومنه " وخضتم كالذى خاضوا " و " والذى جاء بالصدق وصدَّق به ، أولئك هم المتقون " (5).
والخلاصة: بعد هذا العرض لأئمة النحاة والمفسرين يتضح جليًّا أن الاستعمال القرآنى فى " مثلهم كمثل الذى استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم " استعمال عربى فصيح فى غاية الفصاحة ، وله شواهد فى كلام العرب المحتج بكلامهم ، وإن كان القرآن غنيّا عن الاستشهاد من خارجه على عروبته وسلامته من كل خطأ ؛ لأنه من أصح مصادر اللغة العربية ، ومع هذا فإن ما قاله الأئمة الأعلام يحيل شبهة هؤلاء المتطاولين على كتاب الله العزيز هباءً منثوراً ، هذا هو دور النحو فى إبطال هذه الشبهة ، وللبلاغة دور مهم فى الرد عليهم نلخصه فى الآتى: إن المثل فى الآية مسوق أساساً لتمثيل شأن المنافقين ، أما قوله تعالى: " كمثل الذى استوقد ناراً " ، فأمر عارض اقتضاه مقام الحديث عن تمثيل حال المنافقين فهو أشبه ما يكون بالجملة الاعتراضية ، لولا أنها مشبه به ، ولما أدت الدور المراد منها تحول الحديث إلى الأصل المسوق من أجله الكلام ، وبدأ هذا التحول من قوله تعالى: " ذهب الله بنورهم " فَجَمْعُ الضمير فى " بنورهم " منظور فيه إلى نظيره فى " مثلهم " فكان ضمير الجمع فى " بنورهم " مطابقاً أصالة لمقام الحديث أما " الذى استوقد ناراً " فصار مسكوتاً عنه بعد أداء دوره المراد منه.
وعلى هذا فإن التوجيه البلاغى لجمع الضمير فى " بنورهم " يغنى عن التوجيهات التى أبداها النحاة والمفسرون إذ لا معول فى التوجيه البلاغى على اعتبار " الذى " بمعنى الذين ، أو هو " الذين " حذف منه النون.
ومحال أن يستقيم ما قاله مثيرو هذه الشبهة أن الصواب هو إفراد الضمير فى " نورهم " لأنه لو قيل: ذهب الله بنوره وتركه فى ظلمات لا يبصر ، لتحول الكلام إلى غير المنافقين المضروب لهم المثل ، ولزالت كل الروابط بين صدر الآية وعجزها.
وهذا لا يقول به عاقل.

قمر 15^
قمر 15^
حال المنافقين يوم القيامة
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ(13)يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ(14)فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ(15)}.
ولما شرح حال المؤمنين يوم القيامة، أتبع ذلك بشرح حال المنافقين فقال {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} أي انتظرونا لنستضيء من نوركم قال المفسرون: إِن الله تعالى يعطي المؤمنين نوراً يوم القيامة على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويترك الكافرين والمنافقين بلا نور، فيستضيء المنافقون بنور المؤمنين، فبينما هم يمشون إِذ بعث الله فيهم ريحاً وظلمة، فبقوا في الظلمة لا يبصرون مواضع أقدامهم فيقولون للمؤمنين: انتظرونا لنستضيء بنوركم {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} أي فيقول لهم المؤمنون سخريةً واستهزاءً بهم: ارجعوا إِلى الدنيا فالتمسوا هذه الأنوار هناك قال أبو حيان: وقد علموا أن لا نور وارءهم، وإِنما هو إِقناطٌ لهم {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} أي فضرب بين المؤمنين والمنافقين بحاجزٍ له باب، يحجز بين أهل الجنة وأهل النار {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} أي في باطن السور الذي هو جهة المؤمنين الرحمةُ وهي الجنة، وفي ظاهره وهو جهة الكافرين العذاب وهو النارُ قال ابن كثير: هو سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين، فإِذا انتهى إِليه المؤمنون دخلوه من بابه، فإِذا استكملوا دخولهم أغلق الباب وبقي المنافقون من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} أي ينادي المنافقون المؤمنين: ألم نكن معكم في الدنيا، نصلي كما تصلون، ونصوم كما تصومون، ونحضر الجمعة والجماعات، ونقاتل معكم في الغزوات؟ {قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي قال لهم المؤمنون: نعم كنتم معنا في الظاهر ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق {وَتَرَبَّصْتُمْ} أي انتظرتم بالمؤمنين الدوائر {وَارْتَبْتُمْ} أي شككتم في أمر الدين {وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ } أي خدعتكم الأماني الفارغة بسعة رحمة الله {حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} أي حتى جاءكم الموتُ {وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} أي وخدعكم الشيطان الماكر بقوله: إن الله عفو كريم لا يعذبكم قال قتادة: ما زالوا على خُدعةٍ من الشيطان حتى قذفهم الله في نار جهنم قال المفسرون: الغرور بفتح الغين الشيطان لأنه يغر ويخدع الإِنسان قال تعالى {فلا تغرنكم الحياةُ الدنيا ولا يَغرنكم بالله الغرور، إِنَّ الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدواً} {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي ففي هذا اليوم العصيب لا يقبل منكم بدلٌ ولا عوضٌ يا معشر المنافقين، ولا من الكافرين الجاحدين بالله وآياته وفي الحديث (إن الله تعالى يقول للكافر: أرأيتك لو كان لك أضعاف الدنيا أكنت تفتدي بجميع ذلك من عذاب النار ؟! فيقول : نعم يا ربّ، فيقول الله تبارك وتعالى: قد سألتك ما هو أيسرُ من ذلك وأنت في ظهر أبيك آدم،أن لا تشرك بي فأبيتَ إِلا الشرك) {مَأْوَاكُمْ النَّارُ} أي مقامكم ومنزلكم نار جهنم {هِيَ مَوْلاكُمْ} أي هي عونكم وسندكم وناصركم لا ناصر لكم غيرها، وهو تهكم بهم {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي وبئس المرجع والمنقلب نار جهنم.

ساعدوني
عاجل للكيميائيين