- آلام هنا و آلام هنا أيضاً
- أسرى هنا وأسرى هنا أيضاً
هل جربتِ
أن تتجولي بين الأبجدية بحروفها الثمانية والعشرون ..
تارة تتأملي بإعجاب وتارة تفكري بحزن
ثم تعلني وبكل مرارة تعتصرها ثورة الغضب
" كم هو ظالم ٌ حرف ( الرّاء) حينما يقف شامخاً يين حرفي ( الحاء ) و ( الباء ) "
يالسخرية القدر .. حرف الراء يحول ال حب إلى ح ر ب
كيف ومتى ولماذا .. وأين نحن من هذا
إنها الحرب
شردت أناساً و يتمت أطفالاً و فرقت المحبين و حرمت أم من صغارها وأب من فلذات كبده وزوج من زوجته وأخوة من بعضهم وصديقة من صديقتها وصديق من صديقة
إلى متى .. نرى تلك القلوب حرقتها براكين الغضب ..
وإلى متى .. نرى تلك العيون الحزينة التي تقذف قذائفاً من دموع القهر .. دموع الظلم ..
ضحايا هنا و ضحايا هنا أيضاً
آلام هنا و آلام هنا أيضاً
أسرى هنا وأسرى هنا أيضاً
وهنا أيضاً طفلة مكلومة قابعة في ركن ذلك المنزل المهدم الذي لايقطع هدوئه سوى أصوات الرصاص البعيدة ونعيق الغربان على بقايا الجثث .. خائفة من مصيرها المجهول ترتعد برداً لايغطي جسدها النحيل سوى تلك الأقمشة المهترئة التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. تعبث بجدائل شعرها الناعمة ذات الخصل الذهبية تقاوم شهيق بكائها خوفاً من أن يسمعها الجنود الأشرار (كما تسميهم ببرائتها الطاهرة) .. طفلة فُجِعَتْ بأزهارها الملونة الرقيقة دهست و طائرها الجميل الصغير وقع ضيحة للحرب ..
تارة تسقط دمعتها عندما تتذكر صراخ والدتها الحنونة قبل موتها تحاول أن تحميها عندما هم الجنود بهدم منزلهم
وتارة على أبيها الأسير الذي أخذوه الجنود بقسوة عندما هم بالدفاع عن إبنته الكبرى التي أخذتها أيدي الجنود القذرة القاسية
وتارة على أخاها الذي رأته عيناها وهو واقع جثة هامدة بعد أن أطلق عليه الجنود كلابهم الوحشية تنهش جسده البريئ وتلتهم قلبه الطاهر
وتارة تبكي بحرقة على بقية أهلها وأصدقائها وجيرانها التي خطفتهم منها الحرب و بلدها الجريح النازف وما آل إليه ..
أصبح شبح موت الحرب يطاردها يهدد باغتيال برائتها .. تقتلها الوحدة رعباً .. فتحدث بقايا دميتها .. ك م أكره الحرب يادميتي .. أخاف أن تأخذكِ مني فلم يبقى لي في هذه الدنيا سواكِ .. هل أنتِ جائعة وعطشى مثلي يادميتي ؟ .. أين نذهب وكيف نخرج لنأتي بالماء والطعام ؟ .. الجنود في كل مكان .. وأنا خائفة ، خائفة ، خائفة ..
مشاهد مؤلمة محزنة مرعبة مهينة تتكرر يومياً لأطفال لا ذنب لهم في هذه الدنيا .. أطفالاً يملكون قلوباً لم تدنسها دنائة الدنيا .. أطفالاً لا يفهمون معنى الدنيا بعد .. لم يعرفوا فيها سوى اللهو واللعب .. و .. الأحلام الجميلة !!
نعم هم الضعفاء الذي يتجرعون يومياً كؤوساً من الحزن والجراح والذل والمهانة
مآسي ومعاناة هنا و هنا أيضاً لأننا هناك لن نجد سوى أناساً لاتعرف إلا القسوة والجبروت .. أو أناساً لاتجيد غير لغة السلبية لغة اللاشيئ
ونحن .....
منا من يحزن يغضب يتألم لكنه ........... لايفعل شيئاً
ومنا من يحاول المشاركة بأي شيئ يستطيع عمله
أما الأدهى أن منا من تعبوا من سماع ورؤية مآسي الغير فقرروا ( وبئس ماقرروا ) شراء راحتهم ببيع أرواح غيرهم والترويح عن نفسهم بمشاهدة ( الهشك بشك )
رباه سامحنا كيف استطعنا أن نرى إخوتنا يذبحون ويهانون و أخواتنا يغتصبون وأطفالهم يشردون ويقتلون ونحن ننعم بالأمن والأمان والراحة والإطمئنان
رباه سامحنا خذلناهم ولم نستطع أن نفعل شيئاً سوى الدعاء لهم عندك فاحفظهم وهون عليهم يارحمن يارحيم
رباه هناك من تجبر وطغى في أرضك واحتل ديار المسلمين وحاربهم فيها وبلغت بهم القسوة والغلظة مبلغها وأنت أعلم فعليك بهم ياجبار
رباه
تبعثرت حروفي وتاهت مني الكلمات
فحزني عظيم و جرحي عميق وغضبي يحطم جدران قلبي
فقد ضاق الحب ذرعاً من تلك القلوب القاسية .. ذهب الحب ولم يبقى لنا ........... سوى الحرب !!
لن أقول لكِ هل جربتِ ماجربوه !!
لكنني سأقول !!
هل جربتِ
أن تكوني إيجابية وتفعلي شيئاً تساهمين به في تغيير الوضع ومشاركتهم أحزانهم
لن تكفي الأحزان والدموع .. فلن تغير من الوضع شيئاً سوى أنها تزود عذاب الضمير ..
فربما دعائاً أو حرفاً أو تصميماً أو مالاً أو طعاماً أو...أو...أو.... أي شيئ مهما كان صغيراً .. يكون به بالغ الأثر في المساهمة والتغيير
وكفانا أن نكون مثل النعام .. ندفن رؤسنا في الرمال ................
وكفانا أن نكون مثل النعام .. ندفن رؤسنا في الرمال ................
كونوا بخير
جل ودي واحترامي