فلسفة الجراح
04-08-2022 - 01:19 pm
عندما تعود بنا الذكريات .. وتلوح بوارق الماضي أمام أعيننا ..
عندما تفيق النفس وتتأجج المشاعر والخواطر في دواخلنا ..
عندما نتذكر أياماً مضت عاشرنا فيها أُناس .. ضحكنا .. وتسامرنا .. لعبنا .. وتصافينا ..
ثم تدور عجلة الحياة لتخطفنا منهم .. أو تخطفهم منا ..
لنعيش بعدها " غربة الروح "
لا نملك حينها إلا أن نقول بقلب حزين .. وفؤاد مكلوم ..
..
..
كانت تلك الليلة تمر بهدوء وآمان .. والعالم نيام .. متلحفين بلحاف من ظلام ..
كنت في غرفتي .. فتحت درج مكتبتي ..
وقع بين يدي دفتر قد علاه الغبار .. وطواه الزمان .. وكسى ملامحه النسيان ..
فتحته وإذا بهذه الورقة تسقط من بين صفحاته .. وقد مضى زمن وأنا أبحث عنها ..
وقد أكملت الآن تسع سنوات وهي بين أوراقي .. تحتضنها دفاتري ..
لم أتمالك نفسي سقطت دمعة ساخنة على خدي .. وبدأ شريط الذكريات يعيد نفسه أمامي ..
وأمسكت بحبر قلمي .. ليختلط بدموعي ..ويسطر هذه الكلمات إلى معلمتي ..
معلمتي الغاليه / رُقيه الشارخ
تلك المعلمة التي كانت كالأم في حنانها .. وكالنحل في همتها عطائها ..
وكالورد في رقتها وصفاء روحها ..
تعطي ولا تكل .. تبذل ولا تمل ..
كم جلسة حميمة جلستها معنا .. تذكرنا فيها بالله .. وتعلمنا أوامره وما نهاه ..
ترغبنا .. وأحيان أخرى ترهبنا ..
رغم أن مادة الرياضيات هو تخصصها .. وما ينبغي لها أن تعلمنا ..
لا زلت أتذكر حكمة اليوم التي كانت بداية كل درس تكتبها لنا ..
وتأخذ دقائق لتشرحها.. وما يستفاد منها ..
معلمتي الغالية / رقيه الشارخ
لا زالت شذى كلماتك .. وهمس عباراتك تدق مسامعي ..
ولا زالت نصائحكِ الغالية عالقة بذهني ..
ولا زالت صورتكِ مرسومة في مخيلتي وأنتي تشرحين الدرس لي..
نعم تسع سنوات منذ أن ودعتك .. منذ تسع سنوات كان آخر لقاء لي بك ..
تسع سنوات وحروفكِ التي نقشتها يمينك تزين دفتري الصغير ..
نعم تسع سنوات منذ أن ودعت فيها جدران مدرستي الحبيبة المائة والأربعون الإبتدائيه ..
التي نقشت في ذاكرتي أجمل أيام عمري.. وحفرت في مخيلتي أجمل مراحل حياتي ..
تسع سنوات مضت ولكنها لم تنسيني قلبكِ الحنون .. وصدركِ الطاهر .. وأخلاقكِ العذبة ..
كيف لا ؟!.. وقد أسرتني بأسلوبك .. وجمال خلقك .. وروعة نصائحك ..
" تسع سنوات " كتمت فيها حبك .. وأوهمت من حولي أني نسيتك ..
ولكن ليشهد قلبي .. وليعلم الكل ..
أن مكانتكِ مازالت متربعة على سطح قلبي ..
تسع سنوات مضت وقد أتى الوقت الذي أبوح فيه بكلماتي ..
وأقول بملء فمي معلمتي : " يشهد ربي أني لم أنساكِ منذ أن ودعتك "
كيف أنساك وأنتي من علمتني أجمل معاني الحياة..
الحب في الله .. الإخاء.. الوفاء.. الدعاء بظهر الغيب ..
معلمتي رقيه الشارخ لا أعلم الآن أي سماء تظلك ؟!..
ولا أي أرض تقلك ؟!..
ولا أستطيع أن أوصل حروفي هذه لكِ ..
لكنني أجزم بأن شذى ذكراكِ مازال عالقاً بي .. وطيفكِ مازال يرافقني أينما حللت ..
معلمتي الغائبة عن ناظري .. الباقية في ذاكرتي ..
حروفي حائرة .. وكلماتي مبعثرة .. ومشاعري تائهة ..
لا أملك إلا أن أقول فيها :
أدخلكِ الله الجنات .. وأنزل عليكِ الرحمات .. وخفف عنكِ السكرات ..
وأسأله أن يجمعني بكِ على سرر متكئات .. وفي الجنة بإذن الله منعمات ..
طالبتك التي لم تنسيها تسع سنوات حبك
فلسفة الجراح
نقش على جدار القلب
" كم أتمنى لو جمعت حولي أحبتي ثم أوقفت الزمن "
ابدعتي وابدع قلمك بحق