الفراشة أصبح فتيات Ftayat.com : يتم تحديث الموقع الآن ولذلك تم غلق النشر والمشاركات لحين الانتهاء من اتمام التحديث ترقبوا التحديث الجديد مزايا عديدة وخيارات تفاعلية سهلة وسريعه.
فتيات اكبر موقع وتطبيق نسائي في الخليج والوطن العربي يغطي كافة المجالات و المواضيع النسائية مثل الازياء وصفات الطبخ و الديكور و انظمة الحمية و الدايت و المكياج و العناية بالشعر والبشرة وكل ما يتعلق بصحة المرأة.
خ ـجل بنـآٺ
28-07-2022 - 07:22 am
  1. هذي قصة منقولة وأنا ما نقلتها إلا لأنها أعجبتني موت

  2. وإن شاء الله تعجبكم أنتو كمان

  3. ابتسمت غيداء .. و ابتسمت أنا ..


هذي قصة منقولة وأنا ما نقلتها إلا لأنها أعجبتني موت

وإن شاء الله تعجبكم أنتو كمان

تسرع بي السيارة تحملني إلى حياة جديدة .. إلى مسكن جديد ..بعدما طردتني كرامتي من منزل زوجي .. أو إذ صح التعبير " طليقي "..كنا سعيدين جداً .. و لكن اقتحام تلك الفتاة حياتنا هو ما جعلني أرفض هذه الحياة ..أرفض أن أعيش مع فتاة فضلها زوجي علي .. فقط لأنها تجنب الأطفال و أنا لا ..قال لي أنه سيتزوجها .. و أنا لم أعارض .. بل قلت له :" طلقني "و بكل سرور رحب هو بالفكرة و طلقني على الفور .. خان حبي له .. حطمني حقاً .. فحملت حاجاتي و ها أنا أنطلق لأشارك أخي بيته .. الذي يضم أخوتنا الصغار و أبنائه و زوجته .. كنت مشتاقة لرؤيتهم .. و لكن الآهات خنقتني لدرجة أنني نسيت أنني سأذهب لأعيش مع أسرةٍ اشتقت أن أراها منذ زمن بعيد ..هتف بي السائق :" ها قد وصلنا " وصلنا ؟!! انتابني شعور بالشوق إلى رؤيتهم .. انتابني الحماس .. نسيت طليقي و زوجته الجديدة.. بل خرجت من السيارة و وقفت أمام ذلك البيت الأصفر .. الذي من حوله تتعانق الأشجار .. و تغني الزهور و الأطيار ..حمل السائق الحقائب و مشى نحو البيت .. وجدت نفسي أركض بفرح نحو البيت .. ركضت في أرجاء هذه الحديقة التي تفتح النفس من عطرها .. ثم وقفت أمام باب البيت .. مددت يدي لأقرع الجرس .. و خلفي ترك السائق الحقائب و انصرف ..ضغطت ذلك الزر بجنون .. أريدهم أن يخرجوا جميعاً لملاقاتي .. أريد أن أراهم جميعهم .. فُتح الباب و ظهرت خادمة .. أهذا ما كنت أتحمس لرؤيته ؟!! ركضت إلى الداخل .. صرخت :" عادل ..!! أنا ذكرى يا عادل .. ها قد عدت "فتحت عيني لأرى أخي واقفاً أمامي .. بدا سميناً .. و بعض الشعيرات البيضاء غزت شعره الأسود .. بجانبه وقفت غيداء .. زوجته اللطيفة ..
و ها هم أخوتي الصغار الأربعة يتدافعون نحوي .. فرحت كثيراً لرؤيتهم .. هتفت و عيناي تفيض بالدموع :" الحياة بين الأحبة رائعة حقاً "
انطلقت نحوي غيداء و طوقتني بفرح :" كم اشتقنا لرؤيتكِ عزيزتي "
" و أنا اشتقت لرؤيتكِ أيضاً "
و خاطبت الصغار و أنا أحضنهم واحداً تلو الآخر :" أحبائي .. لقد تغيرتم .. "
لم يبد عليهم الفرح .. يبدو أنهم لا يذكروني .. و لكنهم سيذكرون أختهم التي كانت تلعب معهم دائماً حتماً ..غيداء كانت تمسك بفتى.. يبدو أنه ابنها .. اقتربت أنا من الطفل ..
كان مرتباً للغاية ..ملابسه مرتبة و نظيفة و شعره مرتب .. كان مؤدباً ..
مسحت على شعر الطفل و خاطبت غيداء :" أهذا هو ابنكِ خالد ؟!! "
أجابتني :" لا أنه وائل .. خالد أكبر منه "
سألتها :" كم عمر كل منهما الآن ؟!! "
" خالد عمره عشر سنوات .. أما وائل فعمره سبع سنوات "
ابتسمت في وجهها :" متى ستنجبين طفلة ؟!! "
قالت :" لا أفكر في الإنجاب مجدداً .. لأن جسدي لا يتحمل الحمل "
دُهشت .. نظرت إلى عادل الذي نكس رأسه و عدت أنظر إلى غيداء صارخة بها :" ماذا ؟!! "
" نعم هذا صحيح .. فلا تندهشي يا ذكرى "
حمل عادل الحقائب و قال مغيراً الموضوع:" فلتجلسوا في الصالة "
سحبتني غيداء إلى الصالة و جلسنا هناك ..حيث خاطبتني :"أتعملين آخر أخبار أخيك مازن ؟!! "
" ما هي أخباره ؟!! "
" قرر أن يعيش في منطقة أخرى مع زوجته .. "
قلت باستغراب :" لماذا ؟!!!"
" يقول أنه يريد أن يعيش في منطقة تجمع بينه و بين أصدقاءه "
" أيفضل أصدقاءه على أخوته ؟!! "
" هذا ما قاله .. و قال أنه يريدك أن تتصلي به بين الحين و الآخر "
قلت مستغربة :" أنا ؟!! .. و منذ متى كان يطيق مازن سماع صوتي "
" لا ليس لهذه الدرجة .. كان دائم السؤال عنكِ عندما كنت في منزل زوجكِ ... "
ثم بترت جملتها .. و ربما أحست أنها فتحت جرحاً كان على وشك الالتئام.. نكست أنا رأسي .. حيث مدت هي يدها و أخذت تطبطب على كتفي :" أنا آسفة "
لحظة .. لمَ أنا الآن حزينة ؟!! ألأجل ذلك الخائن ؟!! يجب أن أفرح .. لأني سأعيش في بيت يستقبلني فيه الجميع .. فيه جميع أحبتي .. بالرغم أنني لم أراهم منذ خمس سنوات..
و لم يكن يصل بيننا سوى الهاتف .. رفعت رأسي باسمة :" غيداء .. مروان لم يعد يهمني "

ابتسمت غيداء .. و ابتسمت أنا ..

وضعت الخادمة أمامنا صينية لأكواب العصير .. و ها هو عادل يجلس على أحد المقاعد و يجلس ابنه وائل في حضنه .. ثم خاطبني بابتسامة :" ذكرى .. تبدين رائعة .. "ابتسمت خجلة .. أتذكر أن أخي عادل كان يدعوني ب " الأفرنجينية ".. كان يعجب بقتمة سواد شعري و نعومته .. و معجب بلون عيني الواسعتان الخضراوات .. و معجب ببياض بشرتي ..أنا لازلت صغيرة في السن ..فعمري لا يتجاوز الخامسة و العشرين.. و لكن مروان تزوجني .. و كنت أعتقد أنني سأهنأ بالعيش معه .. و لكنه شيئاً فشيئاً أخذ يتجاهلني .. و راح يبحث عن زوجة جديدة تنجب عيالاً ..
تساءل الفتى وائل :" من هذه الفتاة .. أبي ؟!! " كان يقصدني ..
ابتسم عادل في وجه ابنه :" أنها عمتك ذكرى .. أنها لطيفة جداً .. و تحبك جداً "
ابتسم الطفل في وجهي فابتسمت في وجهه ..
غيداء تحسن ترتيب منزلها .. و تحسن اختيار ملابس أطفالها و ملابسها ..
فأنا أرى أن منزلها مرتب و هي مرتبة و ابنها وائل مرتب جداً ..
رأيت أخوتي الأربعة يلعبون .. فنهضت لألعب معهم .. علّهم يذكروني ..
اقتربت منهم .. و نطقت :" مرحباً ............ "
فُتح باب المنزل الرئيسي بقوة فبترت جملتي لأرى من الذي يدخل البيت هكذا ..
دخل البيت طفل غريب الشكل .. شعره أشعث غير مرتب و قميصه متسخ و أزرته مفتوحة ..
و بنطاله مملوء بالأتربة .. ترى .. كيف يقتحم المتسولون المنازل هكذا ..
أخذت أحملق بالطفل ذاك.. الذي كان ينظر إلى أخوتي بنظرة غريبة ..
ركضت نحو غيداء بخوف و همست :" غيداء .. هناك طفل مريب دخل منزلك "
نهضت هي و اتجهت نحو الطفل .. ثم استدارت ضاحكة :
"أنه ابني خالد يا حمقاء.. أتخافين منه ؟!! " ابنها ؟!! لا أصدق ..
أمن المعقول أنها تهتم بمن في البيت كلهم حتى أخوتي .. و تهمل ابنها الأكبر ..
وقفت أتأمل الطفل .. الذي اقتربت منه أمه لتمسح الغبار الذي تراكم على شعره :
" خالد .. إلى أي مقبرة تذهب ؟!! لماذا ترجع المنزل و أنت متسخ هكذا "
أخذ الطفل ينظر إلى أمه نظرة غريبة جداً.. ثم مشى نحو الدرج .. ثم صعد الدرجات و دخل غرفته ..
لاحظت غيداء كيف كنت أراقب طفلها .. فحادثتني :
" ما بكِ يا ذكرى .. أهناك شيء غير طبيعي في خالد ؟!!"
كنت سأقول هناك أشياء كثيرة .. نظرته لأخوتي و لأمه غير طبيعية ..
ثم .. كيف تهمل غيداء ابنها ؟!!! أظن أنها تحب الاثنان كثيراً ..
قلت باسمة :" لا .. لا شيء .. فقط لمَ ........... "
بترت جملتي و كأنها عرفت ما سأقوله :" أنه يخرج في الصباح نظيفاً نشيطاً .. ثم يرجع في العصر متسخاً تعباً .. أظن أنه يلعب مع أصدقاءه "
بل يتعارك مع أصدقاءه ..
أخوتي نهضوا راكضين نحو الحديقة .. فلحق بهم وائل ..فضحكت أنا :" الأطفال رائعين "
ابتسمت غيداء .. ثم اتجهت نحو المطبخ و لحق بها زوجها .. فهتفت بي غيداء :
" يمكنك أن تتعرفي على أرجاء المنزل .. و تختاري غرفة لك "
مشيت أنا نحو تلك الغرف .. كنت أدخلها واحدة تلو الأخرى ..
جميعها مرتبة و نظيفة و رائعة .. صبغ جدرانها راقٍ .. أثاث الغرف مرتب و راقٍ ,,
كل شيء يشير إلى أن غيداء تملك ذوقاً رفيعاً ..
و بينما كنت أتفحص الغرف .. وجدت نفسي أقف أمام باب غرفة ذلك الطفل المسمى " خالد "..
ترددت كثيراً في دخول الغرفة .. رغم أن من يملكها طفل .. و يمكنني أن أدخل الغرفة و أتعرف عليه ..و لكن ينتابني شعور بالخوف كلما تذكرت مظهره عندما دخل المنزل ..
لحظة !! هل أنا مجنونة لكي أخاف من طفل ؟!!
بعد تفكير طويل .. فتحت الباب بهدوء .. طللت لأرى هذه الغرفة ..
يا إلهي .. أنها ليست غرفة .. بل مقبرة ..
الحاجات مرمية على الأرض .. السرير منكسر .. المكتبة محطمة ..الكتب مليئة بالغبار و الأتربة ..
ألا تدخل الخادمات لتنظيفها ؟!! وقفت في وسط الغرفة أتفحص تلك الحاجات ..
حيث سمعت صوت الماء ينبعث من الحمام .. الطفل يستحم إذاً ..
خرجت بسرعة قبل أن يكشفني ..


التعليقات (9)
خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
اتجهت نحو غيداء التي كانت توجه الخادمات في تنظيف البيت ..
حيث اقتربت منها و ابتسمت :" تحرصين على نظافة منزلك جيداً .. أنتِ ربة منزل مثالية "
ضحكت هي :" إذاً .. يجب أن تقتدي بي .. فلم تعودي مراهقة "ابتسمت ..ثم قلت:
" و لكن يا غيداء .. لمَ لا تدعين الخادمات ينظفون غرفة ابنك خالد .. أنها متسخة جداً "
قالت مستغربة :" متى رأيتها ؟!! "
" بينما كنت أجول في المنزل "
ابتسمت :" خالد يرفض دخول أي شخص لغرفته .. يعتبر ذلك تدخلاً في حياته "
قلت مستغربة :" تدخل ؟!! "
" نعم .. "
" ابنكِ غريب الأطوار حقاً "
" ستتعودين على غرابته مثلما نحن تعودنا على ذلك "
هززت رأسي ايجابياً .. ثم طوقت غيداء ضاحكة :" أنا جائعة .. ما هو طعام العشاء ؟!!"
" لا تخافي على طعامكِ .. لازلت تحبين الطعام .. لم تتغيري "
ثم ركضت خارجة من المنزل .. رأيت الأطفال يلعبون .. ألم يتعبوا بعد ؟!!
اتجهت نحوهم ضاحكة :" هل لي أن ألعب معكم "
صرخت بي أختي سمية :" لا .. فأنت كبيرة .. و الكبار لا يلعبون "
ضحكت.. ثم نظرت إلى وائل الذي كان يمسح الأتربة التي على كتفه ..
يا له من مرتب و نظيف .. أنه عكس أخيه تماماً .. سألت الأطفال باسمةً :
" و لماذا لا يلعب خالد معكم ؟!! "
قالت أختي الأخرى مروة :" خالد يرفض اللعب و هو دائماً هكذا "
ثم وقفت تقلده .. وضعت يديها في جيبها .. و بقيت تحملق بنظرات طويلة .. تماماً مثل خالد .ضحكت أنا :" حتى لو كان جامداً يرفض اللعب .. يجب أن تسّلوه بحديثكم أو أي شيء هو يفضله "
" خالد لا يفضل شيئاً .. "
تبين لي أن ذلك الطفل يكره اللعب .. و يحب أن يبقى وحيداً .. غريب أمر هذا الطفل ..
بقيت ألعب مع الأطفال كطفلة لا تفارق الألعاب .. و تبقى تضحك ببراءة ..
حتى اقتربت غيداء و هي تصرخ :" حان وقت العشاء .. ما بالكم ؟!! ألا تسمعوني ؟!! "
حتى قذفتها بالكرة دون قصد .. يبدو أنني كسرت أنفها .. ستكون مضحكة بأنف معقوف ..
أمسكت هي أنفها و هي تصرخ :" أيتها الحمقاء "
التقطت الكرة و رمتها نحوي بكل قوتها .. :" تعالوا لتناول العشاء حالاً "
و راحت تتجه نحو منزلها .. يبدو أنها سوف تشكوني لزوجها ..
حيث خاطبت الأطفال :" هيا لتناول طعام العشاء .. ألستم جائعين ؟!! "
" بلى " قلت :" هيا إذاً "ركضنا نحو المطبخ .. و كل منا غسل يده و جلس على مقعده ..
جلس عادل على كرسيه.. و جلست غيداء على كرسيها .. حيث خاطبتهم :
" لحظة غيداء .. أين أبنك خالد ؟!!"
ابتسمت :" خالد يفضل تناول عشاءه وحده "
حيث بادلت عادل النظرات .. ثم قلت :" لماذا ؟!! "
" كفى يا ذكرى .. هذه تصرفات ابني و يجب أن تتقبليها "
نهضت و قلت باسمة :" و لكني لأول مرة أتناول طعاماً معكم .. لذلك أريدكم جميعكم أن تجتمعوا على المائدة "
اتجهت نحو غرفة الطفل .. وقفت أمام الباب مجدداً .. و قلبي يقرع كطبل إفريقي مجنون ..
و لكن لابد من مواجهة الطفل .. أنه مجرد طفل .. أتخيفني نظراته تلك ؟!!
فتحت الباب بشجاعة .. حيث دخلت الغرفة .. لا أحد .. و الغرفة كما رأيتها في المرة السابقة ..
كيف يستطيع أن يمكث فيها ما دامت كالمقبرة ..
و بينما كنت أدير عيني على الغرفة .. وجدت أمامي .. رباه !! أنه ذلك الطفل مجدداً ..
يقف أمامي .. و هو يرمقني بتلك النظرة التي تهز قلبي .. رباه .. أريد أن أهرب ..
لم ينطق بشيء .. بل بقي كما كان ..واقفاً أمامي و هو لا يبعد نظراته المخيفة تلك عني ..
خاطبته بخوف :" آه .. لم أكن .. لم أكن أقصد .. دخول الغرفة .. اعذرني .. اعذرني "
و ركضت خارجة من الغرفة متجهة نحو المطبخ و قلبي يقرع و يقرع ..
دخلت المطبخ و أنا ألهث .. خاطبتني غيداء باستغراب :" ما بكِ ذكرى ؟!! "
ابتسمت :" لا شيء .. فقط كنت أركض .. و ... "
جلست على مقعدي .. لن أذهب إلى غرفته مجدداً .. و كأنه سيقتلني بنظراته تلك ..خاطبني عادل :" و أين خالد .. ألم تقولي .... "
بترت جملته :" خالد .. خالد .. نعم .. " ثم ضحكت كالبلهاء :" لقد نسيت إخباره أن يأتي إلى هنا "

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
رغم أن الطعام كان شهياً و لكن شهيتي انعدمتعندما رأيت ذلك الفتى مجدداً ..نهضت بدون أن آكل لقمة واحدة متجهة نحو غرفتي التي خصصتها لي غيداء ..
جلست أمام المرآة .. منذ متى كانت الأطفال تخيف الكبار ؟!! هل أخاف من ذلك الطفل حقاً ؟!! لا أصدق ذلك ..
و لكن .. في نظرته تلك .. لا أرى فيها براءة و لا طفولة .. أرى فيها جرماً ..
ماذا ؟!! جرم ؟!! خالد لازال طفلاً ..
أظن أنني مرهقة.. فأنا لم أرتاح منذ عدت من ذلك البيت ..استلقيت على سريري .. و أخذت أعبث بالمصباح الذي بقربي ..حتى دخل شخصاً الغرفة .. نهضت و أخذت أدقق فيذلك الوجه ..
انه طفل .. أنه .. خالد .. يحمل بيديه سكيناً .. وتلك السكين مملوءة بالدماء .. و كذلك يديه .. أنه سفاح يتنكر في زي طفل .. أو ربماكان شبحاً ..صرخت .. هززت الجدران من شدة صراخي .. حتى ظهرت في وجهي غيداء .. غيداء؟!! بجانبها ابنها وائل .. خاطبتني بقلق :
" ما بكِ ذكرى .. أكان كابوساً مريعاً؟!! "
كابوس ؟!! أظن أنني كنت أحلم .. فلم يدخل خالد غرفتي و لم يحمل سكيناً ..أني مرهقة ..مسحت غيداء شعري .. ثم قالت :" نامي بهدوء .. و سوف أتلو آيات قرآنيةبقربك .. "
حيث استلقيت .. و تناولت غيداء المصحف .. خاطبتها :"غيداء .. أينخالد ؟!! أهو نائم ؟!! "
بدت غيداء مستغربة مني .. لأني مهتمة لأمر ابنها خالد .. و لكنه غريب و يثير الريبة .. قالت:
" نعم .. أنه نائم .. أهناك شيء ؟!! "
" هل حرصتِ أن تغطيه باللحاف ؟!! "
ضحكت :" أنه أصبح كبيراً .. فهو من يغطيجسده باللحاف "
أخذت غيداء تتلوا تلك الآيات الكريمة و أنا أنصت إليها .. شيئاًفشيئاً ..أغمضت عيناي و غرقت في نومٍ عميق ..
و في صباح اليوم التالي .. نهضتبتقاعس متجهة نحو غيداء .. التي كانت تجهز الأطفال للذهاب للمدرسة .. حيث ابتسمت وأنا أخاطبها :" أراك نشيطة في الصباح و المساء "
ضحكت هي :" و أنا أراكِ كسولةفي الصباح و المساء "
تركتها ترتب الأطفال و خرجت من المنزل أتجول في الحديقة .. و لكن ما إن فتحت الباب حتى رأيت طفلاً يجلس على عتبات المنزل .. آه .. أنه خالد .. كنت خائفة منه .. فكنت أكتم صرخة مدوية ..
رفع الطفل رأسه و أخذ يحملق بي .. بنفس تلك النظرات .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..نزلت العتبات بحذر .. ثم وقفتفي مكان بعيد عنه .. أخشى أن يحاول التهجم علي ..كان يحمل بيده حقيبة سوداء .. أخذيراقب العصافير التي تطير في السماء بكل حرية ..
كان بودي أن أسأله بعض الأسئلةلأقتل غموضه .. و لكني خائفة بدون أي سبب ..
كان كما رأيته من قبل .. غير مرتبكلياً .. و هناك شيء آخر .. أنا لم أسمع صوته بتاتاً ..
لمَ هو هكذا .. صامت .. يهمل نفسه .. نظرته غريبة و تخيفني ..
بعد تردد .. قررت أن أحادثه .. أنه ليسإلا طفل .. لمَ الخوف ؟!! وقفت أمامه .. بينما هو كان جالس على عتبات المنزل .. وممسكاً بحقيبة سوداء يضمها في حجره .. و ينظر إلي الطيور و العصافير ..
خاطبتهباسمةً بشيء من الارتباك :" خالد .. كيف حالك يا خالد ؟!! "
التفت إلي ..رباه .. أنه يرمقني بتلك النظرة مجدداً ..كنت خائفة .. و لكن يجب أعرف لمَ تخيفني نظراتهتلك .. جلست بقربه و قلبي يقرع كطبل إفريقي مجنون .. خاطبته :" ربما .. ربما لاتذكرني .. لكني عمتك .. عمتك ذِكرى "
أشاح بوجهه يتجاهلني و أخذ يراقب الطيورمجدداً .. حيث خاطبته مرة أخرى :
" أنت تنتظر بقية الأطفال لتذهب معهم إلىالمدرسة ؟!! "
حيث فاجأني برده :" أنا أنتظر أبي فقط "
قلت باندهاش :" السائقسوف يوصلك إلى المدرسة و ليس أباك "
حيث رمقني بنظرة حادة و نهض بعدما رأى أباهيلوح بيده له من بعيد ..هل كنت مخطئة ؟!! هل سيوصل عادل ابنه بنفسه ؟!!نهضت و دخلتإلى المنزل متجهة نحو غيداء .. سألتها :" من سيوصل الأطفال إلى المدرسة ؟!! "
أجابتني :" السائق "
" إذا لماذا يوصل عادل ابنه خالد بسيارة أخرى ؟!! "
" لأنه لا يطيق الازدحام .. فالأطفال خمسة .. و خالد لا يحب الأماكن الضيقة والمزدحمة "
ها هم الأطفال ينطلقون نحو السائق و يصعدون السيارة بمرح .. عكس خالدتماماً ..
خالد ..!! أنت لست طفلاً طبيعياً ..

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
أخذت غيداء تعلمني الطبخ .. فغيداء امرأة تكره أن تلمس الخادمات طعامها ..
فهي من تعد طعام الفطور و الغداء و العشاء أيضاً ..شيئاً فشيئاً .. تعلمت من الطبخ القليل ..
خاطبتني غيداء بعدما صنعت أنا كعكة بالفراولة بمساعدتها :" تعالي .. لنجلس في الصالة "
اتجهت أنا معها نحو الصالة .. و جلسنا على المقاعد حيث خاطبتني :
" ابني يحب هذا النوع من الكعك .. سوف يطير في الفرح عندما يعلم أنك صنعتها "
قلت بدهشة :" خالد يحب الكعك .. ؟!! "
نظرت إلي باستغراب .. ثم قالت :" أنا أحدثك عن وائل .. خالد لا يحب شيئاً "
قلت غاضبة :" ما معنى (لا يحب شيئاً ) ؟!! أليس إنساناً يحب و يكره ؟!! "
ضحكت هي :" بصراحة .. لا أراه يفضل شيئاً .. فكل ما يراه مقبول "
قلت بانفعال :" لا .. لو كان كل ما يراه مقبولاً .. لقبل أن يصعد مع الأطفال السيارة .. و سمح للخادمات أن يدخلن غرفته لتنظيفها "
قالت مستغربة :" لمَ الانفعال ؟!! "
وجدت نفسي أحادثها بغضب .. ألأجل خالد الذي أنا أخاف منه ؟!!
نهضت و قلت :" حسناً .. سوف أنظف غرفته بنفسي "
صرخت بي :" ذكرى .. إن علم خالد بأنك دخلتِ غرفته سيغضب كثيراً "
ابتسمتُ :" أنا مستعدة لأراه غاضباً و ثائراً "
و اتجهت نحو المطبخ و حملت أدوات التنظيف .. رغم أني لم أنظف غرفةً من قبل ..و لكني سأنظف هذا الغرفة بالذات .. لأنها غرفة طفل جذبني حقاً ..
دخلت غرفته للمرة الثالثة .. الغبار يملئ المكان ..و السرير منكسر .. كيف ينام خالد ؟!!
بدأت في عملي و أنا أسد فمي بمنديل يمنع وصول الغبار إلى حلقي ..كانت مليئة بالغبار .. فقضيت ساعات طويلة و أنا أنظف تلك الغرفة ..
و غيداء تضع أكواب الماء بقرب الباب دون أن تدخل ..لا تتحمل كثافة الغبار ..
اتسخت ملابسي .. و لكني أتممت العمل تقريباً ..وقفت و نظرت إلى ما أنجزته ..
لقد نظفت غرفة متسخة جداًً ..أنه عمل جبار أستحق عليه الثناء ..
أنحيت جذعي لأتمم ما بدأت به .. و لكن .. فُتح الباب بقوة .. حتى فزعت ..استدرت لأرى فاتح الباب .. ألا و هو صاحب هذه الغرفة .. خالد ..
وقف يرمقني بتلك النظرة المخيفة .. مقطباً حاجباه .. ثم اقترب مني .. بخطوات تثير خوفي ..
اقترب أكثر .. قرّب وجهه إلى وجهي ..ماذا يريد أن يفعل بي ؟!!
حيث أمسك بيدي بقوة .. كدت أموت خوفاً .. رباه .. همس هو :
" أخرجي من غرفتي .. فوراً "
رباه .. ليتني لم أدخل غرفته .. أنني أعاند نفسي .. لماذا أدخل غرفة إنسان أخاف منه ..
وقفت بسرعة و دموعي تتهاوى على وجنتي من شدة ذعري .. و ركضت نحو غرفتي ..
رميت بنفسي على سريري و ظللت أبكي بجنون .. غير مدركة السبب ..ربما كان السبب هو .. الخوف من ذلك الفتى .. و لكنه مجرد طفل ..
لكن تصرفاته تعني لي شيء واحداً فقط .. تعني لي أن جسده جسد طفل ..و لكنه لا يفكر كالأطفال ..
سمعت طرقاً على الباب .. فاستويت و مسحت دموعي بسرعة .. نطقت :" أدخل "
فُتح الباب و ظهر من خلفه وائل .. الفتى المرتب .. و هو يحمل حقيبته .. و ابتسامة عريضة مرحة علت شفاهه .. اقترب مني :" مرحباً "
ابتسمت :" مرحباً بوائل .. هل رجعت من مدرستكِ ؟!! "
" نعم "
"هل أنت مجتهد "
" نعم .. عمتي أريدك أن تتناولي معي الكعكة التي صنعتها أنتِ "
ضحكت :" هل تحب الكعك ؟!! "
" نعم "
سألته بشيء من الخوف :" و ماذا عن أخيك خالد ؟! هل تناول الكعكة ؟!! "
" خالد خرج من البيت .. "
نهضت ممسكة بيده :" هيا .. لنتناول الكعكة "
و في المطبخ .. الجميع يتناول الكعكة .. و الجميع يمدحني .. و الجميع يشجعني ..لازلت مبتدئة و لا أستحق كل هذا .. و لكنهم يسعون لإسعادي لأنهم يحبّوني ..
حيث خاطبني أخي إياد الصغير :" ذِكرى .. عادل سيصطحبنا إلى الملاهي "
قلت بفرح :" أهذا صحيح ؟!! يا للروعة ..!! سأذهب معكم "
ثم خاطبت عادل :" متى سنذهب ؟!! "
" تمام الساعة الرابعة عصراً "
حيث أتت الخادمة منزعجة تخاطب غيداء :" لقد نقصت السكاكين "
صرخت غيداء :" مجدداً ؟!! أي لص غبي يأتي لسرق السكاكين فقط ؟!! "
خاطبتها باستغراب :" لص ؟!! سرقة ؟!! أتعرضتم للسرقة ؟!! "
" نعم .. و السارق يسرق السكاكين فقط "
" غريب !!! ... "
---
و في العصر .. تجهزت أنا و تجهز الأطفال للذهاب للملاهي ..جلسنا في الصالة ننتظر عادل ..
خرج بعد ذلك عادل من غرفته بعدما استحم .. و اقترب منا .. و قال :" هيا ! "
نهضنا جميعاً بفرح .. و لكنه استدار و كأنه تذكر شيئاً :" لحظة "
غيداء :" أهناك شيء ؟!! "
" أين خالد ؟!! "
حيث أشار أخي سالم ناحية غرفة خالد :" في غرفته "
و عاكسه وائل :" لا .. لقد خرج من البيت منذ الظهيرة "

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
حيث قالت سمية :" آه .. عادل دعنا نذهب للملاهي .. خالد لن يرجع الآن "
صرخ عادل بغضب :" عندما يرجع لن يجد أحدٌ في البيت .. ثم .. ليس من عادة خالد التأخر إلى هذا الحد "
و أغاظتني غيداء بقولها :" عادل .. وجودنا أو عدمه بالنسبة لخالد واحد .. فخالد لا يخرج من غرفته إلانادراً "
صرخت أنا بها :" أتريدين أن تتركين ابنك في البيت وحده ؟!! ثم ما الذي يضمنك أن هذه الخادمات لن يفعلوا شيئاً به "
و قال عادل :" حسنٌ سوف ننتظره "
فصرخت مروة غير راضية :" لا .. لن نضيع الوقت لأجل خالد .. و نحن نعرف أنه لنيرجع "
و صرخ أخي إياد بترجي :" عادل .. دعنا نذهب بدونه .. "
جلس عادل على أحد المقاعد و خاطبنا و كأنه يجبرنا :" اجلسوا لتنتظروه "
جلس إياد وبقية الأطفال بغضب .. و جلست غيداء ببرود .. ترى .. لماذا لا يهمها أمر ابنها ..
تأخر خالد كثيراً .. فمرت ساعة كاملة و لم يأتِ .. و إياد يكاد ينفجر غيظاً هو و بقية الأطفال أيضاً ..
حتى نهض عادل :" سأبحث عنه " و اتجه نحو الباب و نحننلحقه .. مد عادل يده لفتح الباب .. و لكن الباب فُتح من الجهة الأخرى .. آه أظن أنه ..
ظهر من خلف الباب ذلك الفتى الغريب .. فتح الباب .. ثم ألقى علينا نظرته الغريبة.. و مشى يتجاهلنا ..كيف يتجاهلنا و عقلنا طوال ساعة كاملة يفكر فيه .. وقلبنا ينبض لأجله ..؟؟
صرخ عادل و هو يشد قميص خالد من الخلف :" خالد "
استدار خالد و هو يرمق أبيه بتلك النظرة مجدداً .. صرخ عادل بجنون :" لمَ لمتقل لنا أنك ستتأخر .؟!! لقد .... " و لكنه بتر جملته و كأنه لاحظ شيئاً في خالد ..حيث خاطبه مندهشاً :
" ما هذا يا خالد ؟!! "
اندفعت لأرى ما الذي في خالد ..خدوش .. كدمات .. ضربات .. قميص ممزق .. شعر أشعث .. ما به ؟!!
مشى ذلك الفتى الغريب بكل بساطة نحو غرفته متجاهلاً كل تساؤلاتنا ..
حيث صرخت أنا بأعلى صوتي :"خالد .. ما كل هذا ؟!! .. أجبني خالد "
حيث خاطبني عادل :" لا ترهقي نفسك ياذكرى .. فإنه مصمم على الصمت "
و انطلقت غيداء نحو غرفة ابنها لتخبره أننا ننتظره لنذهب للملاهي ..
جلسنا في الصالة و تنهد سالم :" سننتظره مجدداً .. ياإلهي "
أرى على وجوه الأطفال انزعاجا من خالد .. فمنذ أن أتيت إلى هذا البيت ..
لم أراهم يتحدثون معه .. أو يجلسون معه .. الأطفال ينفرون منه ..
حيث خرجت غيداء من غرفة ابنها و اقتربت منا :" لا يريد أن يأتي معنا لأن .......... "
حيث صرخ عادل بغضب باتراً جملة زوجته:
" لا يريد ؟!! كنا ننتظره طوال الوقت .. لكي يأتِ و يخبرنا أنه لا يريد المجيء معنا ؟!! "
و صرخت مروة :" هذا متوقع من خالد .. "
و ألقى إياد نظرة على الساعة و صرخ :" الساعة الخامسة و الربع .. لقد تأخرنا كثيراً "
حيث سمعنا صوت بكاء .. التفت إلى وائل الذي بدأ في النحيب :
" لن نذهب إلى الملاهي إذاً .. "
حيث ضمته أمه ضاحكة :" لا يا عزيزي .. سنذهب .. أليس كذلك عادل ؟!! "
و قال عادل بإصرار :" لن نذهب بدون خالد "
وانطلق نحو غرفة ابنه و لحقنا به ..

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
حاول عادل فتح باب غرفة خالد .. و لكنه مقفل .. همس عادل بغضب :" اللعنة .. أقفل الباب "
ثم أخذ يضرب الباب بقوة .. يضرب و يضرب صارخاً :" افتح الباب و إلا ....... "
فتح الباب خالد .. و لازالت عيناه تحمل تلك النظرة الغريبة ..حيث قال عادل بنفاذ صبر :
" لقد انتظرناك ساعة كاملة لتأتي معنا .. أليس من العيب أن تقول أنك لا تريد المجيء ؟؟!! "
حيث همس خالد و علامات الإرهاق بدت على وجهه ..:" حسنٌ سآتي "
غريب أمرك يا فتى .. منذ بضع دقائق تقول أنك لا تريد المجيء .. ما الذي غير رأيك بهذه السرعة ؟!!
حيث قال عادل مرتاحاً و فرحاً :" جهز نفسك و تعال فنحن ننتظرك في الصالة "
انصرف عادل و دخل خالد غرفته تاركاً من خلفه الباب مفتوحاً .. هل سأدخل هذه الغرفة للمرة الرابعة ؟!! حسنٌ .. سوف أدخلها و لن أخشاه .. تقدمت خطوتين للأمام و طللت على خالد .. الذي اقترب من خزانة ملابسه .. حيث دخلت الغرفة بكل شجاعة و نطقت بثقة أكبر :" خالد !! "
استدار و رمقني بتلك النظرة مجدداً .. فاقتربت أنا أكثر منه و كلي ثقة و جرأة ..ابتسمت في وجهه و لكنه عبس في وجهي .. حيث نظر إلى قدماي و خاطبني بهدوء :" أنكِ تدخلين غرفتي "
حيث أردفت :" و ماذا في ذلك ؟!! أنا عمتك .. و من حقي أن أعرف أسرارك "
بدا مرتبكاً ..:" أي أسرار ؟!! "
ضحكت و ضربت كتفه بقبضة يدي مازحة :" كنت أمزح معك "
لم يتقبل تلك المزحة .. لم يبتسم أو يضحك .. بل كانت ملامح وجهه مشدودة دائماً ..
استدرت أنا و خاطبته :" و الآن سوف أتركك لتبدل ملابسك "
و خرجت من الغرفة و كلي شعور بأنه لم يبعد أنظاره عني بعد ذلك ..
أي أنه شعر باهتمامي له .. أو ربما فكر أن يبوح لي أسراره ..
بعد ذلك خرج خالد من غرفته .. ينتابني فضول جنوني .. ترى ما سبب كل هذه الضربات ؟!!
هل خالد من الفتيان العنيفين الذين يقاتلون و يصارعون بعضهم بعضاً ؟!! أم تراه فتاً هادئاً لطيفاً كأخيه .. لم أواجه صعوبة في معرفة شخصية وائل .. و لكني واجهت صعوبات كثيرة لمعرفة خالد ..
و لحد الآن لم أحدد .. ما هي شخصية خالد الحقيقية .. و كيف يمكنني التعامل معه ..
مشينا جميعاً خارجين من المنزل .. و خالد يمشي في المؤخرة ..
و عندما وصلنا لسيارة أخي الضخمة .. تراكض الأطفال لصعود المقاعد الخلفية .. و صعدت غيداء المقعد الخلفي الثالث .. و لم يصعد أحدٌ المقعد الأمامي .. أهو مخصص لخالد ؟!!
جلست أنا مع الأطفال .. و جلس وائل و مروة مع غيداء .. و ها هو خالد أخيراً يصعد المقعد الأمامي بكل بطء ..فتنطلق بنا السيارة حينها .. و أرى الأطفال فرحين جداً .. ينشدون و يصرخون بفرح ..
أما ذلك الفتى الغريب يسند رأسه على النافذة بصمت ..
و ها هي السيارة توقفت .. أمام مدينة الملاهي الضخمة التي يعشقها الأطفال ..،،
أطلق سالم ضحكات :" يا إلهي .. أنها رائعة "
ثم اندفع إياد خارجاً من السيارة و تدافع الأطفال من خلفه راكضين نحو تلك الملاهي ..
و ركضت غيداء خلف ابنها وائل لتحرص على عدم وقوعه .. فالأطفال إن ركضوا يجب أن يقعوا..
أما عادل مشى بقربي .. استدرت أنا لأرى خالد يمشي ببطء شديد .. و يحملق بالناس بنظرته تلك .. و كأنه لأول مرة يرى فيها الناس .. رغم أنه يخرج من البيت كثيراً .. ترى إلى أين يذهب ؟!!
حيث خاطبني عادل :" ذِكرى .. لا تهتمي لتصرفات خالد .. أنصحك ..!! "
قلت بغضب :" أتريدني أن أصبح مثل غيداء التي تهمل خالد و تهتم بوائل ؟!! "
حيث ابتسم و أمسك بيدي و قادني إلى مقعد نجلس عليه و خاطبني :" أتعلمين !! غيداء كانت لا تنام الليل لأجل خالد .. و تقدم كل الحنان و العطف له .. و لكنه بتصرفاته أثار جنونها .. فرأيتها ما إن تراه حتى تصرخ أو تنفعل .. أو ترمي أو تكسر ما بيدها .. أو تركض نحوه لتضربه بدون أي سبب أو دافع .. "
قلت مستغربة :" أمعقول ؟!! "
" نعم .. كانت تغضب بسرعة .. و تبكي بسرعة .. و تدعو نفسها بالفاشلة لأنها كما تقول .. لم تربي خالد تربية حسنة .. و لم تعلمه و لم تفقهه .. و لكن خالد يثير حيرتي .. عندما كان في الخامسة ربيعاً .. كان مرحاً .. مهذباً .. كان طفلاً طبيعياً .. و لكنه فجأة تغير .. تغير كلياً .. حيث صار جامداً و غامضاً .. و لا ادري فيما يفكر .. فأراه يسرح كثيراً .. و يصمت كثيراً .. و في غرفته يدرب نفسه على العنف و الخشونة .. فيكسر الأثاث .. و لا يسمح لأي كان أن يدخل غرفته .. فلا أدري ما الذي يخفيه فيها .. و تكررت مرات رجوعه إلى البيت و الضربات تملئ جسده .. من دون أن يقل لنا ما سببها "
فكرت كثيراً .. لم هو أصبح هكذا ؟!! و لم تغير فجأةً ؟!! أهي أعراض مراهقة مبكرة ؟!!
أم هو مرض نفسي .. أو اكتئاب .. أم تراه جنون .؟!!..
ها هي غيداء تلاحق الأطفال أينما ذهبوا .. فينهض عادل و يتجه نحوها ..
و ها هو خالد يجلس على أحد الكراسي مبتعداً عنا بمسافة طويلة ..حسناً .. سأحاول معرفة ما تخفيه يا خالد و لمَ أنت هكذا ..نهضت و اتجهت نحوه .. و ما إن رآني أمشي باتجاهه حتى بدا منزعجاً لمجيئي ..أيفضل الجلوس وحده ؟!! حيث اقتربت منه و قلت بمرح :" مرحباً .. خالد "
رمقني بنظرة حادة .. ثم أشاح بوجهه عني .. حيث جلست بجانبه .. و أخذت أرتب خصلات شعره .. ثم ضغطت على جرحه الذي شق جبينه .. حيث بدا متألماً .. فأبعد يدي عن جبينه و قال منزعجاً :
" لا تلمسيني "
فاقتربت منه أكثر و خاطبته بهمس :" صارحني خالد .. ما سر هذه الضربات ؟!! "
نظر إلي .. ثم أشاح بوجهه عني مرة أخرى :" الأمر لا يعنيكِ "
" بل الأمر يعنيني .. لأني عمتك و يجب أن أعرف .. كيف تعيش أنت حياتك ؟!! "
بدا مصراً على الصمت .. و عدم البوح بسر من أسراره .. حيث أشرت أنا إلى وائل الذي يلعب بمرح مع بقية الأطفال و خاطبت خالد :
" أنظر إلى وائل .. كم هو مرح و حيوي .. ليس مثل... .. "
حيث صرخ بي خالد بغضب :" لا تتحدثي عنه أمامي .. و لا تقارنيني به "
لأول مرة أراه يصرخ و يرفع صوته .. كم هو رائع عندما يثور ..نهضت و قلت له :
" خالد .. أنا أتيت هنا لألعب و ألهو .. و أريدك أن تلعب معي أيضاً .. "
ثم سحبت يده و مشيت معه .. كان يريد أن يحرر يده من قبضة يدي .. و لكني كنت أزيد من الرص عليها .. أريده فقط أن يعلم .. أن الحياة لا تمضي هكذا .. بل نستمتع فيها .. و إذ استمتعنا فيها سنعيش صالحين و نعبد الرب الذي خلقنا سعداء ..
مشيت معه و أنا أحادثه مشيرة إلى قطار الموت :" سنصعد قطار الموت و سوف نتغلب على الخوف فوائل يخاف الأماكن المرتفعة .. أما نحن فلا .. أليس كذلك ؟!! "
كان صامتاً طول الوقت .. دفعت ثمن تذكرتين لي و لخالد و صعدت القطار .. و بالطبع سحبت يد خالد ليجلس بجانبي .. أريد أن أعوده كيف يتعامل مع الناس .. يجالسهم و يحادثهم ..حيث ربطت أنا الأحزمة و ربط هو أحزمته .. حيث انطلق القطار بسرعة البرق .. خشيت أن يطير شالي من على رأسي .. جميع الراكبين يصرخون .. و أنا .. كنت أصرخ أيضاً .. التفت لخالد .. صامت و جامد .. و لا يتحرك فيه إلا شعره الذي لم يستطع الصمود بوجه التيارات الهوائية القوية .. يتلفت هو يميناً و يساراً و لا يخاف المرتفعات أبداً .. فجأة .. رأيته يدير رأسه إلى الخلف .. ثم أخذ يهزني:
" فليتوقف القطار "
لم أكن قادرة على الحديث فالهواء يصطدم بوجهي بقوة ..ترى لماذا يريد أن يتوقف القطار .. ؟!! لا أظنه خائفاً .. كان هو منشغل بشيء آخر ..

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
فكان يدير رأسه إلى الخلف و يظل متوتراً .. إلى أن توقف القطار كما أراد ..ففتح هو أحزمته و استدار إلى الخلف .. أدرت رأسي أنا الأخرى للخلف .. لا أحد ..
نهض هو مسرعاً .. خاطبته :" لحظة "
و لكنه لم يكترث بي بل ركض نحو حشد كبير من الناس ..و لحقته أنا ..
ثم وقف هو وسطهم و كأنه يبحث عن شخص .. سحبت أنا يده :" تعال خالد انك تزعج الناس "
و لكنه أصر على الوقوف وسط الناس هكذا .. حيث سحب يده من قبضة يدي ..
من رآه في الخلف ؟!! و ما الشيء الذي يثير اهتمامه .. لم أكن أعلم أن خالد يهتم بشيء ما..
أخذ يدير عينيه على الناس واحداً تلو الآخر .. و بينما هو كذلك .. قدم عادل و معه زوجته و بقية الأطفال .. حيث خاطبني إياد بفرح :" لقد لعبنا طويلاً بدونك .. ألن تلعبي ؟!! "
ابتسمت .. و طبطبت على كتف خالد :" أنا هنا ألعب مع خالد ؟!! "
دُهش الجميع .. و هتف عادل و ابتسامة عريضة علت شفاهه و هو ينظر إلى ابنه :" حقاً ؟!! "
و لكن خالد قطب حاجبيه مخاطباً والده بكل جفاف :" لم يكن ذلك ممتعاً "
و مشى نحو جهة أخرى .. مبتعداً عنا .. و بدا عادل متشائماً ..
فالجميع ظن أن خالد أصبح طبيعياً أخيراً .. و لكن ذلك لم يحصل بعد ..

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
عدنا بعد ذلك للمنزل ..الأطفال يركضون بمرح في أرجاء البيت من شدة فرحهم ..
أما خالد رأيته يتجه نحو غرفته ..ما الذي يعجبك في غرفتك ؟!! السرير المحطم ؟!! أم المكتبة المنكسرة ؟!! أخذت أناديه :" خالد .. خالد .. انتظر " استدار مقطباً حاجبيه و هو ينظر لي ..
أنه منزعج مني ؟!! حسناً .. اقتربت منه و أمسكت يده و قلت بمرح :
" خالد .. لمَ لا تتناول عشاءكَ معنا ؟!! "
حيث تجاهلني ماشياً نحو غرفته .. غضبت كثيراً .. و ركضت نحوه و أمسكت ذراعه صارخةً به :
" توقف عندك .. !! أليس من العيب أن تعامل الناس هكذا ؟!! أنت لا تعيش وحدك .. خالد "
رمقني بتلك النظرة مجدداً .. فصرخت به :" من تحسب نفسك لتنظر إلي هكذا ؟!! "
حدق بي طويلاً .. لقد تمادى في تصرفاته .. و هذا ما جعلني أصرخ به .. لكي يشعر فقط ..
أمسكت يده و مشيت و أنا أسحبه نحو المطبخ .. كفاكَ وحدة .. كفاكَ صمتاً .. كفاكَ غموضاً ..
طللت على المطبخ .. حيث كانت غيداء تجهز طعام العشاء و الجميع على حول الطاولة ينتظر ..
هتفت باسمة :" لدي مفاجأة لكم "
التفت إلى الجميع و قالوا في حماس :" ما هي ؟!! "
حيث سحبت يد خالد إلى الداخل و هتفت بهم :" خالد سيتناول عشاءه اليوم معنا "
ابتهج عادل و دُهشت غيداء .. و لكن خالد هتف في غضب :" غير صحيح .. "
حيث نهض عادل من كرسيه و اقترب من ابنه و سحبه و أجلسه على أحد المقاعد بقرب وائل ..
بدا خالد منزعجاً من الجلوس بقرب أخيه .. حيث جلس عادل على مقعده و الفرحة تغمر قلبه ..
و أعدت غيداء الطعام على الطاولة .. و جلست على مقعدها .. بدأ الأطفال في تناول طعامهم .. و لكن خالد كان يرمق الجميع بتلك النظرة المجهولة من دون أن يأكل شيئاً .. حتى خاطبه أباه :
" خالد .. ألن تأكل شيئاً ؟!! " حيث قلت أنا :" يبدو أنه يفضل البرتقال .. أليس كذلك ؟!! "
كان صامتاً .. ففتحت أنا الثلاجة و أخرجت منها برتقالةً و غسلتها جيداً .. و وضعتها في صحن مع سكين .. و قدمتها له .. حملق هو بي .. حمل السكين و أخذ يقطع البرتقالة تقطيعاً عشوائياً ..
مما جعل وائل يضحك و يسخر قائلاً :" ألا تعرف حتى كيفية تقطيع البرتقال ؟!! "
رمق خالد أخاه بنظرة حادة .. حيث سحب وائل من يد خالد السكين :" هاتها لأعلمك ذلك "
و لكن خالد سحب من يد وائل السكين بقوة و بسرعة .. و هذا ما أدى إلى خدش في يد وائل .. فأخذ يبكي و يصرخ .. رغم أن الخدش بسيط .. فأسرعت غيداء إلى ابنها .. خاطبها بخوف :" أمي .. أنه دم " رمقت غيداء خالد بغضب .. حيث كان بكل برود يكمل تقطيع البرتقالة .. من دون أن يتأثر بصرخات أخيه .. اتجهت غيداء نحو خالد .. و هو لا يكترث بها .. بل لازال يقطع تلك البرتقالة ..
صرخت به :" خالد .. " رفع هو رأسه .. فصرخت به :" لقد جرحت يد أخيك " ..
قال بلا اكتراث :" لا يهمني .. " اقتربت منه و يال دهشتي .. باغتته بصفعة قوية ..ما هذا ؟!! إنها تضرب ابنها و هي الأعلم أن الضرب وسيلة سيئة لتهذيب الطفل ..
بقي خالد متسمراً يحملق بوالدته و عادل يكاد ينفجر غيظاً .. أما غيداء تقف أمام ابنها و لازلت تنظر إليه بقسوة .. حملق خالد بأمه ثم نظر إلى وائل بحقد و كره شديد ..ثم رمى بالسكين على الصحن بغضب و مشى خارجاً المطبخ .. منكسراً ..
ركضت أنا لاحقةً به .. اتجه هو نحو غرفته كالعادة .. فصرخت أنا بغيداء :" ماذا فعلتِ ؟!! "

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
حيث ضمت هي ابنها وائل و خاطبت سمية تتجاهلني :
" أحضري اللاصقات من صندوق الإسعافات الأولية "
نهضت سمية من كرسيها و اتجهت نحو ذلك الصندوق و أخرجت كيس اللاصقات ..و قدمتها لغيداء .. حيث اتجهت نحوها و أمسكت يدها :" لماذا ضربتيه ؟!! و أنتِ تعلمين أنه لم يقصد ذلك ؟!! "
صرخت بي :" أرجوكِ ذكرى .. لا تتدخلي بيني و بين ابني "
تركت يدها و خاطبتها بهدوء :" حسنٌ .. و لكني لن أسمح لكِ بضربه مرة أخرى "
و اتجهت نحو غرفة خالد .. أتمنى أن يكون بخير .. أتمنى ألا يكون قد تأثر من الداخل ..
طرقت الباب .. لم أسمع صوتاً .. فدخلت الغرفة ..رأيته مرمياً على الأرض .. و نائم بعمق ..( نوم المسكين المظلوم المتكوم على نفسه ) نائم على الأرض .. طبعاً فالسرير منكسر ..
يضم بيديه تلك الحقيبة المدرسية السوداء .. و لازال أثر تلك الصفعة واضحاً على خده ..
اقتربت منه .. و جلست بقربه .. أخذت أمسح شعره .. لماذا يمسك بهذه الحقيبة ؟!! أيحب دراسته لهذه الدرجة ؟!!سحبت الحقيبة السوداء من يديه بهدوء ..و لكني سمعت صوتاً فيها .. أنها ثقيلة ..
فتحتها .. ما هذا ؟!! سكاكين ؟!! مجموعة كبيرة من السكاكين ؟!!
رباه .. هل سارق السكاكين هو .. خالد ؟!! لا أصدق ..!!
كنت سأحمل الحقيبة لأريها عادل .. و لكن لحظة .. لماذا يسرق خالد السكاكين ؟!!أيريد بيعها ؟!! أم يريد أن يفعل بها شيئاً آخر .. الأفضل أن أدعها عنده لأرى ما سيفعله بها ..نهضت .. خارجة من الغرفة و لكن .. يجب أن آخذ مفتاح الغرفة معي .. لكي أستطيع دخولها متى أشاء .. حملت المفتاح و وضعته في جيبي .. ثم أغلقت الباب بهدوء .. اتجهت نحو عادل و خاطبته :
" عادل .. هناك أمر أودك إخبارك به "
حيث رفعت غيداء رأسها و أخذت تراقبنا .. و نهض عادل و اتجه نحو الصالة .. فخاطبته بهمس :
" لحظة .. أتمنى أن تأتي لغرفتي .. لا أود أن يسمع ما سنقوله الأطفال و غيداء "
حيث هز رأسه بالموافقة و اتجهنا نحو غرفتي .. دخلتها و دخل هو من بعدي .. فأغلقت الباب بالمفتاح .. و جلست على مقعد و هو جلس أمامي .. خاطبني بخوف :
" ما به خالد ؟!! "
" أتعلم ماذا رأيت في حقيبته السوداء ؟!! "
" كتبه المدرسية ..؟!! "
" لا .. هناك شيء آخر .. ألم تتعرضوا لسرقة السكاكين ؟!! "
قال مندهشاً :" ابني هو السارق ؟!! "
" هذا ما تبين لي .. فقد رأيت في حقيبته مجموعة كبيرة من السكاكين "
" هل أنتِ متأكدة ؟!! "
" نعم .. "
" و الآن ما العمل ؟!! "
" الأفضل أن نبقيها معه لنعرف ماذا سيفعل بها .. أي أننا سنراقبه "
" كيف ذلك ؟!! "
" إلى حد الآن لا أعلم "
نهض هو :" حسنٌ .. سوف أبقي عيني مفتوحة عليه .. "
أخرجت أنا من جيبي مفتاح غرفة خالد :" أنا أخذت معي مفتاح غرفته .. و سوف أراقبه جيداً "
هز رأسه ايجابياً :" و أنا سأراقبه عندما أوصله للمدرسة و عندما أرجعه منها أيضاً "
حيث مشى خارجاً من الغرفة فاستوقفته :" عادل "
" أهناك شيء آخر ؟!! "
" أتمنى ألا تخبر غيداء بذلك .. فتفسد كل شيء "
" حسنٌ "
خرج هو من الغرفة .. فاستلقيت أنا على فراشي ..
رن هاتفي المحمول .. أسرعت إليه و حملته و قربته إلى أذني :" مرحباً .. من المتكلم ؟!! "
" مرحباً ذِكرى .. كيف حالكِ ؟!! أنا أخيك مازن .."
خاطبته بفرح يغمرني :" كم اشتقت إلى هذا الصوت .. منذ متى و لم تحادثني ؟!! "
" منذ زمن بعيد .. أأنتِ بخير ؟!! "
" نعم .. فأنا أعيش في بيت عادل فتاة محبوبة و محترمة "
حيث قهقه :" محترمة ؟!! من يحترمكِ ؟!! لا تقولي أخوتي .. فهم قليلو الأدب "
" لا .. ليس لهذه الدرجة .. يحترموني جداً و يحبوني ..أنا مرتاحة هنا .. و لكن خالد يثير حيرتي "
" لا .. لا تفكري به و لا تشغلي نفسك به .. لطالما كنت أفكر به إلى أن سبب لي نوبات جنونية "
ضحكت :" حقاً ؟!! "
" نعم .. كذلك غيداء تأذت كثيراً منه .. بل جُنت .. و لكن عادل يقول أنها أصبحت أفضل الآن "
" ألا يستحق مني خالد حتى الاهتمام ؟!! غيداء أصبحت تهمله كثيراً .. "
" أعتقد أنه تعرض إلى حدث جعله هكذا .. "
" حدث ؟!! مثل ماذا ؟!! "
" قد يكون سمع أو رأى شيئاً لا يناسب عمره .. "
" ماذا ؟!! و لكن ..... "
حيث قاطعني :" ذِكرى .. كفانا حديثاً عن خالد .. لدي بشرى سارة "
" ما هي ؟!! "
" زوجتي .. حامل "
صرخت بفرح شديد:" آه .. مبارك لك .. سوف أزورك غداً صباحاً .. و الآن أريد أن أنام "
أقفلت المكالمة و غطيت جسدي باللحاف و غططت في نوم عميق ..

خ ـجل بنـآٺ
خ ـجل بنـآٺ
و في صباح اليوم التالي استيقظت من النوم و اتجهت للمطبخ ..
حيث كان الجميع يتناول فطوره عدا خالد .. أظنه ينتظر أباه في الخارج ..
جلست على أحد المقاعد .. حيث خاطب عادل زوجته :
" عزيزتي .. اليوم سوف أتأخر عن البيت .. هناك عمل يستوجب علي إكماله اليوم "
هزت هي رأسها :" عافاك الله "
حيث قلت أنا:" و خالد ؟!! "
بدت غيداء مستغربة :" ما به ؟!! "
" من سيوصله من المدرسة إلى البيت اليوم ؟!! "
" السائق"
" لا أظنه سيقبل الركوب مع الأطفال "
" عندما يعلم أن لا أحد سيوصله .. سيركب رغماً عنه "
حينها بقينا في صمت و نحن نتناول فطورنا .. فأقطع أنا ذلك الصمت قائلة :
" اليوم سأزور مازن في بيته .. زوجته حامل أخيراً "
صرخ عادل بفرح :" حقاً ؟!! و أخيراً ؟!! بعد مرور ثلاث سنوات من زواجهما .. "
" نعم .. نعم .. "
ثم أخذت غيداء تناقش زوجها في هذا الموضوع فقاطعتهما :" عادل .. كنت أفكر في أمر .. ما رأيك أن نعيد ترتيب غرفة خالد .. من حيث الصبغ و الأثاث .. و كل شيء .. أظن أنك لا ترضى أن ينام ابنك على الأرض .. و لا ترضى أن يمكث ابنك في غرفة أشبه بالكهف المهجور .. أليس كذلك ؟!! "
هز رأسه ايجابياً :" نعم .. "
" حسنٌ .. أنا سوف أختار كل شيء لغرفته .. و سوف نبدأ في صبغ الغرفة اليوم .. "
" نعم .. اتفقنا "
خاطبته :" هناك شيء آخر "
سألني :" ما هو ؟!! "
" سوف أعود لعملي غداً .. "
قال مستغرباً" لمَ العمل عزيزتي ؟!! أنا هن.. "
قاطعته :" عادل .. عملي يسليني .. "
" كما تشائين "
ثم نهض خارجاً من المطبخ .. ثم من البيت ..
لحقت به .. وقفت بقرب الباب .. هناك يجلس خالد على الكرسي الأمامي للسيارة ..
ممسكاً بحقيبته السوداء .. التي تحتوي على السكاكين .. و ها هو عادل يصعد السيارة لينطلق بها .. و ها هم الأطفال يخرجون من المنزل متجهين نحو السيارة التي ستوصلهم ..
دخلت البيت و اتجهت نحو غرفتي .. و لبست عباءتي و شالي و خرجت منها متجهة نحو غيداء :
" ألن تأتين معي إلى بيت مازن ؟!! "
ابتسمت :" لمَ آتي .. ؟!! زوجته لا تطيقني .. "
اقتربت منها و ضحكت :" غيداء .. زوجته أيضاً لا تطيقني .. و لكني سأذهب لأجل مازن "
أشارت برأسي بالنفي " لا أتحمل كلماتها الجارحة .. و تعمدها في إحراج الآخرين و قلة أدبها "
" كما تشائين .. "

قصة واقعية عن دجة مدرسية روايتي الأولى لمذكراتي بحلتها الجديده اتمنى انها تعجبكم00
شاب بكى فأبكى رجل الهيئة فلماذا